7ewaratwelzamat
حوارات وإلزامات

 قالوا إن النبي  كان يلبس مرط عائشة، ويسمح بدخول أصحابه وهو على هذا الحال.

0

 

وهذا الحديث أخرجه مسلم عن سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ ، وَعُثْمَانَ، حَدَّثَاهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ فاسْتَأْذَنَ عَلَى رَسُولِ اللهِ ، وَهُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى فِرَاشِهِ، لَابِسٌ مِرْطَ عَائِشَةَ، فَأَذِنَ لِأَبِي بَكْرٍ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَقَضَى إِلَيْهِ حَاجَتَهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ، فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَقَضَى إِلَيْهِ حَاجَتَهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ، قَالَ عُثْمَانُ: ثُمَّ اسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ فَجَلَسَ، وَقَالَ لِعَائِشَةَ: «اجْمَعِي عَلَيْكِ ثِيَابَكِ» فَقَضَيْتُ إِلَيْهِ حَاجَتِي، ثُمَّ انْصَرَفْتُ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَالِي لَمْ أَرَكَ فَزِعْتَ لِأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، كَمَا فَزِعْتَ لِعُثْمَانَ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ : «إِنَّ عُثْمَانَ رَجُلٌ حَيِيٌّ، وَإِنِّي خَشِيتُ، إِنْ أَذِنْتُ لَهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، أَنْ لَا يَبْلُغَ إِلَيَّ فِي حَاجَتِهِ”.

[ صحيح مسلم (4/1866)].

 

يقول محمد التيجاني معلقًا: ” أي نبي هذا الذي يستقبل أصحابه وهو مضطجع في مرط زوجته على فراشه وبجانبه زوجته في لباس مبتذل حتى إذا جاء عثمان جلس وأمر زوجته بأن تجمع عليها ثيابها”.

[فاسألوا أهل الذكر، محمد التيجاني، (ص 267)].

 

وخلاصة اعتراضات الرافضة على هذه الرواية في ثلاثة أمور:

1- أين الحياء في مقابلة الضيوف في ثياب النساء؟!

2- كيف يبلس النبي ثوب زوجته؟!

3- كيف يأمر النبيّ  أم المؤمنين بأن تجمع عليها ثيابها بينما تركها لما دخل عمر؟!

 

والجواب على هذه الشبهة من وجوه:

أولا: النبي  قد بلغ الغاية في الحياء، بل وهو الذي قال: “لِكُلِّ دِينٍ خُلُقٌ، وَخُلُقُ الْإِسْلَامِ الْحَيَاءُ”.

[ موطأ مالك (2/905)، وصححه الألباني، صحيح الترغيب والترهيب، (3/5)].

 

وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ:” كَانَ النَّبِيُّ  أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ العَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا”.

[صحيح البخاري (4/190)، صحيح مسلم، (4/1809)].

 

فكيف يقال بعد هذا إن النبي  قد كشف ما لا يجوز كشفه، أو كان على هيئة لا ينبغي أن يكون عليها؟! بل لقد عصم الله نبيه من التعري حتى قبل البعثة.

عن عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أنه سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: “لَمَّا بُنِيَتِ الكَعْبَةُ، ذَهَبَ النَّبِيُّ وَعَبَّاسٌ يَنْقُلاَنِ الحِجَارَةَ، فَقَالَ عَبَّاسٌ لِلنَّبِيِّ : اجْعَلْ إِزَارَكَ عَلَى رَقَبَتِكَ يَقِيكَ مِنَ الحِجَارَةِ، فَخَرَّ إِلَى الأَرْضِ وَطَمَحَتْ عَيْنَاهُ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَالَ: «إِزَارِي إِزَارِي فَشَدَّ عَلَيْهِ إِزَارَهُ”.

[صحيح البخاري، (5/41)].

 

فهذه رعاية الله لنبيه حتى قبل البعثة، فما بالك بما بعدها؟!إذًا الحال التي كان عليها رسول الله  ليس فيها ما يخل بالحياء أو يخرم المروءة، وهو أعلم الناس وأدراهم بعرف زمانه، وما الذي يخرم الحياء والمروءة من عدمه.وفعل النبي  مع أبي بكر وعمر أصهاره وأقرب أصحابه إليه دليل على أنه يتعامل معهما بلا تكلف، وهذا دليل حب وقرب، والمرء يتكلف مع صاحبه على حسب قربه منه، وكلما رُفع التكلف -دون خرم للحياء- كلما دلَّك على قرب الصاحب لصاحبه ومحبته له، وفعل النبي  مع عثمان إنما هو من باب الفضل لا الواجب، رعاية لحال عثمان الذي تستحي منه الملائكة، فخشي النبي صلى الله عليه وسلم أن يمنع الحياء عثمان من طلب حاجته، فظهر من هذا أن النبي  يراعي أحوال أصحابه دون أن يخرم حياء أو يرتكب محرما -حاشاه- .وأما الشيعة فعندهم من الطوام في ذلك الكثير، فهم يزعمون أن إمامهم المعصوم الخامس محمد الباقر كان يدخل الحمام ويكشف عورته أمام الناس.

 فعن عبيد الله الدابقي قال: “دخلت حماما بالمدينة … فقلت: لمن هذا الحمام؟ فقال: لأبي جعفر محمد بن علي عليه السلام. فقلت: كان يدخله؟ قال: نعم. فقلت: كيف كان يصنع؟ قال: كان يدخل يبدأ فيطلي عانته، وما يليها، ثم يلف على طرف إحليله، ويدعوني فأطلي سائر بدن، فقلت له يوماً من الأيام: الذي تكره أن أراه قد رأيته – يقصد عورته المغلظة –”.

[ الكافي، الكليني، (6/508)].

 

ويعلق أحد علمائهم فيقول: إن حجم الذكر يجوز النظر إليه إذا كان ملفوفًا بشيء يظهر معه الحجم.يقول الآراكي: “والحجم بمعنى الهيئة الحاصلة من لف الجسم بخرقة غليظة، أو بنورة كذلك، بحيث يرى كالكومة لا دليل على لزوم ستره”.

[شرح نجاة العباد، آخوند ملا أبو طالب الأراكي ، (1 /158)].

 

وقد روى الكليني بسنده عن أبي الحسن عليه السلام قال:” العورة عورتان القبل والدبر، فأما الدبر مستور بالإليتين فإذا سترت القضيب والبيضتين فقد سترت العورة “.

[الكافي، (6/512)].

 

ثانيًا: أما كون النبيّ  لبس مرط عائشة رضي الله عنها. فمعنى المرط هو الكساء أو الثوب مطلقا، وليس مختصا بالنساء.

قال ابن منظور: والمِرْط: كُلُّ ثَوْبٍ غَيْرِ مَخِيط”.

[ لسان العرب، ابن منظور، (7/402)].

 

قال الجوهري: والمِرْطُ بالكسر: واحد المروطِ، وهي أكسيةٌ من صوف أو خَزٍّ كان يؤتزر بها“.

[الصحاح تاج اللغة، وصحاح العربية، (3/1159)].

 

فهذا كساء أشبه بالملحفة أو الغطاء العام، وبالتالي فهو كساء مشترك، ليس فيه أي معلم حتى تتميز به النساء عن الرجال.

 

ولمزيد التوضيح هذا حديث الكساء المعروف من حديث أم المؤمنين عائشة.

روى الإمام مسلم في (صحيحه): “عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، قَالَتْ: قَالَتْ عَائِشَةُ: خَرَجَ النَّبِيُّ  غَدَاةً وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ، مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ، فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَهُ، ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَدْخَلَهَا، ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَدْخَلَهُ ،

[ صحيح مسلم، (4/1883)].

 

ثُمَّ قَالَ: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)

[الأحزاب: 33].

 

فهذا نص واضح يعرفنا أن المرط لباس لا يختص بالمرأة؛ وإنما يتزر به الرجل وتتلفع به المرأة، ويتخذ كغطاء لهما.

وأيضا فإن اللبس في قوله (لَابِسٌ مِرْطَ عَائِشَةَ) كلمة تطلق في اللغة على اللبس المعروف وعلى مجرد الافتراش أيضا، وعلى غير ذلك.قال الحافظ ابن حجر: “قَوْلُهُ (مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ) فِيهِ أَنَّ الِافْتِرَاشَ يُسَمَّى لُبْسًا، وَقَدِ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى مَنْعِ افْتِرَاشِ الْحَرِيرِ؛ لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ”.

[ فتح الباري لابن حجر، (1/490)].

 

وقال ابن رجب الحنبلي: “وقوله (قد اسود من طول ما لبس) يدل على أن لبس كل شيء بحسبه فلبس الحصير هو بسطه واستعماله في الجلوس عليه”.

[ فتح الباري، ابن رجب، (3/15)].

 

هنا مجرد افتراش، ومع ذلك سمى لبسًا، وبالتالي فاللبس الوارد في الحديث، إنما هو مجرد التحاف، وكما يلتحف الرجل بثوب مشترك بينه وبين أبناءه أو زوجته، وهو يجلس معهم وليس المقصود اللبس المعروف عند الإطلاق.

 فظهر من هذا أن المرط ثياب لا تخص المرأة وإنما يلبسها الرجل والمرأة بلا إشكال شرعًا ولا عرفًا. وقد جاء في كتب الإمامية ما يدل على جواز لبس الرجل ثوب المرأة.

روى الكليني بإسناده عن العيص ابن القاسم قال:” سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يصلي في ثوب المرأة وفي إزارها ويعتم بخمارها، قال: نعم إذا كانت مأمونة”.

[الكافي، الكليني، (1/402)، وصححه المجلسي في مرآة العقول، (15/317)].

 

وقال الحلي: “يجوز أن يصلي الرجل في ثوب المرأة إذا كانت مأمونة؛ لعدم المانع، ولرواية العيص الصحيحة عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن الرجل يصلي في ثوب المرأة في إزارها ويعتم بخمارها، قال: نعم، إذا كانت مأمونة “.

[ تذكرة الفقهاء، (2/510)].

 

وقال أيضا: “مسألة: قال الشيخ – رحمه الله تعالى – يجوز للرجل أن يصلي في ثوب المرأة إذا كانت مأمونة. وعد ابن البراج في المكروه ثوب المرأة للرجل، وأطلق.لنا: الأصل براءة الذمة من كراهة وتحريم، وما رواه العيص بن القاسم في الصحيح قال: سألت أبا عبد الله – عليه السلام – عن الرجل يصلي في ثوب المرأة وفي إزارها ويعتم بخمارها، قال: نعم إذا كانت مأمونة “.

[ مختلف الشيعة، الحلي، (2/91)].

 

وقال الخوئي: “قال (عليه السلام): إني لأكره أن يتشبه بالنساء، وفي رواية أخرى: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ينهى المرأة أن تتشبه بالرجال في لباسها، فإنه يستفاد منهما تحريم التشبه في اللباس.وفيه: أنه ليس المراد من التشبه في الروايتين مجرد لبس كل من الرجل والمرأة لباس الآخر، وإلا لحرم لبس أحد الزوجين لباس الآخر لبعض الدواعي كبرد ونحوه، بل الظاهر من التشبه في اللباس المذكور في الروايتين هو أن يتزي كل من الرجل والمرأة بزي الآخر، كالمطربات اللاتي أخذن زي الرجال، والمطربين الذين أخذوا زي النساء، ومن البديهي أنه من المحرمات في الشريعة، بل من أخبث الخبائث وأشد الجرائم وأكبر الكبائر.على أن المراد في الرواية الأولى هي الكراهة، إذ من المقطوع به أن جر الثوب ليس من المحرمات في الشريعة المقدسة.وقد تجلى مما ذكرناه أنه لا شك في جواز لبس الرجل لباس المرأة لإظهار الحزن وتجسم قضية الطف وإقامة التعزية لسيد شباب أهل الجنة (عليه السلام)، وتوهم حرمته لأخبار النهي عن التشبه ناشئ من الوساوس الشيطانية، فإنك قد عرفت عدم دلالتها على حرمة التشبه”.

[ مصباح الفقاهة، الخوئي، (1 / 338)].

 

وممن تخفى في زي النساء من الشيعة أيوب بن السيد محسن بن محمد بن فلاح الموسوي المشعشعي وأخوه السيد علي، هؤلاء تزيوا بزي النساء. 

[ أعيان الشيعة، (3/525)].

 

ثالثا: قوله : “اجْمَعِي عَلَيْكِ ثِيَابَكِ”والجواب على هذا الاعتراض المتهافت جدا؛ بأن نقول إن قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأم المؤمنين: اجْمَعِي عَلَيْكِ ثِيَابَكِ هو أمر لها بأن تأخذ المرط “الغطاء الجامع بينهما فوق الملابس” الذي عليه ، وليس في الحديث أي شيء يوحى بأنها رضي الله عنها كانت متكشفة وحاشاها، بل حاشا رسول الله أن يسكت على منكر، وبالتالي فالأمر إنما هو لأخذ المرط الذي على رسول الله ، لأجل أن يعتدل النبي  في جلسته فقط .وقد ورد في كتب الشيعة بأسانيد صححوها؛ أن فاطمة كان يدخل عليها الأجنبي في غياب زوجها فيراها متكشفة فكانت تقول له “جفوتني” فيرد عليها حبيبتي أأجفاكم ؟روى المجلسي في (بحار الأنوار) رواية طويلة وفيها:قال علي عليه السلام: يا سلمان أئت منزل فاطمة بنت رسول الله  فإنها إليك مشتاقة، تريد أن تتحفك بتحفة قد أتحفت بها من الجنة، قلت لعلي عليه السلام، قد أتحفت فاطمة عليها السلام بشيء من الجنة، بعد وفاة رسول الله ؟ قال: نعم بالأمس، قال سلمان الفارسي: فهرولت إلى منزل فاطمة عليها السلام بنت محمد ، فإذا هي جالسة وعليها قطعة عباء إذا خمرت رأسها انجلى ساقها وإذا غطت ساقها انكشف رأسها، فلما نظرت إلي اعتجرت ثم قالت: يا سلمان جفوتني بعد وفاة أبي قلت: حبيبتي أأجفاكم ؟”.

[ بحار الأنوار، المجلسي، (43/66)؛ (92/37)؛ (94/226)؛ (95/37) ؛ منازل الآخرة والمطالب الفاخرة ،عباس القمي، (ص 299)، نفس الرحمن في فضائل سلمان، للنوري الطبرسي، (ص 337)، مهج الدعوات، (ص 7)].

 

وقد صحح المجلسي هذه الرواية في كتابه “حلية المتقين في الآداب والسنن والأخلاق، حيث قال:” والتمسوا من هذا العبد الحقير أن يكتب رسالة في بيان محاسن الآداب المستوحاة من الطريقة الصحيحة والمستقيمة للنبي  والأئمة الطاهرين (عليهم السلام) بالأسانید المعتبرة، فتوكلت على الله وحررت هذه الرسالة ببضاعتي القليلة لينتفع بها المؤمنون”.

[ حلية المتقين في الآداب والسنن والأخلاق، المجلسي، (ص14)، ثم ذكر الرواية في (ص 389)].

 

قناة اليوتيوب

مواضيع شبيهة

كانت عائشة  تتوضأ أمام سالم سبلان.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.