قالوا من السنة أن تضحك عندنا يُسب أبو بكر.
زعم الشيعة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يضحك عند سب الصديق واستدلوا على ذلك برواية طويلة رواها ابن حبان في السيرة النبوية
[«السيرة النبوية وأخبار الخلفاء لابن حبان» (1/ 93)].
والبيهقي في دلائل النبوة
[«دلائل النبوة للبيهقي» (2/ 422)].
ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق.
[«تاريخ دمشق لابن عساكر» (17/ 297)].
وأبو نعيم الأصبهاني في دلائل النبوة
[«دلائل النبوة لأبي نعيم الأصبهاني» (ص282)].
والخطيب البغدادي في المتفق والمفترق
[«المتفق والمفترق» (1/ 476)].
والمعافى بن زكريا في الجليس الصالح،
[«الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي» (ص420)].
وفي بعض تلك الروايات أن الصديق قال له رجل : “أَنَّكَ مِنْ زَمَعَاتِ قُرَيْشٍ وَلَسْتَ مِنَ الذَّوَائِبِ فَأَقْبَلَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَبَسَّمُ قَالَ عَلِيٌّ: قُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا بَكْرٍ لَقَدْ وَقَعْتَ مِنَ الْأَعْرَابِيِّ عَلَى بَاقِعَةٍ فَقَالَ: أَجَلْ يَا أَبَا الْحَسَنِ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ طَامَّةٍ إِلَّا فَوْقَهَا طَامَّةٌ وَالْبَلَاءُ مُوَكَّلٌ بِالْقَوْلِ”فزعموا أن من السنة أن يضحك المسلم عندما يسب الصديق
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
أولا: مجرد طرح هذه الشبهة طعن في النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ أنه رجل يصاحب من يستحق السب ويفرح بسب الناس، ولم تكن هذه أخلاقه صلى الله عليه وسلم، بل هو الذي قال: يَا أَبَا ذَرٍّ، لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِناً، وَ لَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ، وَ لَا تَأْكُلْ طَعَامَ الْفَاسِقِينَ، يَا أَبَا ذَرٍّ، أَطْعِمْ طَعَامَكَ مَنْ تُحِبُّهُ فِي اللَّهِ، وَ كُلْ طَعَامَ مَنْ يُحِبُّكَ فِي اللَّهِ.
[اسم الکتاب : هداية الأمة إلى أحكام الأئمة – منتخب المسائل المؤلف : الشيخ حرّ العاملي الجزء : 8 صفحة : 114].
ولذلك قد جاء عند الشيعة أن الوزير إذا كان صالحا فهي دلالة إرادة الله الخير بالعبد فقد رووا عنه صلى الله عليه و آله : إذا أرادَ اللّه ُ بِعَبدٍ خَيرا جَعَلَ لَهُ وَزيرا صالِحا ، إن نَسِيَ ذَكَّرَهُ ، و إن ذَكَرَ أعانَهُ .
[ميزان الحكمه المؤلف : المحمدي الري شهري، الشيخ محمد الجزء : 6 صفحة : 211].
وقد قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ»
[البخاري، صحيح البخاري، ١٥/٨].
[مسلم، صحيح مسلم، ٨١/١].
فكيف يضحك النبي -صلى الله عليه وسلم- عند معصية الله تعالى ؟ هذا لو جاء بأثبت الأسانيد وأصحها لوجب رده صيانة لجناب النبي -صلى الله عليه وسلم- فكيف والأسانيد في ذلك ضعيفة؟!
ثانيا: الأسانيد التي روت القصة لا يخلو واحد منها من طعن فقد جاءت كلها من طريق ابان بن تغلب عن عكرمة. وأبان بن تغلب قال الذهبي عنه ”شيعي جلد، لكنه صدوق، فلنا صدقه وعليه بدعته»
[«ميزان الاعتدال» (1/ 5)].
وقال الأزدي: زائغ مذموم المذهب، كان غاليا في التشيع، وما أعلم به في الحديث بأسا»
[«إكمال تهذيب الكمال – ط الفاروق» (1/ 159)].
وَقَال أَبُو أَحْمَد بْن عَدِيّ: له أحاديث ونسخ، وعامتها مستقيمة إذا روى عنه ثقة، وهو من أهل الصدق في الروايات، وإن كان مذهبه مذهب الشيعة، وهو معروف في الكوفيين، وقد «روى نحواً من مئة حديث، وهو في الرواية صالح لا بأس به»
[«تهذيب الكمال في أسماء الرجال» (2/ 8:7)].
وقَالَ السعدي أَبَان بْن تغلب زائغ مذموم المذهب مجاهر»
[«الكامل في ضعفاء الرجال» (2/ 69)].
فالرجل وإن كان ثقة عند بعض أهل العلم الا انه روى ما يمكن أن يؤيد الشيعة من الازراء بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم،
قال الحافظ: “«وينبغي ان يقيد قولنا بقبول رواية المبتدع إذا كان صدوقا ولم يكن داعية بشرط ان لا يكون الحديث الذي يحدث به مما يعضد بدعته ويشيدها فانا لا نأمن حينئذ عليه غلبة الهوى»
[«لسان الميزان» (1/ 11)].
ومدار جميع الروايات على ابان بن تغلب وقد روى عنه الرواية رجلان الأول: أبان بن عبد الله البجلي ، وهذا مختلف فيه بين أهل العلم قال الشيخ الحويني: ” «أبان بن عبد الله البجليُّ: أخرج له أصحاب السنن. ووثقه: أحمد، وابنُ معين، وابنُ نمير، والعجليُّ. قال ابن عديّ: “هو عزيز الحديث، عزيز الروايات، ولم أجد له حديثًا منكر المتن أذكره، وأرجو أنه لا بأس به”.
* أما النسائي المصنف، فقال: “ليس بالقويّ”. وهذا تليينٌ هينٌ.* أما ابن حبان فقد غلا في جرحه، فقال: كان ممن فحُش خطؤه، وانفرد بالمناكير! بذل الإحسان 1/ 394* أبان بن عبد الله البجلي: قال البخاريُّ -كما نقل الترمذيُ في “العلل الكبير” (1/ 291) -: حديث ابن عُمر: “لا صلاة قبل العيدين” صحيحٌ وأبان: صدوق.* وقال ابن عدي: وأبان هذا عزيزُ الحديث، عزيزُ الروايات ولم أجد له حديثًا منكر المتن فأذكره، وأرجو أنه لا بأس به.* قلتُ: وأبان مختلفٌ فيه، فوثقه يحيى بنُ معين، والعجليُّ وابنُ خلفون، وقال البخاريُّ وأحمد: صدوق. زاد أحمد: صالح الحديث. وقال النسائيُّ: ليس بالقوي. وذكره ابن حبان والعقيلي في الضعفاء»
[«نثل النبال بمعجم الرجال» (1/ 99)].
فهذا رجل مختلف فيه بين أهل العلم والجرح -لاسيما في مثل تلك الروايات- مقدم على التعديل.الثاني: أبان بن عثمان الأحمر، جرحه العقيلي وذكر هذه الرواية محل البحث فقال: “حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ النَّاقِدُ قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي إِسْمَاعِيلُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ السُّكَّرِيُّ عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ الْأَحْمَرِ عَنْ أَبَانَ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ «أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَرَضَ نَفْسَهُ عَلَى قَبَائِلِ الْعَرَبِ. . .» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَلَيْسَ لِهَذَا الْحَدِيثِ أَصْلٌ، وَلَا يُرْوَى مِنْ وَجْهٍ يَثْبُتُ إِلَّا شَيْءٌ يُرْوَى فِي مَغَازِي الْوَاقِدِيِّ وَغَيْرِهِ مُرْسَلًا
[«الضعفاء الكبير للعقيلي» (1/ 37)].
وقال ابن حبان « روى عَنهُ أهل الْكُوفَة يخطئ ويهم»
[«الثقات لابن حبان» (8/ 131)].
وقال الذهبي: “«تكلم / فيه، ولم يترك بالكلية»
[«ميزان الاعتدال» (1/ 10)].
وأما الحافظ ابن حجر فقد قال في ترجمة «أحمد بن محمد بن أبي نصر السكري.روى عن أبان بن عثمان الأحمر في عرض النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نفسه على القبائل لا يصح قاله الأزدي»
[«لسان الميزان ت أبي غدة» (1/ 599)].
وأما الروايات التي ذكرت ذلك الطعن، فمنها رواية تاريخ دمشق والجليس الصالح وفيهما إِسماعيل بن مهران الكوفي: قال الشيخ الألباني لم أعرفه.”الضعيفة” (4/ 254).قال الدريني: ترجمه ابن حجر في “اللسان” (2/ 77 رقم 1249 – ط أبو غدة) وسماه: “إِسماعيل بن مهران بن محمد بن أبي نصر السكوني الكوفي، أبو يعقوب” «ذكره الطوسي في “مصنفي الشيعة”، وقال الكشي: له كتاب “الملاحم”، و “ثواب القرآن” و “النوادر” وغير ذلك. وأحال أبو غدة – رحمه الله – إِلى: “رجال النجاشي” (1/ 111)، “فهرست الطوسي” (41)، “معجم رجال الحديث” (3/ 189).قال الدريني: وذكره النديم في “الفهرست” (ص 313) فقال: “أخو عيسى بن مهران، وله من الكتب “كتاب الملاحم””»
[«بلوغ الأماني في تراجم الرجال الذين لم يعرفهم الإمام الألباني رحمه الله تعالى» (ص120)].
وعليه فالرجل متروك كما في موسوعة الحديث
وأما رواية أبي نعيم ففيها محمد بن زكريا الغلابي وقد ضعَّف البيهقي تلك الرواية وذكر أنه متروك الحديث فقال : “قُلْتُ: وَقَدْ رَوَاهُ أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْغَلَّابِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ أَبَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيُّ [أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَحْمَدَ الْعُمَانِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْغَلَّابِيُّ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ وَاقِدٍ، حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيُّ] [ (14) ] فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ وَرُوِيَ أَيْضًا بِإِسْنَادٍ آخَرٍ مَجْهُولٍ عَنْ أَبَانَ بْنِ تَغْلِبَ.أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بْنُ عَنْبَسَةَ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي نَصْرٍ السَّكُونِيُّ، عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ الْأَحْمَرِ، عَنْ أَبَانَ بْنِ ثعلب، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَذَكَرَهُ، وَقَالَ: خَرَجَ إِلَى مِنًى [ (15) ] وَأَنَا معه»
[«دلائل النبوة للبيهقي» (2/ 427)].
وقال نور الدين، علي بن محمد بن علي بن عبد الرحمن ابن عراق الكناني (ت ٩٦٣هـ) «مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا بن دِينَار العرقي أَتَى بِحَدِيث كذب فِي تَزْوِيج عَليّ بفاطمة وَلَا يدرى من هُوَ»
[«تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة» (1/ 105)].
قال الحاكم: قال الدَّارَقُطْنِيّ: محمد بن زكريا بن دينار الغلابي، يضع الحديث. (206) .
- وقال الدَّارَقُطْنِيّ: محمد بن زكريا الغلابي، بصري يضع. [«الضعفاء والمتروكون» (484)] .
- وقال ضعيف. [«لسان الميزان» 4 (5524)]
[موسوعة أقوال أبي الحسن الدارقطني في رجال الحديث وعلله» (2/ 574)].
هذه هي الروايات التي ذكرت الطعن في الصديق وتبسم النبي -صلى الله عليه وسلم- وكلها من طرق لا تثبت، ولذلك حكم الأئمة الاعلام عليها بالضعف كما ثبت نقله عن العقيلي والبيهقي، وكذلك فقد نقله ابن كثير واستغربه جدا فقال «وَأَغْرَبُ مِنْ ذَلِكَ وَأَطْوَلُ مَا رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَالسِّيَاقُ لِأَبِي نُعَيْمٍ رَحِمَهُمُ اللَّهُ، مِنْ حَدِيثِ أَبَانِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ أَنْ يَعْرِضَ نَفْسَهُ عَلَى قَبَائِلِ الْعَرَبِ»
[«السيرة النبوية لابن كثير» (2/ 163)].
وعليه فالرواية لا تصح من أي طريق.
ثالثا: الثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه عند سب الصديق كان يتبسم ويعجب لكن ليس على ما زعم الرافضة، إنما كان تبسمه صلى الله عليه وسلم لما يرى من دفاع ملائكة الله عن الصديق رضي الله عنه.فقد جاء في مسند أحمد وغيره «عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا شَتَمَ أَبَا بَكْرٍ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْجَبُ وَيَتَبَسَّمُ، فَلَمَّا أَكْثَرَ رَدَّ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ، فَغَضِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَامَ، فَلَحِقَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ كَانَ يَشْتُمُنِي وَأَنْتَ جَالِسٌ، فَلَمَّا رَدَدْتُ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ، غَضِبْتَ وَقُمْتَ، قَالَ: ” إِنَّهُ كَانَ مَعَكَ مَلَكٌ يَرُدُّ عَنْكَ، فَلَمَّا رَدَدْتَ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ، وَقَعَ الشَّيْطَانُ، فَلَمْ أَكُنْ لِأَقْعُدَ مَعَ الشَّيْطَانِ “ثُمَّ قَالَ: ” يَا أَبَا بَكْرٍ ثَلَاثٌ كُلُّهُنَّ حَقٌّ: مَا مِنْ عَبْدٍ ظُلِمَ بِمَظْلَمَةٍ فَيُغْضِي عَنْهَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، إِلَّا أَعَزَّ اللهُ بِهَا نَصْرَهُ، وَمَا فَتَحَ رَجُلٌ بَابَ عَطِيَّةٍ، يُرِيدُ بِهَا صِلَةً، إِلَّا زَادَهُ اللهُ بِهَا كَثْرَةً، وَمَا فَتَحَ رَجُلٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ، يُرِيدُ بِهَا كَثْرَةً، إِلَّا زَادَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا قِلَّةً»
[«مسند أحمد» (15/ 390 ط الرسالة)].
[«مسند البزار = البحر الزخار» (15/ 157)].
[«شرح السنة للبغوي» (13/ 163)].
[«السنن الكبرى – البيهقي» (10/ 400 ط العلمية)].
فهنا كان تبسم النبي -صلى الله عليه وسلم- لأجل أمر يليق به صلى الله عليه وسلم وهو دفاع الله عن الصديق رضي الله عنه.
رابعا: قول الرجل “إنك من زمعات قريش” هذا لعله داخل في نهي التعيير بأمور الجاهلية مما هدمه الإسلام، قال في لسان العرب «إِنَّكَ مِنْ زَمَعاتِ قُرَيْش؛ الزَّمَعة، بِالتَّحْرِيكِ: التَّلْعةُ الصَّغِيرَةُ، أَي لَسْتَ مِنْ أَشرافهم، وَهِيَ مَا دُونَ مَسايلِ الْمَاءِ مِنْ جَانِبَيِ الْوَادِي»
[«لسان العرب» (8/ 144)].
قال ابن الأثير: في منال الطالب/ 303: الأوْلَى في تفسيرها ما قاله الجوهرى، فإنّه قال: الزَّمَعُ: رُذَال الناس. يُقال: هو من زَمَع الناس: أي مآخيرهم”.ومن المعلوم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جعله ذلك من الجاهلية وآثاراها فكيف يضحك صلى الله عليه وسلم عند فعل أمر من أمور الجاهلية والثابت عنه عكس ذلك ففي الصحيحين: “عَنِ المَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ، قَالَ: لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ، وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ، وَعَلَى غُلاَمِهِ حُلَّةٌ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ، إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلاَ تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ»
[البخاري، صحيح البخاري، ١٥/١].
[مسلم، صحيح مسلم، ١٢٨٢/٣].
فكيف يزجر النبي -صلى الله عليه وسلم- أبو ذر عن عمل الجاهلية وفي نفس الوقت يضحك عند حصول نفس الفعل؟! هذا غاية الطعن في النبي -صلى الله عليه وسلم-،ولا يمكن نسبته للنبي صلى الله عليه وسلم.
خامسا: الثابت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يغضب لغضب الصديق ويدافع عنه ففي صحيح البخارى “عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ آخِذًا بِطَرَفِ ثَوْبِهِ حَتَّى أَبْدَى عَنْ رُكْبَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا صَاحِبُكُمْ فَقَدْ غَامَرَ» فَسَلَّمَ وَقَالَ: إِنِّي كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِ الخَطَّابِ شَيْءٌ، فَأَسْرَعْتُ إِلَيْهِ ثُمَّ نَدِمْتُ، فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَغْفِرَ لِي فَأَبَى عَلَيَّ، فَأَقْبَلْتُ إِلَيْكَ، فَقَالَ: «يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ» ثَلاَثًا، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ نَدِمَ، فَأَتَى مَنْزِلَ أَبِي بَكْرٍ، فَسَأَلَ: أَثَّمَ أَبُو بَكْرٍ؟ فَقَالُوا: لاَ، فَأَتَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ، فَجَعَلَ وَجْهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَمَعَّرُ، حَتَّى أَشْفَقَ أَبُو بَكْرٍ، فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ أَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ، مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ فَقُلْتُمْ كَذَبْتَ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ صَدَقَ، وَوَاسَانِي بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُوا لِي صَاحِبِي» مَرَّتَيْنِ، فَمَا أُوذِيَ بَعْدَهَا
[البخاري، صحيح البخاري، ٥/٥].
مواضيع شبيهة
قالوا خالف أبو بكر أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الشيطان.