7ewaratwelzamat
حوارات وإلزامات

قتل معاوية لمحمد بن أبي بكر ووضع جثته في بطن حمار

0

 

قال الشيعة إن معاوية بن أبي سفيان قد قتل محمد بن أبي بكر ووضع جثته في جوف حمار وأحرقه

يقول شيخهم نجاح الطائي: ” وفي سنة 38 هجرية قتل محمد بن أبي بكر بيد معاوية بن أبي سفيان في مصر ، ثم وضعه في جيفة حمار وأحرقه”.

[إغتيال أبي بكر، الشيخ نجاح الطائي، ص ٧].

والجواب علي هذه الشبهة من وجوه:

 

أولا: الثابت أن الذي قتل محمد بن أبي بكر هو معاوية بن حديج وليس معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وقتل معاوية بن حديج لمحمد بن أبي بكر لم يكن بإيعاز من معاوية بن أبي سفيان ولا من واليه على مصر عمرو بن العاص، بل إن الوارد في الروايات أن عمرو بن العاص نهى معاوية بن حديج عن قتل محمد بن أبي بكر.

 

ففي مستخرج أبي عوانة بسند صحيح عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ الْمَهْرِيِّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَتْ لِي: مِمَّنْ أَنْتَ؟، قُلْتُ: مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، قَالَتْ: كَيْفَ وَجَدْتُمُ ابْنَ حُدَيْجٍ فِي غَزَاتِكُمْ هَذِهِ؟، فَقُلْتُ: وَجَدْنَاهُ خَيْرَ أَمِيرٍ، مَا مَاتَ لِرَجُلٍ مِنَّا عَبْدٌ إِلَّا أَعْطَاهُ عَبْدًا، وَلَا بَعِيرٌ إِلَّا أَعْطَاهُ بَعِيرًا وَلَا فَرَسٌ إِلَّا أَعْطَاهُ فَرَسًا، فَقَالَتْ: أَمَا إِنَّهُ لَا يَمْنَعُنِي قَتْلَهُ أَخِي أَنْ أُحَدِّثَ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبِرْهُ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ، وَمَنْ شَقَّ عَلَيْهِمْ فَشُقَّ عَلَيْهِ» 

[أبو عوانة، مستخرج أبي عوانة، ٣٨١/٤].

 

وأصل الحديث في صحيح مسلم لكنه لم يصرح باسم الأمير للذي سألت عنه ام المؤمنين وإنما فيه( فَقَالَتْ: كَيْفَ كَانَ صَاحِبُكُمْ لَكُمْ فِي غَزَاتِكُمْ هَذِهِ؟ فَقَالَ: مَا نَقَمْنَا مِنْهُ شَيْئًا، إِنْ كَانَ لَيَمُوتُ لِلرَّجُلِ مِنَّا الْبَعِيرُ فَيُعْطِيهِ الْبَعِيرَ، وَالْعَبْدُ فَيُعْطِيهِ الْعَبْدَ… الخ) والشيعة يجعلون تلك الرواية ضمن الروايات المكذوبة التي تذمر أن قتل ابن أبي بكر هو معاوية بن أبى سفيان وهذا من الكذب والتدليس الواضح .

وأما الروايات التي جاءت في صفة مقتله وانه أحرق ووضع في جوف حمار فجميعها لا يصح كما سيأتي وأصح ما ورد في ذلك ما جاء عند الطبراني 123 – حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى السَّاجِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي صَفْوَانَ الثَّقَفِيُّ، ثنا أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ، ثنا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، يَقُولُ: «‌أُخِذَ ‌الْفَاسِقُ ‌مُحَمَّدُ ‌بْنُ ‌أَبِي ‌بَكْرٍ ‌فِي ‌شِعْبٍ ‌مِنْ ‌شِعَابِ ‌مِصْرَ فَأُدْخِلَ فِي جَوْفِ حِمَارٍ فَأُحْرِقَ»

[«المعجم الكبير للطبراني» (1/ 84)].

 

قال الهيثمي «وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ»

[«مجمع الزوائد ومنبع الفوائد» (9/ 97)].

 

وهذه الرواية لا يصح الاحتجاج بها ولا الاعتماد عليها إذ أنها على الرغم من ثقاة رجالها إلا أنها فقدت شرطا من شروط الصحة وهو اتصال السند إذ أن هناك انقطاعا بين الحادثة وراويها إذ أن الواقعة كانت بمصر والحسن البصري لم يذهب إلى مصر فمن الذي أخبره بالواقعة ؟ هذا إضافة إلى أن النص لم يسم لنا من هذا الفاسق الذي قصده الحسن ؟

وهناك رواية تعارض ذلك كله وهي ما رواه خليفة بن خياط بإسناد رجاله ثقات: “حَدَّثَنَا غنْدر قَالَ نَا شُعْبَة بْن دِينَار قَالَ أُتِي عَمْرو بْن الْعَاصِ بِمُحَمد بْن أَبِي بَكْر أَسِيرًا فَقَالَ هَل مَعَك عهد هَل مَعَك عقد من أحد قَالَ فَأمر بِهِ فَقتل”

[خليفة بن خياط، تاريخ خليفة بن خياط، صفحة ١٩٢].

 

وقد اعترف مؤرخو الشيعة بأن قاتل محمد بن أبي بكر هو معاوية بن حديج وليس معاوية بن أبي سفيان

 

قال اليعقوبي الشيعي: “ و معاوية بن حديج الكندي على الخارجة، فلقيهم محمد بن أبي بكر بموضع يقال له المسناة، فحاربهم محاربة شديدة، و كان عمرو يقول: ما رأيت مثل يوم المسناة، و قد كان محمد استذم إلى اليمانية، فمايل عمرو بن العاص اليمانية، فخلفوا محمد بن أبي بكر وحده، فجالد ساعة، ثم مضى فدخل منزل قوم خرابة، و اتبعه ابن حديج الكندي، فأخذه و قتله، و أدخله جيفة حمار، و حرقه بالنار في زقاق يعرف بزقاق الحوف”.

[تاريخ اليعقوبي المؤلف : احمد بن ابی یعقوب    الجزء : 2  صفحة : 194].

 

وقال المسعودي الشيعي: “وفي سنة ثمان وثلاثين وجه معاوية عمرو بن العاص إلى مصر في أربعة آلافـ ومعه معاوية بن خديج، وأبو الأعور السلمي واستعمل عمراً عليها حياته، ووفى بما تقدم من ضمانه، فالتقوا هم ومحمد بن أبي بكر – وكان عامل علي عليها – بالموضع المعروف بالمسناة فاقتتلوا، فانهزم محمد لإسلام أصحابه إياه وتركهم له، وصار إلى موضع بمصر، فاختفى فيه، فأحيط بالدار ، فخرج إليهم محمد ومن معه من أصحابه، فقاتلهم حتى قتل فأخذه معاوية بن خديج وعمرو بن العاص وغيرهما، فجعلوه في جلد حمار وأضرموه بالنار، وذلك بموضع في مصر، يقال له : كوم شريك”.

[مروج الذهب ومعادن الجوهر – أربعة اجزاء المؤلف : أبي الحسن بن علي المسعودي    الجزء : 2  صفحة : 317].

 

وأصل ذلك كله روايات أبي مخنف الكذاب، ومع ذلك فهذا اعتراف منهم بأن قاتل محمد بن أبي بكر ليس هو معاوية بن أبي سفيان وإنما ابن خديج.

وإذا قيل فلم يُقتل محمد بن أبي بكر من قِبَل جيش معاوية فجوابه هو نفس جواب التقاتل الذي حصل بين فريق علي ومعاوية إذ أنها كانت خروب فتنة كما حكم عليها علي بن أبي طالب، وقد رأى كل فريق أنه على الحق، وقد ذكر أن محمد ابن أبي بكر قد أفسد فسادا عظيما في مصر وهذا ما جاء عن صاحب النجوم الزاهرة لما قال: «ففتك محمد في المصريين ‌وهدم ‌دور ‌شيعة ‌عثمان بن عفان ونهب دورهم وأموالهم وهتك ذراريهم، فنصبوا له الحرب وحاربوه»

[«النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة» (1/ 107)].

 

وبالجملة فإن ظروف مقتل محمد ابن أبي بكر لاتزال غامضة فلم تأت رواية تصرح صحيحة صريحة لا تخلو من إشكال ومعارضات في صفة مقتله، ويضاف إلى هذا أن الصفة المذكورة في مقتله قد نهى عنها الشرع حتى مع الكفار

 

عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ، أَوْ سَرِيَّةٍ، أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللهِ، وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا، ثُمَّ قَالَ: «اغْزُوا بِاسْمِ اللهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللهِ، اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تَمْثُلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا

[مسلم، صحيح مسلم، ١٣٥٧/٣].

 

وقال الشافعي: “وَإِذَا أَسَرَ الْمُسْلِمُونَ الْمُشْرِكِينَ فَأَرَادُوا قَتْلَهُمْ قَتَلُوهُمْ بِضَرْبِ الْأَعْنَاقِ وَلَمْ يُجَاوِزُوا ذَلِكَ إلَى أَنْ يُمَثِّلُوا بِقَطْعِ يَدٍ وَلَا رِجْلٍ وَلَا عُضْوٍ وَلَا مِفْصَلٍ وَلَا بَقَرِ بَطْنٍ وَلَا تَحْرِيقٍ وَلَا تَغْرِيقٍ وَلَا شَيْءٍ يَعْدُو مَا وَصَفْت لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – «نَهَى عَنْ الْمُثْلَةِ»

[الشافعي، الأم للشافعي، ٢٥٩/٤].

 

ولو حدث ذلك لما سكت اهل العلم ولنقلوا ذلك بالإسناد الصحيح ولأنكروه غاية الإنكار، بل ولما سكت اعداء الاسلام من النصارى واليهود عن تدوين مثل ذلك وجعله طعنا في الإسلام، وهذا ما لم يكن قط وهو مما يجعلنا نجوم أن تلك الصفة المذكورة في مقتله محال أن تكون قد حدثت خاصة أن رواية صحيح مسلم أن ام المؤمنين ما علمت إلا أن اخاها قد قتله معاوية بن حديج ولو علمت أنه مثل به بتلك المثلة الشنيعة لما ذكرت حديثا يدل على مدحه لكونه يتصف بصفة الرفق مع الرعية ولكانت قد ذكرت نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن المثلة، أما القتل فسكتت عنه لأنها تعلم أنه قتال فتنة لا غير ذلك.

 

ثانيا: جميع الروايات التي ذكرت أن الذي قتل أو حرض على قتل محمد بن أبي بكر هو معاوية بن أبى سفيان ضعيفة لا تصح وأكثرها كن طريق أبي مخنف، وأنا اذكر إسناد الرواية والشاهد منها فقط ثم اذكر أوجه ضعفها،وأنا اذكر الرواية بغض النظر عن كون الرواية فيها ما يدعم المدعى او يبطله.

 

الرواية الأولى: قال الإمام الطبري «قَالَ أَبُو مخنف: حَدَّثَنِي أَبُو جهضم الأَزْدِيّ- رجل من أهل الشام- عن عَبْد اللَّهِ بن حوالة الأَزْدِيّ، أن أهل الشام لما انصرفوا من صفين ….. فَقَالَ لَهُمْ مُحَمَّد: اسقوني من الماء، قَالَ لَهُ مُعَاوِيَة بن حديج: ‌لا ‌سقاه ‌اللَّه ‌إن ‌سقاك ‌قطرة ‌أبدا! إنكم منعتم عُثْمَان أن يشرب الماء حَتَّى قتلتموه صائما محرما، فتلقاه الله بالرحيق المختوم، والله لأقتلنك يا ابن أبي بكر فيسقيك اللَّه الحميم والغساق! قَالَ له محمد: يا ابن اليهودية النساجة، ليس ذَلِكَ إليك وإلى من ذكرت، إنما ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ عز وجل يسقى أولياءه، ويظمئ اعداءه، أنت وضرباؤك ومن تولاه، أما وَاللَّهِ لو كَانَ سيفي فِي يدي مَا بلغتم مني هَذَا»

[«تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري» (5/ 104)].

[«تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري» (5/ 97)].

 

وهذه الرواية ساقطة ولا يحتج بها

 

قال ابن الجوزي: «لوط بن يحيى أَبُو ‌مخنف قَالَ يحيى لَيْسَ بِثِقَة وَقَالَ مرّة لَيْسَ بِشَيْء وَقَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ مَتْرُوك الحَدِيث وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ ضَعِيف»

[«الضعفاء والمتروكون لابن الجوزي» (3/ 28)].

 

وقال الذهبي «قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَتْرُوْكُ الحَدِيْثِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: أَخْبَارِيٌّ ضَعِيْفٌ»

[«سير أعلام النبلاء – ط الحديث» (7/ 10)].

 

الرواي الثاني: أبو ‌جهضم ‌الأزدي مجهول العين والحال قال أكرم بن محمد زيادة الفالوجي: «‌أبو ‌جهضم ‌الأزدي، رجل من أهل الشام، تابعي كبير، لم أعرفه، ولم أجد له ترجمة»

[«المعجم الصغير لرواة الإمام ابن جرير الطبري» (2/ 689)].

 

هذا فضلا عن أن الرواية فيها ما يبطل دعوى الشيعة من أن معاوية بن أبي سفيان هو الذي قتل محمد بن أبي بكر بل الذي قتله هو معاوية بن حديج وهذا ما نقلناه في أصل الرواية أعلاه.

 

بل وفي كان الرواية ما يدل على أن معاوية نهي عن ذلك وان قائده على مصر عمرو بن العاص ارسل إلى محمد بن أبي بكر ألا يتعرض له لأنه لا يريد أن يمسه باذى، فكيف يقال بعد ذلك أن الذي قتله هو معاوية بن أبي سفيان.

 في الرواية : “«وخرج مُعَاوِيَة وودعه وَقَالَ لَهُ عِنْدَ وداعه إِيَّاهُ: ‌أوصيك ‌يَا ‌عَمْرو ‌بتقوى الله والرفق فانه يمن، وبالمهل والتوؤده، فإن العجلة من الشَّيْطَان، وبأن تقبل ممن أقبل، وأن تعفو عمن أدبر، فإن قبل فبها ونعمت، وإن أبى فإن السطوة بعد المعذرة أبلغ فِي الحجة، وأحسن فِي العاقبة، وادع الناس إِلَى الصلح والجماعة فإذا أنت ظهرت فليكن أنصارك آثر الناس عندك، وكل الناس فأول حسنا قَالَ: فخرج عَمْرو يسير حَتَّى نزل أداني أرض مصر، فاجتمعت العثمانية إِلَيْهِ، فأقام بهم، وكتب إِلَى مُحَمَّد بن أبي بكر: أَمَّا بَعْدُ، فتنح عنى بدمك يا بن أبي بكر، فإني لا أحب أن يصيبك مني ظفر، إن الناس بهذه البلاد قَدِ اجتمعوا عَلَى خلافك، ورفض أمرك، وندموا عَلَى اتباعك، فهم مسلموك لو قَدِ التقت حلقتا البطان، فاخرج منها، فإني لك من الناصحين، والسلام»

[«تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري» (5/ 100)].

 

وبه تبطل الرواية تماما

الرواية الثانية: «قَالَ هِشَام، عن أبي مخنف: قَالَ وَحَدَّثَنِي الْحَارِث بن ‌كعب ‌بن ‌فقيم، عن جندب، عن عَبْد اللَّهِ بن فقيم، عم الْحَارِث بن كعب يستصرخ من قبل مُحَمَّد بن أبي بكر إِلَى علي  …. «وأما ‌الأَنْصَارِيّ ‌فكان ‌مع ‌مُحَمَّد بن أبي بكر، فحدثه الأَنْصَارِيّ بِمَا رَأَى وعاين وبهلاك مُحَمَّد»

[«تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري» (5/ 108)»].

[«تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري» (5/ 106)»].

 

وليس في الرواية شاهد يقول أن معاوية هو قاتل محمد بن أبي بكر ومع ذلك فإسنادها ساقط

والرواية أيضا من طريق أبي مخنف الكذاب

 

بل وفي الرواية أن الذي كان سببا في مقتل محمد بن أبي بكر هم الشيعة إذ أن عليا استصرخهم لإنقاذ محمد بن أبي بكر فلم يستجب منهم أحد ففي الرواية:  «فلما كَانَ من الغد خرج يمشي، فنزلها بكرة، فأقام بِهَا حَتَّى انتصف النهار يومه ذَلِكَ، فلم يوافه مِنْهُمْ رجل واحد، فرجع فلما كَانَ من العشي بعث إِلَى أشراف الناس، فدخلوا عَلَيْهِ القصر وَهُوَ حزين كئيب، [فَقَالَ: الحمد لِلَّهِ عَلَى مَا قضى من أمري، وقدر من فعلي، وابتلاني بكم أيتها الفرقة ممن لا يطيع إذا أمرت، وَلا يجيب إذا دعوت، لا أبا لغيركم! مَا تنتظرون بصبركم، والجهاد عَلَى حقكم! الموت والذل لكم فِي هَذِهِ الدُّنْيَا عَلَى غير الحق، فو الله لَئِنْ جَاءَ الموت- وليأتين- ليفرقن بيني وبينكم، وأنا لصحبتكم قَالَ، وبكم غير ضنين، لِلَّهِ أنتم! لا دين يجمعكم، وَلا حمية تحميكم، إذا أنتم سمعتم بعدوكم يرد بلادكم، ويشن الغارة عليكم او ليس عجبا أن مُعَاوِيَة يدعو الجفاة الطغام فيتبعونه عَلَى غير عطاء وَلا معونة! ويجيبونه فِي السنة المرتين والثلاث إِلَى أي وجه شاء، وأنا أدعوكم- وَأَنْتُمْ أولو النهي وبقية الناس- عَلَى المعونة وطائفة مِنْكُمْ عَلَى العطاء، فتقومون عني وتعصونني، وتختلفون علي!»

[«تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري» (5/ 107)].

 

وقال أيضا: “«وَقَدْ كنت قمت فِي الناس فِي بدئه، وأمرتهم بغياثه قبل الوقعة، ودعوتهم سرا وجهرا، وعودا وبدءا، فمنهم من أتى كارها، ومنهم من اعتل كاذبا، ومنهم القاعد حالا، أسأل اللَّه أن يجعل لي مِنْهُمْ فرجا ومخرجا، وأن يريحني مِنْهُمْ عاجلا وَاللَّهِ لولا طمعي عِنْدَ لقاء عدوى في الشهاده لأحببت الا أبقى مع هَؤُلاءِ يَوْمًا واحدا عزم اللَّه لنا ولك عَلَى الرشد، وعلى تقواه وهداه، إنه عَلَى كل شَيْء قدير والسلام»

[«تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري» (5/ 109)].

 

وكفى بكلام علي بن أبي طالب طعنا في الشيعة .

 

الرواية الثالثة: «قَالَ أَبُو مخنف: حَدَّثَنِي فضيل بن خديج، عن مالك بن الحور [أن عَلِيًّا قَالَ رحم اللَّه مُحَمَّدا! كَانَ غلاما حدثا، أما وَاللَّهِ لقد كنت عَلَى أن أولي المرقال هاشم بن عتبة مصر، أما وَاللَّهِ لو أنه وليها مَا خلى لعمرو بن الْعَاصِ وأعوانه الفجرة العرصة، ولما قتل إلا وسيفه فِي يده، لا بلا دم كمُحَمَّد فرحم اللَّه مُحَمَّدا، فقد اجتهد نفسه، وقضى مَا عَلَيْهِ]»

[«تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري» (5/ 109)].

 

وهذه الرواية أيضا من طريق أبي مخنف الكذاب فتكون ساقطة كصاحبها أبو مخنف.

ثم هي لا تثبت مدعى القوم في شيء .

 

الرواية الرابعة: الكندي في ولاة مصر قال«حدثنا حسن المديني، قال: حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: حدثني الليث، عن عبد الكريم بن الحارث، قال: ” ولما أجمع علي، ومعاوية على الحكمين، أغفل علي أن يشترط على معاوية أن لا يقاتل أهل مصر، فلما انصرف علي إلى العراق بعث معاوية عمرو بن العاص في جيوش إلى أهل الشام وإلى مصر، فاقتتلوا قتالا شديدا، فقال عمرو: وشهدت ثمانية عشر زحفا براكاء فلم أر يوما مثل المسناة، ثم انهزم أهل مصر، فدخل عمرو بأهل الشام الفسطاط وتغيب محمد بن أبي بكر في غافق، فأواه رجل منهم، فأقبل معاوية بن حديج في رهط ممن يعينه على من كان مشى في عثمان، فطلب ابن أبي بكر، فوجدت أخت الرجل الغافقي الذي كان أواه كانت ضعيفة العقل، فقالت: أي شيء تلتمسون ابن أبي بكر أدلكم عليه ولا تقتلون أخي.فدلتهم عليه، فقال: احفظوني في أبي بكر.فقال معاوية بن حديج: قتلت من قومي ثمانين رجلا في عثمان وأتركك وأنت صاحبه. فقتله ثم جعله في جيفة حمار ميت، فأحرقه بالنار “»

[«كتاب الولاة وكتاب القضاة» (ص24 ط العلمية)].

 

وهذه رواية مكذوبة ساقطة أخرجه الكندي من طريق ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب به.

 

وهذا مرسل لأن يزيد بن أبي حبيب من الخامسة، وكان يرسل. ولد بعد سنة خمسين في دولة معاوية، كما في التقريب ت (7701) وجامع التحصيل ت (891) وسير أعلام النبلاء (6/ 31). ومع إرساله فإسناد المرسل ضعيف ففيه ابن لهيعة: ضعيف ومدلس.

وللحديث طريق أخرى عن يزيد بن حبيب أخرجها الكندي في ولاة مصر (1/ 8) قال: حدثني أبو سلمة أسامة التجيبي قال: حدثني زيد بن أبي زيد، عن أحمد بن يحيى بن وزير، عن إسحاق بن الفرات، عن يحيى بن أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب به مع ذكر زيادة انفرد بذكرها، وهي: قوله: “وأمرت أم حبيبة بنت أبي سفيان بكبش فشوي، وبعثت به إلى عائشة فقالت: هكذا شوي أخوك. قال: فلم تأكل عائشة شواء حتى لحقت بالله).

وهذا الإسناد مع كونه مرسلًا فإن فيه زيد بن أبي زيد ترجم له الخطيب البغدادي (8/ 447)، ولم يذكر فيه جرحا، ولا تعديلا. فهو مجهول. ثم زاد بعضهم أن أم حبيبة بعثت لعائشة بهذا الخبر فقالت لها عائشة: يا ابنة العاهرة. وهذه الزيادة لا وجود لها في أثر مسند قط وإنما هي من زيادات بعض الكذبة

 

الرواية الخامسة: عند ابن أبي شيبة في المصنف «32741 – حدثنا أسود بن عامر قال: حدثنا جرير بن حازم قال: سمعت محمد ابن سيرين قال: بعث علي بن أبي طالب قيس بن سعد أميرًا على مصر، …… فلما قدم على قيس بن سعد قال له قيس: انظر ما آمرك به، ‌إذا ‌كتب ‌إليك ‌معاوية ‌بكذا ‌وكذا ‌فاكتب ‌إليه ‌بكذا (‌وكذا)، وإذا (صنع) (كذا) فاصنع كذا، وإياك أن تخالف ما أمرتك به، واللَّه لكأني أنظر إليك إن فعلت قد قتلت، ثم أدخلت (في) جوف حمار فأحرقت بالنار، قال: ففعل ذلك به.

 

وهذه رواية لا تصح إذ أن محمد بن سيرين لم يدرك الواقعة

 

فقد ولد محمد بن سيرين ٣٣ من الهجرة ، وقيل سنة ٣١ قال ابن عساكر «وذكر أبو ‌حسان ‌الحسن ‌بن ‌عثمان ‌الزيادي (هامش: لم أجد له ترجمة) أن ابن سيرين ولد سنة إحدى وثلاثين في خلافة عثمان»

[«تاريخ دمشق لابن عساكر» (53/ 174)].

 

والراجح أنه ولد سنة ٣٣ ف«عن أنس بن سيرين قال ‌:ولد ‌محمد ‌بن ‌سيرين ‌لسنتين ‌بقيتا ‌من ‌خلافة ‌عثمان بن عفان»

[«تاريخ دمشق لابن عساكر» (9/ 316)].

[الطبقات الكبرى، لابن سعد: (7/143)، التاريخ الأوسط، للبخاري: (1/260)، تاريخ دمشق، لابن عساكر: (9/316)، المنتخب من ذيل المذيل، للطبري: (1/127)].

 

والواقعة قد ذكرها الطبري في أحداث سنة أربعين فيكون محمد بن سيرين وقت حدوث الواقعة ابن ست او سبع سنين وعليه والرواية منطقة ولا ندري من حدثه بذلك ولذلك قال محقق المصنف وهو الشيخ سعد الشثري “منقطع؛ محمد بن سيرين لم يدرك ذلك»

[«مصنف ابن أبي شيبة» (17/ 166 ت الشثري)].

 

ثم إن الرواية ليس فيها أن معاوية هو الذي قتل أو حرض على القتل بل فعل القتل هنا منسوب لمجهول.

 

 

الرواية السادسة: ” «حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ‌يُونُسُ ‌بْنُ ‌يَزِيدَ، ‌عَنْ ‌أَبِي ‌شِهَابٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ وُضُوءٍ …. فَأَتَى مِصْرَ فَأَخَذَ عَامِلُ مِصْرَ فَقَدَّمَهُ لِيَقْتُلَهُ فَقَالُوا: ابْنُ أَبِي بَكْرٍ وَأَخُو عَائِشَةَ. فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أُنَاظِرُ فِيهِ أَحَدًا بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ فَقَتَلَهُ. قَالَ الْحَسَنُ أَوْ قَتَادَةُ أَوْ كِلَاهُمَا فَأَدْخَلُوهُ فِي جَوْفِ حِمَارٍ فَأَحْرَقُوهُ

[«تاريخ المدينة لابن شبة» (4/ 1284)].

 

وهذه رواية منقطعة فلا ندري من الذي أبلغ أبو شهاب بالواقعة وهذه جهالة تسقط الرواية .

وليس فيها مدعى الرافضة

 

الرواية السابعة: قال البلاذري «وقال الواقدي. ولم يزل عَبْد اللَّهِ بْن سَعْد واليا حَتَّى غلب مُحَمَّد بْن أَبِي حذيفة عَلَى مصر، وهو كان أنغلها عَلَى عُثْمَان ثُمَّ أن عليا رضي الله عنه ولى قيس بْن سَعْد بْن عبادة الأنصاري مصر، ثُمَّ عزله واستعمل عليها مُحَمَّد بْن أَبِي بكر الصديق ثُمَّ عزله وولى مالكا الأشتر فاعتل بالقلزم ثُمَّ ولى مُحَمَّد بْن أبي بكر ثانية ورده عليها ‌فقتله ‌معاوية ‌بْن ‌حديج ‌وأحرقه ‌في ‌جوف ‌حمار، وكان الوالي عمرو بن العاصي من قبل معاوية بْن أَبِي سُفْيَان»

[«فتوح البلدان» (ص225)].

 

والواقدي متروك فصلا عن أننا لا ندري من حدثه بالواقعة

 

بل وفي الرواية أن القاتل ليس معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وإنما هو معاوية بن حديج، ولم تذكر الرواية أنه كان بأمر معاوية ولا غيره .

فهذه جميع الروايات التي وقفنا عليها ، وما تناقلته كتب التاريخ إنما مصدره رواية من تلك الروايات الضعيفة وبه يسقط ما زعموه من قتل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه لمحمد بن أبي بكر.

قناة اليوتيوب

مواضيع شبيهة

استلحاق معاوية لزياد بن أبيه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.