الزعم بأن معاوية كان يتاجر في الخمر .
وكان يصدر خمور الشام وفلسطين إلى العراق والجزيرة!….فكان يتاجر بكل شئ تصل اليه يده حتى بتصدير خمور الشام! وقد اعترض عليه اثنان من كبار الصحابة، هما عبد الرحمن بن سهل الأنصاري، وعبادة بن الصامت، وهو أحد نقباء الأنصار في بيعة العقبة وكان فارسا طويلا جسيما جميلا، شارك في حروب النبي صلى الله عليه وآله كلها، وولي قضاء الشام وفلسطين [(سير الذهبي: 2 / 10)]. وعندما رأى معاوية يتعامل بالربا ويشرب الخمر ويتاجر بها، وقف في وجهه فشكاه معاوية إلى عثمان فعزله عن قضاء فلسطين!
[جواهر التاريخ – الشيخ علي الكوراني العاملي – ج ٢ – الصفحة ٦٣].
والجواب على هذة الشبهة من وجوه:
أولا: إثبات أمثال تلك الاتهامات لابد له من شروط، ولذلك لم يترك الإسلام أمر اتهام الناس بلا قيود، فجعل للشاهد شروطا لا نجد تلك الروايات تقوى واحدة منها على الثبوت مع تلك الشروط، ولذلك نقول بأن جميع الروايات الواردة بهذا الصدد لا تثبت.
قال السرخسي: “فَالتَّزْوِيرُ وَالتَّلْبِيسُ فِي الْخُصُومَاتِ يَكْثُرُ فَيُشْتَرَطُ الْعَدَدُ فِي الشَّهَادَاتِ صِيَانَةً لِلْحُقُوقِ الْمَعْصُومَةِ، ثُمَّ يُشْتَرَطُ فِيهَا مَا يُشْتَرَطُ فِي الْخَبَرِ مِنْ الْعَقْلِ وَالضَّبْطِ وَالْعَدَالَةِ؛ لِأَنَّ الْبَيَانَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِاعْتِبَارِ عَقْلِ الْمُتَكَلِّمِ وَالشَّهَادَةُ بَيِّنَةٌ. وَمَعْرِفَةُ عَقْلِ الْمَرْءِ بِاخْتِيَارِهِ فِيمَا يَأْتِي. وَيَذَرُ وَحُسْنُ نَظَرِهِ فِي عَاقِبَةِ أَمْرِهِ وَالْمُطْلَقُ مِنْ الشَّيْءِ يَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ مِنْهُ إلَّا أَنَّهُ لَا حَدَّ يُرْجَعُ إلَيْهِ فِي كَمَالِ مَعْرِفَةِ الْعَقْلِ سِوَى مَا جَعَلَهُ الشَّرْعُ حَدًّا وَهُوَ الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ تَيْسِيرًا لِلْأَمْرِ عَلَى النَّاسِ؛ وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ الصَّبِيُّ وَالْمَعْتُوهُ أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ وَمَعْنَى الضَّبْطِ حُسْنُ السَّمَاعِ وَالْفَهْمِ وَالْحِفْظِ إلَى وَقْتِ الْأَدَاءِ وَتُعْتَبَرُ صِفَةُ الْكَمَالِ فِيهِ أَيْضًا لِمَا فِي النُّقْصَانِ مِنْ شُبْهَةِ الْعَدَمِ؛ وَلِهَذَا لَمْ يُجْعَلْ مَنْ اشْتَدَّتْ غَفْلَتُهُ، أَوْ مُجَازَفَتُهُ فِيمَا يَقُولُ وَيَسْمَعُ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ إذَا كَانَ ذَلِكَ ظَاهِرًا عِنْدَ النَّاسِ وَأَمَّا مَعْرِفَةُ الْعَدَالَةِ فَلِرُجْحَانِ جَانِبِ الصِّدْقِ. فَالْحُجَّةُ الْخَبَرُ الَّذِي هُوَ صِدْقٌ وَلَا طَرِيقَ لِمَعْرِفَةِ الصِّدْقِ فِي خَبَرِ مَنْ هُوَ غَيْرُ مَعْصُومٍ عَنْ الْكَذِبِ إلَّا الْعَدَالَةَ”.
[السرخسي، المبسوط للسرخسي، ١١٣/١٦].
ومع استحضار تلك الشروط نسير مع الروايات واحدة تلو الأخرى.
الرواية الأولى: «4616 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمْدَانَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى السُّدِّيُّ، ثنا أَبُو تُمَيْلَةَ يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ بُرْدَةَ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، قَالَ: ” غَزَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيُّ فِي زَمَانِ عُثْمَانَ، وَمُعَاوِيَةُ أَمِيرٌ عَلَى الشَّامِ، فَمَرَّتْ بِهِ رَوَايَا خَمْرٍ تُحْمَلُ لِمُعَاوِيَةَ، وَبُرٌّ فَقَامَ إِلَيْهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِرُمْحِهِ، فَنَقَرَ كُلَّ رَاوِيَةٍ مِنْهَا، فَنَاوَشَهُ غِلْمَانُهُ حَتَّى بَلَغَ مَثْأَنَةَ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: دَعُوهُ فَإِنَّهُ شَيْخٌ قَدْ ذَهَبَ عَقْلُهُ، فَقَالَ: كَذَبَ وَاللهِ، مَا ذَهَبَ عَقْلِي، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَانَا أَنْ نُدْخِلَ بُطُونَنَا، وَأَسْقِيَتَنَا، وَأَحْلِفُ بِاللهِ لَئِنْ أَنَا بَقِيَتُ حَتَّى أَرَى فِي مُعَاوِيَةَ مَا سَمِعْتُ مِنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَأَبْقُرَنَّ بَطْنَهُ وَلَأَمُوتَنُّ دُونَهُ “»
[«معرفة الصحابة لأبي نعيم» (4/ 1828)].
[«تاريخ دمشق لابن عساكر» (34/ 420)].
وهذه الرواية لا تصح، وفيها عدة علل.
١- محمد بن أحمد بن حمدان كان فيه تشيع.
٢«وقال ابن طاهر: “كان يتشيّع”»
[«مسند أبي يعلى – ت السناري» (1/ 13)].
٣- إسماعيل بن موسى السدي قال ابن عدي أنكروا “فيه” غلوه في التشيع.ومعلوم أن الرواية مؤيدة لبدعة التشيع، وفيها غض على أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الحافظ ابن حجر رحمه لله في « لسان الميزان » (1/11) : « وينبغي أن يقيد قولنا بقبول رواية المبتدع إذا كان صدوقا ولم يكن داعية بشرط أن لا يكون الحديث الذي يحدث به مما يعضد بدعته ويشيدها فأنا لا نأمن حينئذ عليه من غلبة الهوى والله الموفق » .
٤- بُرَيْدَة بن سُفْيَان بن فَرْوَة الْأَسْلَمِيّ قال ابن الجوزي: “روى عَنهُ ابْن إِسْحَاق سُئِلَ أَحْمد عَن حَدِيثه فَقَالَ بلية قَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ ضَعِيف الحَدِيث وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ مَتْرُوك»
[«الضعفاء والمتروكون لابن الجوزي» (1/ 137)].
«وَقَالَ البُخَارِيّ: روى عَنهُ (ابْن) إِسْحَاق – فِيهِ نظر. وَقَالَ السَّعْدِيّ: رَدِيء الْمَذْهَب جدا، غير مقنع، مغموص عَلَيْهِ فِي دينه»
[«مختصر الكامل في الضعفاء» (ص198)].
٥ – محمد بن كعب القرظي لم يدرك زمان عثمان والذي وقعت القصة في عهده.قال الذهبي: “وَقَالَ الوَاقِدِيُّ، وَخَلِيْفَةُ، وَالفَلاَّسُ، وَجَمَاعَةٌ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ.قَالَ الوَاقِدِيُّ، وَجَمَاعَةٌ: وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ: سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ.وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ، وَابْنُ مَعِيْنٍ، وَابْنُ سَعْدٍ: سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
[الذهبي، شمس الدين، سير أعلام النبلاء ط الرسالة، ٦٦/٥]
فإذا كان قد توفي سنة ١٢٠ وهو ابن ٧٨ سنة فيكون قد ولد سنة ٤٢، وعثمان توفي ٣٥، وهذا انقطاع واضح في الرواية.
وبه تسقط الرواية .
الرواية الثانية: قال الشاشي في مسنده 1258 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، نا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ، مَرَّتْ عَلَيْهِ قِطَارَةٌ وَهُوَ بِالشَّامِ تَحْمِلُ الْخَمْرَ فَقَالَ: مَا هَذِهِ؟ أَزَيْتٌ؟ قِيلَ: لَا بَلُ خَمْرٌ تُبَاعُ لِفُلَانٍ ، فَأَخَذَ شَفْرَةً مِنَ السُّوقِ فَقَامَ إِلَيْهَا وَلَمْ يَذَرْ مِنْهَا رَاوِيَةً إِلَّا بَقَرَهَا، وَأَبُو هُرَيْرَةَ إِذْ ذَاكَ بِالشَّامِ فَأَرْسَلَ فُلَانٌ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ: أَلَا تُمْسِكْ عَنَّا أَخَاكَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ: إِمَّا بِالْغَدَوَاتِ فَيَغْدُو إِلَى السُّوقِ فَيُفْسِدُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ مَتَاجِرَهُمْ، وَإِمَّا بِالْعَشِيِّ فَيَقْعُدُ بِالْمَسْجِدِ لَيْسَ لَهُ عَمَلٌ إِلَّا شَتْمُ أَعْرَاضِنَا وَعَيْبُنَا فَأَمْسِكْ عَنَّا أَخَاكَ، فَأَقْبَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَمْشِي حَتَّى دَخَلَ عَلَى عُبَادَةَ فَقَالَ: يَا عُبَادَةُ مَا لَكَ وَلِمُعَاوِيَةَ؟ ذَرْهُ وَمَا حَمَلَ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة: 134] قَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ لَمْ تَكُنْ مَعَنَا إِذْ بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ؟ بَايَعْنَاهُ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي النَّشَاطِ وَالْكَسَلِ، وَعَلَى النَّفَقَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ، وَعَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَأَنْ نَقُولَ فِي اللَّهِ لَا تَأْخُذُنَا فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، وَعَلَى أَنْ نَنْصُرَهُ إِذَا قَدِمَ عَلَيْنَا يَثْرِبَ فَنَمْنَعَهُ مَا نَمْنَعُ مِنْهُ أَنْفُسَنَا وَأَزْوَاجَنَا وَأَهْلَنَا وَلَنَا الْجَنَّةُ ، وَمَنْ وَفَّى وَفَّى اللَّهُ لَهُ الْجَنَّةَ بِمَا بَايَعَ عَلَيْهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ ، فَلَا يُكَلِّمُهُ أَبُو هُرَيْرَةَ بِشَيْءٍ، فَكَتَبَ فُلَانٌ إِلَى عُثْمَانَ بِالْمَدِينَةِ أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ قَدْ أَفْسَدَ عَلَيَّ الشَّامَ وَأَهْلَهُ ، فَإِمَّا أَنْ يَكُفَّ عَنَّا عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ ، وَإِمَّا أَنْ أُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّامِ، فَكَتَبَ عُثْمَانُ إِلَى فُلَانٍ أَدْخِلْهُ إِلَى دَارِهِ مِنَ الْمَدِينَةِ ، فَبَعَثَ بِهِ فُلَانٌ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَدَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ الدَّارَ وَلَيْسَ فِيهَا إِلَّا رَجُلٌ مِنَ السَّابِقِينَ بِعَيْنِهِ وَمَنَ التَّابِعِينَ الَّذِينَ أَدْرَكُوا الْقَوْمَ مُتَوَافِرِينَ فَلَمْ يُهِمَّ عُثْمَانُ بِهِ إِلَّا وَهُوَ قَاعِدٌ فِي جَانِبِ الدَّارِ ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَقَالَ: مَا لَنَا وَلَكَ يَا عُبَادَةُ؟ فَقَامَ عُبَادَةُ قَائِمًا وَانْتَصَبَ لَهُمْ فِي الدَّارِ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَبَا الْقَاسِمِ يَقُولُ: «سَيَلِي أُمُورَكُمْ مِنْ بَعْدِي رِجَالٌ يُعَرِّفُونَكُمْ مَا تُنْكِرُونَ وَيُنْكِرُونَ عَلَيْكُمْ مَا تَعْرِفُونَ ، فَلَا طَاعَةَ لِمَنْ عَصَى اللَّهَ، فَلَا تَضِلُّوا بِرَبِّكُمْ» . فَوَالَّذِي نَفْسُ عُبَادَةَ بِيَدِهِ، إِنَّ فُلَانًا لَمِنْ أُولَئِكَ فَمَا رَاجَعَهُ عُثْمَانُ بِحَرْفٍ
[«المسند للشاشي» (3/ 172)].
وهذه الرواية أيضا لا تصح من عدة أوجه
الوجه الأول: من ناحية الرواة .
فيها يحيى بن سليم عن ابن خثيم وقد اختلف أهل العلم فيه بين معدل وجارح، قال العقيلي: “«2030 – يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: وَقَعْتُ عَلَى يَحْيَى بْنِ سُلَيْمٍ وَهُوَ يُحَدِّثُ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَحَادِيثَ مَنَاكِيرَ، فَتَرَكْتُهُ وَلَمْ أَحْمِلْ عَنْهُ إِلَّا حَدِيثًا وَسَأَلْتُ أَبِي عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمٍ، فَقَالَ: كَذَا وَكَذَا لَيْسَ حَدِيثُهُ فِيهِ شَيْءٌ ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَحْمَدْهُ ، وَقَالَ: قَدْ أَتْقَنَ حَدِيثَ ابْنِ خَيْثَمٍ كَانَ عِنْدَهُ فِي كِتَابٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، يَقُولُ: أَتَيْتُ يَحْيَى بْنَ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيَّ فَكَتَبْتُ عَنْهُ شَيْئًا ، فَرَأَيْتُهُ يَخْلِطُ فِي الْأَحَادِيثِ فَتَرَكْتُهُ»
[«الضعفاء الكبير للعقيلي» (4/ 406)].
قال ابن عدي: وليحيى بن سليم عن إسماعيل بن أمية وعبيد الله بن عَمْرو بن خثيم وسائر مشايخه أحاديث صالحة وإفرادات وغرائب يتفرد بها عنهم وأحاديثه متقاربة، وَهو صدوق لا بأس به.
[ابن عدي، الكامل في ضعفاء الرجال، ٦٤/٩]
وفي تهذيب التهذيب: “قال الدولابي: ليس بالقوي، وقال الدارقطني: سيئ الحفظ، وقال النسائي: ليس به بأس، وهو منكر الحديث عن عُبيد الله بن عمر. وقال البخاري: يروي أحاديث عن عبيد الله يهم فيها”.
[«تهذيب التهذيب» (11/ 226:227)].
قال ابن الجوزي: «3721 – يحيى بن سليم الطَّائِفِي قَالَ يحيى ثِقَة وَقَالَ الرَّازِيّ لَا يحْتَج بِهِ وَقَالَ النَّسَائِيّ لَيْسَ بِالْقَوِيّ»
[«الضعفاء والمتروكون لابن الجوزي» (3/ 196)].
وعليه فإن يحيى فيه ضعف لا يُتحمل معه قبول مثل تلك الرواية خاصة أن القاعدة أن الجرح مقدم على التعديل، وعليه فالرواية ساقطة.
الوجه الثاني: قد جاءت الرواية في مسند أحمد من طريق دون ذكر قصة الخمر، ودون ذكر حوار عبادة مع أبي هريرة وبدون ذكر معاوية.
[«مسند أحمد» (37/ 429 ط الرسالة)].
والرواية من طريق ابن خثيم !
ورواها البزار في مسنده
[«مسند البزار = البحر الزخار» (7/ 164)].
من طريق يوسف بن خالد السمتي، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه عن عبادة. قلنا: قال ابن شاهين «زنديق كذاب لا يكتب عنه شيء»
[«تاريخ أسماء الضعفاء والكذابين» (ص198)].
وفي مستدرك الحاكم 5530 – فَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَوْنٍ مُحَمَّدُ بْنُ مَاهَانَ الْخَزَّازُ، بِمَكَّةَ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ، قَامَ قَائِمًا فِي وَسَطِ دَارِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّدًا أَبَا الْقَاسِمِ يَقُولُ: «سَيَلِي أُمُورَكُمْ مِنْ بَعْدِي رِجَالٌ يُعَرِّفُونَكُمْ مَا تُنْكِرُونَ، وَيُنْكِرُونَ عَلَيْكُمْ مَا تَعْرِفُونَ، فَلَا طَاعَةَ لِمَنْ عَصَى اللَّهَ، فَلَا تَعْتُبُوا أَنْفُسَكُمْ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ مُعَاوِيَةَ مِنْ أُولَئِكَ» ، فَمَا رَاجَعَهُ عُثْمَانُ حَرْفًا «وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ فِي وُرُودِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ مُتَظَلِّمًا بِمَتْنٍ مُخْتَصَرٍ»
[التعليق – من تلخيص الذهبي]5530 – سكت عنه الذهبي في التلخيص
[«المستدرك على الصحيحين للحاكم – ط العلمية» (3/ 402)].
ومسلم بن خالد منكر الحديث .قال ابن الجوزي «قَالَ عَليّ بن الْمَدِينِيّ لَيْسَ بِشَيْء وَقَالَ الرَّازِيّ لَا يحْتَج بِهِ وَقَالَ النَّسَائِيّ ضَعِيف وَقَالَ أَبُو زرْعَة الرَّازِيّ وَالْبُخَارِيّ هُوَ مُنكر الحَدِيث وَقَالَ يحيى ثِقَة»
[«الضعفاء والمتروكون لابن الجوزي» (3/ 117)].
وأخرجه الحاكم أيضا مختصراً 3/357 من طريق زهير بن معاوية، عن إسماعيل بن عبيد، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن أبي الزبير، عن جابر، عن عبادة. فقلب زهير أو مَن دونه إسناده، وأبو الزبير مدلس وقد عنعنه. وأخرجه مختصراً أيضاً الحاكم 3/356 من طريق محمد بن كثير المصيصي، عن عبد الله بن واقد، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن أبي الزبير، عن جابر، عن عبادة. ومحمد بن كثير ضعيف. وعليه فجميع الروايات الواردة في ذلك ضعيفة، ومتونها لا تخدم مأرب الرافضة الذين أثاروا تلك الشبهة إذ لم تنص رواية واحدة على ما نصت عليه رواية الشاشي الذي بينا ضعف روايته. ومما يضعف متن الحديث كذلك أن ابت أبي شيبة قد روى الرواية وفيها أن عبادة لم يخرج من الشام إلى المدينة كما تزعم رواية الشاشي «فَكَتَبَ عُثْمَانُ إِلَى فُلَانٍ أَدْخِلْهُ إِلَى دَارِهِ مِنَ الْمَدِينَةِ ، فَبَعَثَ بِهِ فُلَانٌ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَدَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ الدَّارَ»
[«المسند للشاشي» (3/ 173)].
قال ابن أبي شيبة «37721 – خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنِ الْأَعْشَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُكَمِّلٍ، عَنْ أَزْهَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ أَقْبَلَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ حَاجًّا مِنَ الشَّامِ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ ، فَأَتَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَقَالَ: يَا عُثْمَانُ ، أَلَا أُخْبِرُكَ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: بَلَى ، قُلْتُ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ” سَتَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يَأْمُرُونَكُمْ بِمَا تَعْرِفُونَ وَيَعْمَلُونَ مَا تُنْكِرُونَ ، فَلَيْسَ لِأُولَئِكَ عَلَيْكُمْ طَاعَةٌ»
[«مصنف ابن أبي شيبة» (7/ 526 ت الحوت)].
فرواية الشاشي تقول بأن معاوية ارسله إلى عثمان، ورواية ابن أبي شيبة تقول إن عبادة قدم حاجا من الشام !!
وهذا مما يبين التضارب والتناقض في تلك الرواية مما يسقطها عن الحجية أيضا. ولذلك فقد حكم بالضعف على الحديث الشيخ الألباني في الضعيفة،
[«سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة» (3/ 528).
وكذلك حكم عليها محققو المسند فقالوا «إسناده ضعيف»
[«مسند أحمد» (37/ 430 ط الرسالة)].
وأما من ناحية المتن فليس في الرواية إشكال إذ أن عبادة قيل له أنها خمر تباع لفلان فالقائل لعبادة مجهول، وفلان الذي تباع له الخمر مجهول أيضا، لكن جهالة صاحب الخمر قد زالت في نفس الرواية إجمالا من كلام معاوية «أَلَا تُمْسِكْ عَنَّا أَخَاكَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ: إِمَّا بِالْغَدَوَاتِ فَيَغْدُو إِلَى السُّوقِ فَيُفْسِدُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ مَتَاجِرَهُمْ»
[«المسند للشاشي» (3/ 173)].
فالذين كانوا يبيعون الخمر ويشترونه هم أهل الذمة لا المسلمون، وهذا جائز في دينهم بلا شك وَتَصَرُّفُ الْحُرِّ الْكَافِرِ فِي الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ بَاطِلٌ وَهُوَ فِي جَمِيعِ بِيَاعَاتِهِ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْلِمِ إلَّا فِي الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ
[السرخسي، المبسوط للسرخسي، ٣٨/٢٦].
وفي الموسوعة الكويتية: “وَالْكَافِرُ يَسَعُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ وَيَبِيعَهَا، وَلاَ كَذَلِكَ الْمُسْلِمُ”.
[مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، ٤٦/٢٦].
وهذا أيضا جائز عند الشيعة وإن الكافر يجوز له بيع الخمر والتجارة فيه حسب دينه، بل لو اسلم بعد البيع وقبل قبض الثمن جاز له المطالبة به ويكون حلالا له .
قال ابن إدريس الحلي وأهل الذمّة سواء كانوا يهودا أو نصارى أو مجوسا ، إذا باعوا ما لا يجوز للمسلم بيعه ، من الخمر ، والخنزير ، وغير ذلك ، ثمّ أسلم كان له المطالبة بالثمن ، وكان حلالا له
[اسم الکتاب : كتاب السرائر المؤلف : ابن إدريس الحلي الجزء : 2 صفحة : 329].
، والمراد بذلك أن يكون البائع الذي هو المدين ، ممّن أقرّنه الشريعة على ما يراه ، من تحليل بيع الخمر ، وهو أهل الكتاب ، لأنّ ذلك حلال عندهم ، ويجوز للمسلم قبض دينه منهم ، إذا كان ثمن خمورهم ، وخنازيرهم
[اسم الکتاب : كتاب السرائر المؤلف : ابن إدريس الحلي الجزء : 2 صفحة : 43].
وعليه فلا يقال كيف لمعاوية أن يترك أهل الذمة يتاجرون في الخمر !
ثالثا: قد جاءت بعض الفتاوى التي تبيح للشيعي اخذ المال الذي نتج من تجارة الخمر وتقديمها للكافر.
في صراط النجاة للخوئي سؤال 857 : إن بعض المهاجرين إلى البلاد الأمريكية حيث أنهم يفقدون الكفاءة العلمية المطلوبة في تلك البلاد ، فتكون تجارتهم هي من طريق بيع الخمور واللحوم المختلفة ( الميتة ، والخنزير ، . . . ) ، فهل يجوز بيع اللحوم غير المذكاة والخنزير لغير المسلمين مع العلم أنهم ليسوا من أهل الذمة ؟ الخوئي : لا يجوز بيعها مطلقا ، والله العالم . التبريزي : إذا كان المشتري كافرا فلا بأس بالتقديم بقصد استنقاذ المال ، كما مر وهذا بالإضافة إلى غير المذكاة شرعا ، وأما بالإضافة إلى الميتة فكون المسلم بائعا لها من الكفار أو تقديمها لهم ولو بقصد الاستنقاذ وهن على المسلمين فلا يجوز ، والله العالم . سؤال 858 : هل يجوز بيع الخمور لغير المسلمين ؟ الخوئي : تلك أيضا لا يجوز بيعها مطلقا ، والله العالم . سؤال 859 : ما هو الحكم في الثمن المحصل من المعاملة السابقة ؟ الخوئي : يجوز فعلا تملك تلك الأثمان المأخوذة من غير المسلمين ، والله العالم
[صراط النجاة ( تعليق الميرزا التبريزي )، ج ٢، السيد الخوئي، ص ٢٧٢].
فهذا هو التبريزي يجوز تقديم الحرام للكافر بغرض اخذ المال منه، وذلك أن مال الكافر مباح، ولذلك أجاز الخوئي تملك ذلك المال أيضا ولذلك جاء في فتوى التبريزي حل كل مال يؤخذ من الكفار بأي طريق سؤال 1396: بعض الاشخاص في الدول الغربية يسرقون من الشركات التابعة للدولة الكافرة ثم يأتون بهذه الاموال ويقولون نريد أن نخمسها! فما حكم هذه الاموال وكيف يتم الخمس فيها، وهل تصبح حلالا بعد اخراج الخمس منها؟ التبريزي: لا تجوز السرقة المزبورة لما فيه من المهانة على المسلمين، وإذا ارتكب ذلك يجب فيه الخمس كسائر الاموال وتصبح حلالا، إن شاء الله تعالى
[اسم الکتاب : صراط النجاة المؤلف : التبريزي، الميرزا جواد الجزء : 1 صفحة : 499].
فما المانع الشرعي إذا من تجارة الشيعي معهم في الخمر بغرض الاستيلاء على أموالهم؟!
بل إن الشيعة قد رووا في أصح كتبهم روايات عن الصادق أنه كان يتاجر بماله مع رجل يشرب الخمر وهذا مع تحذير أباه الباقر من التجارة مع ذلك الرجل!
في الكافي وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أَسْتَبْضِعَ بِضَاعَةً إِلَى الْيَمَنِ فَأَتَيْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع فَقُلْتُ لَهُ إِنَّنِي أُرِيدُ أَنْ أَسْتَبْضِعَ فُلَاناً بِضَاعَةً فَقَالَ لِي أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّهُ يَشْرَبُ الْخَمْرَ فَقُلْتُ قَدْ بَلَغَنِي مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ ذَلِكَ فَقَالَ لِي صَدِّقْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ- يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ قَالَ إِنَّكَ اسْتَبْضَعْتَهُ فَهَلَكَتْ أَوْ ضَاعَتْ فَلَيْسَ لَكَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَأْجُرَكَ وَ لَا يُخْلِفَ عَلَيْكَ فَاسْتَبْضَعْتُهُ فَضَيَّعَهَا فَدَعَوْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَأْجُرَنِي فَقَالَ يَا بُنَيَّ مَهْ لَيْسَ لَكَ عَلَى اللَّهِ أَنْ يَأْجُرَكَ وَ لَا يُخْلِفَ عَلَيْكَ قَالَ قُلْتُ لَهُ وَ لِمَ فَقَالَ لِي إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ- وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً[1] فَهَلْ تَعْرِفُ سَفِيهاً أَسْفَهَ مِنْ شَارِبِ الْخَمْرِ
[اسم الکتاب : الكافي- ط الاسلامية المؤلف : الشيخ الكليني الجزء : 6 صفحة : 398].
فهذا الصادق يعصي اباه ويتاجر بامواله مع شارب خمر، وقد وقد مثل ذلك مع الصادق وولده إسماعيل لكن مع تفاصيل وإضافات معيّنة وبإسناد صحيح عندهم عن حريز.
[اسم الکتاب : الكافي- ط الاسلامية المؤلف : الشيخ الكليني الجزء : 5 صفحة : 299].
يقول المجلسي الأول : “وإن أمكن ذلك بناء على أن الأمر الإرشادي لا يجب ، ولا يستحب أن يعمل به وإنما الغرض فيه منفعة الدنيا وإن كان لو عمل به أحد لله لكان مثابا”.
[روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه، ج ٩، محمد تقي المجلسي ( الأول )، ص ٢٩٥].
وأقر بوقوع القصة عالمهم المنتظري فقال: “أقول : احتمال وقوع القصة تارة للامام الصادق (ع) و تارة لابنه اسماعيل غير بعيد و لكن عصيان الامام الصادق لابيه بعيد جدا.
[اسم الکتاب : مجمع الفوائد المؤلف : ، حسين علي منتظري الجزء : 1 صفحة : 465].
فهذا الإمام المعصوم لا يتورع أن يتاجر بماله مع شارب الخمر!!
والحمد لله رب العالمين
مواضيع شبيهة