7ewaratwelzamat
حوارات وإلزامات

 قطع عثمان فدك لمروان

0

قال الشيعة إن عثمان قطع فدك لمروان بن الحكم وهذا تصرف منه في أموال غيره بما لا يحق له، واحتجوا برواية أبي داود

2972 – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَرَّاحِ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: جَمَعَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَنِي مَرْوَانَ حِينَ اسْتُخْلِفَ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَانَتْ لَهُ فَدَكُ، فَكَانَ يُنْفِقُ مِنْهَا وَيَعُودُ مِنْهَا عَلَى صَغِيرِ بَنِي هَاشِمٍ، وَيُزَوِّجُ مِنْهَا أَيِّمَهُمْ، وَإِنَّ فَاطِمَةَ سَأَلَتْهُ أَنْ يَجْعَلَهَا لَهَا فَأَبَى»، فَكَانَتْ كَذَلِكَ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ، فَلَمَّا أَنْ وُلِّيَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَمِلَ فِيهَا بِمَا عَمِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي حَيَاتِهِ حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ، فَلَمَّا أَنْ وُلِّيَ عُمَرُ عَمِلَ فِيهَا بِمِثْلِ مَا عَمِلَا حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ، ثُمَّ أَقْطَعَهَا مَرْوَانُ، ثُمَّ صَارَتْ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ عُمَرُ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ: فَرَأَيْتُ أَمْرًا مَنَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَام، لَيْسَ لِي بِحَقٍّ، وَأَنَا أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ رَدَدْتُهَا عَلَى مَا كَانَتْ يَعْنِي عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[144]-، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَلِيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْخِلَافَةَ، وَغَلَّتُهُ أَرْبَعُونَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَتُوُفِّيَ وَغَلَّتُهُ أَرْبَعُ مِائَةِ دِينَارٍ وَلَوْ بَقِيَ لَكَانَ أَقَلَّ»

[السجستاني، أبو داود، سنن أبي داود، ١٤٣/٣].

 

هامش: «وأخرجه البيهقي 6/ 301 من طريق عبد الله بن الجراح، والبلاذري في “فتوح البلدان ” ص 45 عن عثمان بن أبي شيبة، وابن عبد البر في “[التمهيد” 8/ 169 – 170]. من طريق محمد بن حميد الرازي، ثلاثتهم عن جرير بن عبد الحميد، به»

قال الأميني : عد ابن قتيبة في المعارف ص 84، وأبو الفدا في تاريخه 1: 168 مما نقم الناس على عثمان قطعه فدك لمروان وهي صدقة رسول الله.ثم قال الأميني: “أنا لا أعرف كنه هذا الاقطاع وحقيقة هذا العمل فإن فدك إنكان فئ للمسلمين ؟ كما ادعاه أبو بكر ، فما وجه تخصيصه بمروان”.

[الغدير، ج ٨، الشيخ الأميني، ص ٢٣٧].

 

والجواب على هذه الشبهة من وجوه:

 

 

أولا: الأثر ضعيف لا يثبت قال الشيخ الألباني تعليقا عليه: «(قلت: إسناده ضعيف مرسل، وقوله: إن فاطمة سألته أن يجعله لها؟فأبى.. منكر. والمغيره- هو: ابن مقسم- مدلس) .واسناده: حدثنا عبد الله بن الجراح: ثنا جرير عن المغيرة.قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مرسل، عمر بن عبد العزيز تابعي جليل، لم يدرك القصة.والمغيرة- وهو: ابن مقسم- مدلس، وعبد الله بن الجراح صدوق يخطئ، وفيه جملة استنكرتُها، وهي قوله: (إن فاطمة سألته أن يجعل أرض فدك لها؟ فأبى) ؛ووجه الاستنكار مِن ناحيتين الأولى: أنها لم ترد في شيء من طرق الحديث الصحيحة عن عمر وعائشة وغيرهما في “الصحيحين ” و”السنن ” وغيرهما، وحديثهما في الكتاب الآخر(2624- 2631) .

 

والأخرى: أنتي أستبعد جداً أن تكون السيدة فاطمة سألت أباها (فدكاً)فمنعها! إياها، ثم بعد وفاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تطالب بها أبا بكر، وتخاصمه في ذلك– كما هو معروف-؛ هذا شبه مستحيل. والله أعلم».

[«ضعيف أبي داود – الأم» (2/ 420)].

 

ومن صحح إسناده (أنظر هامش «سنن أبي داود» (4/ 591 ت الأرنؤوط)) فإنما صححه إلى عمر بن عبد العزيز فيبقى الإرسال بين عمر والخلفاء الراشدين كلهم فعمر ولد على أقل تقدير سنة تسع وخمسين «البداية والنهاية» (12/ 677 ت التركي):وهذا إرسال واضح تسقط به الحجة .ومما يؤيد أن عثمان رضي الله عنه لم يثبت عنه أنه اقطع فدكا لمروان أنه قد جاء في مسند أحمد بإسناد صحيح أن عثمان سلَّم فدك لعلي “إدارة”«مسند أحمد» (1/ 239 ط الرسالة):«عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ، خَاصَمَ الْعَبَّاسُ عَلِيًّا فِي أَشْيَاءَ تَرَكَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: شَيْءٌ تَرَكَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يُحَرِّكْهُ فَلا أُحَرِّكُهُ. فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ اخْتَصَمَا إِلَيْهِ، فَقَالَ: شَيْءٌ لَمْ يُحَرِّكْهُ أَبُو بَكْرٍ فَلَسْتُ أُحَرِّكُهُ، قَالَ: فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ عُثْمَانُ اخْتَصَمَا إِلَيْهِ، قَالَ: فَأَسْكَتَ عُثْمَانُ وَنَكَّسَ رَأْسَهُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَخَشِيتُ أَنْ يَأْخُذَهُ، فَضَرَبْتُ بِيَدِي بَيْنَ كَتِفَيِ الْعَبَّاسِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَتِ (1) ، أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ إِلَّا ‌سَلَّمْتَهُ ‌لِعَلِيٍّ، ‌قَالَ: ‌فَسَلَّمَهُ ‌لَهُ»وهذا إسناد صحيح. ومما يؤيد ذلك أيضا ما جاء في الطبقات: «قَالَ جَعْفَرٌ: فَلَقَدْ وَلِيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْخِلافَةَ وَمَا يَقُومُ بِهِ وَبِعِيَالِهِ إِلا هِيَ تُغِلُّ عَشَرَةَ آلافِ دِينَارٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَأَقَلَّ قَلِيلا وَأَكْثَرَ. فَلَمَّا وَلِيَ الْخِلافَةَ سَأَلَ عَنْ فَدَكَ وَفَحَصَ عَنْهَا فَأُخْبِرَ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهَا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ حَتَّى كَانَ مُعَاوِيَةُ. قَالَ فَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ كِتَابًا فِيهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عُمَرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ. سَلامٌ عَلَيْكَ فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ. أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي نَظَرْتُ فِي أَمْرِ فَدَكَ وَفَحَصْتُ عَنْهُ فَإِذَا هُوَ لا يَصْلُحُ لِي وَرَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّهَا عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ‌وَعُثْمَانَ. ‌وَأَتْرُكَ مَا حَدَثَ بَعْدَهُمْ. فَإِذَا جَاءَكَ كِتَابِي هَذَا فَاقْبِضْهَا وَوَلِّهَا رَجُلا يَقُومُ فِيهَا بِالْحَقِّ. وَالسَّلامُ عَلَيْكَ»

[ «الطبقات الكبرى ط العلمية» (5/ 303)].

 

ففي الرواية أن عثمان لم يعط مروان شيئا وإنما الذي أعطاه هو معاوية!يقول القرطبي في المفهم:«أن عليًّا لما ولي الخلافة لم يغيرها عما عُمل فيها في عهد أبي بكر، وعمر، وعثمان، ولم ‌يتعرض ‌لتملكها، ولا لقسمة شيء منها، بل كان يصرفها في الوجوه التي كان من قبله يصرفها فيها، ثم كانت بيد حسن بن علي، ثم بيد حسين بن علي، ثم بيد علي بن الحسين، ثم بيد الحسين بن الحسن، ثم بيد زيد بن الحسن، ثم بيد عبد الله بن الحسن، ثم تولاها بنو العباس على ما ذكره أبو بكر البرقاني في صحيحه. وهؤلاء كبراء أهل البيت رضي الله عنهم، وهم معتمد الشيعة وأئمتهم، لم يُرو عن واحد منهم: أنه تملكها، ولا ورثها، ولا ورثت عنه، فلو كان ما يقوله الشيعة حقًّا لأخذها علي، أو أحدٌ من أهل بيته لما ظفروا بها، ولَم فلا»

[«المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» (3/ 564)].

 

«وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى» (3/ 158): «ورواية الصحيح السابقة عن عائشة ترد ما ذكره من دفع عمر فدك لعلي وعباس واختصامهما فيها؛ لقول عائشة رضي الله تعالى عنها: وأما خيبر وفدك فأمسكهما عمر، وكذلك ما ذكره من أن عمر بن عبد العزيز رد فدك إلى ولد فاطمة موافق لما نقله هو عن ياقوت من أن عمر بن عبد العزيز لما ولي خطب الناس، وقص قصة فدك وخلوصها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنفاقه منها ووضع الفضل في أبناء السبيل، وأن أبا بكر وعمر وعثمان وعليّا رضوان الله عليهم فعلوا كفعله، فلما ولي معاوية ‌أقطعها ‌مروان بن الحكم، وأن مروان وهبها لعبد العزيز وعبد الملك ابنيه، قال: ثم صارت لي وللوليد وسليمان، وأنه لما ولي الوليد سألته فوهبها لي وسألت سليمان حصّته فوهبها لي، فاستجمعتها، وأنه ما كان لي مال أحبّ إليّ منها، وإني أشهدكم أني رددتها على ما كانت في أيام النبي صلى الله عليه وسلم والأربعة بعده، فكان يأخذ مالها هو ومن بعده فيخرجه في أبناء السبيل.قلت: وقيل إن الذي أقطع فدك لمروان عثمان رضي الله تعالى عنه، قال الحافظ ابن حجر: إنما أقطع عثمان فدك لمروان؛ لأنه تأول أن الذي يختص بالنبي صلى الله عليه وسلم يكون للخليفة بعده، فاستغنى عثمان عنها بأمواله، فوصل بها بعض قرابته» ومما يؤيد ذلك أيضا من كتب الشيعة ما ذكره ابن ميثم في شرحه على النهج قال: “فقال: أبو بكر صدقت يا ابنة رسول اللّه و صدق علىّ و صدقت أمّ أيمن و صدق عمر و صدق عبد الرحمن، و ذلك أنّ لك ما لأبيك كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يأخذ من فدك قوتكم و يقسّم الباقى و يحمل منه في سبيل اللّه،و لك على اللّه أن أصنع بها كما كان يصنع.فرضيت بذلك و أخذت العهد عليه به.و كان يأخذ غلّتها فيدفع إليهم منها ما يكفيهم.ثمّ فعلت الخلفاء بعده كذلك إلى أن ولّى معاوية فأقطع مروان ثلثها بعد الحسن عليه السّلام.ثمّ خلصت له في خلافته و تداولها أولاده إلى أن انتهت إلى عمر بن عبد العزيز فردّها”

[اسم الکتاب : شرح نهج البلاغه ابن هیثم المؤلف : البحراني، ابن ميثم    الجزء : 5  صفحة : 107].

 

هذا مما يبطل هذه الشبهة من أصلها.

 

ثانيا: جدلا نقول إن ثبتت القضية فلا إشكال فيها شرعا، ذلك أن الخليفة هو القائم مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في تقسيم الفيء وقد كانت فدك من الفيء والفيء: هو المال الذي أفاء الله على المسلمين ففاء إليهم أي رجع إليهم بلا قتال وذلك مثل الجزية وكل ما صولح عليه المسلمون من أموال من خالف دينهم من الأرضين التي قسمت بينهم أو حبست عليهم بطيب من أنفسهم وعلى من بعدهم من أهل الفيء كالسواد وما أشبهه وخراج السواد من الفيء.

[«الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي» (ص187)].

 

ومعلوم أن فدك من الفيء، قال الشيخ الشنقيطي: «فَدَكَ ” وَنَصِيبَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ” خَيْبَرَ ” كِلَاهُمَا فَيْءٌ»

[«أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن» (2/ 100 ط الفكر)].

 

والفيء إنما يكون للنبي صلى الله عليه وسلم وهو حي أما بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فهو لمن يقوم بعده، ففي الصحيح: “فَأَمَّا صَدَقَتُهُ بِالْمَدِينَةِ فَدَفَعَهَا عُمَرُ إِلَى عَلِيٍّ، وَعَبَّاسٍ، وَأَمَّا خَيْبَرُ، وَفَدَكٌ، فَأَمْسَكَهَا عُمَرُ، وَقَالَ: هُمَا صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَتَا لِحُقُوقِهِ الَّتِي تَعْرُوهُ وَنَوَائِبِهِ، وَأَمْرُهُمَا إِلَى مَنْ وَلِيَ الأَمْرَ، قَالَ: فَهُمَا عَلَى ذَلِكَ إِلَى اليَوْمِ”.

[البخاري، صحيح البخاري، ٧٩/٤].

 

قال السايس بعد أن أوضح أحكام قسمة الغنيمة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا كله إذا كان رسول الله حيا- فأما بعد وفاته، فقد اختلف العلماء في سهمه وسهم ذوي قرباه، فقيل: ‌يصرفان ‌في ‌معونة الإسلام وأهله وفي الخيل والسلاح.وقيل: هما للإمام من بعده روي عن قتادة أنه سئل عن سهم ذوي القربى، فقال: كان طعمة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما كان حيّا فلما توفي جعل لولي الأمر من بعده» «تفسير آيات الأحكام للسايس» (ص434).

 

وللحاكم تخصيص بعض الناس بالمال الكثير حسب الحاجة، ومن ذلك ما جاء في سنن أبي داود: «عن الزهري، في قوله تعالى: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} [الحشر: 6] قال: صَالَحَ النبي – صلَّى الله عليه وسلم – أهلَ فَدَكَ وقُرىً قد سماها لا أحفظُها، وهو ‌محاصِرٌ ‌قوماً ‌آخرين، فأرسلوا إليه بالصُّلْح، قال: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} يقول: بغير قتالٍ، قال الزهريُّ: وكانت بنو النَّضير للنبي – صلَّى الله عليه وسلم – خالصاً لم يفتحوها عَنْوَةً، افتتحوها على صُلْح، فقسمها النبيُّ – صلَّى الله عليه وسلم – بين المهاجرين، لم يُعطِ الأنصارَ منها شيئاً، إلا رجلين كانت بهما حاجه ٌ»

[«سنن أبي داود» (4/ 590 ت الأرنؤوط)].

 

عن أَنَسٍ، قَالَ: ” مَا سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْإِسْلَامِ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ، قَالَ: فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَأَعْطَاهُ غَنَمًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ، فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ، فَقَالَ: يَا قَوْمِ أَسْلِمُوا، فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عَطَاءً لَا يَخْشَى الْفَاقَةَ ”

[مسلم، صحيح مسلم، ١٨٠٦/٤]

 

فهل نقول كيف يتصرف النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذه الطريقة التي يظهر منها أنه إسراف خاصة أن هناك من يحتاج مثل هذا ؟ قطعا قائل هذا يدخل في الكفر وبه يثبت أن المتصرف في الفيء إنما ينفق منه حسب الحاجة لا بحسب أهواء الناس.قد يقال إن الحاكم له التصرف في الفيء الذي كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم لكن ليس على سبيل التمليك فنقول إن الإقطاع الذي في الرواية لا يعني أنه ملَّكلها لمروان ففي المصباح :«وَأَقْطَعَ الْإِمَامُ الْجُنْدَ الْبَلَدَ إقْطَاعًا جَعَلَ لَهُمْ ‌غَلَّتَهَا ‌رِزْقًا»

[«المصباح المنير في غريب الشرح الكبير» (2/ 509)].

 

وهذا من مبنى العامل المتفق على وجوب إجرائها من قِبَل الخليفة لعماله قد يزيد تقديرها وقد يقل حسب اجتهاد الخليفة.

عَنْ ‌أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي ‌وَمُؤْنَةِ ‌عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَةٌ.»

[«صحيح البخاري» (8/ 150 ط السلطانية)].

 

ولذلك قال أهل العلم أن عثمان لما أعطى مروان ذلك -على القول بصحته- إنما كان تصرفا فيما يملك التصرف فيه شرعا، ولا سبيل للاعتراض عليه. قال البيهقي: إنَّما أُقَطِعَ مَرْوانُ فدَكًا في أيَّامِ عثمانَ بنِ عَفّانَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وكَذَلِكَ تأوَّلَ في ذَلِكَ ما رُوِى عن النَّبِيِّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “إذا أطعَمَ اللهُ نَبيًّا طُعمَةً فهِى لِلّذِى يَقومُ مِن بَعدِه”. وكانَ مُستَغنيًا عَنها بمالِه فجَعَلَها لأقرِبائه ووَصَلَ بها رَحِمَهُم، وكَذَلِكَ تأويلُه عِندَ كَثيرٍ مِن أهلِ العِلمِ، وذَهَبَ آخَرونَ إلَى أن المُرادَ بذَلِكَ التَوليَةُ وقَطعُ جَرَيانِ الإرْثِ فيه ثُمَّ تُصرَفُ في مَصالِحِ المُسلِمينَ كما كان أبو بكرٍ وعُمَرُ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – يَفعَلانِ، وكما رآه عُمَرُ بنُ عبدِ العَزيزِ حينَ رَدَّ الأمرَ في فدَكٍ إلَى ما كان. واحتَجَّ مَن ذَهَبَ إلَى هذا بما رُوِّينا في حَديثِ الزُّهرِيِّ: وأمَّا خَيبَرُ وفَدَكٌ فأمسَكَهما عُمَرُ بنُ الخطابِ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – وقالَ: هُما صَدَقَةُ رسولِ اللَّهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – كانَت لِحُقوقِه التى تَعْرُوه ونَوائبِه، وأمرُهُما إلَى ولِيِّ الأمرِ، فهُما على ذَلِكَ إلَى الآنَ.

[أبو بكر البيهقي، السنن الكبرى للبيهقي ت التركي، ١٢٨:١٢٧/١٣].

 

قال الخطابي: “«قلت إنما ‌أقطعها ‌مروان في أيام حياة عثمان بن عفان وكان ذلك مما عابوه وتعلقوا به عليه، وكان تأويله في ذلك والله أعلم ما بلغه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله إذا أطعم الله نبيا طعمة فهي للذي يقوم من بعده وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل منها وينفق على عياله قوت سنة ويصرف الباقي مصرف الفيء فاستغنى عثمان عنها بماله فجملها لأقربائه ووصل بها أرحامهم وقد روى أبو داود هذا الحديث.قال أبو داود: حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا محمد بن الفضيل عن الوليد بن جُميع، عَن أبي الطفيل قال جاءت فاطمة إلى أبي بكر رضي الله عنهما تطلب ميراثها من النبي صلى الله عليه وسلم قال فقال أبو بكر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله إذا أطعم نبيا طعمة فهي للذي يقوم من بعده.قلت وفيه حجة لمن ذهب إلى أن أربعة أخماس الفيء بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم للأئمة بعده».

[«معالم السنن» (3/ 20)].

 

وقال الحافظ ابن حجر في الفتح: «وَأَمَّا سَهْمُهُ مِنْ خَيْبَرَ ‌وَفَدَكَ ‌فَكَانَ ‌حُكْمُهُ ‌إِلَى ‌مَنْ ‌يَقُومُ ‌بِالْأَمْرِ بَعْدَهُ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُقَدِّمُ نَفَقَة نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَغَيْرِهَا مِمَّا كَانَ يَصْرِفُهُ فَيَصْرِفُهُ مِنْ خَيْبَرَ وفدك وَمَا فضل من ذَلِك جعله فِي الْمَصَالِحِ وَعَمِلَ عُمَرُ بَعْدَهُ بِذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ تَصَرَّفَ فِي فَدَكَ بِحَسَبِ مَا رَآهُ فَرَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ مُغِيرَةَ بْنِ مِقْسَمٍ قَالَ جَمَعَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَنِي مَرْوَانَ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُنْفِقُ مِنْ فَدَكَ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَيُزَوِّجُ أَيِّمَهُمْ وَأَنَّ فَاطِمَةَ سَأَلَتْهُ أَنْ يَجْعَلَهَا لَهَا فَأَبَى وَكَانَتْ كَذَلِكَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ثُمَّ أُقْطِعَهَا مَرْوَانُ يَعْنِي فِي أَيَّامِ عُثْمَانَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ إِنَّمَا أَقْطَعَ عُثْمَانُ فَدَكَ لِمَرْوَانَ لِأَنَّهُ تَأَوَّلَ أَنَّ الَّذِي يَخْتَصُّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكُونُ لِلْخَلِيفَةِ بَعْدَهُ فَاسْتَغْنَى عُثْمَانُ عَنْهَا بِأَمْوَالِهِ فَوَصَلَ بِهَا بَعْضَ قَرَابَتِهِ وَيَشْهَدُ لِصَنِيعِ أَبِي بَكْرٍ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَرْفُوعُ الْآتِي بَعْدَ بَابٍ بِلَفْظِ مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي وَمُؤْنَةِ عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَةٌ فَقَدْ عَمِلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ بِتَفْصِيلِ ذَلِكَ بِالدَّلِيلِ الَّذِي قَامَ لَهُمَا”.

[«فتح الباري لابن حجر» (6/ 203)].

 

وعليه فإن فدك لو أجراها الخليفة رزقا لبعض أفراد الأمة من عماله أو غيرهم فلا إشكال في ذلك شرعا بل معتمده حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثالثا: إذا كان عثمان قد أقطع مروان فدكا ظلما وعدوانا فهل لما تولى علي بن أبي طالب أخذ فدك من مروان وردها على أهلها أم أقر هذا الظلم والعدوان؟ وإقرار المعصوم حجة بلا خلاف، والشيعة لا يقولون أن عليا رد فدك .يقول محسن الأمين في أعيان الشيعة: “والصحيح ان عليا لم يقم بادارة فدك ولم تدفع اليه بعد وفاة النبي (ص) وخرجت عن يده و يد زوجته الزهراء و لم تعد إلى ورثه الزهراء إلا في خلافة عمر بن عبد العزيز و خلافة السفاح و المهدي و المأمون”.

[أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 11  صفحة : 308].

 

وعليه فكل قول قالوه في عثمان يلزمهم في علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

قناة اليوتيوب

مواضيع شبيهة

الطعن في اسلام معاوية وأنه أسلم مكرها

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.