7ewaratwelzamat
حوارات وإلزامات

إنكار عبادة بن الصامت على معاوية ما خالف السنة.

0

 

قال الشيعة: “كان عُبادة يُنكر على معاوية أيام ولايته على الشام أحداثاً وأُموراً عَمِل فيها بخلاف السنّة النبوية الشريفة ، وله في ذلك معه مواقف مشهورة ….وروي أنّ عبادة كان مع معاوية ، فأذّن يوماً ، فقام خطيب يمدح معاوية ، ويُثني عليه ، فقام عبادة بتراب في يده ، فحثاه في فم الخطيب ، فغضب معاوية ، فقال له عبادة : إنّك لم تكن معنا حين بايعنا رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم بالعقبة . . أن نقوم بالحق حيث كنّا ، لا نخاف في اللَّه لومة لائم ، وقال رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : « إذا رأيتم المدّاحين ، فأحثوا في أفواههم التراب » .[موسوعة طبقات الفقهاء، ج ١، اللجنة العلمية في مؤسسة الإمام الصادق ( ع )، ص ١٤٥].

 

والجواب علي هذه الشبهة من وجوه:

 

أولا: هذه الرواية وردت في تاريخ دمشق لابن عساكر بهذا الإسناد «أخبرنا أبو القاسم تميم بن أبي سعيد بن أبي العباس أنا محمد بن عبد الله بن عمر العمري نا أبو محمد بن أبي شريح نا يحيى بن محمد بن صاعد نا محمد بن عبد الملك بن زنجوية نا إسماعيل بن أبي أويس حدثني أبي عن أبي منيع ‌الوليد (2) ‌بن ‌داود ‌بن ‌محمد بن عبادة بن الصامت عن ابن عمه عبادة بن الوليد ولم يذكر في الإسناد عن الوليد بن عبادة وقال كان عبادة بن الصامت مع معاوية بن أبي سفيان في عسكره فأذن يوما فقام خطيب يمدح معاوية ويثني عليه فقام عبادة بتراب في يده فحثاه في في الخطيب فغصب معاوية فقال له عبادة مجيبا له إنك يا معاوية لم تكن معنا حين بايعنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالعقبة على السمع والطاعة في منشطنا ومكسلنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله وأن نقوم بالحق حيث (3) ما كنا لا نخاف في الله لومة لائم وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) احثوا في أفواه المداحين التراب»[«تاريخ دمشق لابن عساكر» (26/ 196)].

 

وهذا اسناد ساقط، يقول محقق كتاب سير أعلام النبلاء الشيخ أيمن الشبراوي معلقا على تلك الرواية: «ضعيف بهذا التمام: فيه الوليد بن داود بن محمد، لم أجد من ترجم له والحديث لم يرد بهذا التمام في شيء من كتب السنة، لكن ورد نص على البيعة عن عبادة بن الصامت قَالَ: “بَايَعنَا رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على السمع والطاعة في المنشط والمكره” أخرجه أحمد “5/ 314″، والبخاري “7199” من طريق عبادة بن الوليد، أخبرني أبي، عن عبادة بن الصامت، به»[«سير أعلام النبلاء – ط الحديث» (3/ 343)].

 

وقال محقق طبعة الرسالة «ورجاله ثقات خلا الوليد بن داود بن محمد فإنني لم أعرفه»[«سير أعلام النبلاء – ط الرسالة» (2/ 7)]

 

وعليه الرواية من طريق مجهول وهو الوليد بن داود بن محمد فيسقط البحث كله.

 

ثانيا: لو سلمنا جدلا بصحة الرواية فليس فيها طعن في معاوية رضي الله عنه بل هي مدح له رضي الله عنه من أوجه.

 

الوجه الأول: أنه ملك يقبل النصيحة من أحد رعيته ولا يتكبر على آخر الله ولا امر رسوله صلى الله عليه وسلم، إذ أنه لما سمع حديث عبادة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يحثى في أوجه المداحين التراب سكت وانصاع الكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

الوجه الثاني: أن غضب معاوية للخطيب لم يخرجه إلى معصية لله ولا لرسوله فلم يعاجل عبادة بالعقوبه ولا بالقتل كما هي عادة الملوك الجبابرة بل استمع النصيحة وقبل من عبادة حديثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

الوجه الثالث: فيه نفي لكل تهمة يتهم بها الشيعة معاوية أنه كان مخالفا للسنة او أنه كان مبتدعا او غير ذلك وكل نص ورد بذلك فلابد من تأويله بعدم علم معاوية بالقضية تخريجا على تلك الرواية محل الشبهة.

 

الوجه الرابع: فيه مدح للصحابة جميعا ومنهم معاوية إذ أنهم لا يسكتون على منكر ابدا ومعاوية لا يرضى بحثو التراب على خطيب يتكلم بحق ولذلك أنكر المنكر لكن لما علم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم سكت.

 

ثالثا: لا يقال كيف لمعاوية -على القول بصحة الرواية جدلا- أن يسمح بأن يمدحه الخطيب أمامه؟ فيقال إن هذه واقعة عين تحتاج إلى معرفة دقائق الأمور فيها إذ ليس كل مدح للحاكم يكون مذموما لأن الذم ليس لمجرد المدح وإنما “منشأ الذم فيه بعض الجهات الخارجية كالإطراء ، ومجاوزة الحد ، وشوب النفاق ونحوها”.[تفسير الصراط المستقيم، ج ٣، السيد حسين بن محمدرضا البروجردي، ص ٣٠٤]

 

فإذا لم يكن في المدح مبالغة جاز عند تحقق المصلحة، يقول علامة الشيعة يوسف البحراني: “من المعلوم أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) كان ينشد بين يديه البيت والأبيات من الشعر في المسجد ولم ينكر ذلك . والحق به المحقق الشيخ علي ( قدس سره ) مدح النبي ومراثي الحسين ( صلوات الله عليهم ) قال في المدارك : ولا بأس بذلك كله لصحيحة علي بن يقطين ( 1 ) ” أنه سأل أبا الحسن ( عليه السلام ) عن انشاد الشعر في الطواف فقال ما كان من الشعر لا بأس به فلا بأس به ” وقال في البحار بعد نقل ما ذكره الشهيد والشيخ علي : أقول ما ذكراه لا يخلو من قوة ويؤيده استشهاد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بالأشعار في الخطب وكانت غالبا في المسجد وما نقل من انشاد المداحين كحسان وغيره اشعارهم عندهم ( عليهم السلام ) ولأن مدحهم ( عليهم السلام ) عبادة عظيمة والمسجد محلها فيخص المنع بالشعر الباطل” [الحدائق الناضرة، ج ٧، المحقق البحراني، ص ٢٨٩].

 

وعليه فالمدح بالشعر او بغيره إذا كان للمصلحة فلا يدخل في النعي الوارد في الحديث وتحقيق تلك المصلحة قد يختلف فيها اهل العلم فقد يرى بعضهم أنها متحققة  ويرى الآخر عدمها فإذا رأى عبادة عدم تحققها ورأى معاوية تحققها فلا ينقض الاجتهاد باجتهاد مثله. بل قد كان يجوز أن يعترض معاوية على عبادة بأنه قد طبق الحديث على ظاهره والحديث له تأويل صحيح في اللغة، قال الزمخشري: “«وفي حثو التراب معنيان: أحدهما التغليظ في الرد عليه، وثانيهما أن يقال له: بفيك التراب»[«ربيع الأبرار ونصوص الأخيار» (5/ 97)].

 

ويقول اللغوي في شرحه لرواية شبيهة: ” وَقد اسْتعْمل الْمِقْدَاد الحَدِيث على ظَاهره فِي تنَاول عين التُّرَاب، وحثيه فِي وَجه المادح، وَقد يتَأَوَّل أَيْضا على وَجه آخر وَهُوَ أَن يكون مَعْنَاهُ: الخيبة والحرمان، أَي: من تعرض لكم بالثناء والمدح، فَلَا تعطوه واحرموه.

كني بِالتُّرَابِ عَن الحرمان، كَقَوْلِهِم: مَا فِي يَده غير التُّرَاب، وَكَقَوْلِه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذا جَاءَك يطْلب ثمن الْكَلْب، فاملأ كَفه تُرَابا»[«شرح السنة للبغوي» (13/ 151)].

 

” الولد للفراش وللعاهر الحجر «قال أبو محمد: ‌لم ‌يرد ‌عليه ‌السلام ‌أن ‌يدفع ‌إلى ‌العاهر ‌حجر، وإنما يريد أنه لا شيء له إلا ما يهينه ولا ينفع، فقيل له إذا طلب الولد: الحجر لك. قال: وعلى هذا يتأول قوله صلى الله عليه وسلم: ” إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب ” معناه: أن يقال للمادح بالباطل: بفيك التراب، وعلى معنى التغليظ عليهم»[«فصل المقال في شرح كتاب الأمثال» (ص17) “].

وبه يثبت أن معاوية حتى ولو كان على علم بالحديث فإنه يجوز له أن يعترض على تطبيق عبادة لظاهر النص دون مفهومه  

رابعا: قد يقول قائل إننا نتبع عبادة بن الصامت في أننا نحثو التراب في وجوه مادحي معاوية (هامش: ذكر مثل هذا الشيعي علي خان المدني الشيرازي، في كتابه الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة، ص ٢٤١، قال: “ومن طرائفه ان هذا يقتضى ان من مدح عثمان فكذا ينبغي ان يحثى التراب في وجهه اقتداء بالمقداد الذي أجمع المسلمون على صلاحه”.!))

فنقول إن هذا باطل من وجوه

الأول: أن الحديث عام فلو أسقطتموه على معاوية فيجب إسقاطه على كل مادح لكل أحد عندك، وعند الرجوع لكتب التراجم فإننا لا نجد عالما شيعيا ترجم لعالم شيعي آخر إلا وأطراه ومدحه بما لا تكاد الارض تتحمله من كذب وغلو وبناء عليه يرجع هذا الفهم إلى أن تملأ افواهكم وانوفكم بالتراب.

 

الثاني: إن هذا قد يقال في حياة معاوية رضي الله عنه إما بعد وفاته فقد أمنت الفتنة من المدح يقول محمد تقي المدرسي: “بل إنّ الدين أوصانا أن نحثو في وجوه المدّاحين التراب . « فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَوْثَقِ فُرَصِ الشَّيْطَانِ فِي نَفْسِهِ لِيَمْحَقَ مَا يَكُونُ مِنْ إِحْسَانِ المُحْسِنِينَ » . إنّ إعجاب الإنسان بذاته من أهم وسائل الشيطان وأساليبه”.[الحكم الإسلامي في مدرسة الإمام علي (ع)، السيد محمد تقي المدرسي، ص ٢٥٩].

 

فهذه هي الحكمة من المنع من المدح في وجه الحي فإذا مات انتفت العلة من المنع وجاز القول بما يستحق المرء من مدح .

قناة اليوتيوب

مواضيع شبيهة

قالوا إن قيس بن سعد كان يقول إن معاوية وثن ابن وثن .

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.