دعوى تفرد أبو بكر بحديث لا نورث
قال محمد باقر الموسوي تحت عنوان: “تفرّد أبي بكر بحديث «لا نورث» قال ابن حجر في الفصل الخامس من «الصواعق المحرقة»: “اختلفوا في ميراث النبيّ صلّى اللّه عليه و اله، فما وجدوا عند أحد في ذلك علما، فقال أبو بكر: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول: إنّا معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة”.
[اسم الکتاب : الكوثر في أحوال فاطمة بنت النبي الأعظم(ع) المؤلف : الموسوي، السيد محمد باقر الجزء : 5 صفحة : 310].
وقال محمد باقر الحسيني الجلالي: “إنّ من أعظم ما يقدح و يسقط ما زعمه أبو بكر في حديثه هو: إنّه على الرغم من وجود رواة و فقهاء من خيرة الصحابة، الذين رووا الكثير من سنّة النبي (صلّى اللّه عليه و آله) و قوله و فعله، إلّا أنّنا لا نرى أحدا منهم روى حديث أبي بكر الذي احتجّ به على ردّ دعوى الصدّيقة الطاهرة (عليها السلام)، فقد انفرد أبو بكر بروايته، و لم يروه أحد غيره، لا من الصحابة، و لا من التابعين”.
[اسم الکتاب : فدك و العوالي أو الحوائط السبعة في الكتاب و السنة و التاريخ و الأدب المؤلف : الحسيني الجلالي، السيد محمد باقر الجزء : 1 صفحة : 425].
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
أولا: الرواية التي ذكرها ابن حجر الهيثمي والتي تؤيد دعوى التفرد لا تصح، وإليك الرواية وبيان ضعفها.جاء في تاريخ دمشق من طريق عبد الله بن عون الخراز نا عبد الرحمن بن عبد الله العمري أخبرني أبي عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قال وأخبرني هشام بن عروة عن عروة عن عائشة قالت لما توفي النبي (صلى الله عليه وسلم) أشرأب النفاق وارتدت العرب وانحازت الأبصار فلو نزل بالجبال الراسيات ما نزل بأبي لهامها فما اختلفوا في نقطة إلا طار أبي بعنانها وفضلها فقالوا أين يدفن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فما وجدنا عند أحد من ذلك علما فقال أبو بكر سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول ما من نبي يقبض إلا دفن تحت مضجعه الذي مات فيه قال واختلفوا في ميراثه فما وجدوا عند أحد من ذلك علما فقال أبو بكر سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول إنا معشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة»
[«تاريخ دمشق لابن عساكر» (30/ 311)].
وهذه الرواية ضعيفة منكرة، وآفتها عبد الرحمن بن عبد الله العمري، فقد ترجم له العقيلي في الضعفاء فقال«عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ بِشَيْءٍ قَطُّ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَ يَحْيَى الْقَطَّانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، وَفِي حَدِيثِهِ عِنْدِي ضَعْفٌ»
[«الضعفاء الكبير للعقيلي» (2/ 339)].
وقال ابن حبان «عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن دِينَار الْمدنِي يروي عَن أَبِيه وَزيد بن أسلم روى عَنهُ الْعِرَاقِيُّونَ كَانَ مِمَّن ينْفَرد عَن أَبِيه بِمَا لَا يُتَابع عَلَيْهِ مَعَ فحش الْخَطَأ فِي رِوَايَته لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِخَبَرِهِ إِذا انْفَرد كَانَ يحيى الْقطَّان يحدث عَنهُ وَكَانَ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الْجعْفِيّ البُخَارِيّ مِمَّن يحْتَج بِهِ فِي كِتَابه وَيتْرك حَمَّاد بن سَلمَة أخبرنَا الْهَمدَانِي قَالَ حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ قَالَ لم أسمع عبد الرَّحْمَن يحدث عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ بِشَيْء قطّ»
[«المجروحين لابن حبان ت زايد» (2/ 51)].
وقال الحافظ: “قال الدوري عن ابن معين في حديثه عندي ضعف وقد حدث عنه يحيى القطان وحسبته أن يحدث عنه يحيى وقال عمرو بن علي لم أسمع عبد الرحمن يحدث عنه بشيء قط وقال أبو حاتم فيه لين يكتب حديثه ولا يحتج به وقال ابن عدي وبعض ما يرويه منكر لا يتابع عليه وهو في جملة من يكتب حديثه من الضعفاء قلت وقال السلمي عن الدارقطني خالف فيه البخاري الناس وليس بمتروك وقال الحاكم عن الدارقطني إنما حدث بأحاديث يسيرة وقال أبو القاسم البغوي هو صالح الحديث وقال الحربي غيره أوثق منه وقال ابن خلفون سئل عنه علي بن المديني فقال صدوق»
[«تهذيب التهذيب» (6/ 206)].
وعليه فالرواية لا تصح إسنادا في ميزان المحدثين، وأما المتن فمخالف لما سيأتي تقريره من عدم التفرد بالحديث
ثانيا: قد ذكر عدد من أهل العلم بالحديث عدم تفرد الصديق برواية هذا الحديث ومنهم
١- أبو عبد الله محمد بن أبي الفيض جعفر بن إدريس الحسني الإدريسي، قال في نظم المتناثر«272- (لا نورث ما تركنا صدقة) .- أورده في الأزهار من حديث (1) عمر (2) وعثمان (3) وعلي (4) وسعد بن أبي وقاص (5) والعباس (6) وأبي بكر الصديق (7) وعبد الرحمان بن عوف (8) والزبير بن العوام (9) وأبي هريرة (10) وعائشة (11) وطلحة (12) وحذيفة (13) وابن عباس ثلاثة عشر نفساً قال فقد رواه من العشرة المشهود لهم بالجنة ثمانية نظير حديث من كذب علي (قلت) لكن حديث من كذب تقدم أنه رواه العشرة كلهم ثم هذا الحديث قال الحافظ ابن حجر أيضاً في أماليه أنه حديث صحيح متواتر.»
[نظم المتناثر (ص216)].
٢- أبو عيسى الترمذي، حيث قال بعد روايته الحديث «وَفِي الْبَابِ عَنْ عُمَرَ، وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَسَعْدٍ، وَعَائِشَةَ»
[«سنن الترمذي» (3/ 254 ت بشار)].
٣- ابن حبان في صحيحة لما شعر بما قيل من التفرد أفرد بابا بعنوان: «ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ قَوْلَهُ صَلى الله عَلَيه وسَلم: “لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ” تَفَرَّدَ بِهِ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَقَدْ فَعَلَ.»
[«التقاسيم والأنواع» (7/ 783)].
وساق ما يدحض التفرد.
٤- ابن كثير في البداية والنهاية، قال: «وَقَدْ وَافَقَهُ عَلَى رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةُ؟ ! رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ، كَمَا سَنُبَيِّنُهُ قَرِيبًا»
[«البداية والنهاية ط هجر» (8/ 189)].
رابعا: إليك بعض الروايات عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك
١- رواية حذيفة بن اليمان
أخرجه البيهقي (۳۰۲/۹) و الطبراني في « الأوسط ، (۱۸۰٦)عن: “فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ النُّمَيْرِيُّ قَالَ: نا أَبُو مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ حُذَيْفَةَ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ: فُضَيْلٌ ”
[الطبراني، المعجم الأوسط، ٢٢٣/٢].
[البيهقي، أبو بكر، السنن الكبرى للبيهقي، ٤٩٣/٦].
ورواه البزار (۲۸٤٣) وقال : وَهَذَا الْكَلَامُ لَا نَعْلَمُ يُرْوَى عَنْ حُذَيْفَةَ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَلَا رَوَاهُ عَنْ أَبِي مَالِكٍ إِلَّا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ
[البزار، أبو بكر، مسند البزار = البحر الزخار، ٢٦٢/٧].
وقال الحافظ في « تلخيص الحبير: وَفِي الْبَابِ عَنْ حُذَيْفَةَ أَخْرَجَهُ أَبُو مُوسَى فِي كِتَابٍ لَهُ اسْمُهُ بَرَاءَةُ الصِّدِّيقِ، مِنْ طَرِيقِ فُضَيْلِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْهُ، وَهَذَا إسْنَادٌ حَسَنٌ”.
[ابن حجر العسقلاني، التلخيص الحبير ط قرطبة، ٢١٦/٣].
٢- ابن عباس له عنه طريقان :
الأول :أخرجه الطبراني في ” الأوسط ، (٤٩٣٣ ) حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ أَحْمَدَ الْأَصْبَهَانِيُّ الْبُرْزَبَاذَانِيُّ قَالَ: نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ قَالَ: نَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّا لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ»
لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُجَاهِدٍ إِلَّا لَيْثٌ، وَلَا عَنْ لَيْثٍ إِلَّا حَفْصٌ، تَفَرَّدَ بِهِ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرٍو ”
[الطبراني، المعجم الأوسط، ١٥٧/٥].
قلت : وله طريق آخر أخرجه الطبري في تفسيره ، (٦/ ۲٤٨) حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: “واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين” الآية، قال ابن عباس: فكانت الغنيمة تقسم على خمسة أخماس: أربعة بين من قاتل عليها، وخمس واحد يقسم على أربعة: لله وللرسول ولذي القربى= يعني: قرابة النبي صلى الله عليه وسلم = فما كان لله وللرسول فهو لقرابة النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم من الخمس شيئًا. فلما قبض الله رسوله صلى الله عليه وسلم ردّ أبو بكر رضي الله عنه نصيبَ القرابة في المسلمين، فجعل يحمل به في سبيل الله، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا نورث، ما تركنا صدقا.
[الطبري، أبو جعفر، تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر، ٥٥٨:٥٥٧/١٣].
قلت : المثنى هو ابن إبراهيم ولم أجد له ترجمة وقد أكثر الطبري الرواية – في التاريخ والتفسير وعلي هو ابن أبي طلحة ولم يسمع من ابن عباس ، فالإسناد ضعيف لكن الطريق السابق بعضده .
٣- عائشة
أخرجها مسلم ( ۱۷۰۸ ) عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَدْنَ أَنْ يَبْعَثْنَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَيَسْأَلْنَهُ مِيرَاثَهُنَّ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ عَائِشَةُ لَهُنَّ: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ»
[مسلم، صحيح مسلم، ١٣٧٩/٣].
4- أبو هريرة
وله طرق عنه منها في مسلم
(1760) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي وَمَئُونَةِ عَامِلِي، فَهُوَ صَدَقَةٌ»،
[مسلم، صحيح مسلم، ١٣٨٢/٣].
الثانية: (1761) وحَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي خَلَفٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ»
[مسلم، صحيح مسلم، ١٣٨٣/٣].
5- علي بن أبي طالب
في مسند البزار بسنده: “عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ: أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَشَدَ النَّاسَ فِيهِمْ طَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَقَالَ: لِعَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: هَلْ تَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» ، فَقَالُوا: نَعَمْ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «نَعَمْ» ، وَلَا نَعْلَمُ رَوَى مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ
[البزار، أبو بكر، مسند البزار = البحر الزخار، ١٥٣/٢].
وهذا الحديث هو المخرج في الصحيح لكن أوردناه من مسند البزار للفائدة في تعليقه أن هذا الحديث يرويه مالك عن أوس عن علي .
6- الزبير بن العوام
روى البزار بسنده عن مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ لِلزُّبَيْرِ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ أَمَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» . قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ
[البزار، أبو بكر، مسند البزار = البحر الزخار، ١٨٩/٣].
قال البزار: “وَلَا نَعْلَمُ رَوَى مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، عَنِ الزُّبَيْرِ، إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ”.
[البزار، أبو بكر، مسند البزار = البحر الزخار، ١٨٩/٣].
٧- العباس بن عبد المطلب
في مسند الروياني1331 – نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، أبنا أَبُو الْيَمَانِ، نَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ , قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ النَّصْرِيُّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: اتَّئِدُوا، أُنَاشِدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا نُورَثُ؛ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» يُرِيدُ نَفْسَهُ؟ قَالُوا: قَدْ قَالَ ذَلِكَ، فَأَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى عَلِيٍّ، وَالْعَبَّاسِ فَقَالَ: أَنْشُدُكُمَا، أَتَعْلَمَانِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ؟، قَالَا: نَعَمْ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ
[الروياني، مسند الروياني، ٣٥٠/٢].
٨- عبدالرحمن بن عوف
أورده أحمد في مسند عبد الرحمن عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ، سَمِعْتُ عُمَرَ، يَقُولُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرِ، وَسَعْدٍ: نَشَدْتُكُمْ بِاللهِ الَّذِي تَقُومُ بِهِ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ – وَقَالَ مَرَّةً: الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ – أَعَلِمْتُمِ أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ” إِنَّا لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ “ قَالُوا: اللهُمَّ نَعَمْ”.
[أحمد بن حنبل، مسند أحمد ط الرسالة، ١٩٧/٣].
9- سعد بن أبي وقاص
ولذلك أخرجه اجمد في مسند سعد
[أحمد بن حنبل، مسند أحمد ط الرسالة، ١٢٥/٣].
فهؤلاء بعض من روى الحديث من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم غير الصديق .
رابعا: لو تنزلنا جدلا وقلنا يتفرد الصديق بالحديث فهذا لا يضره إذ العلماء قد أجمعوا على أن تفرد الصحابي لا يضر لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن واجبا عليه أن يبلغ كل فرد في الأمة كل شي ولذلك كان يوجد عند بعضهم ما ليس عند الآخر فربما يتحدث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مع صحابي في خلوة معه فليس من شرط التحديث أن يأتي النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم صحابي آخر ليسمع! وكم من حديث تفرد به صحابي وهو في أعلى درجات الصحة وتلقته الأمة بالقبول وليس أشهر من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “إنما الأعمال بالنيات” يرويه الإمام البخاري عن شيخه الحميدي عبد الله بن الزبير عن سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص الليثي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، لا يثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا من طريق عمر -رضي الله عنه-، ولا يثبت عن عمر إلا من طريق علقمة، ولا يثبت عن علقمة إلا من طريق محمد بن إبراهيم التيمي، ولم يروه عنه سوى يحيى بن سعيد الأنصاري، وعنه انتشر حتى قال بعضهم: إنه يروى عن يحيى بن سعيد من طريق من أكثر من سبعمائة وجه، يرويه عن يحيى بن سعيد أكثر من سبعمائة راوي، وإن كان الحافظ ابن حجر يشكك في هذا العدد، ويقول: إنه يجمع الطرق لهذا الحديث منذ بداية الطلب إلى وقتِ تأليف فتح الباري، وقال: إنه لم يقدر على تكميل المائة فضلاً عن مائتين وثلاثمائة وسبعمائة، فالحديث كما سمعتم فردٌ مطلق، تفرده في أصل السند، لم يروه عن النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا صحابي واحد، ولم يروه عن هذا الصحابي إلا تابعي واحد، وهكذا في أربع طبقات.يشبهه آخر حديث في الصحيح: “كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم” هذا الحديث يرويه أبو هريرة لا يشركه في روايته أحد، ويرويه عنه أبو زرعة بن عمرو بن جرير البجلي، ويرويه عنه عمارة بن القعقاع لا يرويه غيره، وتفرد بروايته عنه محمد بن فضيل لا يرويه غيره، وعن محمد بن فضيل انتشر، هذان حديثان من الأفراد من أفراد البخاري، وإن شئت فقل: من غرائب الصحيح، التفرد في أصل السند.أصل السند طرفه الذي فيه الصحابي، ويحتمل أن يكون المراد بذلك الصحابي نفسه، أو من يرويه عن الصحابي، وجاء عند ابن حجر -رحمه الله تعالى-تنزيل الفرد المطلق على تفرد الصحابي، وجاء أيضاً في تعريف الفرد المطلق أن يتفرد بروايته عن الصحابي شخصٌ واحد، وكأنه في هذا الموضوع رأى أن تفرد الصحابي لا يضر؛ لأن الواحد من الصحابة يعدل أمة”.
[عبد الكريم الخضير، شرح اللؤلؤ المكنون في أحوال الأسانيد والمتون، ٦: ٥/٤].
وهذين الحديثين من الأهمية بمكان في أصول الإسلام ومع ذلك ففيهما تفرد في طبقة الصحابي وقد تلقتهما الأمة بالقبول.
قال ابن القيم رحمه الله في مناقشة من يطعن في حديث ابن عباس في المطلقة ثلاثا القائل بأنها كانت واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر ما نصه: “وقد رده آخرون بمسلك أضعف من هذا كله: فقالوا: هذا حديث لم يروه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ابن عباس وحده، ولا عن ابن عباس إلا طاووس وحده.قالوا: فأين أكابر الصحابة وحفاظهم عن رواية مثل هذا الأمر العظيم، الذى الحاجة إليه شديدة جداً؟ فكيف خفى هذا على جميع الصحابة، وعرفه ابن عباس وحده؟ وخفى على أصحاب ابن عباس كلهم وعلمه طاووس وحده؟ وهذا أفسد من جميع ما تقدم، ولا ترد أحاديث الصحابة وأحاديث الأئمة الثقات بمثل هذا. فكم من حديث تفرد به واحد من الصحابة، لم يروه غيره، وقبلته الأمة كلهم، فلم يرده أحد منهم وكم من حديث تفرد به من هو دون طاووس بكثير ولم يرده أحد من الأئمة؟ ، ولا نعلم أحداً من أهل العلم قديماً ولا حديثاً قال: إن الحديث إذا لم يروه إلا صحابى واحد لم يقبل، وإنما يحكى عن أهل البدع ومن تبعهم فى ذلك أقوال، لا يعرف لها قائل من الفقهاء. [ابن القيم، إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان، ٢٩٥/١].
فهذا ابن القيم رحمه الله يبين أن الطعن في الرواية بمثل هذا إنما هي طريقة أهل البدع، ولا يُطعن في الحديث بمثل هذا، مهما بلغت درجة أهميته، فليس في تفرد الصحابي بروايته ما يدل على كذبه كما زعم الرافضة.ولذلك قال الحافظ ابن حجر: «وَلَوْ تَفَرَّدَ بِرِوَايَتِهِ الصِّدِّيقُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لَوَجَبَ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الْأَرْضِ قَبُولُ رِوَايَتِهِ، وَالِانْقِيَادُ لَهُ فِي ذَلِكَ»
[«البداية والنهاية ط هجر» (8/ 189)].
أمر آخر وهو أن عمل الصديق بالحديث ليس من قبيل العمل بأخبار الآحاد، إذ أن الصديق سمعه من مصدر الخبر لا من رواي من الرواه، فالعمل له أقوى من المتواتر، ولو اجتمعت الأمة على تركه لما جاز للصديق عدم العمل به.
خامسا: قد جاء مثل هذا الحديث عند الشيعة بطرق وأسانيد صحيحة ففي الكافي: “عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام ، قَالَ : « إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ ، وَذَاكَ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُورِثُوا دِرْهَماً وَلَا دِينَاراً ، وَإِنَّمَا أَوْرَثُوا أَحَادِيثَ مِنْ أَحَادِيثِهِمْ ، فَمَنْ أَخَذَ بِشَيْءٍ مِنْهَا ، فَقَدْ أَخَذَ حَظّاً وَافِراً”.
[اسم الکتاب : الکافی- ط دار الحدیث المؤلف : الشيخ الكليني الجزء : 1 صفحة : 77].
فهنا الرواية تحصر الإرث في العلم فقط تأكيدا على أن الأنبياء لا يورثون ابدا.
وقد صحح الرواية
١-[ المازندراني في شرح أصول الكافي ٢/٢٦].
٢-[ جعفر السبحاني في بحوث في الملل والنحل ٨/٦٢].
٣-[ ناصر مكارم الشيرازي في بحوث فقهية مهمة ص٤٦٧].
٤-[ النراقي في عوئد الأيام ٢/٢١].
٥-[ الخميني في الحكومة الإسلامية ص١٤٤].
6-[ هادي النجفي في موسوعة أحاديث أهل البيت 7/264، و7/267].
ومن الشواهد لتلك الرواية ما رواه الصدوق في الخصال بسنده عنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيٍّ الرَّافِعِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدَّتِهِ بِنْتِ أَبِي رَافِعٍ قَالَتْ أَتَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ ص بِابْنَيْهَا الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ ع إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فِي شَكْوَاهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَانِ ابْنَاكَ فَوَرِّثْهُمَا شَيْئاً قَالَ أَمَّا الْحَسَنُ فَإِنَّ لَهُ هَيْبَتِي وَ سُؤْدُدِي وَ أَمَّا الْحُسَيْنُ فَإِنَّ لَهُ جُرْأَتِي وَ جُودِي”.
]اسم الکتاب : الخصال المؤلف : الشيخ الصدوق الجزء : 1 صفحة : 77]
وفي قرب الإسناد: “عن جعفر ، عن أبيه : أن رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يورّث ديناراً ولا درهاً ، ولا عبداً ولا وليدة ، ولا شاة ولا بعيراً ، ولقد قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله وإن درعه مرهونة عند يهودي من يهود المدينة بعشرين صاعاً من شعير استسلفها نفقة لأهله”.
اسم الکتاب : قرب الإسناد المؤلف : الحميري، أبو العباس الجزء : 1 صفحة : 91
فهذه شواهد قوية على صحة ما رواه الصديق حتى في عقيدة الشيعة الإمامية أنفسهم.
والحمد لله رب العالمين.
مواضيع شبيه