7ewaratwelzamat
حوارات وإلزامات

قتل نحو ثلاثين ألفا في غارة بسر بن أرطأة على الحرمين واليمن وسبي المسلمات وقتله لطفلين.

0

 

قال شيخ الشيعة حسن الجواهري: “وأما معاوية ، فهو الشخص الذي يقتل الناس على الظنّة والتهمة من أتباع عليّ عليه السلام ومحبيه ، وهو الذي دفع بسر بن أرطأة للغارة على أطراف بلاد المسلمين في زمن عليّ عليه السلام ، وأدت الغارة إلى قتل ثلاثين ألفاً من الناس”.[دعوة إلى الإصلاح الديني والثقافي، الشيخ حسن الجواهري، ص ٣٨٨].

 

والجواب علي على هذه الشبهة من وجوة:

 

أولا: الروايات التاريخية التي أثبتت غارة بسر على المدينة واليمن لم تسلم منها رواية من النقد .

 

الرواية الأولى: رواية الإمامُ الطبريُّ قَالَ: سنة أربعين: ذِكْرُ مَا كَانَ فِيهَا من الأحداث فمما كَانَ فِيهَا من ذَلِكَ توجيه مُعَاوِيَة بسر بن أبي أرطاة فِي ثلاثة آلاف من المقاتلة إِلَى الحجاز؛ فَذُكِرَ عَنْ زِيَادِ بن عَبْدِ اللَّهِ الْبَكَّائِيِّ، عَنْ عَوَانَةَ، قال: أرسل معاوية ابن أَبِي سُفْيَانَ بعد تحكيم الحكمين بسر بن أبي أرطاة- وَهُوَ رجل من بني عَامِر بن لؤي فِي جيش- فساروا من الشام حَتَّى قدموا الْمَدِينَة، وعامل علي عَلَى الْمَدِينَة يَوْمَئِذٍ أَبُو أيوب الأَنْصَارِيّ، ففر مِنْهُمْ أَبُو أيوب، فأتى عَلِيًّا بالكوفة، ودخل بسر الْمَدِينَة، قَالَ: فصعد منبرها ولم يقاتله بِهَا أحد … ثُمَّ قَالَ: يَا أهل الْمَدِينَة، وَاللَّهِ لولا مَا عهد إلي مُعَاوِيَة مَا تركت بِهَا محتلما إلا قتلتُه ثُمَّ بايع أهل الْمَدِينَة … وهدم بُسْرٌ دُوْرًا بِالْمَدِينَةِ، ثُمَّ مضى حَتَّى أتى مَكَّةَ، فَخَافَهُ أَبُو مُوسَى أنْ يَقْتُلَهُ، فَقَالَ لَهُ بُسْرٌ: مَا كنت لأفعل بصاحب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ، فَخَلَّى عنه، وَكَتَبَ أَبُو مُوسَى قَبْلَ ذَلِكَ إِلَى اليمن: أنْ خَيْلًا مَبْعُوثَةً مِن عِنْدَ مُعَاوِيَة تقتل النَّاسَ، تقتل مَنْ أَبَى أن يُقِرَ بالحكومة ثُمَّ مضى بسر إِلَى اليمن، وَكَانَ عَلَيْهَا عُبَيْد اللَّهِ بن عباس عاملا لعلي، فلما بَلَغَهُ مسيرُه فَرَّ إِلَى الْكُوفَةِ حَتَّى أتى عَلِيًّا، واسْتخْلفَ عَبْد اللَّهِ بن عبد المدان الحارثي عَلَى اليمن، فأتاه بُسْرٌ فَقَتَلَهُ وَقَتَلَ ابْنَهُ،ولقي بسر ثقل عُبَيْد اللَّهِ بن عباس وفيه ابنان لَهُ صغيران، فذبحهما وَقَدْ قَالَ بعض الناس: إنه وجد ابني عُبَيْد اللَّهِ بن عباس عِنْدَ رجل من بني كنانة من أهل البادية، فلما أراد قتلهما قال الكنانى: علام تقتل هَذَيْنِ وَلا ذنب لهما! فإن كنت قاتلهما فاقتلني، قَالَ: أفعل، فبدأ بالكناني فقتله، ثُمَّ قتلهما ثُمَّ رجع بسر إِلَى الشام, وَقَدْ قيل: إن الكناني قاتل عن الطفلين حَتَّى قتل، وَكَانَ اسم أحد الطفلين اللذين قتلهما بسر: عبد الرَّحْمَن، والآخر قثم وَقَتَلَ بُسْرٌ فِي مَسِيرِهِ ذَلِكَ جماعةً كثيرةً من شِيعَةِ عَلِيٍّ باليمن …}. [تاريخ الرسل والملوك للإمام محمد بن جرير الطبري ج5 ص139، ط دار المعارف – القاهرة, ت: محمد أبو الفضل إبراهيم].

 

وهذه الرواية تالفة لا يحتج بها عاقل، وإليك عللها

 

العلة الأولى: الانقطاع بين الإمام الطبري وبين زِيَادِ البَكَّائِيِّ. فالإمامُ الطبريُّ بدأ الرواية بقوله { فَذُكِرَ } هكذا مبنيًّا للمجهول !والإمام الطبريُّ مولود سنة 224 من الهجرية النبوية الشريفة. قال الإمام الذهبي:{ مَوْلِدُه: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ” . [سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ج14 ص276].

أما زياد البكائيُّ فقد تُوُفِّيََ سنة 183 من الهجرة النبوية الشريفة. قال الإمام الذهبي: { تُوُفِّيَ: فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَمَـانِيْنَ وَمائَةٍ }

[سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ج9 ص5].

فيكون بين مولد الإمام الطبري وبين وفاة زيادة البكائي 41 سنة من الانقطاع.

العلة الثانية: زيادُ بْنُ عَبْدِ اللهِ البَكَّائِيُّ ضعيف في غير روايته عن ابن إسحاق.قَالَ أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ: مَا أَحَدٌ فِي ابْنِ إِسْحَاقَ أَثْبَتُ مِنْ زِيَادٍ البَكَّائِيِّ؛ لأَنَّهُ أَمْلَى عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ.وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ فِي ابْنِ إِسْحَاقَ. وَرَوَى: عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى، قَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ ، قَدْ كَتَبتُ عَنْهُ المَغَازِي. وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: لاَ أَرْوِي عَنْهُ شَيْئاً.وَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: هُوَ نَفْسُهُ ضَعِيْفُ الحَدِيْثِ، لَكِنَّهُ مِنْ أَثبَتِ النَّاسِ فِي المَغَازِي، بَاعَ دَارَهُ وَخَرَجَ يَدُورُ مَعَ ابْنِ إِسْحَاقَ.وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَدُوْقٌ.وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ يُحْتَجُّ بِهِ.وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: كَثِيْرُ المَنَاكِيْرِ}.[«سير أعلام النبلاء – ط الرسالة» (9/ 5)].

ونستخلص من كلام العلماء؛ أن زيادًا البكائيَّ ثِقةٌ فيما يرويه عن محمد بن إسحاق في السيرة النبوية والمغازي, أما غيرُ ذلك فهو ضعيف فيه.

العلة الثالثة: الانقطاع بين عوانة بن الحَكَمِ الكلبيِّ وبين وقت حدوث هذه الواقعة.فعوانة بن الحكم تُوُّفِّيَ سنة 158 هجرية.

 قال الإمام الذهبي:{ عَوَانَةُ بنُ الحَكَمِ أخباريٌ مشهور، عراقيٌّ، يروي عَن طائفة من التابعين.وهو كوفي عِداده فِي بني كلب، عالم بالشعر وأيام الناس، وَقَلَّ أَنْ رَوَى حديثًا مسنَدًا، ولهذا لم يُذكر بجرح ولا تعديل، والظاهر أَنَّهُ صدوق. رَوَى عَنْهُ: زياد البكائيُّ، وهشام ابن الكلبي، غيرهما. وأكثر عنه عليُّ بنُ محمد المدائنيُّ، وأكبر شيخ لقيه الشَّعْبِيُّ. مات فِي سنة ثمان وخمسين ومائة

[تاريخ الإسلام للإمام شمس الدين الذهبي ج9 ص555].

والطبريُّ ذَكَرَ الروايةَ تحتَ أحداث سنة 40 هجرية. فإذا كان عوانةُ يروي فقط عن التابعين, وأكبر تابعي رآه عوانة هو عامر بن شراحيل الشعبيّ، ولم يَرَ عَوَانَةُ أيَّ صحابيٍّ أصلا؛ فكيف يَروي لنا مثل هذه الرواية فنصدقها ؟؟ ولذلك قال محمد بن طاهر البرزنجي في تعليقه على الرواية «إسناده ضعيف»[«صحيح وضعيف تاريخ الطبري» (8/ 874)].

على أن الرواية تنقض كلام الرافضي الذي يزعم أن معاوية يقتل الناس بالشبهة إذ أن المنسوب لبسر بن أرطأة أنه قال في الرواية (يَا أهل الْمَدِينَة، وَاللَّهِ لولا مَا عهد إلي مُعَاوِيَة مَا تركت بِهَا محتلما إلا قتلتُه ثُمَّ بايع أهل الْمَدِينَة) وهذا نص قاطع في أن معاوية امره بعدم قتل أحد، هذا على فرض صحة الرواية وإلا فهي لا تصح كما أسلفنا.

 

الرواية الثانية: رواية التاريخ الأوسط للبخاري «وَقَالَ سعيد بْن يحيى بْن سعيد عَن زِيَاد عَن بن إِسْحَاق ‌بعث ‌مُعَاوِيَة ‌بسر بْن أَرْطَاة سنة سبع وَثَلَاثِينَ فَقدم الْمَدِينَة فَبَايع ثمَّ انْطلق إِلَى مَكَّة واليمن فَقتل عبد الرَّحْمَن وَقثم وَعبيد الله ابنى عَبَّاس»

[«التاريخ الأوسط» (1/ 86)].

وهذه الرواية فيها انقطاع بين الحادثة وابن اسحاق فابن ولد سنة ٨٠ من الهجرة، قال الذهبي: ” «وُلِدَ ابْنُ إِسْحَاقَ: سَنَةَ ثَمَانِيْنَ»[«سير أعلام النبلاء – ط الرسالة» (7/ 34)].

والرواية تقول (قال ابن اسحاق بعث ‌مُعَاوِيَة ‌بسر بْن أَرْطَاة سنة سبع وَثَلَاثِينَ) فبين ابن إسحاق والحادثة أكثر من أربعين سنة وكفى بهذا إسقاطا للرواية.

 الرواية الثالثة: تاريخ ابن يونس قال حدثنا أسامة بن أحمد بن أسامة التجيبى، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن الوزير، قال: حدثنا عبد الحميد بن الوليد، قال: حدثنى الهيثم بن عدىّ، عن عبد الله بن عيّاش، عن الشّعبىّ: أن معاوية بن أبى سفيان أرسل «بسر بن أبى أرطاة القرشى، ثم العامرى» فى جيش من الشام، فسار حتى قدم المدينة، وعليها- يومئذ- أبو أيوب «خالد ابن زيد الأنصارى» صاحب النبي صلى الله عليه وسلم. فهرب منه أبو أيوب إلى علىّ بالكوفة. فصعد بسر منبر المدينة، ولم يقاتله بها أحد، فجعل ينادى: يا دينار، يا رزيق، يا نجار. شيخ سمح عهدته- ها هنا- بالأمس (يعنى: عثمان رضى الله عنه) ، وجعل يقول: يأهل المدينة، والله لولا ما عهد إلىّ أمير المؤمنين، ما تركت بها محتلما إلا قتلته. بايع أهل المدينة لمعاوية، وأرسل «أى: بسر» إلى بنى سلمة، فقال: لا والله، ما لكم عندى من أمان ولا مبايعة، حتى تأتونى ب «جابر بن عبد الله» صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج جابر بن عبد الله، حتى دخل على أم سلمة خفيّا، فقال لها: يا أمّه، إنى قد خشيت على دينى، وهذه بيعة ضلالة، فقالت له: أرى أن تبايع، فقد أمرت ابنى «عمر ابن أبى سلمة» أن يبايع. فخرج جابر بن عبد الله، فبايع بسر بن أبى أرطاة لمعاوية. وهدم بسر دورا كثيرة بالمدينة، ثم خرج إلى مكة، فخافه أبو موسى الأشعرى، وهو- يومئذ- بمكة، فتنحى عنه. فبلغ ذلك بسرا، فقال: ما كنت لأوذى أبا موسى. ما أعرفنى بحقه وفضله! مضى بسر إلى اليمن، وعليها- يومئذ- عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب عاملا ل «علىّ بن أبى طالب» . فلما بلغ عبيد الله أن بسرا قد توجّه إليه، هرب إلى علىّ، واستخلف عبد الله بن عبد المدان المرادىّ. وكانت عائشة بنت عبد الله بن عبد المدان قد ولدت من عبيد الله غلامين من أحسن صبيان الناس «أوضئه، وأنظفه» ، فذبحهما.وكانت تنشدهما فى الموسم فى كل عام، …الخ”. [«تاريخ ابن يونس المصرى» (1/ 63)].

وهذه الرواية لا تصح. أحمد بن أسامة التجيبي مختلف فيه «قال ابن يونس: لم يكن في الحديث بذاك، تعرف وتنكر. وقال الدارقطني: رأيت ‌أهل ‌حمص ‌يضعفونه، ‌ولا ‌أدري ‌لأي ‌سبب. وقال مسلمة بن قاسم: كان ثقة عالمًا بالحديث. وقال الذهبي: محدث مكثر عني بالحديث والقراءات. وقال الحافظ ابن حجر: رأيت له مصنفًا في حرمة الوطء في الدبر، يدل على سعه معرفته بالحديث». [«إرشاد القاصي والداني إلى تراجم شيوخ الطبراني» (ص202)].

العلة الرابعة: الهيثم بن عدي كذاب، قال ابن الجوزي: “«‌الْهَيْثَم ‌بن ‌عدي أَبُو عبد الرَّحْمَن الطَّائِي أَصله كُوفِي يروي عَن شُعْبَة قَالَ يحيى كَانَ يكذب لَيْسَ بِثِقَة وَقَالَ عَليّ لَا أرضاه فِي شَيْء وَقَالَ السَّعْدِيّ سَاقِط قد كشف قناعه وَقَالَ أَبُو دَاوُد كَذَّاب وَقَالَ النَّسَائِيّ والرازي والأزدي مَتْرُوك الحَدِيث وَقَالَ ابْن حبَان لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ وَلَا الرِّوَايَة عَنهُ إِلَّا على سَبِيل الِاعْتِبَار». [«الضعفاء والمتروكون لابن الجوزي» (3/ 179)].

ويكفي ذلك في إسقاط الرواية بالكلية.

 

الرواية الرابعة: رواية تاريخ دمشق وعنه المعرفة والتاريخ «وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا محمد بن هبة الله بن الحسن قالا أنا محمد بن الحسين القطان أنا عبد الله بن جعفر ثنا يعقوب بن سفيان نا العباس بن الوليد بن صبح حدثني مروان بن محمد حدثني ابن لهيعة حدثني واهب بن عبد الله المعافري قال: قدمت المدينة فأتيت منزل زينب بنت فاطمة بت علي لأسلم عليها، فدخلت عليها الدار فإذا عندها جماعة عظيمة وإذا هي جالسة مسفرة، وإذا امرأة ليست بالحليلة ولم تطعن بالسن، فاحتملتني الحمية والعفة لها، فقلت: سبحانك الله قدرك قدرك وموضعك موضعك وأنت تجلسين للناس كما أرى مسفرة [؟] فقالت: ان لي قصة. قال قلت: وما تلك القصة؟ فقالت: لما كان أيام الحرة ووفد أهل الشام المدينة وفعلوا فيها ما فعلوا، وكان لي يومئذ ابن قد ناهز الاحتلام. قالت: فلم أشعر به يوما وأنا جالسة في منزلي الا وهو يسعى وبسر بن أبي أرطاة خلفه حتى دخل عليّ، فألقى نفسه عليّ وهو يبكي يكاد البكاء أن يفلق كبده، فقال لي بسر: ادفعيه الى فانا خير له. قالت: فقلت له: اذهب مع عمك. قالت: فقال: لا والله لا أذهب معه يا أمه، هو والله قاتلي. قالت: فقلت: أترى عمك يقتلك؟ لا. اذهب معه. قالت قال: لا والله يا أمه لا أذهب معه، هو والله قاتلي. قالت: وهو يبكي يكاد البكاء أن يفلق كبده. قالت: فلم أزل أترفق به وأسكنه حتى سكن. قالت: ثم قال لي بسر: ادفعيه لي فأنا خير له. قالت: فقلت: اذهب مع عمك. قالت: فقام فذهب معه. قالت: فلما خرج من باب الدار قال للغلام: امشي بين يدي قالت: فإذا بسر قد اشتمل على السيف فيما بينه وبين ثيابه. قالت: فلما ظهر الى السكة رفع بسر ثيابه عن عاتقه وشهر عليه السيف من خلفه ثم علاه به من خلفه فلم يزل يضربه به حتى برد. قالت: فجاءتني الصيحة أدركي ابنك فقد قطع. قالت: فقمت أتعثر في ثيابي ما معي عقلي. قالت: فإذا جماعة قد أطافوا به فإذا هو قتيل قد قطع. قالت: فألقيت نفسي عليه وأمرت به فحمل. قالت: فجعل على نفسي من يومئذ للَّه أن لا أستتر من أحد لان بسرا هو أول من هتك ستري وأخرجني للناس، فاللَّه حسيبه [1] .[ابن عساكر: تاريخ مدينة دمشق 10/ 13- 14»].[«المعرفة والتاريخ – ت العمري – ط العراق» (3/ 327)].

وهذه الرواية فيها ابن لهيعة ولا يحتج به قال ابن الجوزي: “«عبد الله بن لَهِيعَة بن عقبَة أَبُو عبد الرَّحْمَن الْحَضْرَمِيّ وَيُقَال الغافقي قَاضِي مصر يروي عَن الْأَعْرَج وَأبي الزبير قَالَ يحيى بن سعيد قَالَ لي بشر بن السّري لَو رَأَيْت ابْن لَهِيعَة لم تحمل عَنهُ حرفا وَكَانَ يحيى بن سعيد لَا يرَاهُ شَيْئا وَقَالَ يحيى بن معِين أنكر أهل مصر احتراق كتب ابْن لَهِيعَة وَالسَّمَاع مِنْهُ وَأخذ الْقَدِيم والْحَدِيث هُوَ ضَعِيف قبل ان تحترق كتبه وَبعد احتراقها وَقَالَ عَمْرو بن عَليّ من كتب عَنهُ قبل احتراقها بِمثل ابْن الْمُبَارك والمقري أصح مِمَّن كتب بعد احتراقها وَهُوَ ضَعِيف الحَدِيث وَقَالَ أَبُو زرْعَة سَماع الْأَوَائِل والأواخر مِنْهُ سَوَاء إِلَّا ابْن الْمُبَارك وَابْن وهب كَانَا يتبعان أُصُوله وَلَيْسَ مِمَّن يحْتَج وَقَالَ النَّسَائِيّ ضَعِيف وَقَالَ السَّعْدِيّ لَا يَنْبَغِي أَن يحْتَج بروايته وَلَا يعْتد بهَا بروايته وَلَا يعْتد بهَا وَقَالَ ابْن وهب كَانَ ابْن لَهِيعَة صَادِقا وَقَالَ أَبُو حَاتِم ابْن حبَان سبرت أَخْبَار ابْن لَهِيعَة فرأيته يُدَلس عَن أَقوام ضعفاء على أَقوام ثِقَات قد رَآهُمْ ثمَّ كَانَ لَا يُبَالِي مَا دفع إِلَيْهِ قَرَأَهُ سَوَاء كَانَ من حَدِيثه أَو لم يكن من حَدِيثه فَوَجَبَ التنكب عَن رِوَايَة الْمُتَقَدِّمين عَنهُ قبل احتراق كتبه لما فِيهَا من الْأَخْبَار المدلسة عَن المتروكين وَوَجَب ترك الإحتجاج بِرِوَايَة الْمُتَأَخِّرين بعد احتراق كتبه لما فِيهَا مِمَّا لَيْسَ من حَدِيثه». [«الضعفاء والمتروكون لابن الجوزي» (2/ 136)].

الرواية الخامسة: رواية بيعه المسلمات سبايا في الأسواق عند ابنُ أبي شَيْبَةَ قال { حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قال: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، قال: أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَلَامَةَ أَبُو سَلَامَةَ، عَنْ أَبِي الرَّبَاب، وَصَاحِبٍ لَهُ أَنَّهُمَـا: سَمِعَا أَبَا ذَرٍّ يَدْعُو، قَالَ: فَقُلْنَا لَهُ: رَأَيْنَاكَ صَلَّيْتَ فِي هَذَا الْبَلَدِ صَلَاةً لَمْ نَرَ أَطْوَلَ مَقَامًا وَرُكُوعًا وَسُجُودًا، فَلَمَّا أَنْ فَرَغْتَ رَفَعْتَ يَدَيْكَ فَدَعَوْتَ، فَتَعَوَّذْتَ مِنْ يَوْمِ الْبَلَاءِ وَيَوْمِ الْعَوْرَةِ !، قَالَ: ” فَمَا أَنْكَرْتُمْ؟ فَأَخْبَرْنَاهُ “، قَالَ: ” أَمَّا يَوْمُ الْبَلَاءِ ؛ فَتَلْتَقِي فِئَتَانِ مِنَ الْـمُسْلِمِينَ فَيَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيَوْمُ الْعَوْرَةِ؛ إِنَّ النِّسَاءَ مِنَ الْـمُسْلِمَـاتِ يُسْبَيْنَ فَيُكْشَفُ عَنْ سُوقِهِنَّ، فَأَيَّتُهُنَّ أَعْظَمُ سَاقًا اشْتُرِيَتْ عَلَى عِظَمِ سَاقِهَا، فَدَعَوْتُ أَنْ لَا يُدْرِكَنِي هَذَا الزَّمَانُ، وَلَعَلَّكُمَـا تُدْرِكَانِهِ “، قَالَ: فَقُتِلَ عُثْمَـانُ، وَأُرْسِلَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي أَرْطَاةَ إِلَى الْيَمَنِ، فَسَبَى نِسَاءً مِنَ الْـمُسْلِمَـاتِ فَأُقَمْنَ فِي السُّوقِ}. [المصنف للإمام  أبي بكر بن أبي شيبة ج21 ص273].

قلتُ: هذا السند ضعيف جدًّا، مسلسل بالعلل.

العلة الأولى: زَيْدٌ بنُ الـحُبَاب التميمي. قال الإمام أبو حاتم بنُ حبان:{كَانَ مِمَّن يخطئ يعْتَبر حَدِيثه إِذا رَوَى عَنْ الْمَشَاهِير وَأما رِوَايَته عَن المجاهيل فَفِيهَا الْمَنَاكِير}. [الثقات للإمام أبي حاتم بن حبان الطبري ج8 ص250].

فالرجل في نفسه ثقة إذا رَوَى عن الثِّقَاتِ, فَأَمَّا إذا حَدَّثَ عن مجاهيل أو ضعفاء فيكون في روايته عنهم مناكير. وقد روى زيد تلك الرواية عن موسى بن عبيدة الرَّبَذِيِّ.

العلة الثانية: موسى بن عبيدة الرَّبَذِيُّ. قال الإمام شمس الدين الذهبي:قال أحمدُ: لا يُكْتَبُ حديثُه. وقال النسائيُّ وغيره: ضعيف. وقال ابن عديٍّ: الضَّعْفُ على رواياته بَيِّنٌ. وقال ابنُ معين: ليس بشيء. وقال مَرَّةً: لا يُحْتَجُّ بحديثِه. وقال يحيى بنُ سعيد: كُنَّا نَتَّقِي حديثَه.وقال ابنُ سَعْد: ثِقَة، وليس بِحُجَّةٍ.وقال يعقوبُ بنُ شيبة: صدوق، ضعيف الحديث جِدًّا.

قلت مات سنة ثلاث وخمسين ومائة }. [ميزان الاعتدال في نقد الرجال للإمام شمس الدين الذهبي ج6 ص551].

العلة الثالثة: زَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَلَامَةَ أَبُو سَلَامَةَ.وهو مجهول الحال, لا يُعْرَفُ حالُه من الثِّقَةِ وَالضَّبْطِ والإِتْقَانِ !!

ورواية المجهول عندنا في الإسلام العظيم غير مقبولة:العلة الرابعة:أبو الرَّبَاب وصاحبه الراويان عن أبي ذر رضي الله عنه مجهولان. فأبو الرباب هذا لم يذكره أحد العلماء بتوثيق إطلاقًا.وَذِكْرُ الإمامِ البخاريِّ له ليس فيه توثيق له؛ وعليه فهو مجهول الحال.قال الإمامُ البخاريُّ: { أبو الرباب مولى معقل بن يسار، قال أبو نعيم: نا الحكم أبو معاذ عن أبي الرباب سمع معقل بن يسار. [التاريخ الكبير للإمام محمد بن إسماعيل البخاري ج9 ص30].

وبه تسقط الرواية

الرواية السادسة: رواية ابن عبد البر عن ابنُ الأنباري عن أبيه، عن أحمد بن عُبَيْد، عن هِشَام بن مُحَمَّد عن أبي مخنف، قَالَ: لما تَوَجَّهَ بُسْرُ بنُ أَرْطَأةَ إلى اليمن أخبر عبيد الله بن العباس بذلك، وهو عَامِلُ لِعَلِىٍّ رضى الله عنه عليها، فَهَرَبَ ودخل بُسْرٌ اليمنَ، فأتى بابني عبيد الله بن العباس، وهما صغيران فذبحهمـا، فنال أمهما عائشة بنت عَبْد المدان من ذلك أمر عظيم… ثم وسوست، فكانت تقف في الموسم تنشد هذا الشعر، وتهيم على وجهها الاستيعاب في [معرفة الأصحاب للإمام  أبي عمر بن عبد البر ج1 ص159].

قلتُ: هذا السند ضعيف جدًّا، مسلسل بالضعفاء والكذابين.

عِلَلُ الرواية:

العلة الأولى: أحمد بن عبيد بن ناصح النَّحْوِيُّ.قال الإمام ابنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيُّ: { أحمد بن عُبَيد بن ناصح أبو جعفر النحوي…لين الحديث }. [تقريب التهذيب للإمام اب حجر العسقلاني ص22 ت78].

العلة الثانية والثالثة: هشام بن محمد بن السائب الكلبي وأبو مخنف حالهما معروف في الكذب وقد سبق.الْعِلَّة الرابعة:الانقطاع. لا يَشُكُّ عَاقِلٌ أنَّ أبا مخنف هذا لم يُعَاصِرْ هذه الواقعة، فهو مُتَوَّفَّى157 باتفاق أهل العلم.كما ذَكَرَ الإمامُ الذهبيُّ أعلاه. أما عن تاريخ ولادته فبحثتُ عنه كثيرًا فلمْ أظفرْ به في الكتب ؛ غير أني وجدت مَنْ يُقَرِّبُ الأمر.

يقول الأستاذ الدكتور يحيى بنُ إبراهيم اليحيى: { ولادته حول سنة تسعين, ويكون عمره عند وفاته قرابة السبعين }. [مرويات أبي مختف في تاريخ الطبري ص29 للدكتور يحيى بن إبراهيم بن علي اليحيى].

وهذه الواقعة لو حدثت فتكون سنة حدوثها 40 هجرية كما قال الإمامُ الطَّبَري. فهذه أربع علل في سند هذه الرواية تكفي العِلَّةُ الواحدةُ منها لِرَدِّ الرواية، فما بالك باجتماع هذه العلل الأربعة في سند الرواية ؟!

ثانيا ما يذكره مؤرخو الشيعة في الحادثة لا عبرة به ولا حجية إذ أننا نعلم أنهم أكذب الناس وهم أشد الناس تحاملا على دولة بني أمية إذ أن الرافضة قد غاظتهم تلك الفتوحات العظيمة لدولة بني أمية خاصة بسر بن أرطأة والذي كان من أشجع الناس حتى قال الذهبي عنه : “«كَانَ لَهُ نِكَايَةٌ فِي الرُّوْمِ، ‌دَخَلَ ‌وَحْدَهُ ‌إِلَى ‌كَنِيْسَتِهِم، فَقَتَلَ جَمَاعَةً، وجُرِحَ جِرَاحَاتٍ، ثُمَّ تَلَاحَقَ أَجْنَادُهُ فَأَدْرَكُوهُ وَهُوَ يَذُبّ عَنْ نَفْسِهِ بِسَيْفِهِ، فَقَتَلُوا مَنْ بَقِيَ، وَاحْتَمَلُوْهُ. وَفِي الآخرة جعل له في القراب سيف من خَشَبٍ لئلَّا يَبْطِشَ بِأَحَدٍ، وَبَقِيَ إِلَى حُدُوْدِ سنة سبعين رحمه الله» [«سير أعلام النبلاء – ط الحديث» (4/ 425)].

فكان لابد من الافتراء عليه وعلى معاوية رضي الله عنه والذي قال عنه المفيد: (أكثر فتوح الشام وبلاد المغرب والبحرين والروم وخراسان كانت على يد معاوية بن أبي سفيان وأمرائه كعمرو بن العاص وبسر بن أرطاة ومعاوية بن حديج وغير من ذكرناه، ومن بعدهم على أيدي بني أمية وأمرائهم بلا اختلاف). [الكتاب : الإفصاح المؤلف : الشيخ المفيد الصفحه: 130].

يقول الدكتور أكرم العمري: “كما أحذر شبابنا من الاعتماد في فهم أحداث التاريخ الإسلامي وتصور عظماء رجاله على ‌روايات ‌تسوقها ‌كتب ‌التاريخ «والأخبار دون تمحيص، مما يعطي صوراً مشوهة لأحداث التاريخ الإسلامي لتأثر الإخباريين الذين اعتمدهم الطبري وغيره من المؤرخين بالأهواء المختلفة والاتجاهات المذهبية والسياسية المتباينة التي طبعت رواياتهم عن عصر الراشدين وما بعده من عصور الأمويين والعباسيين». [«السيرة النبوية الصحيحة محاولة لتطبيق قواعد المحدثين في نقد روايات السيرة النبوية» (1/ 46)].

ثالثا: إذا كان الشيعة ينكرون على معاوية قتل الناس في الحرمين بزعمهم فلماذا قتلوا هم الحجيج وخلعوا الحجر الأسود قال ابن كثير: “«‌‌ذِكْرُ أَخْذِ الْقَرَامِطَةِ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ إِلَى بِلَادِهِمْ فيها خرج ركب العراق وأمير هم مَنْصُورٌ الدَّيْلَمِيُّ فَوَصَلُوا إِلَى مَكَّةَ سَالِمِينَ، وَتَوَافَتِ الركوب هناك من كل مكان وجانب وفج، فَمَا شَعَرُوا إِلَّا بِالْقِرْمِطِيِّ قَدْ خَرَجَ عَلَيْهِمْ فِي جَمَاعَتِهِ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، فَانْتَهَبَ أَمْوَالَهُمْ وَاسْتَبَاحَ قتالهم، فقتل في رحاب مكة وشعابها وفي المسجد الحرام وفي جوف الكعبة من الحجاج خلقاً كثيراً، وجلس أمير هم أبو طاهر لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى بَابِ الْكَعْبَةِ، وَالرِّجَالُ تُصْرَعُ حوله، والسيوف تعمل في النَّاس في المسجد الحرام في الشهر الحرام فِي يَوْمِ التَّرْوِيَةِ، الَّذِي هُوَ مِنْ أَشْرَفِ الأيام، وهو يقول: إنا الله وبالله، أنا أنا أخلق الخلق وأفنيهم أنا.

فكان الناس يفرون منهم فَيَتَعَلَّقُونَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَلَا يُجْدِي ذَلِكَ عَنْهُمْ شَيْئًا. بَلْ يُقْتَلُونَ وَهُمْ كَذَلِكَ، وَيَطُوفُونَ فَيُقْتَلُونَ فِي الطَّوَافِ، وَقَدْ كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ يَوْمَئِذٍ يَطُوفُ، فَلَمَّا قَضَى طَوَافَهُ أَخَذَتْهُ السُّيُوفُ، فَلَمَّا وَجَبَ أَنْشَدَ وَهُوَ كَذَلِكَ: تَرَى الْمُحِبِّينَ صَرْعَى فِي دِيَارِهِمُ * كَفِتْيَةِ الْكَهْفِ لَا يَدْرُونَ كم لبثوا فلما قضى القرمطي لعنه الله أمره وفعل ما فعل بالحجيج من الأفاعيل القبيحة، أمر أن تدفن القتلى في بئر زمزم، ودفن كثيراً منهم في أماكنهم من الحرم، وفي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. وَيَا حَبَّذَا تِلْكَ الْقِتْلَةُ وَتِلْكَ الضجعة، وذلك المدفن والمكان، ومع هذا لم يُغَسَّلُوا وَلَمْ يُكَفَّنُوا وَلَمْ يصلِّ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ محرمون شهداء في نفس الأمر. وَهَدَمَ قُبَّةَ زَمْزَمَ وَأَمَرَ بِقَلْعِ بَابِ الْكَعْبَةِ وَنَزَعَ كُسْوَتَهَا عَنْهَا، وَشَقَّقَهَا بَيْنَ أَصْحَابِهِ، وَأَمَرَ رجلاً أن يصعد إلى ميزاب الكعبة فيقتلعه، فسقط على أم رأسه فمات إلى النار. فعند ذلك انكف الخبيث عَنِ الْمِيزَابِ، ثُمَّ أَمَرَ بِأَنْ يُقْلَعَ الْحَجَرُ الأسود فجاءه رجل فضربه بِمُثْقَلٍ فِي يَدِهِ وَقَالَ: أَيْنَ الطَّيْرُ الْأَبَابِيلُ، أَيْنَ الْحِجَارَةُ مِنْ سِجِّيلٍ؟ ثُمَّ قَلَعَ الْحَجَرَ الأسود وأخذوه حين راحوا معهم إلى بلادهم (1) ، فمكث عِنْدَهُمْ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ سَنَةً حَتَّى رَدُّوهُ». [«البداية والنهاية ت شيري» (11/ 182)].

واذا كانوا يعيبون بالظلم والزور على معاوية ذلك فمالهم يمدحوم قتل ابن العلقمي الرافضي للملايين من اهل بغداد يقول عباس القمي: “ابن العلقمي هو الوزير أبو طالب مؤيد الدين محمد بن محمد ( احمد خ ل ) بن علي العلقمي البغدادي الشيعي ، كان وزير المستعصم آخر خلفاء بني العباس وكان كاتبا خبيرا بتدبير الملك ناصحا لأصحابه ، وكان امامي المذهب صحيح الاعتقاد رفيع الهمة محبا للعلماء والزهاد كثير المبار ولأجله صنف ابن أبي الحديد شرح النهج في عشرين مجلدا والسبع العلويات ،[الكنى والألقاب، ج ١، الشيخ عباس القمي، ص ٣٦٢].

وقد أجمع المؤرخون على أن ابن العلقمي هو الذي خان الخليفة المستعصم وتواصل مع التتار وطلب منهم أن يكون نائبهم

قال ابن كثير : “«ثُمَّ كَاتَبَ التَّتَارَ، وَأَطْمَعَهُمْ فِي أَخْذِ الْبِلَادِ، وَسَهَّلَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، وَجَلَّى لَهُمْ حَقِيقَةَ الْحَالِ، ‌وَكَشَفَ ‌لَهُمْ ضَعْفَ الرِّجَالِ، وَذَلِكَ كُلُّهُ طَمَعًا مِنْهُ أَنْ يُزِيلَ السُّنَّةَ بِالْكُلِّيَّةِ، وَأَنْ يُظْهِرَ الْبِدْعَةَ الرَّافِضِيَّةَ، وَأَنْ يُقِيمَ خَلِيفَةً مَنَ الْفَاطِمِيِّينَ» [«البداية والنهاية» (17/ 360 ت التركي)].

يقول شيخ الشيعة التستري: “ولما كان الوزير من أهل قم كان محباً للأهل البيت متشيّعاً لهم، مبالغاً في تشيعه، ولما شاهد هذه المناظر المروعة من القتل والسلب والتدمير نفض يده من شئون الوزارة وما يراد من الوزير من حيث الإصلاح والتعمير، أفلت زمام الإرادة من يده وسعى مجتهداً في قلع أساس الدولة العباسية . وكان هلاكوخان في سنة أربع و وخمسين وستمائة قد تمّ له ما أراد من احتلال الممالك الشرقية من بلاد الإسلام فعزم على إخضاع الولايات الغربية، فنهض بذلك وقد فرغ خاطره من تصفية الملاحدة مِن ثَمّ رفع الراية وحمله العزم إلى جهة دار السلام بغداد، وكان الخواجه نصيرالدين محمد الطوسي قد تخلّص تلك الأثناء من اعتقال الملاحدة ونجى من شرّهم ورأى من هلاکوخان إلزاماً وتعظيماً ووداً وتبجيلاً، وكان قد اصطحبه، ورأى ابن العلقمي الفرصة قد سنحت فأرسل قاصداً نحوه يرغبه في احتلال بغداد ويحمله على قصد ذلك ، وقال : إنّي قد أبعدت أهل العقل الراجح وذوي السياسة الصالحة وجميع الأمراء من الجيش عن الخليفة بحسن تدبيري؛ فالعجل العجل، وهلموا إلى هذا الجناب الخصيب لتظفروا به فسوف تنالون الرضا عاجلاً وتملكونه بأيديكم … واطلع هلاکوخان على جليّة الحال بالتفصيل والإجمال فأقبل بجيشه اللجب وعسكره المجر يؤم بغداد دارالسلام وبعد اللتيا والتي أقنعوا الخليفة المستعصم في يوم الأربعاء الرابع من صفر سنة ٦٥٥ وهو مضطرب الحال، آيس من الملك، مع ولديه أبي بكر وعبدالرحمن وجماعة من العلويين والعلماء بملاقاة هلاکو خان، فخرجوا من باب دار السلام وأقبلوا على معسكر الخان، حتى إذا بلغوا مقرّ هلاکوخان ويُسمّى بلغتهم «كرياس (۱) فأذنوا للخليفة وولديه مع بعض مرافقيه واستوقفوا الباقين، واستشار هلاكو الخواجه نصيرالين محمد وغيره من خاصته في قتل الخليفة، فاتفقوا على ذلك، فأمر هلاكو بوضعه في «لباد» وطووه به وجروه على الأرض بشدة حتى تفككت أعضائه وفرح شيعة أمير المؤمنين لأن الله انتقم لدماء الأئمة المعصومين .[مجالس المؤمنين -نور الله المرعشي التستري- ج٣ ص٥٧٦:٥٧٧]

وقال المؤرخ الشيعي ابن الفوطي: “ووضع السيف في أهل بغداد يوم الاثنين خامس صفر وما زالوا في قتل ونهب وأسر وتعذيب الناس بأنواع العذاب واستخراج الأموال منهم بأليم العقاب مدة أربعين يوما فقتلوا.الرجال والنساء والصبيان والأطفال فلم يبق من أهل البلد ومن التجأ إليهم من أهل السواد إلا القليل ، ما عدا النصارى فإنهم عين لهم شحاني حرسوا بيوتهم والتجأ إليهم خلق كثير من المسلمين فسلموا عندهم ، وكان ببغداد جماعة من التجار الذين يسافرون إلى خراسان وغيرها قد تعلقوا من قبل على أمراء المغول وكتب لهم فرامين فلما فتحت بغداد خرجوا إلى الأمراء وعادوا ومعهم من يحرس بيوتهم ، والتجأ أيضا إليهم جماعة من جيرانهم فسلموا وكذلك دار الوزير مؤيد الدين بن العلقمي فإنه سلم بها خلق كثير”.[الحوادث الجامعه والتجارب النافعة المؤلف : ابن الفوطي    الجزء : 1  صفحة : ٣٥٩]. [أعيان الشيعة، ج ٩، السيد محسن الأمين، ص ٨٧].

وفي عدد القتلي يقول الشيعي يوسف البحراني: “في السنة الستمائة والستة والخمسين دخلت التتار بغداد ووضعوا فيهم السيف واستمر بهم القتل والسبي نيفا وثلاثين يوما ، وقيل إن القتلى ألف ألف وثمانية ألف ذكر . وكان سبب دخولهم بغداد أن المؤيد بن العلقمي كاتبهم وحرضهم على دخول بغداد لأجل ما جرى على إخوانه الشيعة من الذل والإهانة ، وكان يكاتبهم سرا فأشار الوزير ابن العلقمي على الخليفة المعتصم باللّه بأني أخرج إليهم لتقرير الصلح فخرج وتوثق لنفسه وإخوانه بالإيمان المغلظة ثم رجع وقال للخليفة : إن الملك قد رغب أن يزوج ابنته بابنك الأمين أبو بكر وأن يكون له كما كان يفعله أجدادك مع الملوك السلجوقية ثم يرتحل عنك ، فخرج المستعصم في أعيان الدولة ثم استدعى العلماء والوزراء والرؤساء ليحضروا العقد بزعمه ، فخرجوا فضربت رقاب الجميع وصار يخرج طائفة بعد طائفة فيضرب أعناقهم حتى قتل من أهل الدولة وغيرهم ما قتل من العدد المذكور . وكان المعتصم آخر الخلفاء العباسيين وكانت دولتهم خمسمائة وأربعة وعشرين سنة”. [الكشكول، ج ٢، المحقق البحراني، ص ٢٧٠].

فهذا قتل الشيعة وغدرهم وخياناتهم لامة الإسلام باعترافهم لا بتلفيقات ساقطة تاريخيا والحمد لله رب العالمين.

قناة اليوتيوب

مواضيع شبيهة

دعوى أن معاوية نقض جميع الشروط التي كانت بينه وبين الحسن في الصلح.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.