7ewaratwelzamat
حوارات وإلزامات

 قول أبي بكر عن أم المؤمنين: “يَا رَسُولَ اللهِ مَا تَنْتَظِرُ بِهَذِهِ الَّتِي خَانَتْكَ وَفَضَحَتْنِي”

0

جاءت الرواية عند الطبراني قال: 152 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ الْحَرَّانِيُّ، ثنا أَبِي، ثنا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: دَخَلَتْ عَلَيَّ أُمُّ مِسْطَحٍ فَخَرَجْنَا إِلَى حَيْرِ عَادٍ، فَوَطِئَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ عَلَى عَظْمٍ أَوْ شَوْكَةٍ، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ: بِئْسَ مَا قُلْتِ، رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَتْ: أَشْهَدُ أَنَّكِ مِنَ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ، أَتَدْرِينَ مَا قَدْ طَارَ عَلَيْكِ؟، قُلْتُ: لَا وَاللهِ، قَالَتْ: مَتَى عَهْدُ رَسُولِ اللهِ بِكِ؟، قُلْتُ: رَسُولُ اللهِ يَفْعَلُ فِي أَزْوَاجِهِ مَا أَحَبَّ، يَبْدَأُ بِمَنْ أَحَبَّ مِنْهُنَّ وَيَأْتِي مَنْ أَحَبَّ، قَالَتْ: فَإِنَّهُ طَبَّقَ عَلَيْكِ كَذَا وَكَذَا، فَخَرَرْتُ مَغْشِيًّا عَلَيَّ، فَبَلَغَ أُمَّ رُومَانَ أُمِّي، فَلَمَّا بَلَغَهَا الْأَمْرُ أَتَتْنِي فَحَمَلَتْنِي فَذَهَبَتْ إِلَى بَيْتِهَا، فَبَلَغَ رَسُولَ اللهِ أَنَّ عَائِشَةَ قَدْ بَلَغَهَا الْأَمْرُ، فَجَاءَ إِلَيْهَا فَدَخَلَ عَلَيْهَا وَجَلَسَ عِنْدَهَا وَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللهَ قَدْ وَسَّعَ التَّوْبَةَ» ، فَازْدَدْتُ شَرًّا إِلَى مَا بِي، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَدَخَلَ عَلَيَّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا تَنْتَظِرُ بِهَذِهِ الَّتِي خَانَتْكَ وَفَضَحَتْنِي، قَالَتْ: فَازْدَدْتُ شَرًّا إِلَى شَرٍّ
[الطبراني، المعجم الكبير للطبراني، ١١٧/٢٣].

قال ياسر الحبيب في كتابه الفاحشة: “ومنها ما جاء في رواية الطبراني من قول عائشة: «فبينا نحن كذلك إذ جاء أبو بكر، فدخل عليَّ، فقال: يا، رسول الله، ما تنتظر بهذه التي خانتك وفضحتني»! وهو غريب ومستبعد جداً، إذ صريحه أن أبا بكر كان معتقداً بخيانة ابنته وارتكابها الفاحشة ولذا دعا النبي لإقامة الحدّ عليها وعدم الانتظار، فيكون أبو بكر مشتركاً في الإفك. [الفاحشة ص401].

والجواب عن هذه الشبهة من وجوه:

أولا : هذه الرواية ضعيفة، ولا تصح، وفيها أربع علل :

١- محمد بن عمرو الحراني مجهول
٢- رواية عتاب بن بشير عن خصيف منكرة .
٣- خصيف ضعفه الكثير من اهل العلم .
٤- لا يعرف لمقسم سماع من ام المؤمنين عائشة كما قال البخاري .

وإليك التفصيل:

١- محمد بن عمرو بن خالد الحراني مجهول الحال والرتبة، ولم أجد له ترجمة في كتب الرجال تبين حاله.قال محقق الدعاء للطبراني: “لم أقف له على ترجمة”.الدعاء للطبراني ص٦١١ تحقيق الدكتور محمد سعيد بن محمد حسن البخاري.

وعليه فالرجل مجهول الحال حيث لم يرد فيه جرح ولا تعديل من الحفاظ.

٢- عتاب بن بشير، قال الإمام أحمد لما “سئل عَنْ عتاب بْن بشير، فَقَالَ: أرجو أَن لا يَكُون بِهِ بأس. رَوَى بأخرة أحاديث منكرة، ومَا أرى أَنَّهَا إلا من قبل خصيف ”

[المزي، جمال الدين، تهذيب الكمال في أسماء الرجال، ٢٨٧/١٩].

 

وقال أيضا “أحاديث عتاب عَنْ خصيف منكرة”.

[المزي، جمال الدين، تهذيب الكمال في أسماء الرجال، ٢٨٨/١٩].

 

وَقَال النَّسَائي: لَيْسَ بذاك فِي الحَدِيث”.

[المزي، جمال الدين، تهذيب الكمال في أسماء الرجال، ٢٨٨/١٩].

 

٣- خُصَيْفُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَرَّانِيِّ ضعيف، “قال حنبل بْن إِسْحَاقَ، عَن أحمد بْن حنبل: ليس بحجة ولا قوي فِي الحديث.
وَقَال أبو طالب، عَن أحمد بن حنبل: ضعيف الحديث”.

[المزي، جمال الدين، تهذيب الكمال في أسماء الرجال، ٢٥٨/٨].

وَقَال أبو حاتم: صالح يخلط، وتكلم فيه سوء حفظه.وَقَال النَّسَائي فيما قرأت بخطه: عتاب ليس بالقوي، ولا خصيف.

[المزي، جمال الدين، تهذيب الكمال في أسماء الرجال، ٢٥٩/٨].

 

قال المنذري “في إسناده خُصيف بن عبد الرحمن الحراني، وهو ضعيف”.

[عبد العظيم المنذري، مختصر سنن أبي داود للمنذري ت حلاق، ٥١٥/١].

 

قال الزيلعي “وَخُصَيْفٌ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ”

[الزيلعي، جمال الدين، نصب الراية، ٣٤٥/٢].

 

وقال أيضا “وَخُصَيْفُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَرَّانِيِّ كُنْيَتُهُ أَبُو عَوْنٍ، ضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ”.

[الزيلعي، جمال الدين، نصب الراية، ١٢٣/٣].

وقال الحافظ “خصيف .. صدوق سيء الحفظ خلط بأخرة ورمي بالإرجاء”

[ابن حجر العسقلاني، تقريب التهذيب، صفحة ١٩٣].

 

وذكره برهان الدين الحلبي في المختلطين

[سِبْط ابن العَجَمي، برهان الدين، الاغتباط بمن رمي من الرواة بالاختلاط، صفحة ١٠٩].

 

وقال ابن حبان “خصيف بْن عَبْد الرَّحْمَنِ. . . تَركه جَمَاعَة من أَئِمَّتنَا وَاحْتج بِهِ جَمَاعَة آخَرُونَ وَكَانَ خصيف شَيخنَا صَالحا فَقِيها عابدا إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يخطىء كثيرا فِيمَا يَرْوِي وينفرد عَن الْمَشَاهِير بِمَا لَا يُتَابع عَلَيْهِ وَهُوَ صَدُوق فِي رِوَايَته إِلَّا أَن الْإِنْصَاف فِي أمره قبُول مَا وَافق الثِّقَات من الرِّوَايَات وَترك مَا لَمْ يُتَابع عَلَيْهِ وَإِن كَانَ لَهُ مدْخل فِي الثِّقَات وَهُوَ مِمَّن أستخير اللَّه فِيهِ
[ابن حبان، المجروحين لابن حبان، ٢٨٧/١].

 

وقال الألباني: “وهذا إسناد فيه ضعف، رجاله ثقات، غير أن خصيفا وهو ابن عبد الرحمن الجزري سيء الحفظ”.

[ناصر الدين الألباني، سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها، ٤٣٢/٤].

٤- مقسم بن بجرة لم يرو عن عائشة وقد ذكر الحافظ المزي أن له رواية عن عائشة في سنن النسائي .

[المزي، جمال الدين، تهذيب الكمال في أسماء الرجال، ٤٦٢/٢٨].

 

وروايته تلك التي أشار إليها الحافظ المزي مرسلة، وليس له في الكتب الستة غيرها، وأما الرواية التي معنا فلا يُحتج بها في سماع مقسم من عائشة فهي ساقطة كما مر بيانه، ولا يُعرف لمقسم سماع من عائشة وهذا نص عليه البخاري ونقله الحافظ المزي وابن حجر فقال في تهذيب التهذيب: “وقال البخاري في التاريخ الصغير لا يعرف لمقسم سماع من أم سلمة ولا ميمونة ولا عائشة”

[ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب، ٢٨٩/١٠].

 

وعليه فالرواية فضلا عن ضعف رجالها فهي منقطعة.
وهذه كلها علل في الرواية كل واحدة منها كافية لردها فكيف إذا انضم الجميع؟!

ثانيا: موقف أبي بكر الصديق من الإفك.أما موقف الصديق رضي الله عنه من الإفك، فقلبي عند قلبه والله، فهو العفيف الصديق، الدَّيِّنُ الرفيق، الوالد الشفيق، فسبحان من ابتلاه بمثل هذا الأمر، يُرمى رضي الله عنه وأرضاه في شرفه، يُتهم في عرض ابنته، وزوج نبيه وخليله -صلى الله عليه وسلم-، فسبحان الله العظيم، سبحان من قدر الإفك على هؤلاء؛ نبي كريم، وطاهرة عفيفة، وصديق ذو نسب ومكانة. !قال الحافظ: “وَفِيهِ تَثَبُّتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فِي الْأُمُورِ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مَعَ تَمَادِي الْحَالِ فِيهَا شَهْرًا كَلِمَةً فَمَا فَوْقَهَا إِلَّا مَا وَرَدَ عَنْهُ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَالَ وَاللَّهِ مَا قِيلَ لَنَا هَذَا فِي الْجَاهِلِيَّة فَكيف بعد أَن أعزانا الله بِالْإِسْلَامِ وَقع ذَلِك فِي حَدِيث بن عُمَرَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ”.

[ابن حجر العسقلاني، فتح الباري لابن حجر، ٤٨٠/٨].

قال الشيخ سليم بن عيد الهلالي في تعليقه على كتاب ” حديث الإفك” للمقدسي صـ 147: “ومما ينبغي تسجيله باعتباره درساً يستفاد منه في هذه الحادثة موقف أبي بكر رضي الله عنه عنه. -:

١- لم يخبر ابنته بما حدث.
٢- تأثره الشديد وبكاؤه مع ابنته؛ مما يدل على رأفته، ورحمته، وشدته في بعد الأذى عنها.
٣-اهتمامه بها، وجلوسه عندها؛ لا سيما عند اشتداد الأزمة في أيامها الأخيرة.
4- تسليمه المطلق لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وإيمانه العميق بالوحي.
5-تثبته في الأمور وبُعد نظره، ورسوخه في فقه العواقب ومآلات الأفعال، مع اقتناعه ببراءة ابنته”.قال الحافظ “وَفِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فَاسْتَعْبَرْتُ فَبَكَيْتُ فَسَمِعَ أَبُو بَكْرٍ صَوْتِي وَهُوَ فَوْقَ الْبَيْتِ يَقْرَأُ فَقَالَ لِأُمِّي مَا شَأْنُهَا فَقَالَتْ بَلَغَهَا الَّذِي ذُكِرَ مِنْ شَأْنِهَا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ فَقَالَ أَقْسَمْتُ عَلَيْكِ يَا بُنَيَّةُ إِلَّا رَجَعْتِ إِلَى بَيْتِكِ فَرَجَعَتْ”.

[ابن حجر العسقلاني، فتح الباري لابن حجر، ٤٦٧/٨].

 

ثالثا: من أدل الأدلة على كذب تلك الرواية ما صح في روايات البخاري ومسلم وغيرهما أن أم المؤمنين قالت لأبيها: “أجب عني رسول الله” وفي رواية “أجيبا عني رسول الله” قال في طرح التثريب: “قَوْلُهَا لِأَبَوَيْهَا «أَجِيبَا عَنِّي: » فِيهِ تَفْوِيضُ الْكَلَامِ إلَى الْكِبَارِ؛ لِأَنَّهُمْ أَعْرَفُ بِمَقَاصِدِهِ وَاللَّائِقِ بِالْمَوَاطِنِ مِنْهُ وَأَبَوَاهَا يَعْرِفَانِ حَالَهَا وَأَمَّا قَوْلُ أَبَوَيْهَا «لَا نَدْرِي مَا نَقُولُ» فَمَعْنَاهُ أَنَّ الْأَمْرَ الَّذِي سَأَلْتهمَا عَنْهُ لَا يَقِفَانِ مِنْهُ عَلَى زَائِدٍ عَلَى مَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَبْلَ نُزُولِ الْوَحْيِ مِنْ حُسْنِ الظَّنِّ بِهَا وَالسَّرَائِرِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ الْهَيْثَمِ الْعَاقُولِيِّ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – قَالَ يَا بُنَيَّةَ وَكَيْفَ أَعْذُرُك بِمَا لَا أَعْلَمُ وَأَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي وَأَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي إذَا قُلْت مَا لَا أَعْلَمُ”.

[العراقي، زين الدين، طرح التثريب في شرح التقريب، ٦٧/٨].

 

وقال: “وَأَمَّا قَوْلُ أَبَوَيْهَا «لَا نَدْرِي مَا نَقُولُ» فَمَعْنَاهُ أَنَّ الْأَمْرَ الَّذِي سَأَلْتهمَا عَنْهُ لَا يَقِفَانِ مِنْهُ عَلَى زَائِدٍ عَلَى مَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَبْلَ نُزُولِ الْوَحْيِ مِنْ حُسْنِ الظَّنِّ بِهَا وَالسَّرَائِرِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ الْهَيْثَمِ الْعَاقُولِيِّ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – قَالَ يَا بُنَيَّةَ وَكَيْفَ أَعْذُرُك بِمَا لَا أَعْلَمُ وَأَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي وَأَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي إذَا قُلْت مَا لَا أَعْلَمُ، َرَوَى أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ بِإِسْنَادٍ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا – أَنَّهَا لَمَّا أُنْزِلَ عُذْرُهَا قَبَّلَ أَبُو بَكْرٍ رَأْسَهَا فَقَالَتْ أَلَا عَذَرْتَنِي فَقَالَ أَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي وَأَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي”.

[العراقي، زين الدين، طرح التثريب في شرح التقريب، ٦٧/٨].

 

وقال الحافظ: “وَرَوَى الطَّبَرِيُّ وَأَبُو عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ لَمَّا نَزَلَ عُذْرُهَا فَقَبَّلَ أَبُو بَكْرٍ رَأْسَهَا فَقُلْتُ أَلَا عَذَرْتَنِي فَقَالَ أَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي وَأَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي إِذَا قُلْتُ مَا لَا أَعْلَمُ قَوْلُهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {إِن الَّذين جاؤوا بالإفك عصبَة مِنْكُم }الْعَشْرُ الْآيَاتُ كُلُّهَ”.

[ابن حجر العسقلاني، فتح الباري لابن حجر، ٤٧٧/٨].

 

وقال في منار القاري: “قلت لأبي أجب عني رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: والله ما أدرى ما أقول ” لأن الصدمة النفسية كانت قاسية عنيفة غلبت عليه وعلى تفكيره، وأعجزت لسانه عن الإجابة، فهو في موقف يحار فيه أعظم الرجال ماذا يقول، وبماذا يجيب، إذا نظر هنا وجد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ومقامه فوق كل مقام، وإذا نظر هناك وجد عائشة ابنته الكريمة الشريفة الطاهرة المطهرة تتعرض لهذه التهمة الشنيعة، أمران يحق للمرء أن يقول أمامهما لا أدري ما أقول”.

[حمزة محمد قاسم، منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري، ٤٠/٤].

 

ثالثا: ثبت أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلِيْهِ وَسَلَّمْ- قد أقام الحد على من قذف أم المؤمنين، ولم يقل أحد قط بأن الصديق قد أقيم عليه ذلك عياذا بالله.قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، وساق الحديث، وفي آخره “وَيَقُولُ: أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ، فَقَدْ أَنَزَلَ اللَّهُ بَرَاءَتَكَ، قَالَتْ: قُلْتُ: بِحَمْدِ اللَّهِ ثُمَّ خَرَجَ إلَى النَّاسِ، فَخَطَبَهُمْ، وَتَلَا عَلَيْهِمْ مَا أَنَزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ الْقُرْآنِ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ أَمَرَ بِمِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ، وَحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، وَحَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَكَانُوا مِمَّنْ أَفْصَحَ بِالْفَاحِشَةِ، فَضُرِبُوا حَدَّهُمْ.

[عبد الملك بن هشام، سيرة ابن هشام ت السقا، ٢/٢٩٧: ٣٠٢].

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، وساق الحديث، وفيه وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ عَشْرَ آيَاتٍ: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ}

[النور: 11].

 

قَالَ: فَحَدَّ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – مِسْطَحًا، وَحَمْنَةَ، وَحَسَّانَ». رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

[نور الدين الهيثمي، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، ٢٣٠/٩].

 

قال الدكتور قريبي: فهذان الحديثان صريحان في إقامة الحد على هؤلاء المذكورين تطهيرا لما علق بهم من درن مقالة أهل الإفك والافتراء، وكلا الحديثين حسن لذاته”.وعلى هذا فلا يلتفت إلى قول من قال بأن الحد لم يقم عليهم مستندا إلى أن الحد لا يثبت إلا ببينة أو إقرار. فهذان الحديثان من أبين البينات في ذلك.

[إبراهيم بن إبراهيم قريبي، مرويات غزوة بني المصطلق وهي غزوة المريسيع، صفحة ٢٣٩].

 

وقد قال محسن الأمين أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلِيْهِ وَسَلَّمْ- قد أقام الحد على القاذفين.محسن الأمين في كتابه “أعيان الشيعة” ١/٣٨٨ قال “حديث الإفك ومرت الإشارة إليه في الجزء الثاني ونذكره هنا لارتباط أمور منه بسيرة أمير المؤمنين ع. وقع في هذه الغزاة حديث الإفك وحاصله ان عائشة أم المؤمنين كانت مع النبي ص في هذه الغزاة. . . . ثم نزل عليه الوحي ببراءتها بقوله تعالى ان الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم الآيات العشر وأقيم الحد على من قذفها كحسان ومسطح وغيرهما لكنهم لم يذكروا انه أقيم على عبد الله بن أبي.

فإقامة الحد على القاذفين مما يبين كذب ذلك الملام المنسوب للصديق رضي الله عنه.

قناة اليوتيوب

مواضيع شبيهة

أخذ عثمان السنة من امرأة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.