قول الحسن لأبي بكر انزل عن منبر أبي.
قول الحسن لأبي بكر انزل عن منبر أبي.
يقول الشيعة إن الحسن والحسين احتجوا على أبي بكر وعمر وأرادوا إنزالهم من على المنبر، وهذا دليل على أنهما اغتصابا الخلافة، يقول عبد الحسين شرف الدين الموسوي: “[احتجاج الحسن و الحسين]2- و كم لرجالات بني هاشم يومئذ من أمثال هذه الاحتجاجات، حتى أن الحسن بن علي جاء إلى أبي بكر و هو على منبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فقال له: «انزل عن مجلس أبي»
[اسم الکتاب : المراجعات المؤلف : شرف الدين الموسوي، السيد عبد الحسين الجزء : 1 صفحة : 582]
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
أولا: الرواية جاءت عند أهل السنة من طريقين:
الطريق الأول: في معجم ابن الأعرابي «831 – نا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ، نا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أنا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَصْبَهَانِيِّ قَالَ: جَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: انْزِلْ عَنْ مَجْلِسِ أَبِي فَقَالَ: صَدَقْتَ إِنَّهُ مَجْلِسُ أَبِيكَ، ثُمَّ أَجْلَسَهُ فِي حِجْرِهِ، ثُمَّ بَكَى، فَقَالَ عَلِيٌّ: وَاللَّهِ مَا هَذَا عَنْ أَمْرِي فَقَالَ: صَدَقْتَ وَاللَّهِ مَا اتَّهَمْتُكَ»
[«معجم ابن الأعرابي» (2/ 426)].
الطريق الثاني: في تاريخ دمشق قال: “أنبأنا أبو علي الحداد وحدثني أبو رشيد محمد بن مبشر بن أبي سعد عنه أنبأ أبو نعيم نا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن إسحاق بن علي بن جابر الجابري الموصلي بالبصرة نا أبو جعفر محمد بن أحمد بن أبي (5) عيسى نا جعفر بن عون نا إسماعيل بن أبي خالد عن عبد الرحمن بن الأصبهاني قال جاء الحسين بن علي إلى أبي بكر وهو على منبر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال انزل عن مجلس أبي فقال صدقت إنه لمجلس أبيك قال ثم أجلسه في حجره وبكى فقال علي والله ما هذا عن أمري قال صدقت والله ما اتهمتك وقد روي هذا للحسين»
[«تاريخ دمشق لابن عساكر» (30/ 307)].
وكلا الإسنادين من طريق عن عبد الرحمن الأصبهاني وهو مختلف فيه
قال ابن الجوزي «1873 – عبد الرَّحْمَن بن سُلَيْمَان الْأَصْبَهَانِيّ قَالَ يحيى لَيْسَ بِشَيْء»
[«الضعفاء والمتروكون لابن الجوزي» (2/ 95)].
وقال أبو عبد الله المصنعي العنسي«15391 – عبد الرّحمن بن سليمان الأصبهاني الجهني (مجهول حال) (ذكر 1119) (أصبهان 1/ 3621).»
[«مصباح الأريب في تقريب الرواة الذين ليسوا في تقريب التهذيب» (2/ 234)].
وفي ميزان الاعتدال: «عبد الرحمن بن سليمان الأصبهاني .روى عن عكرمة ونحوه.قال ابن معين: ليس بشئ. وروى الكوسج، عن ابن معين: ثقة، وكذا وثقه أبو زرعة.وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وقد روى أيضا عن الشعبي وعمر دهرا.حدث عنه محمد بن سعيد (2 [بن الأصبهاني ومحمد بن سليمان بن الأصبهاني] 2) ، وعبد الرحمن بن صالح، وغيرهم.ولا ذكر له في التهذيب الكمال»
[«ميزان الاعتدال» (2/ 568)].
وعليه فالرجل مختلف فيه وهو من الرواة عن التابعين ولم يدرك زمان الصديق وعليه فالرواية منقطعة الإسناد ولا تصح.
وفي الطريق الأول اسامة بن زيد بن أسلم، قال ابن الجوزي: “أُسَامَة بن زيد بن أسلم مديني مولى عمر يكنى أَبَا زيد
يروي عَن أَبِيه عَن جده
قَالَ أَحْمد مُنكر الحَدِيث ضَعِيف وَترك يحيى بن سعيد حَدِيثه وَقَالَ يحيى بن معِين لَيْسَ بِشَيْء وَقَالَ فِي رِوَايَة بَنو زيد بن أسلم لَيْسُوا بِشَيْء أُسَامَة وَعبد الله وَعبد الرَّحْمَن قَالَ عَليّ لَيْسَ فِي ولد زيد بن أسلم ثِقَة وَفِي رِوَايَة عَن عَليّ أَنه ضعف عبد الرَّحْمَن بن زيد وَذكر عَن إخْوَته أُسَامَة وَعبد الله صلاحا وَقَالَ ابْن حبَان كَانَ أُسَامَة يهم فِي الْأَخْبَار فيرفع الْمَوْقُوف ويصل الْمَقْطُوع وَقَالَ ابْن عدي لم أجد لَهُ حَدِيثا مُنْكرا لَا إِسْنَادًا وَلَا متْنا وَأَرْجُو أَنه صَالح
[ابن الجوزي، الضعفاء والمتروكون لابن الجوزي، ٩٥/١]
وبه يثبت أن الرواية احتوت على الضعفاء والمجاهيل مع الانقطاع، وبمثل هذا لا تقوم حجة.
ثانيا: الرواية في كتب الشيعة جاءت في كتاب محمد بن أشعث الكوفي بسنده: “عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع قَالَ لَمَّا اسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَ قَدْ تَهَيَّأَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ لِلْجُمُعَةِ فَسَبَقَ الْحُسَيْنُ فَانْتَهَى إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَ هُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ لَهُ هَذَا مِنْبَرُ أَبِي لَا مِنْبَرُ أَبِيكَ فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ صَدَقْتَ هَذَا مِنْبَرُ أَبِيكَ لَا مِنْبَرُ أَبِي فَدَخَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَقَالَ مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ قَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ كَذَا وَ كَذَا فَقَالَ عَلِيٌّ ع يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ الْغُلَامَ إِنَّمَا يَثَّغِرُ فِي سَبْعِ سِنِينَ وَ يَحْتَلِمُ فِي أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَ يُسْتَكْمَلُ طُولُهُ فِي أَرْبَعٍ وَ عِشْرِينَ وَيُسْتَكْمَلُ عَقْلُهُ فِي ثَمَانٍ وَ عِشْرِينَ سَنَةً فَمَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا هُوَ بِالتَّجَارِبِ”.
[الجعفريات- الأشعثيات المؤلف : کوفي، محمد بن اشعث الجزء : 1 صفحة : 212].
وهذه الرواية لو التزمها الشيعة لكانت القاصمة لعقيدتهم لأنها تخطئة واضحة من علي للحسن أو الحسين، بل اتهام بنقص العقل وعدم رشده، وفي الجانب الآخر نجد الصديق قد انفعل لعاطفة الحب الجياشة في قلبه لأهل البيت فبكي ورحم الصغير، ولم تأخذه العزة بالإثم -وحاشاه- لينتقم من طفل أساء له في زعم الشيعة
ثالثا: قول الحسن رضي الله عنه (منبر أبي) أي منبر النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يقصد منبر والده علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ودليل ذلك ما صرحت به رواية تاريخ المدينة لابن شبة 14/3 وفيها “انْزِلْ عَنْ مِنْبَرِ جَدِّي”. وإن كانت تتكلم عن عمر وقد سبق تفصيل الرد عليها في قسم الشبهات على عمر بن الخطاب رضي الله عنه.وتصديق أبي بكر لكلام الحسن ليس اعتراف ببطلان الخلافة أو اغتصاب المنبر كما زعم الشيعة بل الصواب أن أي منبر يصعده الخطيب في أي بلد إنما يُنسب لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الأصل، لكن المنبر ليس وراثة لأحد من بعد رسول عليه السلام، ولا هو مخصص لبني هاشم وحدهم قال تعالى ( مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً )
فالمنبر يرثه أهل العلم الذين ورثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم واتبعوا نهجه قال تعالى(قُلۡ هَـٰذِهِۦ سَبِیلِیۤ أَدۡعُوۤا۟ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِیرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِیۖ وَسُبۡحَـٰنَ ٱللَّهِ وَمَاۤ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ)
[سورة يوسف 108].
وقال ﷺ : “وَأَنَّ العُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، وَرَّثُوا العِلْمَ”
[البخاري، صحيح البخاري، ٢٤/١].
ولذلك فالشيعة الآن عندهم المنبر ينسبونه الحسين ويقولون (المنبر الحسيني) ثم يصعد عليه أحدهم ولا يقال إنه مغتصب مع أن الحسين لم ينص عليه كما ينسب الشيعة للصديق.
رابعا: الحسن في هذا الوقت مرفوع عنه القلم، ويجوز عليه الجهل، ويجب تأديبه إذا أخطأ.يقول الحلي في المعتبر: شرائط حجة الإسلام وهي ستة.«البلوغ و كمال العقل»، فلا يجب على «الصغير» ولا «المجنون وعليه العلماء كافة، لقوله (عليه السلام) «رفع القلم عن الصبي حتى يبلغ و عن المجنون حتى يفيق”.
[المعتبر في شرح المختصر المحقق الحلي 2 /747].
وقد جهل جعفر الصادق أيضا حرمة قلع الحشيش بمنى؛ قال محمد تقي المجلسي : “ويمكن حمل النهي في غير الداخل على الكراهة كما يظهر مما رواه الشيخ في الصحيح، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: رآني علي بن الحسين عليهما السلام و أنا أقلع الحشيش من حول الفساطيط بمنى فقال: يا بني إن هذا لا يقلع و إن أمكن حمله على إرادة القطع أو يكون صغيرا غير مكلف و جوزنا الجهل عليهم في الصغر “.
[روضة المتقين ( 4 / 166)] .
وفي الكافي بإسناده عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) عَنْ قَتْلِ الْخُطَّافِ أَوْ إِيذَائِهِنَّ فِي الْحَرَمِ فَقَالَ لَا يُقْتَلْنَ فَإِنِّي كُنْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ( عليه السلام ) فَرَآنِي وَ أَنَا أُوذِيهِنَّ فَقَالَ لِي يَا بُنَيَّ لَا تَقْتُلْهُنَّ وَ لَا تُؤْذِهِنَّ فَإِنَّهُنَّ لَا يُؤْذِينَ شَيْئاً”.الكافي – الكليني – ج 6 ص 224 , [وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول – حسن – ج 21 ص 370].
في هذه الرواية التصريح بجهل الصادق للحكم الشرعي في حرمة أذية الخطاف.اذا هذا الموقف من الحسن إنما هو بطبيعة سنه وطفولته ولذلك نسبه عمر إلى قلة العقل، بل ويجب تأديبه حتى ولو كان المعصوم!وقد ثبت في كتب الشيعة أن المعصوم ينبغي أن يُؤدب إذا أخطأ.! قال محمد تقي المجلسي في روضة المتقين : ” و في القوي كالصحيح عن زرارة قال: رَأَيْتُ دَايَةَ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى (عليه السلام) تُلْقِمُهُ الْأَرُزَّ وَ تَضْرِبُهُ عَلَيْهِ فَغَمَّنِي مَا رَأَيْتُهُ فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فَقَالَ لِي أَحْسَبُكَ غَمَّكَ مَا رَأَيْتَ مِنْ دَايَةِ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى قُلْتُ لَهُ نَعَمْ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَقَالَ لِي نِعْمَ الطَّعَامُ الْأَرُزُّ يُوَسِّعُ الْأَمْعَاءَ وَ يَقْطَعُ الْبَوَاسِيرَ وَ إِنَّا لَنَغْبِطُ أَهْلَ الْعِرَاقِ بِأَكْلِهِمُ الْأَرُزَّ وَ الْبُسْرَ فَإِنَّهُمَا يُوَسِّعَانِ الْأَمْعَاءَ وَ يَقْطَعَانِ الْبَوَاسِيرَ.
[روضة المتقين للمجلسي ج4 ص 166].
فالرواية صريحة في تأديب الداية للكاظم بحضور وإقرار من الصادق رحمه الله، بل وتضربه على أمر لا يعرف فيه مصلحته.
قلت: فالمعصوم إذا كان صغيرا فهو لا يعرف مصلحة نفسه فيكف يعرف مصلحة غيره؟!.
مواضيع شبيهة
بطلان حديث سد الأبواب الا باب أبي بكر بنفي وجود بيت له بجوار المسجد .