قالوا خالف أبو بكر أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الشيطان.
قال الشيعة إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر أن يقتل الشيطان فلم ينفذ أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- واستدلوا على ذلك برواية أبي يعلى قال 3668 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدِ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: ذُكِرَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ نِكَايَةٌ فِي الْعَدُوِّ وَاجْتِهَادٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا أَعْرِفُ هَذَا»، قَالَ: بَلْ نَعْتُهُ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: «مَا أَعْرِفُهُ»، فَبَيْنَمَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ طَلَعَ الرَّجُلُ فَقَالَ: هُوَ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «مَا -[341]- كُنْتُ أَعْرِفُ هَذَا، هَذَا أَوَّلُ قَرْنٍ رَأَيْتُهُ فِي أُمَّتِي، إِنَّ فِيهِ لَسَفْعَةً مِنَ الشَّيْطَانِ»، فَلَمَّا دَنَا الرَّجُلُ سَلَّمَ فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ هَلْ حَدَّثْتَ نَفْسَكَ حِينَ طَلَعْتَ عَلَيْنَا أَنْ لَيْسَ فِي الْقَوْمِ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْكَ؟»، قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ: «قُمْ فَاقْتُلْهُ»، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَوَجَدَهُ قَائِمًا يُصَلِّي، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي نَفْسِهِ: إِنَّ لِلصَّلَاةِ حُرْمَةً وَحَقًّا، وَلَوْ أَنِّي اسْتَأْمَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَقَتَلْتَهُ؟»، قَالَ: لَا، رَأَيْتُهُ يُصَلِّي، وَرَأَيْتُ لِلصَّلَاةِ حُرْمَةً وَحَقًّا، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ أَقْتُلَهُ قَتَلْتُهُ، قَالَ: «لَسْتَ بِصَاحِبِهِ، اذْهَبْ أَنْتَ يَا عُمَرُ فَاقْتُلْهُ»، فَدَخَلَ عُمَرُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ سَاجِدٌ فَانْتَظَرَهُ طَوِيلًا ثُمَّ قَالَ فِي نَفْسِهِ: إِنَّ لِلسُّجُودِ حَقًّا، وَلَوْ أَنِّي اسْتَأْمَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدِ أَسْتَأْمَرَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَقَتَلْتَهُ؟» قَالَ: لَا، رَأَيْتُهُ سَاجِدًا، وَرَأَيْتُ لِلسُّجُودِ حَقًّا، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ أَقْتُلَهُ قَتَلْتُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَسْتُ بِصَاحِبِهِ، قُمْ يَا عَلِيُّ أَنْتَ صَاحِبُهُ إِنْ وَجَدْتَهُ»، فَدَخَلَ فَوَجَدَهُ قَدْ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَرَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَقَتَلْتَهُ؟» قَالَ: لَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ قُتِلَ الْيَوْمَ مَا اخْتَلَفَ رَجُلَانِ مِنْ أُمَّتِي حَتَّى يَخْرُجَ الدَّجَّالُ» Kإسناده ضعيف
[أبو يعلى الموصلي، مسند أبي يعلى الموصلي، ٣٤٠/٦].
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
أولا: الرواية ضعيفة لا تصح فيها «عبد الرحمن بن شريك بن عبد الله النخعي، الكوفي، صدوق يخطئ من العاشرة، مات سنة 227? بخ (التقريب/ 3893)» وفيها نجيح بن عبد الرَّحْمَن أَبُو معشر الْمَدِينِيّ، قال النسائي: «590 – نجيح أَبُو معشر ضَعِيف مدنِي»
[«الضعفاء والمتروكون للنسائي» (ص101)].
وقال ابن الجوزي: «نجيح بن عبد الرَّحْمَن أَبُو معشر الْمَدِينِيّ السندي مولى بني هَاشم يروي عَن الْقرظِيّ وَنَافِع وَابْن الْمُنْكَدر وَهِشَام بن عُرْوَة قَالَ ابْن عدي تعرف وتنكر وَقَالَ ابْن نمير كَانَ يحفظ الْأَسَانِيد وَقَالَ يحيى وَالنَّسَائِيّ والدراقطني ضَعِيف وَقَالَ يحيى مرّة لَيْسَ بِقَوي فِي الحَدِيث وَقَالَ البُخَارِيّ مُنكر الحَدِيث»
[«الضعفاء والمتروكون لابن الجوزي» (3/ 157)].
ولذلك ولذلك فقد حكم بضعف الرواية محقق الكتاب حسين سليم أسد فقال : “إسناده ضعيف”
[«مسند أبي يعلى» (6/ 341 ت حسين أسد)].
ومن قبله ضعفها الهيثمي فقال: “رواه أبو يعلى وفيه أبو معشر نجيح وفيه ضعف”
[مجمع الزوائد، ج ٧، الهيثمي، ص ٢٥٨].
بل إن البزار بعدما روى الرواية في مسنده قال: “«قَالَ الْبَزَّارُ: لا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ أنَسٍ بِهَذَا اللَّفْظِ إِلا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ تَفَرَّدَ بِهِ شَرِيكٌ عَنِ الأَعْمَشِ»
[«كشف الأستار عن زوائد البزار» (2/ 361)].
وقد جمع طرق الحديث وحكم بضعفها أبو حذيفة، نبيل بن منصور بن يعقوب بن سلطان البصارة الكويتي في أنيس الساري
فقال:«وأما حديث أنس فله عنه طرق» وساق الطرق
[«أنيس الساري (تخريج أحاديث فتح الباري)» (1/ 473:475)].
ثم تنزلا نقول: لو ثبت هذا لما كان فيه شيء إذ أنه قد يكون فهم من الحديث أن الأمر ليس على إطلاقه، فهذا رجل يصلي، فقد يكون أسلم ساعتها ولم يعلم به النبي -صلى الله عليه وسلم- ولذلك رجع الصديق ليتثبت من الأمر.
ثانيا: جاء في كتب الشيعة إن عليا خالف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الصريح، بل إنه جاء بنفس الطريقة تماما كما في تفسير القمي عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليهما السلام يقول : لما مات إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وآله حزن عليه حزنا شديدا فقالت عايشة ما الذي يحزنك عليه فما هو إلا ابن جريح ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله عليا وأمره بقتله فذهب علي عليه السلام إليه ومعه السيف وكان جريح القبطي في حائط وضرب علي عليه السلام باب البستان فأقبل إليه جريح ليفتح له الباب فلما رأى عليا عليه السلام عرف في وجهه الغضب فأدبر راجعا ولم يفتح الباب فوثب علي عليه السلام على الحائط ونزل إلى البستان واتبعه وولى جريح مدبرا فلما خشي ان يرهقه صعد في نخلة وصعد علي عليه السلام في اثره فلما دنا منه رمى بنفسه من فوق النخلة فبدت عورته فإذا ليس له ما للرجال ولا ما للنساء فانصرف علي عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله إذا بعثتني في الامر أكون فيه كالمسمار المحمى في الوتر أم أثبت ؟قال فقال لا بل أثبت ، فقال والذي بعثك بالحق ما له ما للرجال ولا ما للنساء فقال رسول الله صلى الله عليه وآله الحمد لله الذي يصرف عنا السوء أهل البيت
[تفسير القمي، ج ٢، علي بن إبراهيم القمي، ص ١٠٠:٩٩].
فلاحظ أن الرواية فيها نفس ما نقمه الشيعة على الصديق “فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله عليا وأمره بقتله” لكن عليا لم يقتله باجتهاده فإذا كان الصديق قد خالف أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- فكذلك علي وما كان جوابا لكم كان جوابا لنا .وهذه رواية أخرى فيها مخالفة علي الصريحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ففي أمالي الصدوق: 742 / 11 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رحمه الله)، قال: حدثنا عمر ابن سهل بن إسماعيل الدينوري، قال: حدثنا زيد بن إسماعيل الصائغ، قال: حدثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن عبد الملك بن عمير، عن خالد بن ربعي، قال: إن أمير المؤمنين (عليه السلام) دخل مكة في بعض حوائجة، …………..قالت فاطمة (عليها السلام): فخرج أبي (عليه السلام) في ناحية وزوجي علي في ناحية، فما لبث أن أتى أبي (صلى الله عليه وآله) ومعه سبعة دراهم سود هجرية، فقال: يا فاطمة، أين ابن عمي؟ فقلت له: خرج. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هاك هذه الدراهم، فإذا جاء ابن عمي فقولي له يبتاع لكم بها طعاما. فما لبث إلا يسيرا حتى جاء علي (عليه السلام)، فقال: رجع ابن عمي، فإني أجد رائحة طيبة؟ قالت نعم، وقد دفع إلى شيئا تبتاع لنا به طعاما. قال علي (عليه السلام): هاتيه. فدفعت إليه سبعة دراهم سود هجرية، فقال: بسم الله والحمد لله كثيرا طيبا، وهذا من رزق الله عز وجل. ثم قال: يا حسن، قم معي، فأتيا السوق، فإذا هما برجل واقف وهو يقول: من يقرض الملي الوفي؟ قال: يا بني، تعطيه [1]؟ قال: إي والله يا أبه. فأعطاه علي (عليه السلام) الدراهم، فقال الحسن. يا أبتاه، أعطيه الدراهم كلها؟ قال: نعم يا بني، إن الذي يعطي القليل قادر على أن يعطي الكثير. قال: فمضى علي (عليه السلام) باب رجل يستقرض منه شيئا، فلقيه أعرابي ومعه ناقة، فقال: يا علي، اشتر مني هذه الناقة. قال: ليس معي ثمنها. قال: فإني أنظرك به إلى القبض. قال: بكم، يا أعرابي؟ قال: بمائة درهم. قال علي (عليه السلام) خذها يا حسن، فأخذها. فمضى علي (عليه السلام)، فلقيه أعرابي آخر، المثال واحد والثياب مختلفة، فقال: يا علي، تبيع الناقة؟ قال علي (عليه السلام): وما تصنع بها؟ قال: أغزو عليها أول غزوة يغزوها ابن عمك. قال: إن قبلتها فهي لك بلا ثمن. قال: معي ثمنها، وبالثمن أشتريها، فبكم أشتريتها؟ قال: بمائة درهم. قال الاعرابي: فلك سبعون ومائة درهم. قال علي (عليه السلام): خذ السبعين والمائة وسلم الناقة، المائة للاعرابي الذي باعنا الناقة، والسبعون لنا نبتاع بها شيئا. فأخذ الحسن (عليه السلام) الدراهم، وسلم الناقة. قال علي (عليه السلام): فمضيت أطلب الاعرابي الذي ابتعت منه الناقة لاعطيه ثمنها، فرأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) جالسا في مكان لم أره فيه قبل ذلك ولا بعده على قارعة الطريق، فلما نظر النبي (صلى الله عليه وآله) إلي تبسم ضاحكا حتى بدت نواجذه، قال علي (عليه السلام): أضحك الله سنك وبشرك بيومك [1]. فقال: يا أبا الحسن، إنك تطلب الاعرابي الذي باعك الناقة لتوفيه الثمن؟ فقلت: إي والله، فداك أبي وأمي. فقال: يا أبا الحسن، الذي باعك الناقة جبرئيل، والذي اشتراها منك ميكائيل، والناقة من نوق الجنة، والدرهم من عند رب العالمين عز وجل، فأنفقها في خير، ولا تخف إقتارا
[اسم الکتاب : الأمالي المؤلف : الشيخ الصدوق الجزء : 1 صفحة : 553:556].
فهذا علي يأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يشتري طعاما بالسبعة دراهم فيخالف أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- الصريح باجتهاده.
مواضيع شبيهة
قول الحسن لأبي بكر انزل عن منبر أبي.