زعم الشيعة أن عمر رضى الله عنه قال: «مناديل آل عمر نعالهم»
يشغب الرَّافضة دائمًا في كتبهم ومنتدياتهم، على أمير المؤمنين عمر بن الخطَّاب رضى الله عنه بما رواه ابن سعد: قال: أخبرنا الفضل بن دكينٍ، أخبرنا سفيان ابن عيينة، عن عاصم بن عبيد الله بن عاصمٍ، أنَّ عمر كان يمسح بنعليه، ويقول: «إنّ مناديل آل عمر نعالهم».
[«الطبقات الكبرى» محمد بن سعد بن منيع (3/242)].
والجوب على هذه الشبهة من وجوه:
أولًا: إن هذا الأثر ضعيف، وفيه ثلاث علل:
العلة الأولى: ضعف عاصم بن عبيد الله.
قال ابن الجوزي: «عاصم بن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب يروي عن أبيه، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، وعبيد الله بن عمر؛ سمع منه الثّوريّ وشعبة ومالك، وضعفه مالك، وقال يحيى: ضعيف لا يحتج بحديثه، قال ابن حبان: كان سيء الحفظ، كثير الوهم، فاحش الخطأ فيترك. قال المصنّف: قلت: ثمَّ آخران يقال لهما عاصم بن عبيد الله لم يقدح فيهما».
[«الضعفاء والمتروكون» عبد الرحمن بن علي بن الجوزي (2/70)].
وقال الإمام الذهبي: «ضعفه ابن معين، وقال البخاري وغيره: منكر الحديث».
[«الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة» الذهبي (1/520)].
وقال ابن حجر: «ضعيف من الرابعة، مات في أول دولة بني العباس سنة اثنين وثلاثين ومئة».
[«تقريب التهذيب» ابن حجر (1/285)].
بل إن ابن سعد صاحب «الطبقات»، قال: «لا يحتج به».
[انظر: «تهذيب الكمال في أسماء الرجال» المزي (13/405)].
العلة الثانية: الانقطاع بينه وبين عمر.
فإنه لم يسمع من عمر، وقد مات في أول خلافة أبي العباس.
[السابق: نفسه].
وقد تولى أبو العباس السفاح الخلافة سنة 132هـ، وبقي إلى سنة 136هـ.
العلة الثالثة: مخالفته للثابت عن عمر رضى الله عنه.
ثانيًا: روى ابن أبي شيبة بسنده، عن ابن عمر قال: «كان عمر بن الخطَّاب يؤتى بخبزه، ولحمه، ولبنه، وزيته، وبقله، وخلّه، فيأكل، ثمَّ يمصّ أصابعه ويقول هكذا، فيمسح يديه بيديه، ويقول: هذه مناديل آل عمر».
[«مصنف ابن أبي شيبة» (7/ 97)].
وهذا الأثر صحيح، كما قال عبد السلام بن محسن آل عيسى في كتابه «دراسة نقدية في المرويات الواردة في شخصية عمر بن الخطَّاب وسياسته الإدارية رضى الله عنه»:«ولعلَّ ذلك كان من عمر رضى الله عنه عند فقد الماء أو المناديل، وربما كان الطعام الذي يأكله ليس له زفر أو غمر، كما نص على ذلك أهل العلم».
[«دراسة نقدية في المرويات الواردة في شخصية عمر بن الخطَّاب وسياسته الإدارية » (1/276)].
ولعلَّ بعض الشيعة يستنكر ذلك جهلًا منه، فنقول: إن هذا قد ورد عندكم أيضًا.
فعن أبي عبد الله ، عن أبيه قال: «كان رسول الله ﷺ إذا فرغ من طعامه لعق أصابعه في فيه فمصها».
[«وسائل الشيعة» (16/ 496)].
وبوب الحر العاملي في «الوسائل» باب [78]: «استحباب لحس الأصابع من المأدوم».
[السابق: (16/504)].
ثالثًا: على فرض صحة هذا الأثر، فهل يكون هذا موجبًا للطعن في صحابي جليل من أصحاب رسول الله ﷺ، له من الفضائل والمحاسن ما لا يمكن تسطيره في كتاب؟!
بل إن هذا يعد من فضائله بلا شك، سيما وقد ذكرنا أن ذلك كان لعدم وجود منديل أو ماء، وقد كان طعامه رضى الله عنه – في الغالب – الخبز والزيت، بل كان يشترط على عامله ألا يركب برذونًا، ولا يأكل نقيًّا، ولا يلبس رقيقًا، ولا يغلق بابه دون ذوي الحاجات.
وهذا الأثر – لو قلنا بصحته تنزلًا- فإنه يمكن أن يستدلّ به على الزهد في الدنيا، والتقلل منها، والبذاذة – وهي من الإيمان – والبعد عن الترف والبذخ، سيما إذا عرفنا أن المناديل عند العرب أدنى الثياب؛ ولذلك قال النبي ﷺ، لما أهدي له جبّة سندسٍ، وكان ينهى عن الحرير، فعجب النَّاس منها، فقال: «والّذي نفس محمّدٍ بيده، لمناديل سعد بن معاذٍ في الجنّة أحسن من هذا». فذكر المناديل؛ لأنها أقل الثياب وأردؤها.
رابعًا: إنه قد رد في كتب الشيعة أنفسهم ما هو أشنع من ذلك.
فقد روى القمّي في كتابه: «أن أبا جعفر الباقر دخل الخلاء، فوجد لقمة خبز في القذر، فأخذها وغسلها ودفعها إلى مملوك كان معه، فقال: تكون معك لآكلها إذا خرجت، فلما خرج قال للمملوك: أين اللقمة؟ قال: أكلتها يا بن رسول الله، فقال: إنها ما استقرّت في جوف أحد إلا وجبت له الجنة، فاذهب، أنت حر، فإني أكره أن أستخدم رجلًا من أهل الجنة».
[«من لا يحضره الفقيه الصدوق» (1/27)].
وبوب الحر العاملي باب: [أن من وجد كسرة أو تمرة استحب له رفعها وأكلها، وإن كانت في قذر استحب له غسلها وأكلها].
[«وسائل الشيعة» (16/ 503)].
فالمعصوم يأمر الشيعة بأكل اللقمة التي وقعت في القذارة وفي الخلاء!
خامسًا: ورد في كتب الرَّافضة أن عليًّا رضى الله عنه وحاشاه، كان أذل من النعل، ففي «بحار الأنوار»: «فلما أطاع القوم الذين ولوا الأمر وصار أذل لهم من الحذاء، تركوه وسكتوا عنه».
فإذا كان عمر قد مسح يده في النعل، فقد مسح يده في شيء أجلّ من معصوم الشيعة الأول – عياذًا بالله من هذا الكفر البواح-!
!
مواضيع شبيهة
زعم الشيعة أن عمر بن الخطَّاب رضى الله عنه أول من حرم نكاح المتعة