معاوية كان داعية للنار وكان هو الفئة الباغية بدليل حديث مقتل عمار
قال الشيعة إن معاوية بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عِكْرِمَةَ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ لَهُ وَلِعَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ: «ائْتِيَا أَبَا سَعِيدٍ فَاسْمَعَا مِنْ حَدِيثِهِ فَأَتَيْنَاهُ وَهُوَ وَأَخُوهُ فِي حَائِطٍ لَهُمَا يَسْقِيَانِهِ فَلَمَّا رَآنَا جَاءَ فَاحْتَبَى وَجَلَسَ فَقَالَ: كُنَّا نَنْقُلُ لَبِنَ الْمَسْجِدِ لَبِنَةً لَبِنَةً وَكَانَ عَمَّارٌ يَنْقُلُ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ فَمَرَّ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَسَحَ عَنْ رَأْسِهِ الْغُبَارَ وَقَالَ: وَيْحَ عَمَّارٍ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ عَمَّارٌ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللهِ وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ.»
[«صحيح البخاري» (4/ 21 ط السلطانية)].
قالوا فكان معاوية هو الفئة الباغية وكان داعية إلى النار بنص الحديث.
والجواب علي هذه الشبهة من وجوه:
أولا: حديث مقتل عمار حديث متواتر، وما ورد من إنكار بعض الأئمة له إنما كان إنكارا لبعض طرقه، وإليك كلام بعض اهل العلم في صحته وتواتره.قال ابن عبد البر «وتواترت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ: تقتل عَمَّار الفئة الباغية. وهذا من إخباره بالغيب وأعلام نبوته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ من أصح الأحاديث»
[«الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (3/ 1140)].
وقال الحافظ ابن حجر «رَوَى حَدِيثَ تَقْتُلُ عَمَّارًا الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةٍ مِنْهُمْ قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ كَمَا تَقَدَّمَ وَأُمُّ سَلَمَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَحُذَيْفَةُ وَأَبُو أَيُّوبَ وَأَبُو رَافِعٍ وَخُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ وَمُعَاوِيَةُ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَأَبُو الْيُسْرِ وَعَمَّارٌ نَفْسُهُ وَكُلُّهَا عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَغَيْرِهِ وَغَالِبُ طُرُقِهَا صَحِيحَةٌ أَوْ حَسَنَةٌ وَفِيهِ عَنْ جَمَاعَةٍ آخَرِينَ يَطُولُ عَدُّهُمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ وَفَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ لِعَلِيٍّ وَلِعَمَّارٍ وَرَدٌّ عَلَى النَّوَاصِبِ الزَّاعِمِينَ أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يَكُنْ مُصِيبًا فِي حُرُوبِهِ».
[«فتح الباري لابن حجر» (1/ 543)].
وقال ابن تيمية «وَأما عمار فصح أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ تقتلك الفئة الباغية وَبَاقِي ذَلِك كذب مزِيد فِي الحَدِيث»
[«المنتقى من منهاج الاعتدال» (ص395)].
وعليه فالمتواتر هو معنى (أن عمار تقتله الفئة الباغية).
وأما لفظة “يدعوهم الله ويدعونه إلى النار” أو يدعوهم إلى الجنة ويدعونه الى النار فهي لفظة توقف فيها بعض اهل العلم وأنكروها، وقالوا بأنها مدرجة من كلام أبي سعيد الخدري باعترافه هو أنه لم يسمعها من النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الحافظ ابن حجر عنها: “: “وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَمْ يَذْكُرْهَا الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ وَقَالَ إِنَّ الْبُخَارِيَّ لَمْ يَذْكُرْهَا أَصْلًا وَكَذَا قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ قَالَ الْحُمَيْدِيُّ وَلَعَلَّهَا لَمْ تَقَعْ لِلْبُخَارِيِّ أَوْ وَقَعَتْ فَحَذَفَهَا عَمْدًا قَالَ وَقَدْ أَخْرَجَهَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَالْبَرْقَانِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قُلْتُ وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ الْبُخَارِيَّ حَذَفَهَا عَمْدًا وَذَلِكَ لِنُكْتَةٍ خَفِيَّةٍ وَهِيَ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ اعْتَرَفَ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مُدْرَجَةٌ وَالرِّوَايَةُ الَّتِي بَيَّنَتْ ذَلِكَ لَيْسَتْ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَقَدْ أَخْرَجَهَا الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنِ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي بِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَحَمْلِهُمْ لَبِنَةً لَبِنَةً وَفِيهِ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَحَدَّثَنِي أَصْحَابِي وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ يَا بن سميَّة تقتلك الفئة الباغية أه وبن سُمَيَّةَ هُوَ عَمَّارٌ وَسُمَيَّةُ اسْمُ أُمِّهِ وَهَذَا الْإِسْنَادُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَقَدْ عَيَّنَ أَبُو سَعِيدٍ مَنْ حَدَّثَهُ بِذَلِكَ فَفِي مُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي أَبُو قَتَادَةَ فَذَكَرَهُ فَاقْتَصَرَ الْبُخَارِيُّ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي سَمِعَهُ أَبُو سَعِيدٍ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ غَيْرِهِ وَهَذَا دَالٌّ عَلَى دِقَّةِ فَهْمِهِ وَتَبَحُّرِهِ فِي الِاطِّلَاعِ عَلَى عِلَلِ الْأَحَادِيثِ”.
[ابن حجر العسقلاني، فتح الباري لابن حجر، ٥٤٢/١]٤٢/١].
فهذه اللفظة مختلف في ثبوتها، ولو ثبتت لما كان فيها إشكال لا على معاوية رضي الله عنه ولا على جيشه، وتخريجها من أيسر ما يكون إذ أن المسلم إذا ظن فيما هو خلاف الحق أنه الحق وجاء آخر وتبين له أن هذا الظن خطئا صح له أن يقول لمستفتيه إن فلانا يدعوك إلى النار، ويقصد أن هذا ذنب عنده، ودونك اختلاف المراجع الشيعية فإنهم يختلفون في كل مسألة صغيرة كانت او كبيرة وهم يقولون أن: “حكم الله عند الشيعة واحد لا تعدد فيه أصلا و أخبارهم صريحة في ذلك”
[مفاتيح الأصول المؤلف : المجاهد، السيد محمد الجزء : 1 صفحة : 704].
وعليه فإذا أفتى الفقيه بفتوى خالفه فيها فقيه آخر صح له أن يقول إن فلانا يدعوك إلى النار بمعنى أنه يدعوك إلى سبب من أسباب دخول النار لأنه يدعوك إلى باطل، لكن هل يصح تكفير ذاك الفقيه بتلك الفتوى التي أخطأ فيها ؟ باتفاق الكل لا بل إن الشيعة قد قالوا بأن المجتهد المخطئ مأجور لا مأزور،وعليه فإن الخطأ في الاجتهاد في مسألة فقهية لا ينقض كون العالم مجتهدا، فهذا شأن كل من هو غير معصوم، وإلا لما وجد مجتهد قط على وجه الأرض، وليس من شرط المجتهد الوصول إلى الصواب في كل مسألة باتفاق، وقد قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلِيْهِ وَسَلَّمْ- كما عند مسلم
عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ، فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ، فَلَهُ أَجْرٌ»،
[مسلم، صحيح مسلم، ١٣٤٢/٣].
فثبت من ذلك أن معاوية رضي الله عنه مأجور غير مأزور عالم غير جاهل بفضل الله تعالى، وإن كان عند الفريق الآخر يدعو إلى أسباب النار فهو عندهم أيضا وعند الله مجتهد مأجور، وأما كون المجتهد المخطئ مأجور عند الشيعة الإمامية، فقد صرح به كثير من علمائهم وكذا رواياتهم.
فقد جاء في ميزان الحكمة: “للمخطئ أجر وللمصيب أجران- رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر واحد (١١).- عنه (صلى الله عليه وآله): اجتهد، فإذا أصبت فلك عشر حسنات، وإن أخطأت فلك حسنة (١٢).– عنه (صلى الله عليه وآله) – لعقبة بن عامر لما جاءه (صلى الله عليه وآله) خصمان اقض بينهما، قال: على ماذا يا رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قال: اجتهد، فإن أصبت فلك عشر”.
[ميزان الحكمه ل محمد الريشهري ج3 ص 2591].
وقد أقر وقرر المجلسي في [ملاذ الأخيار ج10 ص10:11]. (قال : قوله عليه السلام “فمن أخطأ حكم الله” أي بلا دليل معتبر شرعا لتقصيره ، أو مع علمه ببطلانه، فلا ينافي كون المجتهد المخطئ الغير المقصر مصيبا ومثابا) وبذلك التخريج خرّج اهل العلم تلك اللفظة المختلف في صحتها
قال الحافظ: “فَإِنْ قِيلَ كَانَ قَتْلُهُ بِصِفِّينَ وَهُوَ مَعَ عَلِيٍّ وَالَّذِينَ قَتَلُوهُ مَعَ مُعَاوِيَةَ وَكَانَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فَكَيْفَ يَجُوزُ عَلَيْهِمُ الدُّعَاءُ إِلَى النَّارِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُمْ كَانُوا ظَانِّينَ أَنَّهُمْ يَدْعُونَ إِلَى الْجَنَّةِ وَهُمْ مُجْتَهِدُونَ لَا لَوْمَ عَلَيْهِمْ فِي اتِّبَاعِ ظُنُونِهِمْ فَالْمُرَادُ بِالدُّعَاءِ إِلَى الْجَنَّةِ الدُّعَاءُ إِلَى سَبَبِهَا وَهُوَ طَاعَةُ الْإِمَامِ وَكَذَلِكَ كَانَ عَمَّارٌ يَدْعُوهُمْ إِلَى طَاعَةِ عَلِيٍّ وَهُوَ الْإِمَامُ الْوَاجِبُ الطَّاعَةُ إِذْ ذَاكَ وَكَانُوا هُمْ يَدْعُونَ إِلَى خِلَافِ ذَلِكَ لَكِنَّهُمْ معذورون للتأويل الَّذِي ظهر لَهُم
[ابن حجر العسقلاني، فتح الباري لابن حجر، ٥٤٢/١].
وعليه فهذا شأن كل مخالفة في الدين صغيرة كانت أو كبيرة فإن كان صاحبها مسلم فهو معذور بالتأويل وإن كان كافرا فدعوته إلى النار دعوة إلى الكفر، وأما دعوة معاوية فكانت إلى الإسلام والقرآن والحق بشكل عام لكن في ثنايا ذلك مخالفة للصواب في مسألة فقهية كما بينا سابقا
وقد ثبت في صحيح البخاري
عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَقْتَتِلَ فِتْيَانٌ دَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ.»
[«صحيح البخاري» (4/ 200 ط السلطانية)].
وهذا قاطع في أن معاوية يدعو إلى نفس ما يدعو إليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فكل طعن في دين معاوية هو طعن في دين علي رضي الله عنهما. وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عِنْدَ فُرْقَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، يَقْتُلُهَا أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ»
[«صحيح مسلم» (2/ 745 ت عبد الباقي)].
قال ابن كثير «فَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ ; لِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ الْأَمْرُ طِبْقَ مَا أَخْبَرَ الرَّسُولُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِيهِ الْحُكْمُ بِإِسْلَامِ الطَّائِفَتَيْنِ ; أَهْلِ الشَّامِ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ، لَا كَمَا يَزْعُمُهُ فِرْقَةُ الرَّافِضَةِ، أَهْلُ الْجَهْلِ وَالْجَوْرِ، مِنْ تَكْفِيرِهِمْ أَهْلَ الشَّامِ»
[«البداية والنهاية» (10/ 563 ت التركي)].
فهذه أحاديث الصحيحين قاضية على غيرها باتفاق أهل العلم.
وهذا ما قاله المرجع الشيعي “صادق الحسيني الشيرازي” فقد قال في[ كتابه “بيان الأصول” ج ٩ ص١١٣: ]. ” إن التعارض يلزم فيه التكافؤ، حتى يصدق: التنافي، المأخوذ في العنوان، وحيث إنّ الأدلة مراتب، فذو المرتبة التالية لا يعارض مع ذي المرتبة السابقة، لتوقّف حجية التالية على عدم العلم -إذ الشك آخذ فيه ظرفاً أو موضوعا-“.وعليه فلا تعارض بين قوي وأقوى.
وقد جاء الأمر المباشر من النبي صلى الله عليه وسلم بطاعة رجل كان في جيش معاوية رضي الله عنه، وهذا فيه غاية الكرامة والتزكية لمعاوية وجيشه.
روى الإمام أحمد «6538 – حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ، حَدَّثَنِي أَسْوَدُ بْنُ مَسْعُودٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ خُوَيْلِدٍ الْعَنْبرِيِّ (1) قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا عِنْدَ مُعَاوِيَةَ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلَانِ يَخْتَصِمَانِ فِي رَأْسِ عَمَّارٍ، يَقُولُ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَا قَتَلْتُهُ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو: لِيَطِبْ بِهِ أَحَدُكُمَا نَفْسًا لِصَاحِبِهِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ” تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ “، قَالَ مُعَاوِيَةُ: فَمَا بَالُكَ مَعَنَا؟ قَالَ: إِنَّ أَبِي شَكَانِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ” أَطِعْ أَبَاكَ مَا دَامَ حَيًّا، وَلَا تَعْصِهِ ” فَأَنَا مَعَكُمْ وَلَسْتُ أُقَاتِلُ (2)»
[«مسند أحمد» (11/ 96 ط الرسالة)].
صحح إسناده أحمد شاكر
[«مسند أحمد» (6/ 107 ت أحمد شاكر)].
قلت: فلو كانت تلك الروايات على الفهم الذي يقوله الشيعة فلماذا يأمر النبي صلى الله عليه وسلم باتباع داعية إلى النار؟! هذا فضلا عما ثبت لمعاوية من الفضائل الكثيرة «عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ السُّلَمِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم، يَقُولُ: “اللهُمَّ عَلِّمْ مُعَاوِيَةَ الْكِتَابَ وَالْحِسَابَ وَقِهِ الْعَذَابَ”»
[«صحيح ابن حبان: التقاسيم والأنواع» (4/ 348)].
[«مسند أحمد» (28/ 383 ط الرسالة)].
[«مسند البزار = البحر الزخار» (10/ 138)].
[«أخرجه ابن خزيمة في “صحيحه ” (1938)] ، [وابن حبان (278 2)] ، [وأحمد(4/127)] ، وفي[ “فضائل الصحابة ” (1748) ]، [والبزار (2723) ]، [والفسوي في “التاريخ ” (2/345) ]، [والحسن بن عرفة في “جزئه ” (61/122) ]، [والطبراني في ” المعجم الكبير” (18/ 251/628) ]، [وابن عدي في “الكامل ” (6/406) ]، ومن المخطوطات: أبو القاسم الكتَّاني في [“جزء من حديثه ” (ق 4/2) ]، [وفي مجلس البطاقة”أيضاً (ق 188/ 1) ]، [وا بن بِشران في “الأمالي ” (ق 14/ 1)] ، [وابن حمصة في “جزء البطاقة” (ق70/2) ]، [وأبو طاهر الأنباري في “مشيخته ” (ق 149/1) ]، [وابن عساكرفي”تاريخ دمشق ” (16/682 و 683) ]، [وأبو موسى المديني في “جزء من الأمالي ” (ق 1/2) ] كلهم عن يونس به.
قلت: وهذا إسناد حسن في الشواهد»
[«سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها» (7/ 688)].
«18067 – حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، قَالَ: كُنَّا مُعَسْكِرِينَ مَعَ مُعَاوِيَةَ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ، فَقَامَ كَعْبُ بْنُ مُرَّةَ الْبَهْزِيُّ فَقَالَ: لَوْلَا شَيْءٌ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قُمْتُ هَذَا الْمَقَامَ، فَلَمَّا سَمِعَ بِذِكْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَجْلَسَ النَّاسَ، فَقَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ مَرَّ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ (1) مُرَجِّلًا قَالَ:، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” لَتَخْرُجَنَّ فِتْنَةٌ مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْ، أَوْ مِنْ بَيْنِ رِجْلَيْ، هَذَا (2) ، يَوْمَئِذٍ وَمَنِ اتَّبَعَهُ عَلَى الْهُدَى ” قَالَ: فَقَامَ ابْنُ حَوَالَةَ الْأَزْدِيُّ مِنْ عِنْدِ الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: إِنَّكَ لَصَاحِبُ هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَاللهِ إِنِّي لَحَاضِرٌ ذَلِكَ الْمَجْلِسَ، وَلَوْ عَلِمْتُ أَنَّ لِي فِي الْجَيْشِ مُصَدِّقًا كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ تَكَلَّمَ بِهِ (3)»
[«مسند أحمد» (29/ 608 ط الرسالة)].
«واسناد أحمد صحيح على شرط مسلم»
[«سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها» (7/ 319)].
«عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمِيرَةَ (1) الْأَزْدِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ذَكَرَ مُعَاوِيَةَ، وَقَالَ: ” اللهُمَّ اجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا وَاهْدِ بِهِ “»
[«مسند أحمد» (29/ 426 ط الرسالة)].
[«رجاله ثقات رجال الصحيح»].
[«مسند أحمد» (29/ 426 ط الرسالة)].
[«[حكم الألباني] : صحيح»].
[«سنن الترمذي» (5/ 687 ت شاكر)].
[تعليق أيمن صالح شعبان – ط دار الكتب العلمية]
« إسناده حسن»
[«جامع الأصول» (9/ 107)].
فكيف بعد كل هذا يقال أن النبي صلى الله عليه وسلم حكم بأن معاوية داعية للنار؟!!!
ثم يلزم من ذلك القول أن معاوية لما دعى الحسن للصلح وقبل الحسن ذلك كانت هذه دعوة إلى النار قبلها الحسن بن علي رضي الله عنه وهذا كافي في رد عدوان الشيعة على معاوية رضي الله عنه أو أنهم يقرون بقبول الحسن بتلك الدعوة النار فيبطل دينهم.
(هامش: حديث قاتل عمار وسالبه في النار قد اجبنا عنه جوابا مفصلا وبينا ضعف الروايات وتناقض الشيعة في قاتله في كتابنا حول عثمان بن عفان رضي الله عنه وتحديدا في جوابنا على شبهة (دعوى شتم عمار بن ياسر عثمان بن عفان رضي الله عنهما).
ثانيا: لو سلم الروافض بحديث عمار وأنه قد قتلته الفئة الباغية وهي فئة معاوية لأبطل ذلك دينهم بالكلية، وقد جاء حديث الفئة الباغية في كتبهم قال المجلسي: “الإحتجاج: روي عن الصادق عليه السلام أنه لما قتل عمار بن ياسر رحمة الله عليه ارتعدت فرائص خلق كثير وقالوا: قد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” عمار تقتله الفئة الباغية ” فدخل عمرو بن العاص على معاوية فقال: يا أمير المؤمنين قد هاج الناس واضطربوا قال: لماذا. قال: قتل عمار. قال: فماذا؟ قال أليس قال رسول الله صلى الله عليه وآله: تقتله الفئة الباغية.
[بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ٣٣ – الصفحة ٧].
يقول علي هجراني التبريزي: “فمن البغاة الذين خرجوا على الإمام امير المؤمنين بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وقاتلوه في صفين معاوية وأصحابه”.
[سيرة الإمام امير المؤمنين في البغاة- علي هجراني التبريزي- ص٣٣].
وهذا فيه إبطال لدينهم وذلك أنهم يقولون بأن قتال علي كفر لا مجرد بغي
يقول شريفهم المرتضى: “و مما انفردت به الإمامية: القول بأن من حارب الامام العادل و بغى عليه و خرج عن التزام طاعته يجري مجرى محارب النبي (صلى الله عليه و آله) و خالع طاعته في الحكم عليه بالكفر”.
[الانتصار في انفرادات الإمامية المؤلف : السيد الشريف المرتضي الجزء : 1 صفحة : 476].
وقال ايضا: “نقول من جملة ضروب الكفر محاربة الامام و مدافعته و ممانعته. و ما كانوا بهذا الضرب كافرين بدفع النص و لا مستحقين لعذاب المحاربة و المدافعة، فإذا خرج بهم الى الحرب فحاربوا و مانعوا، كفروا بذلك و استحقوا به العذاب بعد أن لم يكونوا عليه في الأول، و لذلك ان نطقوا و أظهروا و أعلنوا جحد الإمامة و الشريعة و طعنوا فيها طعنا مسموعا متحققا، فكل ذلك كفر ما كانوا عليه و لا مستحقي عقابه.
[رسائل الشريف المرتضى المؤلف : السيد الشريف المرتضي الجزء : 3 صفحة : 321].
وعليه نقول إن تسليم الشيعة بحديث الفئة الباغية يلزم منه ترك تلك العقيدة والحكم بإسلام البغاة على الامام العادل، لأنهم قالوا بأن البغي لا يخرج صاحبه عن الإسلام قال النجفي: “والقتال قتالان قتال الفئة الباغية حتى يفيئوا ، وقتال الفئة الكافرة حتى يسلموا”.
[اسم الکتاب : جواهر الكلام المؤلف : النجفي الجواهري، الشيخ محمد حسن الجزء : 21 صفحة : 342].
ولحرب اهل البغي أحكام تختلف عن أحكام الكفار كما هو معلوم، يقول شريهان المرتضى : “أهل البغي لا يجوز غنيمة أموالهم وقسمتها كما تقسم أموال أهل الحرب، ولا أعلم خلافا بين الفقهاء في ذلك. ومرجع الناس كلهم في هذا الموضع على ما قضى به أمير المؤمنين عليه السلام في محاربي البصرة، فإنه منع من غنيمة أموالهم، فلما روجع عليه السلام في ذلك قال: ” أيكم يأخذ عائشة في سهمه؟! ”
[اسم الکتاب : مسائل الناصريات المؤلف : السيد الشريف المرتضي الجزء : 1 صفحة : 443].
وفي سرائر ابن إدريس: “عن مروان بن الحكم قال : لما هزمنا علي بالبصرة ، رد على الناس أموالهم ، من أقام بينة أعطاه ، ومن لم يقم بينة أحلفه ، قال : فقال له قائل : يا أمير المؤمنين ، أقسم الفئ بيننا والسبي ،قال : فلما أكثروا عليه ، قال : أيكم يأخذ أم المؤمنين في سهمه ، فكفوا”.
[السرائر، ج ٢، ابن إدريس الحلي، ص ١٧].
وحتى لو قال الشيعة إن عليا قد أخذ أموال اهل الشام وقتل مدبرهم فإن يخرجهم ذلك من كونهم بغاة لا كفارا، قال علامتهم الحلي: “أهل البغى قسمان أحدهما أن لا يكون لهم فئة يرجعون إليها ولا رئيس يلجؤون إليه كأهل البصرة وأصحاب الجمل والثاني أن يكون لهم فئة يرجعون إليها ورئيس يعتضدون به ويجيش لهم (الجيوش) كأهل الشام وأصحاب معاوية بصفين فالأول لا يجاز على جريحهم ولا يتبع مدبرهم ولا يقتل أسيرهم والثاني يجاز على جريحهم ويتبع مدبرهم ويقتل أسيرهم سواء كانت الفئة حاضرة أو غائبة بعيدة أو قريبة ذهب إلى هذا التفصيل علماؤنا أجمع”.
[اسم الکتاب : تذكرة الفقهاء – ط القديمة المؤلف : العلامة الحلي الجزء : 1 صفحة : 456].
وهذا الحكم ورد في روايات الشيعة عن المعصوم وأن اهل البيت حتى مع قتل المدبر والإجهاز على الجريح وغيره فإن ذلك لا يخرجه من كونه مسلم موحد روى الحسن بن علي بن شعبة في (تحف العقول) عن أبي الحسن الثالث عليه السلام أنه قال في جواب مسائل يحيى بن أكثم: واما قولك: ان عليا عليه السلام قتل أهل صفين مقبلين ومدبرين، وأجاز على جريحهم، وانه يوم الجمل لم يتبع موليا، ولم يجز على جريح، ومن ألقى سلاحه آمنه، ومن دخل داره آمنه، فان أهل الجمل قتل إمامهم ولم يكن لهم فئة يرجعون إليها وإنما رجع القوم إلى منازلهم غير محاربين ولا مخالفين ولا منابذين، ورضوا بالكف عنهم، فكان الحكم فيهم رفع السيف عنهم والكف عن أذاهم إذ لم يطلبوا عليه أعوانا، وأهل صفين كانوا يرجعون إلى فئة مستعدة وامام يجمع لهم السلاح والدروع والرماح والسيوف ويسنى لهم العطاء ويهيئ لهم الانزال، ويعود مريضهم ويجبر كسيرهم، ويداوي جريحهم، ويحمل راجلهم، ويكسو حاسرهم ويردهم فيرجعون إلى محاربتهم وقتالهم، فلم يساو بين الفريقين في الحكم، لما عرف من الحكم من قتال أهل التوحيد.
[اسم الکتاب : وسائل الشيعة – ط الإسلامية المؤلف : الشيخ حرّ العاملي الجزء : 11 صفحة : 56].
فهذا قتال اهل التوحيد بنص المعصوم .وفي الكافي: “عن حفص بن غياث قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الطائفتين من المؤمنين إحداهما باغية، والأخرى عادلة، فهزمت الباغية العادلة، قال: ليس لأهل العدل أن يتبعوا مدبرا، ولا تقتلوا أسيرا، ولا يجهزوا على جريح، وهذا إذا لم يبق من أهل البغي أحد، ولم يكن فئة يرجعون إليها، فإذا كانت لهم فئة يرجعون إليها فان أسيرهم يقتل، ومدبرهم يتبع وجريحهم يجاز عليه
[اسم الکتاب : الکافی- ط دار الحدیث المؤلف : الشيخ الكليني الجزء : 9 صفحة : 422].
[اسم الکتاب : وسائل الشيعة – ط الإسلامية المؤلف : الشيخ حرّ العاملي الجزء : 11 صفحة : 54].
وفي تهذيب الأحكام عن: “محمد بن الحسن الصفار عن السندي بن الربيع عن أبي عبد الله محمد بن خالد عن أبي البختري عن جعفر عن أبيه قال قال علي عليه السلام : القتال قتالان ، قتال لأهل الشرك : لا ينفر عنهم حتى يسلموا أو يؤدوا الجزية عن يد وهم صاغرون ، وقتال لأهل الزيغ : لا ينفر عنهم حتى يفيئوا إلى امر الله أو يقتلوا” .
[تهذيب الأحكام، ج ٤، الشيخ الطوسي، ص ١١٤].
وبهذا التقرير نجزم ان معاوية عامله علي معاملة المسلمين البغاة لا الكفار فهل يستطيع الشيعي أن يقول بأن معاوية مؤمن وان البغي لا ينفي عنه اسم الإيمان والإسلام كما قال الله تعالى { وَإِن طَاۤىِٕفَتَانِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ ٱقۡتَتَلُوا۟ فَأَصۡلِحُوا۟ بَیۡنَهُمَاۖ فَإِنۢ بَغَتۡ إِحۡدَىٰهُمَا عَلَى ٱلۡأُخۡرَىٰ فَقَـٰتِلُوا۟ ٱلَّتِی تَبۡغِی حَتَّىٰ تَفِیۤءَ إِلَىٰۤ أَمۡرِ ٱللَّهِۚ فَإِن فَاۤءَتۡ فَأَصۡلِحُوا۟ بَیۡنَهُمَا بِٱلۡعَدۡلِ وَأَقۡسِطُوۤا۟ۖ إِنَّ ٱللَّهَ یُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِینَ (٩) إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةࣱ فَأَصۡلِحُوا۟ بَیۡنَ أَخَوَیۡكُمۡۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ (١٠) }
[سُورَةُ الحُجُرَاتِ: ٩-١٠]
فأثبت الإيمان والأخوة لكلا الطائفتين ، وبهذا التقرير يبطل دين الشيعة وعقيدتهم في معاوية رضي الله عنه. وأما تأصيل الأمر عند اهل السنة فإذا حكمنا على طائفة معاوية بالبغي فهذا ليس اسم ذم عند اهل السنة قال الرملي: “وَالْبَغِيُّ لَيْسَ اسْمَ ذَمٍّ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا خَالَفُوا بِتَأْوِيلٍ جَائِزٍ فِي اعْتِقَادِهِمْ لَكِنَّهُمْ مُخْطِئُونَ فِيهِ فَلَهُمْ لِمَا فِيهِمْ مِنْ أَهْلِيَّةِ الِاجْتِهَادِ نَوْعُ عُذْرٍ، وَمَا وَرَدَ مِنْ ذَمِّهِمْ وَمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ مِنْ عِصْيَانِهِمْ أَوْ فِسْقِهِمْ مَحْمُولَانِ عَلَى مَنْ لَا أَهْلِيَّةَ فِيهِ لِلِاجْتِهَادِ أَوْ لَا تَأْوِيلَ لَهُ أَوْ لَهُ تَأْوِيلٌ قَطْعِيُّ الْبُطْلَانِ”.
[الرملي، شمس الدين، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، ٤٠٢/٧].
ومعلوم أن طائفة معاوية كان لها تأويل سائغ وان جيش علي كان يحوي قتلة عثمان فلم يكن الأمر واضحا حتى لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الكبار لذلك جعل النبي صلى الله عليه وسلم حديث عمار علامة عل معرفة الطائفة الأقرب للحق، قال الحافظ: “[ابن حجر العسقلاني، فتح الباري لابن حجر، ٤٢/١٣].
وكان حديث عمار علامة لجيش الشام ليكفوا عن القتال لأنهم لو رأوا عمار قد قتل ولم يكفوا عن القتال أخذوا حكم البغي، قال الحافظ: “إِذَا عُلِمَتِ الْبَاغِيَةُ فَلَا تُسَمَّى فِتْنَةً وَتَجِبُ مُقَاتَلَتُهَا حَتَّى ترجع إِلَى الطَّاعَة وَهَذَا قَول الْجُمْهُور
[ابن حجر العسقلاني، فتح الباري لابن حجر، ٤٧/١٣].
وقد كان أصل الأمر هو مطالبة علي بالقصاص من بغاة ليس لهم تأويل وهم قتلة عثمان فكانت مطالبة معاوية حق لكن الخطأ كان في الوسيلة لا في أصل المطالبة بالإجماع لأن الله تعالى قد شرع القصاص من القاتل بلا خلاف لكن الوسائل لها أحكام المقاصد، ولذلك اختلف الحكم لخطأ الوسيلة لا لخطأ المطالبة بالقصاص، وهذا تأويل سائغ باتفاق.
ولابد من سوق بعض أقوال أهل العلم في ذلك.قال الإمام الشافعي: “«وأمر الله عز وجل بقتال الفئة الباغية وهي مسماة باسم الإيمان حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت لم يكن لأحد قتالها لأن الله عز وجل إنما أذن في قتالها في مدة الامتناع بالبغي إلى أن تفيء».
[«الأم» للإمام الشافعي (4/ 227 ط الفكر)].
وقال ابن كثير: «يَقُولُ تَعَالَى آمِرًا بِالْإِصْلَاحِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ (1) الْبَاغِينَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} ، فَسَمَّاهُمْ مُؤْمِنِينَ مَعَ الِاقْتِتَالِ. وَبِهَذَا اسْتَدَلَّ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنَ الْإِيمَانِ بِالْمَعْصِيَةِ وَإِنْ عَظُمَتْ، لَا كَمَا يَقُولُهُ الْخَوَارِجُ وَمَنْ تَابَعَهُمْ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَنَحْوِهِمْ»
[«تفسير ابن كثير – ت السلامة» (7/ 374)].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «إنما المؤمنون إخوة فجعلهم إخوة مع وجود القتال والبغي والأمر بالإصلاح بينهم. فليتدبر المؤمن الفرق بين هذين النوعين فما أكثر ما يلتبس أحدهما بالآخر وليعلم أن المؤمن تجب موالاته وإن ظلمك واعتدى عليك والكافر تجب معاداته وإن أعطاك وأحسن إليك.
[«مجموع الفتاوى» (28/ 208)].
وقال النووي «قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقِّ) وَفِي رِوَايَةٍ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَفِي رِوَايَةٍ تَكُونُ أُمَّتِي فِرْقَتَيْنِ فَتَخْرُجُ مِنْ بَيْنِهِمَا مَارِقَةٌ تَلِي قَتْلَهُمْ أَوْلَاهُمَا بِالْحَقِّ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه كَانَ هُوَ الْمُصِيبَ الْمُحِقَّ وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى أَصْحَابُ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه كَانُوا بُغَاةً مُتَأَوِّلِينَ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الطَّائِفَتَيْنِ مُؤْمِنُونَ لَا يَخْرُجُونَ بِالْقِتَالِ عَنِ الْإِيمَانِ وَلَا يَفْسُقُونَ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مُوَافِقِينَا»
[«شرح النووي على مسلم» (7/ 167)].
وأما من كتب الشيعة فقد قال الطباطبائي: “قوله تعالى : « إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ » استئناف مؤكد لما تقدم من الإصلاح بين الطائفتين المتقاتلتين من المؤمنين ، وقصر النسبة بين المؤمنين في نسبة الإخوة مقدمة ممهدة لتعليل ما في قوله : « فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ » من حكم الصلح فيفيد أن الطائفتين المتقاتلتين لوجود الإخوة بينهما يجب أن يستقر بينهما الصلح ، والمصلحون لكونهم إخوة للمتقاتلتين يجب أن يسعوا في إصلاح ما بينهما.
وقوله : « فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ » ولم يقل : فأصلحوا بين الأخوين من أوجز الكلام وألطفه حيث يفيد أن المتقاتلتين بينهما أخوة فمن الواجب أن يستقر بينهما الصلح وسائر المؤمنين إخوان للمتقاتلتين فيجب عليهم أن يسعوا في الإصلاح بينهما.
وقوله : « وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ » موعظة للمتقاتلتين والمصلحين جميعا.
[اسم الکتاب : الميزان في تفسير القرآن المؤلف : العلامة الطباطبائي الجزء : 18 صفحة : 315].
وقال جعفر السبحاني: “وقال سبحانه: «وإنْ طائِفَتانِ مِنَ المُؤْمِنينَ اقْتَتَلُوا فَأصْلِحُوا بَينهُما فَإنْ بَغَتْ إحداهُما عَلى الأُخرى فَقاتِلُوا الَّتي تَبغِي حَتّى تَفيء إلى أمْرِ اللَّه» (الحجرات- 9) ترى أنّه سبحانه أطلق المؤمن على الطائفة العاصية وقال ما هذا مثاله: فإن بغت إحدى الطائفتين من المؤمنين على الطائفة الأُخرى منهم، والظاهر أنّ الإطلاق بلحاظ كونهم مؤمنين حال البغي لا بلحاظ ما سبق وانقضى، أي بمعنى أنّهم كانوا مؤمنين.
[اسم الکتاب : الايمان والكفر المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 18].
وفي قرب الإسناد: “عن جَعْفَرٌ، عَنْ أَبِيهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنَّ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَكُنْ يَنْسُبُ أَحَداً مِنْ أَهْلِ حَرْبِهِ إِلَى الشِّرْكِ وَ لَا إِلَى النِّفَاقِ، وَ لَكِنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «هُمْ إِخْوَانُنَا بَغَوْا عَلَيْنَا».
[اسم الکتاب : قرب الإسناد – ط الحديثة المؤلف : الحميري، أبو العباس الجزء : 1 صفحة : 94].
وبه يثبت عدم ذم معاوية لا عند السنة ولا عند الشيعة، بل يثبت أنه مأجور أجرا واحدا على اجتهاده.
ثالثا: قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمار (تقتلك الفئة الباغية) ليس نصا في أن جيش معاوية هو الباغي بل يمكن أن يقال بأن المقصود بذلك هي تلك الفئة التي قتلت عمار ولم يكن جيش معاوية راضيا بقتل عمار بل إن الذي ذهب للقتال ليس معاوية وإنما هو علي الذي خرج إلى الشام لإخضاع جيشها، وذاك أن معاوية لما امتنع “عن البيعة، استخلف علي رضي الله عنه على الكوفة أبا مسعود عقبة بن عامر البدري الأنصاري، وخرج بجيش قوامه مئة ألف إلى صِفِّين في الشام. وبلغ معاوية أن عليًا تجهز وخرج بنفسه لقتاله فأشار عليه رجاله أن يخرج هو أيضًا بنفسه، فخرج الشاميون نحو صفين، والتقى الجيشان، ونشب القتال»
[«حصان طروادة الغارة الفكرية على الديار السنية» (ص473)].
فلم يكن جيش معاوية قاصدا إلا الدفاع عن نفسه ضد إخوانه حتى إن معاوية لما كانت الماء تحت يده وجاءه رسول علي يطلب الماء أمر معاوية بالتخلية بين الماء وبين إخوانه من جيش علي 1173 – حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ قَالَ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الصَّلْتِ سُلَيْمٌ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ: شَهِدْتُ صِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ، فَإِنَّا عَلَى صُفُوفِنَا وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَبَيْنَ الْمَاءِ، فَأَتَانَا فَارِسٌ مُقَنَّعٌ بِالْحَدِيدِ، فَأَقْبَلَ حَتَّى وَقَفَ ثُمَّ حَسَرَ عَنْ رَأْسِهِ، فإذا هُوَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ فَقَالَ: «اللَّهَ اللَّهَ يَا مُعَاوِيَةُ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ» فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا الَّذِي تُرِيدُ؟ قَالَ: «نُرِيدُ أَنْ تُخَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمَاءِ» ، فقَالَ مُعَاوِيَةَ لِأَبي الْأَعْوَرِ عَمْرِو بْنِ سُفْيَانَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ خَلِّ بَيْنَ إِخْوَانِنَا وَبَيْنَ الْمَاءِ، قَالَ أَبُو الْأَعْوَرِ لِمُعَاوِيَةَ: كَلَّا وَاللَّهِ يَا مُعَاوِيَةُ لَا نُخَلِّي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمَاءِ ، فَعَزَمَ عَلَيْهِ مُعَاوِيَةُ حَتَّى خَلَّى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمَاءِ قَالَ: فَلَمْ يَلْبَثُوا بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى كَانَ الصُّلْحُ بَيْنَهُمْ
[«الكنى والأسماء – للدولابي» (2/ 663)].
[«تاريخ دمشق لابن عساكر» (9/ 137)].
[«بغية الطلب فى تاريخ حلب» (4/ 489 ت الرواضية)].
فلم يكن جيش معاوية قاصدا لقتل أحد وإنما خرج مدافعا عن نفسه وعما يعتقد أنه الحق، ولم يكن التمييز سهلا ميسورا كما يتصور البعض حتى أن ابا العاليه قالكما عند ابن سعد قال: حدّثنا أبو خَلْدة قال: قال أبو العالية: لمّا كان زمن على، عليه السلام، ومعاوية وإنى لشابّ القتال أحبّ إلىّ من الطّعام الطيّب، فتجهّزتُ بجهاز حسن حتّى أتيتهم فإذا صَفّان لا يُرى طرفاهما إذا كبَّر هؤلاء كبَّر هؤلاء وإذا هَلَّلَ هؤلاء هَلَّل هؤلاء، قال: فراجعت نفسى فقلت: أىّ الفريقين أنزله كافرًا، وأىّ الفريقين أنزله مؤمنًا؟ أوَمَنْ أكرهنى على هذا؟ فما أمسيت حتّى رجعت وتركتهم»
[«الطبقات الكبير» (9/ 113 ط الخانجي)].
[«تاريخ دمشق لابن عساكر» (18/ 182)].
حتى «قال عبد الله بن عمرو: مالي ولصفين ومالي ولقتال المسلمين لوددت أني مت قبله بعشرين سنة أما والله أني على ذلك ما ضربت بسيف ولا طعنت برمح ولا رميت بسهم وما كان رجل أجهد مني من رجل لم يفعل شيئا من ذلك وذكر أنه كانت الراية بيده»
[«معجم الصحابة للبغوي» (3/ 500)].
[«تاريخ دمشق لابن عساكر» (31/ 278)].
وتأويل معاوية قضية مقتل عمار بأن الذي قتله هو من جاء به يدل على أنه لم يكن راضيا بقتله ولا آمرا بذلك وإلا لقال نعم انا قتلته وكان يتبجح بذلك لكنه بين أنه لم يقصد ولم يرض ولم يأمر بذلك، وكان تأويله تأويل رجل عسكري محنك يريد ألا يختلف عليه جيشه وكانت تلك هي النتيجة التي يعترف بها الشيعة وان جيش معاوية كان أطوع جيش لمعاوية، على العكس من جيش علي رضي الله عنه.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “ثُمَّ {إنَّ عَمَّارًا تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ} لَيْسَ نَصًّا فِي أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لمعاوية وَأَصْحَابِهِ؛ بَلْ يُمْكِنُ أَنَّهُ أُرِيدَ بَهْ تِلْكَ الْعِصَابَةُ الَّتِي حَمَلَتْ عَلَيْهِ حَتَّى قَتَلَتْهُ، وَهِيَ طَائِفَةٌ مِنْ الْعَسْكَرِ، وَمَنْ رَضِيَ بِقَتْلِ عَمَّارٍ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَهَا. وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ كَانَ فِي الْعَسْكَرِ مَنْ لَمْ يَرْضَ بِقَتْلِ عَمَّارٍ: كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العاص، وَغَيْرِهِ؛ بَلْ كُلُّ النَّاسِ كَانُوا مُنْكَرِينَ لِقَتْلِ عَمَّارٍ، حَتَّى مُعَاوِيَةُ، وَعَمْرٌو. وَيُرْوَى أَنَّ مُعَاوِيَةَ تَأَوَّلَ أَنَّ الَّذِي قَتَلَهُ هُوَ الَّذِي جَاءَ بِهِ؛ دُونَ مُقَاتِلِيهِ: وَأَنَّ عَلِيًّا رَدَّ هَذَا التَّأْوِيلَ بِقَوْلِهِ: فَنَحْنُ إذًا قَتَلْنَا حَمْزَةَ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ مَا قَالَهُ عَلِيٌّ هُوَ الصَّوَابُ؛ لَكِنْ مَنْ نَظَرَ فِي كَلَامِ الْمُتَنَاظِرِينَ مِنْ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ لَيْسَ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ وَلَا مُلْكٌ، وَأَنَّ لَهُمْ فِي النُّصُوصِ مِنْ التَّأْوِيلَاتِ مَا هُوَ أَضْعَفُ مِنْ مُعَاوِيَةَ بِكَثِيرِ. وَمَنْ تَأَوَّلَ هَذَا التَّأْوِيلَ لَمْ يَرَ أَنَّهُ قَتَلَ عَمَّارًا، فَلَمْ يَعْتَقِدْ أَنَّهُ بَاغٍ، وَمَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ أَنَّهُ بَاغٍ وَهُوَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بَاغٍ: فَهُوَ مُتَأَوِّلٌ مُخْطِئٌ. وَالْفُقَهَاءُ لَيْسَ فِيهِمْ مِنْ رَأْيِهِ الْقِتَالُ مَعَ مَنْ قَتَلَ عَمَّارًا؛ لَكِنْ لَهُمْ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ كَمَا كَانَ عَلَيْهِمَا أَكَابِرُ الصَّحَابَةِ: مِنْهُمْ مَنْ يَرَى الْقِتَالَ مَعَ عَمَّارٍ وَطَائِفَتِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى الْإِمْسَاكَ عَنْ الْقِتَالِ مُطْلَقًا. وَفِي كُلٍّ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ طَوَائِفُ مِنْ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ. فَفِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ عَمَّارٌ، وَسَهْلُ بْنُ حنيف، وَأَبُو أَيُّوبَ. وَفِي الثَّانِي سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مسلمة؛ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَنَحْوُهُمْ. وَلَعَلَّ أَكْثَرَ الْأَكَابِرِ مِنْ الصَّحَابَةِ كَانُوا عَلَى هَذَا الرَّأْيِ؛ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْعَسْكَرَيْنِ بَعْدَ عَلِيٍّ أَفَضْلُ مِنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَكَانَ مِنْ الْقَاعِدِينَ.
[ابن تيمية، مجموع الفتاوى، ٧٧/٣٥].
وبذلك كله يتبين أن الحديث ليس ذما لمعاوية ولا لجيش معاوية رضي الله عنه، بل هو إلى المدح أقرب خاصة وأن حكم علي على معاوية مغاير تماما لما يحكم به الشيعة على معاوية، فعلي رضي الله عنه قد حكم على معاوية وجيشه بأنهم كاملي الإيمان ولم يكفرهم كما يفعل الشيعة الآن، لكننا تقول بأن الشيعة يعتقدون أن جيش علي كان جيش الردة من المهاجرين والأنصار وكان أكثره عاصيا لعلي بن أبي طالب فيلزم من ذلك أن جيش معاوية كان الفئة الباغية في مقابل الفئة الكافرة المرتدة (لإن الحكم على التغليب) فيكون علي بن أبي طالب أميرا للكافرين لا أميرا للمؤمنين!!
ثم لماذا يطلب علي البيعة من كفار والكافر إنما يطلب منه أن يدخل في الإسلام لا مجرد البيعة التي لا تطلب إلا من المسلمين فلماذا يطلب على بيعة اناس هم كفار مثل باقي مشركي العرب ؟!
وإشكال آخر وهو أن الشام إنما فتحت في زمان عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهذه الفتوحات يعتقد الشيعة أنها باطلة فكان الأولى بعلي أن يعتبر تلك البقعة تبعا للامبراطورية الرومانية ولا علاقة لها بدولة الإسلام إذا !
كل هذا تبعا لدين الشيعة الذي يؤصل تلك التأصيلات، فلماذا يقاتل علي معاوية على البيعة ولا يقاتل غيره على الإسلام؟ إلا إذا كان يعتقد بعقيدة أهل السنة في معاوية وأنه مسلم بل مؤمن لكن الله تعالى أمر عليا أن يرجعه إلى الحق الخاص ببيعة الخليفة لا أكثر من ذلك .
مواضيع شبيهة