7ewaratwelzamat
حوارات وإلزامات

قول أبي بكر عن أم المؤمنين: “يَا رَسُولَ اللهِ مَا تَنْتَظِرُ بِهَذِهِ الَّتِي خَانَتْكَ وَفَضَحَتْنِي”

0

 

جاءت الرواية عند الطبراني قال: “حدثنا محمد بن عمرو بن خالد الحراني، ثنا أبي، ثنا عتاب بن بشير، عن خصيف، عن مقسم، عن عائشة، قالت: دخلت علي أم مسطح فخرجنا إلى حير عاد، فوطئت أم مسطح على عظم أو شوكة، فقالت: تعس مسطح، فقلت: بئس ما قلت، رجل من أصحاب رسول الله ، فقالت: أشهد أنك من الغافلات المؤمنات، أتدرين ما قد طار عليك؟، قلت: لا والله، قالت: متى عهد رسول الله بك؟، قلت: رسول الله يفعل في أزواجه ما أحب، يبدأ بمن أحب منهن ويأتي من أحب، قالت: فإنه طبق عليك كذا وكذا، فخررت مغشيا علي، فبلغ أم رومان أمي، فلما بلغها الأمر أتتني فحملتني فذهبت إلى بيتها، فبلغ رسول الله r أن عائشة قد بلغها الأمر، فجاء إليها فدخل عليها وجلس عندها وقال: «يا عائشة إن الله قد وسع التوبة»، فازددت شرا إلى ما بي، فبينا نحن كذلك إذ جاء أبو بكر فدخل علي، فقال: يا رسول الله ما تنتظر بهذه التي خانتك وفضحتني، قالت: فازددت شرا إلى شر…”

[المعجم الكبير للطبراني- (23/117)].

 

قال أحد الشيعة: “ومنها ما جاء في رواية الطبراني من قول عائشة: «فبينا نحن كذلك إذ جاء أبو بكر، فدخل علي، فقال: يا، رسول الله، ما تنتظر بهذه التي خانتك وفضحتني»! وهو غريب ومستبعد جدا، إذ صريحه أن أبا بكر كان معتقدا بخيانة ابنته وارتكابها الفاحشة؛ ولذا دعا النبي لإقامة الحد عليها وعدم الانتظار، فيكون أبو بكر مشتركا في الإفك”

[  الفاحشة- (ص 401)].

 

والجواب على هذه الشبهة من وجوه:

 

أولا: هذه الرواية ضعيفة، ولا تصح، وفيها أربع علل:

1- محمد بن عمرو الحراني مجهول

2- رواية عتاب بن بشير عن خصيف منكرة.

3- خصيف ضعفه كثير من أهل العلم.

4- لا يعرف لمقسم سماع من أم المؤمنين عائشة كما قال البخاري.

 

وإليك التفصيل:

 

1- محمد بن عمرو بن خالد الحراني مجهول الحال والرتبة، ولم أجد له ترجمة في كتب الرجال تبين حاله. قال محقق الدعاء للطبراني: “لم أقف له على ترجمة”

[  الدعاء للطبراني- تحقيق الدكتور محمد سعيد بن محمد حسن البخاري- (ص 611)].

 

، وعليه فالرجل مجهول الحال حيث لم يرد فيه جرح ولا تعديل من الحفاظ.

2- عتاب بن بشير، قال الإمام أحمد لما سئل عن عتاب بن بشير، فقال:” أرجو أن لا يكون به بأس. روى بأخرة أحاديث منكرة، وما أرى أنها إلا من قبل خصيف”

[ تهذيب الكمال في أسماء الرجال- (19/287)].

 

. وقال أيضا: “أحاديث عتاب عن خصيف منكرة”

[ تهذيب الكمال في أسماء الرجال- (19/288)].

 

. وقال النسائي: “ليس بذاك في الحديث”

[ تهذيب الكمال في أسماء الرجال- (19/288)].

 

3- خصيف بن عبد الرحمن الحراني ضعيف، قال حنبل بن إسحاق، عن أحمد بن حنبل: “ليس بحجة ولا قوي في الحديث. وقال أبو طالب، عن أحمد بن حنبل: ضعيف الحديث”

[  تهذيب الكمال في أسماء الرجال- (8/258)].

 

وقال أبو حاتم: صالح يخلط، وتكلم فيه سوء حفظه. وقال النسائي فيما قرأت بخطه: عتاب ليس بالقوي، ولا خصيف”

[  تهذيب الكمال في أسماء الرجال- (8/259)].

 

قال المنذري: “في إسناده خصيف بن عبد الرحمن الحراني، وهو ضعيف”

[  مختصر سنن أبي داود للمنذري- ت حلاق- (1/515)].

 

، قال الزيلعي: “وخصيف غير محتج به”

[ نصب الراية- (2/345)].

 

، وقال أيضا: “وخصيف بن عبد الرحمن الحراني كنيته أبو عون، ضعفه غير واحد”

[  نصب الراية- (3/123)].

 

، وقال الحافظ: “خصيف: صدوق سيء الحفظ خلط بأخرة ورمي بالإرجاء”

[ تقريب التهذيب- (ص 193)].

 

، وذكره برهان الدين الحلبي في المختلطين.

[  الاغتباط بمن رمي من الرواة بالاختلاط- (ص 109)].

 

وقال ابن حبان:” خصيف بن عبد الرحمن… تركه جماعة من أئمتنا واحتج به جماعة آخرون وكان خصيف شيخنا صالحا فقيها عابدا إلا أنه كان يخطيء كثيرا فيما يروي وينفرد عن المشاهير بما لا يتابع عليه وهو صدوق في روايته إلا أن الإنصاف في أمره قبول ما وافق الثقات من الروايات وترك ما لم يتابع عليه وإن كان له مدخل في الثقات وهو ممن أستخير الله فيه”.

[  الاغتباط بمن رمي من الرواة بالاختلاط- (ص 109)].

 

وقال الألباني:” وهذا إسناد فيه ضعف، رجاله ثقات، غير أن خصيفا وهو ابن عبد الرحمن الجزري سيء الحفظ”.

[  سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها- (4/432)].

 

4- مقسم بن بجرة لم يرو عن عائشة وقد ذكر الحافظ المزي أن له رواية عن عائشة في سنن النسائي.

[  تهذيب الكمال في أسماء الرجال- (28/462)].

 

وروايته تلك التي أشار إليها الحافظ المزي مرسلة، وليس له في الكتب الستة غيرها، وأما الرواية التي معنا فلا يحتج بها في سماع مقسم من عائشة فهي ساقطة كما مر بيانه، ولا يعرف لمقسم سماع من عائشة وهذا نص عليه البخاري ونقله الحافظ المزي وابن حجر فقال في تهذيب التهذيب:” وقال البخاري في التاريخ الصغير لا يعرف لمقسم سماع من أم سلمة ولا ميمونة ولا عائشة”

[تهذيب التهذيب- (10/289)].

 

وعليه فالرواية فضلا عن ضعف رجالها فهي منقطعة.وهذه كلها علل في الرواية كل واحدة منها كافية لردها فكيف إذا انضم الجميع؟!

 

ثانيا: موقف أبي بكر الصديق رضي الله عنه من الإفك.أما موقف الصديق  من الإفك، فقلبي عند قلبه، فهو العفيف الصديق، الدين الرفيق، الوالد الشفيق، فسبحان من ابتلاه بمثل هذا الأمر، يرمى رضي الله عنه وأرضاه في شرفه، يتهم في عرض ابنته، وزوج نبيه وخليله، فسبحان الله العظيم، سبحان من قدر الإفك على هؤلاء؛ نبي كريم، وطاهرة عفيفة، وصديق ذو نسب ومكانة!

قال الحافظ: “وفيه تثبت أبي بكر الصديق في الأمور؛ لأنه لم ينقل عنه في هذه القصة مع تمادي الحال فيها شهرا كلمة فما فوقها إلا ما ورد عنه في بعض طرق الحديث أنه قال: والله ما قيل لنا هذا في الجاهلية فكيف بعد أن أعزانا الله بالإسلام وقع ذلك في حديث بن عمر عند الطبراني”.

[  فتح الباري لابن حجر- (8/480)].

قال الشيخ سليم بن عيد الهلالي في تعليقه على كتاب “حديث الإفك” للمقدسي: “ومما ينبغي تسجيله باعتباره درسا يستفاد منه في هذه الحادثة موقف أبي بكر :

1- لم يخبر ابنته بما حدث.

2- تأثره الشديد وبكاؤه مع ابنته؛ مما يدل على رأفته، ورحمته، وشدته في بعد الأذى عنها.

3- اهتمامه بها، وجلوسه عندها؛ لا سيما عند اشتداد الأزمة في أيامها الأخيرة.

4- تسليمه المطلق لرسول الله ، وإيمانه العميق بالوحي.

5- تثبته في الأمور وبعد نظره، ورسوخه في فقه العواقب ومآلات الأفعال، مع اقتناعه ببراءة ابنته”.

[ حديث الإفك، للمقدسي، ت سليم بن عيد الهلالي (ص 147)].

 

قال ابن حجر: “وفي رواية هشام بن عروة فاستعبرت فبكيت فسمع أبو بكر صوتي وهو فوق البيت يقرأ فقال لأمي ما شأنها فقالت بلغها الذي ذكر من شأنها ففاضت عيناه فقال أقسمت عليك يا بنية إلا رجعت إلى بيتك فرجعت”.

[ فتح الباري لابن حجر- (8/467)].

 

ثالثا: من أدل الأدلة على كذب تلك الرواية ما صح في روايات البخاري ومسلم وغيرهما أن أم المؤمنين قالت لأبيها: “أجب عني رسول الله” وفي رواية “أجيبا عني رسول الله”قال العراقي: قولها لأبويها: أجيبا عني” فيه تفويض الكلام إلى الكبار؛ لأنهم أعرف بمقاصده واللائق بالمواطن منه وأبواها يعرفان حالها وأما قول أبويها «لا ندري ما نقول» فمعناه أن الأمر الذي سألتهما عنه لا يقفان منه على زائد على ما عند رسول الله قبل نزول الوحي من حسن الظن بها والسرائر إلى الله تعالى وروينا من طريق عبد الكريم بن الهيثم العاقولي في قصة الإفك أن أبا بكر  قال يا بنية وكيف أعذرك بما لا أعلم وأي أرض تقلني وأي سماء تظلني إذا قلت ما لا أعلم”.

[  طرح التثريب في شرح التقريب- (8/67)].

 

وقال: “وأما قول أبويها «لا ندري ما نقول» فمعناه أن الأمر الذي سألتهما عنه لا يقفان منه على زائد على ما عند رسول الله  قبل نزول الوحي من حسن الظن بها والسرائر إلى الله تعالى. وروينا من طريق عبد الكريم بن الهيثم العاقولي في قصة الإفك أن أبا بكر قال: يا بنية، وكيف أعذرك بما لا أعلم، وأي أرض تقلني، وأي سماء تظلني إذا قلت ما لا أعلم. وروى أبو بكر البزار في مسنده بإسناد رجاله رجال الصحيح من حديث عائشة – رضي الله عنها – أنها لما أنزل عذرها قبل أبو بكر رأسها فقالت: ألا عذرتني، فقال: أي سماء تظلني، وأي أرض تقلني”

[  طرح التثريب في شرح التقريب- (8/67)].

 

وقال ابن حجر: “وروى الطبري وأبو عوانة من طريق أبي حصين عن مجاهد قال: قالت عائشة لما نزل عذرها فقبل أبو بكر رأسها فقلت: ألا عذرتني، فقال أي سماء تظلني، وأي أرض تقلني إذا قلت ما لا أعلم. قوله فأنزل الله تعالى:{إِنَّ ٱلَّذِينَ جَآءُو بِٱلۡإِفۡكِ عُصۡبَةٞ مِّنكُمۡۚ لَا تَحۡسَبُوهُ شَرّٗا لَّكُمۖ بَلۡ هُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۚ لِكُلِّ ٱمۡرِيٕٖ مِّنۡهُم مَّا ٱكۡتَسَبَ مِنَ ٱلۡإِثۡمِۚ وَٱلَّذِي تَوَلَّىٰ كِبۡرَهُۥ مِنۡهُمۡ لَهُۥ عَذَابٌ عَظِيمٞ} [سورة النور:11] العشر الآيات كلها”.

[  فتح الباري لابن حجر- (8/477)].

 

وقال في منار القاري: “قلت لأبي أجب عني رسول الله  قال: والله ما أدرى ما أقول ” لأن الصدمة النفسية كانت قاسية عنيفة غلبت عليه وعلى تفكيره، وأعجزت لسانه عن الإجابة، فهو في موقف يحار فيه أعظم الرجال ماذا يقول، وبماذا يجيب، إذا نظر هنا وجد رسول الله  ومقامه فوق كل مقام، وإذا نظر هناك وجد عائشة ابنته الكريمة الشريفة الطاهرة المطهرة تتعرض لهذه التهمة الشنيعة، أمران يحق للمرء أن يقول أمامهما لا أدري ما أقول”.

[ فتح الباري لابن حجر- (8/477)].

 

رابعا: ثبت أن النبي قد أقام الحد على من قذف أم المؤمنين، ولم يقل أحد قط بأن الصديق قد أقيم عليه ذلك عياذا بالله.

قال محمد بن إسحاق: وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه عن عائشة، وعبد الله بن أبي بكر، عن عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة، وساق الحديث، وفي آخره “ويقول: أبشري يا عائشة، فقد أنزل الله براءتك، قالت: قلت: بحمد الله ثم خرج إلى الناس، فخطبهم، وتلا عليهم ما أنزل الله عليه من القرآن في ذلك، ثم أمر بمسطح بن أثاثة، وحسان بن ثابت، وحمنة بنت جحش، وكانوا ممن أفصح بالفاحشة، فضربوا حدهم“.

[سيرة ابن هشام- ت السقا- (2/297-302)].

 

وعن أبي هريرة قال: «كان رسول الله  إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه، وساق الحديث، وفيه وأنزل الله في ذلك عشر آيات: {  إِنَّ ٱلَّذِينَ جَآءُو بِٱلۡإِفۡكِ عُصۡبَةٞ مِّنكُمۡۚ لَا تَحۡسَبُوهُ شَرّٗا لَّكُمۖ بَلۡ هُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۚ لِكُلِّ ٱمۡرِيٕٖ مِّنۡهُم مَّا ٱكۡتَسَبَ مِنَ ٱلۡإِثۡمِۚ وَٱلَّذِي تَوَلَّىٰ كِبۡرَهُۥ مِنۡهُمۡ لَهُۥ عَذَابٌ عَظِيمٞ } [سورة النور:11]. قال: فحد رسول الله  مسطحا، وحمنة، وحسان». رواه البزار، وفيه محمد بن عمرو، وهو حسن الحديث، وبقية رجاله ثقات”.

[  مجمع الزوائد ومنبع الفوائد- (9/230)].

 

قال الدكتور قريبي: “فهذان الحديثان صريحان في إقامة الحد على هؤلاء المذكورين تطهيرا لما علق بهم من درن مقالة أهل الإفك والافتراء، وكلا الحديثين حسن لذاته.وعلى هذا فلا يلتفت إلى قول من قال بأن الحد لم يقم عليهم مستندا إلى أن الحد لا يثبت إلا ببينة أو إقرار. فهذان الحديثان من أبين البينات في ذلك” 

[ مرويات غزوة بني المصطلق وهي غزوة المريسيع- إبراهيم بن إبراهيم قريبي- (ص 239)].

 

وقد قال محسن الأمين أن النبي  قد أقام الحد على القاذفين.فقال: “حديث الإفك ومرت الإشارة إليه في الجزء الثاني ونذكره هنا لارتباط أمور منه بسيرة أمير المؤمنين رضي الله عنه. وقع في هذه الغزاة حديث الإفك وحاصله أن عائشة أم المؤمنين كانت مع النبي  في هذه الغزاة …. ثم نزل عليه الوحي ببراءتها بقوله تعالى { إِنَّ ٱلَّذِينَ جَآءُو بِٱلۡإِفۡكِ عُصۡبَةٞ مِّنكُمۡۚ لَا تَحۡسَبُوهُ شَرّٗا لَّكُمۖ بَلۡ هُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۚ لِكُلِّ ٱمۡرِيٕٖ مِّنۡهُم مَّا ٱكۡتَسَبَ مِنَ ٱلۡإِثۡمِۚ وَٱلَّذِي تَوَلَّىٰ كِبۡرَهُۥ مِنۡهُمۡ لَهُۥ عَذَابٌ عَظِيمٞ } [سورة النور:11] الآيات العشر وأقيم الحد على من قذفها كحسان ومسطح وغيرهما، لكنهم لم يذكروا انه أقيم على عبد الله بن أبي”([28]).

فإقامة الحد على القاذفين مما يبين كذب ذلك الملام المنسوب للصديق.

 

قناة اليوتيوب

مواضيع شبيهة

زيارة عائشة رضي الله عنها لقبر أخيها، مع أن رسول الله لعن زائرات القبور.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.