7ewaratwelzamat
حوارات وإلزامات

قول عائشة رضي الله عنها لرسول الله : اتق الله ولا تقل إلا حقًا

0

 

قال علي الميلاني: “وقد كان رسول الله المَثَل الأعلى للين العريكة في سيرته الغرّاء، وتلاحظ ذلك جليّاً في عشرته مع عائشة. فبالرغم من إيذائها للرسول الأكرم، وتجاسرها على مقامه الأعظم كان  ليّناً معها، معاشراً عشرة الحسنى قبالها. حتّى أنّها تحاكمت مرّةً مع الرسول عند أبيها أبي بكر، وقالت لرسول الله  قبل أن يتكلّم: قُل ولا تقل إلّا حقّاً!”.

[أخلاق أهل البيت عليهم السلام- علي الحسيني الميلاني- (ص 156)].

 

والجواب على هذه الشبهة من وجوه:

أولا: هذا الحديث رواه أبو عمر بن حيويه في “الثالث من مشيخته” فقال: أَخْبَرَنَا أَبُو اللَّيْثِ نَصْرُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ نَصْرٍ الْفَرَائِضِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْخُشُوعِيُّ، سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ، ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، ثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّهُ كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ كَلامٌ، فَقَالَ لَهَا: (مَنْ تَرْضَيْنَ بَيْنِي وَبَيْنَكِ؟ أَتَرْضَيْنَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ؟ قَالَتْ: لا أَرْضَاهُ؛ عُمَرُ غَلِيظٌ، فَقَالَ: أَتَرْضَيْنَ بِأَبِيكِ بَيْنِي وَبَيْنِكِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ.قَالَ: فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ، فَجَاءَ، فَقَالَ: وَإِنَّ هَذِهِ مِنْ أَمْرِهَا كَذَا، وَمِنْ أَمْرِهَا كَذَا. قَالَتْ: قُلْتُ: اتَّقِ اللَّهَ، وَلا تَقُلْ إِلا حَقًّا. قَالَتْ: فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ، فَرَثَمَ بِهِ أَنْفَهَا، وَقَالَ: أَنْتِ لا أُمَّ لَكِ، يَا ابْنَةَ أُمِّ رُومَانَ تَقُولِينَ الْحَقَّ وَأَبُوكِ، وَلَا يَقُولُهُ رَسُولُ اللَّهِ ! قَالَتْ: فَابْتَدَرَتْ مِنْخَرَاهَا كَأَنَّهَا غَزْلا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ-: (الْبَيْتَ).وَجَعَلَ يَضْرِبُهَا بِهَا، فَقَامَتْ هَارِبَةً مِنْهُ، فَلَزِقَتْ بِظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ ، قَالَتْ: حَتَّى قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ : (أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ، لَمَّا خَرَجْتَ، فَإِنَّا لَمْ نَدْعُكَ لِهَذَا)، فَلَمَّا خَرَجَ قَامَتْ فَتَنَحَّتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ، فَقَالَ لَهَا: (ادْنُ مِنِّي). فَأَبَتْ أَنْ تَفْعَلَ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ، فَقَالَ لَهَا: (لَقَدْ كُنْتِ قَبْلَ هَذَا شَدِيدَةَ اللُّزُوقِ بِظَهْرِي)”.

[ الثالث من مشيخة ابن حيويه- (ص 16)].

 

القصة بهذا التفصيل، خاصة القول المزعوم أن عائشة أم المؤمنين قالت لرسول الله : «اتق الله ولا تقل إلا حقا» لا يثبت، لأمرين:

1- مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْخُشُوعِيُّ ترجم له ابن منده في (الكنى والألقاب 4524) وكناه أبا عبد الله، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.

2- عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ الْعَنْبَرِيُّ هو من أتباع التابعين، متوفى عام 180هـ، فلم يدرك أحدًا من الصحابة، ولا يمكن أن يسمع عائشة، فهذا الإسناد فيه سقط، فهو خطأ.

وهناك طريق أخرى لهذا الحديث:

قال ابن أبي الدنيا:حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ جَرِيرٍ أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: كَانَ بَيْنَ النَّبِيِّ وَبَيْنَ عَائِشَةَ بَعْضُ عِتَابٍ…الخ”.

[ النفقة على العيال- ابن أبي الدنيا- (2/ 760)].

 

وهذا السند لا يصح أيضا لأمرين:

1- محمد بن الزبير الحنظلي. قال أبو حاتم: ليس بالقوي، في حديثه إنكار. وقال البخاري: منكر الحديث وفيه نظر. وقال ابن حجر: متروك.

2- الانقطاع بين عمر بن عبد العزيز وعائشة.

 

ثانيًا: الصحيح في سياق هذه القصة، ما رواه أحمد في مسنده عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: ” جَاءَ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَى النَّبِيِّ r، فَسَمِعَ عَائِشَةَ وَهِيَ رَافِعَةٌ صَوْتَهَا عَلَى رَسُولِ اللهِ ، فَأَذِنَ لَهُ، فَدَخَلَ، فَقَالَ: يَا ابْنَةَ أُمِّ رُومَانَ وَتَنَاوَلَهَا، أَتَرْفَعِينَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُولِ اللهِ ؟ قَالَ: فَحَالَ النَّبِيُّ ، بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، قَالَ: فَلَمَّا خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ جَعَلَ النَّبِيُّ ، يَقُولُ لَهَا يَتَرَضَّاهَا: (أَلَا تَرَيْنَ أَنِّي قَدْ حُلْتُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَكِ)، قَالَ: ثُمَّ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ، فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ، فَوَجَدَهُ يُضَاحِكُهَا، قَالَ: فَأَذِنَ لَهُ، فَدَخَلَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: “يَا رَسُولَ اللهِ  أَشْرِكَانِي فِي سِلْمِكُمَا، كَمَا أَشْرَكْتُمَانِي فِي حَرْبِكُمَا”.

[ مسند أحمد – (30/ 342)].

 

وصححه محققو المسند، وكذا صححه الألباني.

[ سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها- الألباني- (6/ 944)].

 

وهذه الرواية الصحيحة ليس فيها هذه اللفظة المنكرة عن عائشة رضي الله عنها.

ثالثًا: لو صحت الرواية، وكانت مطعنا في عائشة رضي الله عنها؛ لأنها طلبت من النبيّ  أن يقول الحق، فما قولهم فيما ورد في كتبهم أن زينب بن جحش رضي الله عنها، اتهمت النبيّ   بعدم العدل. فقد روى الكليني بسنده عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن زينب بنت جحش قالت لرسول الله : لا تعدل وأنت نبي، فقال: تربت يداك إذا لم أعدل فمن يعدل؟! فقالت: دعوت الله يا رسول الله  ليقطع يدي؟ فقال: لا، ولكن لتتربان، فقالت: إنك إن طلقتنا وجدنا في قومنا أكفاءنا فاحتبس الوحي عن رسول الله  تسعًا وعشرين ليلة، ثم قال أبو جعفر عليه السلام: فأنف الله عز وجل لرسوله ، فأنزل {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا } [سورة الأحزاب:28-29]. الآيتين، فاخترن الله ورسوله فلم يك شيئا ولو اخترن أنفسهن لبن”.

[ الكافي- الكليني- (6/ 139)].

 

والحديث قال عنه المجلسي:” موثق”.

[ مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول-المجلسي- (21/232)].

 

فهل يحكمون بالكفر على زينب بنت جحش رضي الله عنها زوج رسول الله ؟ وخاصة أنهم يسلمون أن النبيّ  تزوجها بوحي من الله تعالى.قال فوزي آل سيف: “نعم، لو ثبت بدليل معتبر أن النبي  قد أمره الله -من خلال الوحي- بأن يتزوج امرأة أو يتركها، لجهة من الجهات (كما حصل بالنسبة لزينب بنت جحش في قضية زيد بن حارثة)، نقبله ونسلم به لكن هذا هو الاستثناء، وليس الأصل”

[ أعلام من الأسرة النبوية- فوزي آل سيف- (ص 293.

    

قناة اليوتيوب

مواضيع شبيهة

الزعم بأن حديث الإفك مردود كونه آحادًا.

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.