عثمان لا يعرف الخلاص من النار
قال الشيعة إن عثمان لم يكن يعرف الخلاص من النار بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم!واستدلوا على ذلك بما رواه أبو عساكر في تاريخه قال: “«حدثني أبي إسحاق بن إبراهيم عن ابيه إبراهيم بن نبيط عن أبيه نبيط بن شريط قال مر عمر على عثمان بن عفان فسلم عليه فلم يرد السلام فجاء عمر إلى أبي بكر الصديق فقال يا خليفة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ألا أخبرك بمصيبة نزلت بنا من بعد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال وما هي قال مررت على عثمان فسلمت عليه فلم يرد علي السلام فقال أبو بكر أو كان ذلك قال نعم فأخذ بيده وجاء إلى عثمان فسلما عليه فرد عليهما السلام فقال أبو بكر جاءك عمر فسلم عليك فلم ترد عليه فقال والله يا خليفة رسول الله ما رايته قال وفي أي شئ كان فكرتك قال كنت مفكرا في رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فارقنا ولم نسأله كيف الخلاص والمخلص من النار فقال أبو بكر والله لقد سألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأخبرني فقال عثمان ففرج عنا قال أبو بكر قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تمسكوا بالعروة الوثقى قول لا إله إلا الله قال الباطرقاني قال لنا أبو عبد الله محمد بن إسحاق وهذا حديث غريب كان أبو علي الحافظ حدثناه عن ابن مكحول يعني أحمد بن محمد بن عبد السلام ثم لقيته فحدثني به»
[«تاريخ دمشق لابن عساكر» (5/ 387)].
قال الأميني: أكان في أذن الرجل وقر على عهد النبوة عما كان يتهالك دونه رسول الله (صلى اللّٰه عليه و آله) ويهتف به آناء الليل وأطراف النهار منذ بدء البعثة إلى أن لقي ربه من الإشادة بكلمة التوحيد، وإن الاخلاص بها هو المنقذ الفذ، والسبب الوحيد للنجاة من الهلكة التي من ورائها النار، وإن من يسلم وجهه لله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى [1] فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى
[اسم الکتاب : الغدير المؤلف : العلامة الأميني الجزء : 9 صفحة : 65].
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
أولا: الرواية مكذوبة فهي من طريق «أحمد بن إسحاق بن إبْرَاهِيم بن نبيط بن شَريط. قَالَ الذهبي: لا يحل الاحتجاج به، فإنه كذاب حدث عن أبِيهِ عن جده بنسخة فيها بلايا. وقال الصفدي: صاحب النسخة الموضوعة المشهورة. (المنتظم 6/ 52 تذكرة الحفّاظ 2/ 146 الوافي بالوفيات 6/ 242 ميزان الاعتدال 1/ 28 لسان الميزان 1/ 404)»
[«زهر الفردوس» (2/ 231)].
فهذا رجل كذاب لا يحل أن يحتج به عاقل، لكن هذه بضاعة الشيعة عادة لأنهم لا يجدون مطعنا بحق فيضطرون للطعن بالباطل نصرة لباطلهم.
ثانيا: كون الأميني يزعم أن عثمان قد جهل العروة الوثقى التي هي لا اله الا الله، فهو جهل وسفاهة من الأميني نفسه وذلك أن العروة الوثقى في دينك أيها اللاأمين ليست هي لا اله الا الله كما قررت في جوابك، إنما العروة الوثقى في دينك هي ولاية علي بن أبي طالب!فقد رووا في معاني الأخبار لصدوقهم عن عبد الله بن عباس ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : « من أحب أن يستمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها ، فليستمسك بولاية أخي ووصيي علي بن أبي طالب ، فإنه لا يهلك من أحبه وتولاه ، ولا ينجو من أبغضه وعاداه »
[اسم الکتاب : معاني الأخبار المؤلف : الشيخ الصدوق الجزء : 1 صفحة : 368].
[ البرهان في تفسير القرآن، ج ١، السيد هاشم البحراني، ص ٥٨٣].
[بحار الأنوار، ج ٦٤، العلامة المجلسي، ص ٢٤].
فهذا جهل الأميني بدينه وتلبيسه على الناس بدعوى جهل الصحابي بكلمة التوحيد، ولو كانت النجاة بكلمة التوحيد عند الشيعة لما صح دينهم لأنه قائم على أن النجاة إنما هو بالإمامة لا بكلمة التوحيد، بل إن آيات التوحيد جعلوها في الإمامة المزعومة!
يقول البحراني: “قال شيخنا المحدّث الصالح المذكور و قد سُئل عن هذه المسألة ما صورته و الذي استفدته من الأخبار الصريحة و تحقّقته بعد الخوض في عبابها و بذل الجهد في كشف حجابها و رفع نقابها انّ كلّ مقرّ بالشهادتين و مخالف لأهل الحقّ من الفرقة الناجية مسلم في الظاهر كافر في الواقع بل قد يطلق عليه في الأخبار الكثيرة المشرك فيعامل في الدنيا معاملة المسلمين مطلقاً وفي الآخرة حكمه حكم الكفّار من التخليد في نار جهنّم”.
[ الأنوار الحيرية و الأقمار البدرية الأحمدية المؤلف : البحراني، الشيخ يوسف الجزء : 1 صفحة : 150].
ثالثا: لو فرضنا جدلا أن عثمان ما كان يعرف الخلاص من النار، فإن القدح إنما يرجع للنبي صلى الله عليه وسلم كونه ما علمه التوحيد الذي هو رأس الإسلام وغايته ثم مع جهل عثمان بالتوحيد يرتضيه النبي صلى الله عليه وسلم زوجا لابنتيه، بالله هل هناك عاقل ينتسب للإسلام ثم يصدق مثل هذا ؟ثم إن كان الجهل عيبا فيمن هو غير معصوم فإنه أشد عيبا في حق المعصوم، فإن الشيعة قد قالوا بأن المعصوم يجهل أشياء لا يجهلها صغار طلبة العلم، وقد ذكرنا قبل ذلك مرارا جهل علي بحكم المذي وجهله بتحريم البنت من الرضاع وغير ذلك، وها هو علي بن أبي طالب يذكر جهل الحسن بن علي في أكثر الأمور وذلك بلسان علي بن أبي طالب في نهج البلاغة من وصية علي للحسن رضي الله عنهما: “فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْكَ شَيْءٌ مِنْ ذلِكَ فَاحْمِلْهُ عَلَى جَهَالَتِكَ بِهِ، فَإِنَّكَ أَوَّلُ مَا خُلِقْتَ جَاهِلاً ثُمَّ عَلِمْتَ، وَمَا أَكْثَرَ مَا تَجْهَلُ مِنَ الامْرِ، وَيَتَحَيَّرُ فِيهِ رَايُكَ، وَيَضِلُّ فِيهِ بَصَرُكَ ثُمَّ تُبْصِرُهُ بَعْدَ ذلِكَ! فَاعْتَصِمْ بِالَّذِي خَلَقَكَ وَرَزَقَكَ وَسَوَّاكَ، وَلْيَكُنْ لَهُ تَعَبُّدُكَ، وَإِلَيْهِ رَغْبَتُكَ، وَمِنْهُ شَفَقَتُكَ …………………
يَا بُنَيَّ، اجْعَلْ نَفْسَكَ مِيزَاناً فِيَما بَيْنَكَ وَبَيْنَ غَيْرِكَ، فَأَحْبِبْ لِغَيْرِكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ، وَاكْرَهْ لَهُ مَا تَكْرَهُ لَهَا، وَلاَ تَظْلِمْ كَمَا لاَ تُحِبُّ أَنْ تُظْلَمَ، وَأَحْسِنْ كَمَا تُحِبُّ أَنْ يُحْسَنَ إِلَيْكَ، وَاسْتَقْبِحْ مِنْ نَفْسِكَ مَا تَسْتَقْبِحُ مِنْ غَيْرِكَ، وَارْضَ مِنَ النَّاسِ بِمَا تَرْضَاهُ لَهُمْ مِنْ نَفْسِكَ، وَلاَ تَقُلْ مَا لاَ تَعْلَمُ وَإِنْ قَلَّ مَا تعْلَمُ-نهج البلاغة –
[الشريف الرضي – ج 3 ص 37 – 46] .
بل إنهم نسبوا الجهل لرب العالمين تبارك اسمه لما نسبوا له عقيدة البداء، وقرر بعضهم أنها بمعنى الجهل من الله تعالى لبعض الأمور، يقول مسلم الحلي: “وذكر سيدنا الأجل المرتضى ( قدس سره ) وجها آخر في ذلك ، وهو أنه قال : يمكن حمل ذلك على حقيقته ، بأن يقال : بدا له تعالى ، بمعنى أنه ظهر له من الأمر ما لم يكن ظاهرا له ، وبدا له من النهي ما لم يكن ظاهرا له ، لأن قبل وجود الأمر والنهي لا يكونان ظاهرين مدركين ، وإنما يعلم أنه يأمر وينهى في المستقبل . فأما كونه آمرا وناهيا ، فلا يصح أن يعلمه إلا إذا وجد الأمر والنهي ، وجرى ذلك مجرى أحد الوجهين المذكورين في قوله تعالى : * ( ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم ) * ( 1 ) بأن نحمله على أن المراد به حتى نعلم جهادكم موجودا ، لأن قبل وجود الجهاد لا يعلم الجهاد موجودا ، وإنما نعلم ذلك بعد حصوله ، فكذلك القول في البداء ، وهذا وجه حسن جدا ، انتهى موضع الحاجة من الكلام .وأنت ترى أن هذا الكلام صريح كل الصراحة في أن البداء في نظر السيد المرتضى ( قدس سره ) ليس هو المراد من النسخ ، كما أن الشيخ نفسه جعله مقابلا للمعنى المذكور للنسخ المعروف فيه ، لكن فيه : أنه يرى أنه تعالى غير عالم بالأشياء قبل
الوقوع ، كما ترى صريحه وتصريحه
[القرآن والعقيدة، السيد مسلم الحلي، ص ١٢٦:١٢٥].
وبغض النظر عن قول الحلي أنه مذهب مهجور عند الإمامية الا اننا نقول ما حكم الشريف المرتضى الذي اتهم رب العالمين بالجهل عياذا بالله ؟
فصار الاتهام بالجهل ليس فقط لعثمان إنما تطاول هؤلاء الأقزام على المقام العلي لرب العزة تبارك اسمه، واتهموه بتلك التهمة التي سبقهم إليها اليهود !
مواضيع شبيهة