قالوا شرب أبو بكر الخمر
زعم الشيعة أن أبا بكر شرب الخمر واستدلوا على ذلك بعده روايات، يقول أحمد العاصمي: “المعروف في روايات الحفّاظ أنّ الذي شرب الخمر ثمّ ناح على قتلى بدر كان أبو بكر؛ قال البزّار في مسنده: وجدت في كتابي بخطّي عن أبي كريب؛ عن يونس بن بكير؛ عن مطر بن ميمون [قال]: حدّثنا أنس بن مالك قال: كنت ساقي القوم تينا و زبيبا خلطناهما جميعا؛ و كان في القوم رجل يقال له أبو بكر؛ فلمّا شرب قال:أحيّي أمّ بكر بالسلام* * * و هل لك بعد قومك من سلام يحدّثنا الرسول بأن سنحي* * * و كيف حياة أصداء و هام؟ [قال:] فبينا نحن كذلك و القوم يشربون إذ دخل علينا رجل من المسلمين فقال: ما تصنعون؟ إنّ اللّه تبارك و تعالى قد نزّل تحريم الخمر الحديث.
[هكذا رواه الهيثمي في باب تحريم الخمر برقم: (2923) في كتاب كشف الأستار: ج 3 ص 352)].
[اسم الکتاب : العسل المصفى من تهذيب زين الفتى في شرح سورة هل أتى المؤلف : العاصمي، أحمد بن محمد بن علي الجزء : 2 صفحة : 136].
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
أولا: رواية البزار ضعفها البزارنفسه، وضعفها الهيثمي الذي نقلها عنه.قال البزار بعد روايته للحديث: “وَهَذَا الْحَدِيثُ لاَ نعلمُهُ يُرْوَى عَن أَنَس بهذا اللفظ إلاَّ من هذا الوجه ومطر بن ميمون الكوفي قد حدث، عَن أَنَس بأحاديث، وعَن غيره”.
[البزار، أبو بكر، مسند البزار = البحر الزخار، ٧٢/١٤].
وقال الهيثمي بعد سوق الرواية: «وَفِيهِ مَطَرُ بْنُ مَيْمُونٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ»
[«مجمع الزوائد ومنبع الفوائد» (5/ 52)].
ومطر بن ميمون متروك، قال ابن الجوزي: “مطر بن مَيْمُون الْمحَاربي الإسكاف سمع أنس بن مَالك وَعِكْرِمَة قَالَ البُخَارِيّ مُنكر الحَدِيث وَقَالَ الْأَزْدِيّ مَتْرُوك مطر بن مَيْمُون الْمحَاربي وَهُوَ ابْن أبي مطر الإسكاف أَبُو خَالِد يروي عَن انس وَعِكْرِمَة قَالَ البُخَارِيّ مُنكر الحَدِيث وَقَالَ ابْن حبَان يروي الموضوعات عَن الْأَثْبَات لَا تحل الرِّوَايَة عَنهُ”.
[ابن الجوزي، الضعفاء والمتروكون لابن الجوزي، ١٢٤/٣].
وعليه فالرواية ضعيفة.
ثانيا: الرواية في مسند البزار أوضحت أن المقصود بأبي بكر رجل من كنانة وليس الصديق، وهذا نص الرواية من مسند البزار، قال: “وجدت في كتابي بخطي، عَن أبي كُرَيب عن يُونُس بن بكير عن مطر بن ميمون، حَدَّثنا أنس بن مالك قال: كنت ساقي القوم تينا وزبيبا أخلطناهما جميعا، وَكان في القوم رجل يقال له: أَبْو بَكْر رجل من كنانة فلما شرب قال:حيي أم بكر بالسلام. . . وهل لك بعد قومك من سلام يحَدَّثنا الرسول بأن سنحيى. . . وكيف حياة أصداء وهام فبينما نحن كذلك والقوم يشربون إذ دخل علينا رجل من المسلمين فقال: ما تصنعون؟ إن الله تبارك وتعالى قد نزل تحريم الخمر فأرقنا الباطية وكفأناها، ثُمَّ خرجنا فوجدنا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم قَائِمًا على المنبر يقرأ هذه الآية ويكررها {إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعَن الصلاة فهل أنتم منتهون} . وَهَذَا الْحَدِيثُ لاَ نعلمُهُ يُرْوَى عَن أَنَس بهذا اللفظ إلاَّ من هذا الوجه ومطر بن ميمون الكوفي قد حدث، عَن أَنَس بأحاديث، وعَن غيره”.
[البزار، أبو بكر، مسند البزار = البحر الزخار، ٧٢/١٤].
وهذا الشعر ثبت في صحيح البخاري أنه من قول أبي بكر شداد بن الأسود عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ كَلْبٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ بَكْرٍ، فَلَمَّا هَاجَرَ أَبُو بَكْرٍ طَلَّقَهَا، فَتَزَوَّجَهَا ابْنُ عَمِّهَا، هَذَا الشَّاعِرُ الَّذِي قَالَ هَذِهِ القَصِيدَةَ رَثَى كُفَّارَ قُرَيْشٍ:[البحر الوافر] وَمَاذَا بِالقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ … مِنَ الشِّيزَى تُزَيَّنُ بِالسَّنَامِ وَمَاذَا بِالقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ … مِنَ القَيْنَاتِ وَالشَّرْبِ الكِرَامِ تُحَيِّينَا السَّلاَمَةَ أُمُّ بَكْرٍ … وَهَلْ لِي بَعْدَ قَوْمِي مِنْ سَلاَمِ يُحَدِّثُنَا الرَّسُولُ بِأَنْ سَنَحْيَا … وَكَيْفَ حَيَاةُ أَصْدَاءٍ وَهَامِ ”
[البخاري، صحيح البخاري، ٦٥/٥].
ولذلك قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْأَسْوَدِ بْنِ شُعُوبٍ اللَّيْثِيُّ، وَهُوَ شَدَّادُ ابْن الْأَسْوَدِ: تُحَيِّي بِالسَّلَامَةِ أُمُّ بَكْرٍ … وَهَلْ لِي بَعْدَ قَوْمِي مِنْ سَلَامِ فَمَاذَا بِالْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ … مِنْ الْقَيْنَاتِ وَالشَّرْبِ الْكِرَامِ [1] وَمَاذَا بِالْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ … مِنْ الشِّيزَى تُكَلَّلُ بِالسَّنَامِ [2] وَكَمْ لَكِ بِالطَّوِيِّ طَوِيِّ بَدْرٍ … مِنْ الْحَوْمَاتِ وَالنَّعَمِ الْمُسَامِ [3] وَكَمْ لَكِ بِالطَّوِيِّ طَوِيِّ بَدْرٍ … مِنْ الْغَايَاتِ وَالدُّسُعِ الْعِظَامِ [4] وَأَصْحَابِ الْكَرِيمِ أَبِي عَلِيٍّ … أَخِي الْكَاسِ الْكَرِيمَةِ وَالنِّدَامِ وَإِنَّكَ لَوْ رَأَيْتَ أَبَا عَقِيلٍ … وَأَصْحَابَ الثَّنِيَّةِ مِنْ نَعَامِ [5] إِذا لَظَلِلْتَ مِنْ وَجْدٍ عَلَيْهِمْ … كَأُمِّ السَّقْبِ جَائِلَةِ الْمَرَامِ [6] يُخَبِّرُنَا الرَّسُولُ لَسَوْفَ نَحْيَا … وَكَيْفَ لِقَاءُ أَصْدَاءٍ وَهَامِ؟ [7]
[عبد الملك بن هشام، سيرة ابن هشام ت السقا، ٢٩/٢].
وعليه فليس هو الصديق رضي الله عنه.
ثالثا: الروايات الصحيحة في ذلك لم تذكر أبو بكر الصديق، ولذلك فإن من نقل أن أبا بكر كان معهم نص على أنه منكر.قال الحافظ ابن حجر: «وَمِنَ الْمُسْتَغْرَبَاتِ مَا أَوْرَدَهُ بن مَرْدَوَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ طَرِيقِ عِيسَى بْنِ طَهْمَانَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانَا فِيهِمْ وَهُوَ مُنْكَرٌ مَعَ نَظَافَةِ سَنَدِهِ وَمَا أَظُنُّهُ إِلَّا غَلَطًا وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ فِي تَرْجَمَةِ شُعْبَةَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ حَرَّمَ أَبُو بَكْرٍ الْخَمْرَ عَلَى نَفْسِهِ فَلَمْ يَشْرَبْهَا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إِسْلَامٍ وَيَحْتَمِلُ إِنْ كَانَ مَحْفُوظًا أَنْ يَكُونَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ زَارَا أَبَا طَلْحَةَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَمْ يَشْرَبَا مَعَهُمْ»
[«فتح الباري لابن حجر» (10/ 37)].
وقال الحكيم الترمذي: “وَمِمَّا تنكره الْقُلُوب حَدِيث رَوَوْهُ عَن عَوْف عَن أبي القموص قَالَ شرب أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ الْخمر يَعْنِي من قبل نزُول تَحْرِيمهَا فَقعدَ ينوح قَتْلَى بدر وينشد أبياتا فَبلغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك فَخرج حَتَّى أَتَاهُ فَرفع عَلَيْهِ شَيْئا فِي يَده فَقَالَ أَبُو بكر أعوذ بِاللَّه من غضب الله وَغَضب رَسُوله فَنزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر} الْآيَة فَهَذَا مُنكر من القَوْل وَالْفِعْل وَقد أعاذ الله الصديقين من فعل الْخَنَا وأقوال أَهله وَإِن كَانَ قبل التَّحْرِيم فقد كَانَ أَبُو بكر بِمَكَّة مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل أَن يُهَاجر وَقد وسم بالصديقية لِأَنَّهُ كَانَ هُوَ وَعُثْمَان مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على حراء فَرَجَفَ بهم الْجَبَل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسكن حراء فَإِنَّمَا عَلَيْك نَبِي وصديق وشهيد وَعَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أعلم بأبيها من أبي القموص فَهِيَ تنكر هَذَا وَتكذب أَهله وَعَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت مَا قَالَ أَبُو بكر وَلَا عُثْمَان بَيت شعر فِي جَاهِلِيَّة وَلَا فِي إِسْلَام وعنها أَيْضا أَنَّهَا كَانَت تَدْعُو على من يَقُول إِن أَبَا بكر قَالَ هَذِه القصيدة وأولها (تحيا بالسلامة أم بكر … وَهل لي بعد قومِي بِالسَّلَامِ) إِلَخ ثمَّ قَالَت وَالله مَا قَالَ أَبُو بكر بَيت شعر فِي الْجَاهِلِيَّة وَلَا فِي الْإِسْلَام وَلَقَد ترك أَبُو بكر وَعُثْمَان شرب الْخمر فِي الْجَاهِلِيَّة وَمَا ارتاب أَبُو بكر فِي الله مُنْذُ أسلم وَلكنه كَانَ تزوج امْرَأَة من بني كنَانَة ثمَّ من بني عَوْف فَلَمَّا هَاجر أَبُو بكر طَلقهَا فَتزَوج بهَا ابْن عَمَّتهَا أَبُو بكر بن شعوب الْكِنَانِي الشَّاعِر فَقَالَ هَذِه القصيدة يرثي بهَا كفار قُرَيْش الَّذين قتلوا ببدر فحملها النَّاس أَبَا بكر من أجل امْرَأَته أم بكر الَّتِي طَلقهَا”.
[الترمذي، الحكيم، نوادر الأصول في أحاديث الرسول، ٢٤٩:٢٤٨/١].
وتفسير بن مردويه لم يصل إلينا حتى نبحث في الإسناد وعلله لنحكم عليه، وقد راجعت رسالة ماجستير بعنوان (مرويات ابن مردويه في التفسير من أول سورة الفاتحة إلى آخر سورة المائدة) من اول كلامه عن الآية ٩٠ من سورة المائدة إلى الأية ٩٣ فلم أعثر على تلك الرواية مرويات ابن مردويه في التفسير من أول سورة الفاتحة إلى آخر سورة المائدة- شريف بن علي بن محمد بن جبريل ص٣٦٤:٣٨٢
رابعا: حتى لو تنزلنا جدلال وقلنا بوجود الصديق يومها في المجلس ثم تنزلنا أكثر وقلنا بشربه الخمر فإن هذا لا يعاب عليه كونه لم يفعل الا مباحا يومها، ولا يعاب المرء على فعل مباح، وكل من قرأ روايات الحادثة جزم أن ذلك كان قبل نزول التحريم .
2464 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَبُو يَحْيَى، أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كُنْتُ سَاقِيَ القَوْمِ فِي مَنْزِلِ أَبِي طَلْحَةَ، وَكَانَ خَمْرُهُمْ يَوْمَئِذٍ الفَضِيخَ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَادِيًا يُنَادِي: «أَلاَ إِنَّ الخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ» قَالَ: فَقَالَ لِي أَبُو طَلْحَةَ: اخْرُجْ، فَأَهْرِقْهَا، فَخَرَجْتُ فَهَرَقْتُهَا، فَجَرَتْ فِي سِكَكِ المَدِينَةِ، فَقَالَ بَعْضُ القَوْمِ: قَدْ قُتِلَ قَوْمٌ وَهِيَ فِي بُطُونِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: 93] الآيَةَ
[البخاري، صحيح البخاري، ١٣٢/٣].
[مسلم، صحيح مسلم، ١٥٧٠/٣].
وعليه فقد كان الشرب قبل التحريم، وغاية المدح لهؤلاء الأكارم أنهم بمجرد أن نزل التحريم أنهم أراقوا الخمر وما ثبت عن واحد منهم قد أنه شرب الخمر بعد التحريم، وهذا مما يجعلنا نعرف الفرق بيننا وبين أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خاصة هؤلاء الأكابر الذي أدمنوا الخمر قبل تحريمها فلما نزل التحريم تركوها طاعة لله تعالى، فمن يعيب عليهم ذلك كمن يعيب على كافر أسلم بأنه كان كافرا وأنه سيدخل الناس بسبب كفره القديم، وهذا لا يقوله إلا جاهل أو حاقد، بل مما يتمدح به الإنسان ترك ما ألفه في جاهليته، وعليه فما أوردوه من شبهة انقلب مدحا بفضل الله تعالى .
خامسا: لو شغَّب أحدهم وكابر وقال بل كان الشرب بعد التحريم فنقول وهل ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم حدهم في الخمر أم لا ؟ فإن قالوا لا فقد انتهت الشبهة إذ أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قلت عنه أنه جلد في الخمر ففي الصحيحين عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ، فَجَلَدَهُ بِجَرِيدَتَيْنِ نَحْوَ أَرْبَعِينَ»، قَالَ: وَفَعَلَهُ أَبُو بَكْرٍ،
[مسلم، صحيح مسلم، ١٣٣٠/٣].
وإن قالوا جلدهم قلنا هاتوا الدليل؟ ودونه خرط القتاد.
سادسا: من العجب اتهام الصديق بذلك وجعله قدحا فيه وفي نفس الوقت يعترفون أن كبار رواة الأحاديث عندهم كانوا يشربون الخمر ومع ذلك اعتذروا لهم ولم يروا أن ذلك قدح في عاداتهم أو دينهم ففي إختيار معرفة الرجال المعروف بـ رجال الكشي للطوسي 2/570 رووا أن الصادق ترحم على شارب الخمر، فعن فضيل الرسان……قال: فسمعت نحيبا من وراء الستر، فقال: من قال هذا الشعر؟ قلت: السيد ابن محمد الحميري، فقال: (رحمه الله)، قلت: اني رأيته يشرب النبيذ، فقال: (رحمه الله)، قلت: اني رأيته يشرب نبيذ الرستاق، قال: تعني الخمر؟ قلت: نعم، قال: (رحمه الله) وما ذلك على الله أن يغفر لمحب علي”.
وقد ثبت أن أبي حمزة الثمالي كان يشرب الخمر، ومع ذلك فهو في غاية الوثاقة عندهم قال المامقاني: “و تلخيص المقال؛أنّ أبا حمزة الثمالي في غاية الجلالة و الوثاقة،و كفى بتوثيق الصدوق رحمه اللّه في المشيخة [1]،و النجاشي تارة:في ترجمته [2]، و أخرى:في ترجمة ابنه علي [3].و الشيخ رحمه اللّه في الفهرست [4]،و ابن داود [5]،و العلاّمة في الخلاصة [6]اسم [الکتاب : تنقيح المقال في علم الرجال المؤلف : المامقاني، الشيخ عبد الله الجزء : 13 صفحة : 277].
فكل ألفاظ التفخيم والتعظيم هذه مع قولهم بشربه للخمر، ومع ذلك فقد اعتذروا له بكل أنواع الأعذار، قال المامقاني :“وعلى تقدير الصحّة يمكن أن يكون أبو حمزة ما كان يعرف حرمته يومئ إليه سؤال أصحابه عنه عليه السلام عن حرمته،كما ورد في كتب الأخبار،و منه هذا الخبر.أو أنّه كان يشرب لعلّة كانت فيه باعتقاد حلّه لأجلها،كما سيجيء قريب منه في ابن أبي يعفور. أو كان يشرب الحلال منه فنمّوا إليه عليه السلام و يكون استغفاره من سوء ظنّه بعامر،و لعلّه هو الظاهر،إذ لا دخل لعدم تحريشه في الاستغفار عن شربه؟ فتأمّل.أو كان استغفاره من ارتكابه بجهله.أو بظهور خطأ اجتهاده.أو كان ذلك قبل وثاقته؛فيكون حاله في أخباره حال أحمد بن محمد بن أبي نصر..و نظائره من الأجلّة الذين كانوا فاسدي العقيدة [1]ثم رجعوا
[تنقيح المقال في علم الرجال-عبد الله المامقاني- ج13 – ص279].
ولذلك فإنهم قالوا أنه حتى لو شرب الخمر فإن الله غفور رحيم، والإمام سيشفع له، ففي البحار: ” إن رجلا من المنافقين قال لأبي الحسن الثاني عليه السلام : إن من شيعتكم قوما يشربون الخمر على الطريق ، فقال : الحمد لله الذي جعلهم على الطريق فلا يزيغون عنه . واعترضه آخر فقال : إن من شيعتك من يشرب النبيذ فقال عليه السلام : قد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله يشربون النبيذ ، فقال الرجل : ما أعني ماء العسل وإنما أعني الخمر . قال : فعرق وجهه ، ثم قال : الله أكرم من أن يجمع في قلب المؤمن بين رسيس الخمر وحبنا أهل البيت ، ثم صبر هنيئة وقال : فان فعلها المنكوب منهم فإنه يجد ربا رؤوفا ونبيا عطوفا وإماما له على الحوض عروفا وسادة له بالشفاعة وقوفا ، وتجد أنت روحك في برهوت ملوفا .
[بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج 27 – ص 314].
بل إن شرب الخمر كان سمة ظاهره عند الشيعة فقد روى شيخهم الن بابويه القمي في العلل رواية طويلة وفيها: “قُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ إِنِّي أَجِدُ مِنْ شِيعَتِكُمْ مَنْ يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَ يَقْطَعُ الطَّرِيقَ وَ يُخِيفُ السُّبُلَ وَ يَزْنِي وَ يَلُوطُ وَ يَأْكُلُ الرِّبَا وَ يَرْتَكِبُ الْفَوَاحِشَ وَ يَتَهَاوَنُ بِالصَّلَاةِ وَ الصِّيَامِ وَ الزَّكَاةِ وَ يَقْطَعُ الرَّحِمَ وَ يَأْتِي الْكَبَائِرَ فَكَيْفَ هَذَا وَ لِمَ ذَاكَ فَقَالَ يَا إِبْرَاهِيمُ هَلْ يَخْتَلِجُ فِي صَدْرِكَ شَيْءٌ غَيْرُ هَذَا قُلْتُ نَعَمْ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أُخْرَى أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ وَ مَا هُوَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ قَالَ فَقُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ أَجِدُ مِنْ أَعْدَائِكُمْ وَ مُنَاصِبِيكُمْ مَنْ يُكْثِرُ مِنَ الصَّلَاةِ وَ مِنَ الصِّيَامِ وَ يُخْرِجُ الزَّكَاةَ وَ يُتَابِعُ بَيْنَ الْحَجِّ وَ الْعُمْرَةِ وَ يَحْرِصُ عَلَى الْجِهَادِ وَ يَأْثَرُ عَلَى الْبِرِّ وَ عَلَى صِلَةِ الْأَرْحَامِ وَ يَقْضِي حُقُوقَ إِخْوَانِهِ وَ يُوَاسِيهِمْ مِنْ مَالِهِ وَ يَتَجَنَّبُ شُرْبَ الْخَمْرِ وَ الزِّنَا وَ اللِّوَاطَ وَ سَائِرَ الْفَوَاحِشِ فَمِمَّ ذَاكَ … فَإِذَا عُرِضَتْ هَذِهِ الْأَعْمَالُ كُلُّهَا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى قَالَ أَنَا عَدْلٌ لَا أَجُورُ وَ مُنْصِفٌ لَا أَظْلِمُ وَ حَكَمٌ لَا أَحِيفُ وَ لَا أَمِيلُ وَ لَا أَشْطُطُ أَلْحِقُوا الْأَعْمَالَ السَّيِّئَةَ الَّتِي اجْتَرَحَهَا الْمُؤْمِنُ بِسِنْخِ النَّاصِبِ وَ طِينَتِهِ وَ أَلْحِقُوا الْأَعْمَالَ الْحَسَنَةَ الَّتِي اكْتَسَبَهَا النَّاصِبُ بِسِنْخِ الْمُؤْمِنِ وَ طِينَتِهِ رُدُّوهَا كُلَّهَا إِلَى أَصْلِهَا.
[اسم الکتاب : علل الشرائع المؤلف : الشيخ الصدوق الجزء : 2 صفحة : 606:609].
وهذا لا شك أنه إغراء للشيعة بشرب الخمر ولا شيء عليهم أبدا..!!
مواضيع شبيهة