7ewaratwelzamat
حوارات وإلزامات

علي أحب إلى النبي من أبي بكر بنص كلام عائشة.

0

 

ذكر الشيعة عدة روايات يظنونها تعارض ما ثبت من أن الصديق كان أحب الرجال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ثبت في الصحيحين من حديث عَمْرُو بْنُ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السُّلاَسِلِ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: ” أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: «عَائِشَةُ»، فَقُلْتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ فَقَالَ: «أَبُوهَا»، قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ» فَعَدَّ رِجَالًا

[البخاري، صحيح البخاري، ٥/٥].

[مسلم، صحيح مسلم، ١٨٥٦/٤].

 

وذكر بعض الشيعة روايات أخرى فقال “ومن تلك حديث نصت فيه -أي أم المؤمنين عائشة- بأن عليا أحب إلى النبي (صلى الله عليه وآله) منها ومن أبيها! وذلك حين وقعت بينها وبين النبي مشاجرة دفعتها لأن ترفع صوتها عليه وتقسم قائلة “أخرج أحمد والبزار عن النعمان بن بشير قال “اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَمِعَ صَوْتَ عَائِشَةَ عَالِيًا، وَهِيَ تَقُولُ: وَاللهِ لَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّ عَلِيًّا أَحَبُّ إِلَيْكَ مِنْ أَبِي، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ، فَدَخَلَ، فَأَهْوَى إِلَيْهَا، فَقَالَ: يَا بِنْتَ فُلَانَةَ أَلَا أَسْمَعُكِ تَرْفَعِينَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “.

[أحمد بن حنبل، مسند أحمد ط الرسالة، ٣٧٣/٣٠].

 

وفي رواية النسائي عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ أَسْتَأْذن أَبُو بكر على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسمع صَوت عَائِشَة عَالِيا وَهِي تَقول وَالله لقد علمت أَن عليا أحب إِلَيْك من أبي فَأَهوى إِلَيْهَا أَبُو بكر ليلطمها وَقَالَ يَا ابْنة فُلَانَة أَرَاك ترفعين صَوْتك على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

[النسائي، خصائص علي، صفحة ١٢٦].

 

ومن تلك حديث نصت فيه على أنها لا تعلم رجلا أحب إلى النبي من علي (عليه السلام) ولا تعلم امرأة أحب إليه من فاطمة صلوات الله عليها.أخرج الحاكم بسنده عن جميع بن عمير قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أُمِّي عَلَى عَائِشَةَ فَسَمِعْتُهَا مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ وَهِيَ تَسْأَلُهَا، عَنْ عَلِيٍّ فَقَالَتْ: «تَسْأَلُنِي عَنْ رَجُلٍ وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ رَجُلًا كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَلِيٍّ، وَلَا فِي الْأَرْضِ امْرَأَةٌ كَانَتْ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ امْرَأَتِهِ» هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ ” جميع بن عمير متهم

[الحاكم، أبو عبد الله، المستدرك على الصحيحين للحاكم، ١٦٧/٣].

 

وفي رواية الترمذي عَنْ جُمَيْعِ بْنِ عُمَيْرٍ التَّيْمِيِّ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ عَمَّتِي عَلَى عَائِشَةَ فَسُئِلَتْ أَيُّ النَّاسِ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “؟ قَالَتْ: «فَاطِمَةُ»، فَقِيلَ: مِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَتْ: «زَوْجُهَا»، إِنْ كَانَ مَا عَلِمْتُ صَوَّامًا قَوَّامًا [الترمذي، محمد بن عيسى، سنن الترمذي ت شاكر، ٧٠١/٥].

 

وفي رواية النسائي (أشار الخبيث في الهامش إلى كتاب سنن النسائي والرواية ليست في السنن وإننا في الخصائص) وغيره عن جَمِيع وَهُوَ ابْن عُمَيْر قَالَ دخلت مَعَ أُمِّي على عَائِشَة وَأَنا غُلَام فَذكرت لَهَا عليا فَقَالَ مَا رَأَيْت رجلا أحب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُ وَلَا امْرَأَة أحب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من امْرَأَته

[النسائي، خصائص علي، صفحة ١٢٧].

 

قال الشيعي معلقا “فلا أقل بعد هذه الأحاديث من التساقط للتعارض، مع أنه يمكن ترجيح هذه الطائفة من أحاديث عائشة بأن عليا وفاطمة كانا الأحب لأن فيها شهادة لخصومها والحال معكوسة هناك”.

[الفاحشة- (ص 280/282)].

 

والجواب على هذه الشبهة من وجوه:

 

أولا: الرواية الأولى: اختلف في إسنادها ومتنها.

 

قال في أنيس الساري “أخرجه أحمد (4/ 271 – 272) وفي “فضائل الصحابة” (38) عن وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن العَيزار بن حُريث عن النعمان بن بشير قال: جاء أبو بكر يستأذن على النبي – صلى الله عليه وسلم – فسمع عائشة وهي رافعة صوتها على رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، فأذن له فدخل فقال: يا ابنة أم رُومان، وتناولها، أترفعين صوتك على رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، قال: فحال النبي – صلى الله عليه وسلم – بينه وبينها، قال: فلما خرج أبو بكر جعل النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول لها يترضاها “ألا ترين أني قد حلت بين الرجل وبينك” قال: ثم جاء أبو بكر فاستأذن عليه فوجده يضاحكها، قال: فأذن له فدخل، فقال له أبو بكر: يا رسول الله، أشركاني في سلمكما كما أشركتماني في حربكما.

ورواته ثقات إلا أنّ أبا إسحاق السبيعي كان مدلسا ولم يذكر سماعا من العيزار، وكان قد اختلط أيضا وسماع إسرائيل منه بعد اختلاطه.

– ورواه يونس بن أبي إسحاق واختلف عنه:

  • فرواه أبو نُعيم الفضل بن دُكين عن يونس عن العيزار عن النعمان.أخرجه أحمد (4/ 275) وفي “الفضائل” (39) والبزار (3275) والطحاوي في “المشكل” (5309) وابن قانع في “الصحابة” (3/ 144).
  • وتابعه عمرو بن مُحَمَّدْ العنقزي أنا يونس به.أخرجه النسائي في “الكبرى” (9155) وفي “خصائص علي” (110)
  • ورواه حجاج بن مُحَمَّدْ الأعور عن يونس عن أبي إسحاق عن العيزار عن النعمان.
  • أخرجه أبو داود (4999) [نبيل البصارة، أنيس الساري (تخريج أحاديث فتح الباري)، ٥٤١/١]”

 

فأنت ترى أن يونس ابن أبي إسحاق اختلف عنه في إسناده، ففي إحدى روايتي أحمد وهو طريق أبي نعيم عنه صرح بالسماع من العيزار بخلاف طريق إسرائيل عنه وكذا رواية النسائي وأبو داوود والبزار فليس فيها التصريح بالسماع ومعلوم أن يونس بن إسحاق يتوسع في التصريح بالسماع ففي تهذيب التهذيب: “وقال بندار عن سلم بن قتيبة قدمت من الكوفة فقال لي شعبة من لقيت قلت: فلان وفلان ويونس بن أبي إسحاق قال ما حدثك فأخبرته وقلت: قال ثنا بكر بن ماعز فسكت ساعة ثم قال فلم يقل لك ثنا عبد الله بن مسعود”.

[ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب، ٤٣٤:٤٣٣/١١]

 

فبين شعبة هنا أن يونس يتوسع في ذكر (حدثنا) حتى فيمن لم يسمع منه، ولذلك قال له تعجبا (فلم يقل لك ثنا عبد الله بن مسعود!) فهذا اختلاف في السند. أما الاختلاف في المتن فقد جاء هذا الحديث عند أبي داود(4999) حدثنا يحيى بن معين ثنا حجاج بن محمد ثنا يونس بن ابي إسحاق عن أبي إسحاق عن العيزار بن حريث عن النعمان به (دون ذكر اللفظة موضع الاحتجاج) قال نور الدين الهيثمي “قُلْتُ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، خَلا قَوْلِهَا: لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ عَلِيًّا أَحَبُّ إِلَيْكَ مِنْ أَبِي”.

[نور الدين الهيثمي، كشف الأستار عن زوائد البزار، ١٩٥/٣].

 

وكذلك روى هذا الحديث إسرائيل بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن العيزار بن حريث عن النعمان به((دون هذه اللفظة)) كما عند أحمد(4/272) رقم(18394) وفي فضائل الصحابة لأحمد(38)

وإسرائيل مقدم على أبيه يونس في حديث أبي إسحاق كما قال أحمد ويونس بن أبي إسحاق قد تكلم العلماء في حفظه. “قال صالح بن أحمد عن علي بن المديني سمعت يحيى وذكر يونس بن أبي إسحاق فقال كانت فيه غفلة شديدة وكانت فيه سخنة”. [ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب، ٤٣٣/١١]

 

وقال الأثرم سمعت أحمد يضعف حديث يونس عن أبيه وقال حديث إسرائيل أحب إلي منه وقال أبو طالب عن أحمد في حديثه زيادة على حديث الناس قلت: يقولون إنه سمع في الكتب فهيرا ثم قال إسرائيل إنه قد سمع وكتب فلم يكن فيه زيادة مثل يونس وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه حديثه مضطرب وقال أيضا سألت أبي عن عيسى بن يونس قال عن مثل عيسى تسأل قلت: فأبوه يونس قال كذا وكذا”.

[ابن حجر العسقلاني، تهذيب 90-التهذيب، ٤٣٤/١١].

 

وقال أبو حاتم: كان صدوقا إلا أنه لا يحتج بحديثه وقال النسائي: ليس به بأس وقال بن عدي له أحاديث حسان وروى عنه الناس وحديث أهل الكوفة عامته تدور على ذلك البيت وذكره بن حبان في الثقات وقال مات سنة تسع وخمسين ومائة وكذا قال بن سعد وغيره في تاريخ وفاته وقال بن المديني مات سنة اثنتين ويقال سنة تسع وقال بن أبي عاصم مات سنة ثمان وخمسين ومائة وتتمة كلام بن سعد وكانت له سنن عالية وروى عن عامة رجال أبيه وكان ثقة إن شاء الله تعالى وقال الساجي صدوق كان يقدم عثمان على علي وضعفه بعضهم وقال أبو أحمد الحاكم ربما وهم في روايته وقال العجلي جائز الحديث وقال بن شاهين في الثقات قال بن معين: ليس به بأس.

[ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب، ٤٣٤/١١].

 

وعليه فعامة أهل العلم أن حديث يونس بن أبي إسحاق لا يحتج به وإن كان حديثه حسن فكيف وقد خالف ما هو أصح منه وأشهر، وعليه نقول: إذا صح إسناد في هذا الأثر فلا يعني الحكم بالصحة لكل كلمة فيه؛ وإلا فإن اللفظة موضع الاحتجاج خلت منها عدة روايات وهذا أظنه ما قصده الإمام أحمد لما حكم على حديث يونس بالاضطراب كما سبق نقله، وعليه فهذه الجملة ” لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ عَلِيًّا أَحَبُّ إِلَيْكَ مِنْ أَبِي” لفظة منكرة لا يحتج بها قال الشيخ الحويني حفظه الله في تعليقه على الخصائص لعلي ص 106: “إسناده صحيح على نكارة في جملة من متنه كما يأتي إن شاء الله، وعبدة ثقة، وكذا عمرو، ومن بعده، ولكن اختلف في إسناد هذا الحديث: فرواه يونس عن العيزار عن النعمان أخرجه البزار(3/194-195) من طريق أبي نعيم ثنا يونس به.وخالفه ابنه إسرائيل فرواه عن أبي إسحق عن العيزار، أخرجه أحمد (4/271-272).واختلف على يونس فيه، فرواه عمرو بن محمد العنقري عنه عن أبي إسحق أخرجه أبو داود (4999) والوجه الأول ارجح، وهو الخالي من ذكر: أبي إسحق، ثم إن قول عائشة “لقد علمت أن عليا أحب إليك مني” هذه الجملة -عندي-منكرة، وسائر الروايات لم تذكر الأمر الذي جعل عائشة-رضي الله عنها-ترفع صوتها على النبي صلى الله عليه وسلم )) انتهى.وعليه فلا نتكلف الجمع بين حديث في أعلى درجات الصحة والذي أثبت أن أحب الرجال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق وأحب النساء إليه عائشة واللفظة موضع الاحتجاج منها حكم عليها الحفاظ بالنكارة وإذا تكلفلنا الجمع بين الروايتين فما هو إلا تنزلا.

 

ثانيا: لو صح الحديثان لقلنا برجحان رواية الصحيحين بلا شك، والرواية عن عَمْرُو بْنُ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ” أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السُّلاَسِلِ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: (عَائِشَةُ)، فَقُلْتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟، فَقَالَ: (أَبُوهَا)، قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ( ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الخَطَّاب )، فَعَدَّ رِجَالًا”. رواه البخاري في “صحيحه” (رقم/3662)، ومسلم في “صحيحه” (رقم/2384)

قهذه الرواية أرجح بلا شك وذلك لأمرين:

١- أنها في الصحيحين وما فيهما يقدم عند التعارض على غيرهما لأن الأصح يقدم على الصحيح إجماعا قال ابن الصلاح وهو يتكلم على مراتب وأقسام الصحيح “فَأَوَّلُهُمَا: صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ جَمِيعًا.

الثَّانِي: صَحِيحٌ انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ، أَيْ عَنْ مُسْلِمٍ.

الثَّالِثُ: صَحِيحٌ انْفَرَدَ بِهِ مُسْلِمٌ، أَيْ عَنِ الْبُخَارِيِّ.

الرَّابِعُ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا لَمْ يُخْرِجَاهُ.

الْخَامِسُ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ لَمْ يُخْرِجْهُ.

السَّادِسُ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ لَمْ يُخْرِجْهُ.

السَّابِعُ: صَحِيحٌ عِنْدَ غَيْرِهِمَا، وَلَيْسَ عَلَى شَرْطِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.

هَذِهِ أُمَّهَاتُ أَقْسَامِهِ، وَأَعْلَاهَا الْأَوَّلُ، وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ فِيهِ أَهْلُ الْحَدِيثِ كَثِيرًا: ” صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ “. يُطْلِقُونَ ذَلِكَ وَيَعْنُونَ بِهِ اتِّفَاقَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ، لَا اتِّفَاقَ الْأُمَّةِ عَلَيْهِ. لَكِنَّ اتِّفَاقَ الْأُمَّةِ عَلَيْهِ لَازِمٌ مِنْ ذَلِكَ وَحَاصِلٌ مَعَهُ، لِاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ عَلَى تَلَقِّي مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ بِالْقَبُولِ.

[ابن الصلاح، مقدمة ابن الصلاح = معرفة أنواع علوم الحديث -ت عتر، صفحة ٢٨].

 

٢- رواية الصحيحين قول للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ورواية أحمد تقرير، والقول مقدم على التقرير عند التعارض قال الحافظ “لَكِنْ يُرَجَّحُ حَدِيثَ عَمْرٍو أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا مِنْ تَقْرِيرِهِ”.

[ابن حجر العسقلاني، فتح الباري لابن حجر، ٢٧/٧].

 

ثالثا: يمكن الجمع باختلاف جهة المحبة فيكون علي وفاطمة أحب أهل البيت جميعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعائشة أحب الناس جميعا قال الحافظ ابن حجر: “وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِاخْتِلَافِ جِهَةِ الْمَحَبَّةِ فَيَكُونُ فِي حَقِّ أَبِي بَكْرٍ عَلَى عُمُومِهِ بِخِلَافِ عَلِيٍّ”

[ابن حجر العسقلاني، فتح الباري لابن حجر، ٢٧/٧].

 

رابعا: أن الأحبية قد تتعدد وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في غير ما حديث يذكر فيه أحب الأعمال إلى الله فيغاير بينها ومنه عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: «أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ»

[البخاري، صحيح البخاري، ٩٨/٨].

 

ومنه عن “عَبْدِ اللهِ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟ قَالَ: «الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا» قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ» قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «ثُمَّ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ» قَالَ: حَدَّثَنِي بِهِنَّ وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي

[مسلم، صحيح مسلم، ٩٠/١].

 

ومنه عند أبي يعلى “أَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: «إِيمَانٌ بِاللَّهِ».

[أبو يعلى الموصلي، مسند أبي يعلى الموصلي، ٢٢٩/١٢].

 

ومنه “أَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟ قَالَ: «أَنْ تَمُوتَ وَلِسَانُكَ رَطْبٌ مِنْ ذِكْرِ اللهِ»

[الطبراني، المعجم الكبير للطبراني، ١٠٦/٢٠].

 

فقد تتعدد الأحبية دون تعارض فيكون أحب الرجال إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أبو بكر وعلي وأحب النساء عائشة وفاطمة.

 

خامسا: حتى لو رجحنا أن علي وفاطمة أحب من أبي بكر وعائشة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا يثبت المحبة للصديق وحبيبة الحبيب ولم يكن رسول الله يحب إلا طيبا.وهذا كله تنزلا وإلا فاللفظة موضع الاحتجاج لا تصح.ولو قلنا بصحة رواية الحاكم تنزلا فنقول كما قال الطحاوي أنها: “أخبرت” عَلَى مَا يَقَعُ فِي قَلْبِهَا، مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ يَكُونُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ”

[الطحاوي، شرح مشكل الآثار، ٣٣٠/١٣].

 

وهو الذي ثبت خلافه من حديث عمرو وغيره وإلا فالبحث ساقط بضعف رواية الحاكم قال الطحاوي ايضا “وَلَمْ يَكُنْ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَقْدِيمِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مَحَبَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ فِيهَا، بِمَانِعٍ أَنْ يَكُونَ أَبُو بَكْرٍ يَتَقَدَّمُهُ بِالْفَضْلِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ مَوْضِعُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَحَبَّةٍ، وَمِنْ فَضْلٍ، رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمَا، وَعَلَى سَائِرِ أَصْحَابِهِ سِوَاهُمَا، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ”

[الطحاوي، شرح مشكل الآثار، ٣٣٣/١٣].

 

وأما باقي الروايات فكلها كما ذكر صاحب الشبهة من طريق جميع بن عمير وهو ضعيف لا يحتج به على الراجح إذا لم يرو ما يؤيد بدعته وهي التشيع، فإذا روى ما يؤيد بدعته فحديثه مردود إجماعا قال الحافظ ابن حجر “قال ابن عدي هو كما قال البخاري في أحاديثه نظر وعامة ما يرويه لا يتابعه عليه أحد… وقال بن نمير كان من أكذب الناس كان يقول أن الكراكي تفرخ في السماء ولا يقع فراخها رواه بن حبان في كتاب الضعفاء بإسناده وقال كان رافضيا يضع الحديث وقال الساجي له أحاديث مناكير وفيه نظر وهو صدوق وقال العجلي تابعي ثقة وقال أبو العرب الصقلي ليس يتابع أبو الحسن على هذا.

[ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب، ١١٢/٢].

 

فأنت ترى تضعيف أهل العلم له ويكفي أن البخاري قال “فيه نظر”قال الذهبي – رحمه الله – في الموقظة ( ص30): «وكذا عادته- يعني البخاري- إذا قال: «فيه نظر» بمعنى أنه متهم، أو ليس بثقة، فهو عنده أسوأ حالاً من الضعيف». وقال في الميزان (2/34): «قال البخاري: فيه نظر، ولا يقول هذا إلا فيمن يتهمه غالباً».وقال الشيخ المعلمي – رحمه الله – في التنكيل (1/270): «وكلمة “فيه نظر” معدودة من أشد الجرح في اصطلاح البخاري».ثم هذا الحديث مما يؤيد بدعته فترد اتفاقا

قال الحافظ ابن حجر: “وينبغي أن يقيد قولنا بقبول رواية المبتدع إذا كان صدوقا ولم يكن داعية بشرط أن لا يكون الحديث الذي يحدث به مما يعضد بدعته ويشيدها فإنا لا نأمن حينئذ عليه من غلبة الهوى والله الموفق”

[لسان الميزان» (1/11)].

 

وقال المعلمي “ﻓﻲ ﻓﺘﺢ اﻟﻤﻐﻴﺚ ﺻ 140 ﻋﻦ اﺑﻦ ﺩﻗﻴﻖ اﻟﻌﻴﺪ «ﺇﻥ ﻭاﻓﻘﻪ ﻏﻴﺮﻩ ﻓﻼ ﻳﻠﺘﻔﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﺇﺧﻤﺎﺩاً ﻟﺒﺪﻋﺘﻪ ﻭﺇﻃﻔﺎء ﻟﻨﺎﺭﻩ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻮاﻓﻘﻪ ﺃﺣﺪ ﻭﻟﻢ ﻳﻮﺟﺪ ﺫﻟﻚ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺇﻻ ﻋﻨﺪﻩ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻭﺻﻔﻨﺎ ﻣﻦ ﺻﺪﻗﺔ ﻭﺗﺤﺮﺯﻩ ﻋﻦ اﻟﻜﺬﺏ ﻭاﺷﺘﻬﺎﺭﻩ ﺑﺎﻟﺘﺪﻳﻦ ﻭﻋﺪﻡ ﺗﻌﻠﻖ ﺫﻟﻚ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺑﺒﺪﻋﺘﻪ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﺗﺤﺼﻴﻞ ﺫﻟﻚ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻭﻧﺸﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﺇﻫﺎﻧﺘﻪ ﻭﺇﻃﻔﺎء ﻧﺎﺭﻩ».

[التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل ص 236].

 

وعليه تسقط كل روايات الرافضي ويسقط كل ما بناه عليها بفضل الله تعالى.

 

سادسا: أجمع الصحابة على ألا يقدم على أبي بكر في الفضل أحد، وهذا من علمهم بأنه لم يكن أحد يتقدم أبو بكر في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم.فعَنِ ‌ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: «كُنَّا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَعْدِلُ بِأَبِي بَكْرٍ أَحَدًا، ‌ثُمَّ ‌عُمَرَ، ثُمَّ عُثْمَانَ، ثُمَّ نَتْرُكُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نُفَاضِلُ بَيْنَهُمْ»

[«صحيح البخاري – ط السلطانية» (5/ 15)].

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «‌وَفِي ‌سَفَرِ ‌الْهِجْرَةِ ‌لَمْ ‌يَصْحَبْهُ ‌غَيْرُ ‌أَبِي بَكْرٍ؛ وَيَوْمَ بَدْرٍ لَمْ يَبْقَ مَعَهُ فِي الْعَرِيشِ غَيْرُهُ وَقَالَ: ” {إنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيْنَا فِي صُحْبَتِهِ وَذَاتِ يَدِهِ أَبُو بَكْرٍ؛ وَلَوْ كُنْت مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ خَلِيلًا لَاِتَّخَذْت أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا} . وَهَذَا مِنْ أَصَحِّ الْأَحَادِيثِ الْمُسْتَفِيضَةِ فِي الصِّحَاحِ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: ” {كُنْت جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ آخِذًا بِطَرْفِ ثَوْبِهِ حَتَّى أَبْدَى عَنْ رُكْبَتِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا صَاحِبُكُمْ فَقَدْ غَامَرَ فَسَلَّمَ وَقَالَ: إنِّي كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِ الْخَطَّابِ شَيْءٌ فَأَسْرَعْت إلَيْهِ ثُمَّ نَدِمْت فَسَأَلْته أَنْ يَغْفِرَ لِي فَأَبَى عَلَيَّ فَأَتَيْتُك فَقَالَ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَك ثَلَاثًا ثُمَّ إنَّ عُمَرَ نَدِمَ فَأَتَى مَنْزِلَ أَبِي بَكْرٍ فَلَمْ يَجِدْهُ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ وَجْهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَمَعَّرُ وَغَضِبَ حَتَّى» «أَشْفَقَ أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ أَنَا كُنْت أَظْلَمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَرَّتَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إلَيْكُمْ فَقُلْتُمْ كَذَبْت وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ صَدَقْت وَوَاسَانِي بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُوا لِي صَاحِبِي فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُوا لِي صَاحِبِي} فَمَا أُوذِيَ بَعْدَهَا. قَالَ الْبُخَارِيُّ. غَامَرَ سَبَقَ بِالْخَيْرِ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: {وُضِعَ عُمَرُ عَلَى سَرِيرِهِ فَتَكَنَّفَهُ النَّاسُ يَدْعُونَ وَيُثْنُونَ وَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ؛ وَأَنَا فِيهِمْ فَلَمْ يَرُعْنِي إلَّا رَجُلٌ قَدْ أَخَذَ بِمَنْكِبِي مِنْ وَرَائِي فَالْتَفَتّ فَإِذَا هُوَ عَلِيٌّ؛ وَتَرَحَّمَ عَلَى عُمَرَ وَقَالَ: مَا خَلَّفْت أَحَدًا أَحَبَّ إلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِعَمَلِهِ مِنْك؛ وَأَيْمُ اللَّهِ إنْ كُنْت لَأَظُنُّ أَنْ يَجْعَلَك اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْك. وَذَلِكَ أَنِّي كُنْت كَثِيرًا مَا أَسْمَعُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ جِئْت أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَدَخَلْت أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَخَرَجْت أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَإِنْ كُنْت أَرْجُو أَوْ أَظُنُّ أَنْ يَجْعَلَك اللَّهُ مَعَهُمَا}»

[«مجموع الفتاوى» (4/ :402:401)].

 

فهذه نصوص صريحة واضحة في تقديم الصديق رضي الله عنه على جميع الصحابة في المحبة وغيرها .

قناة اليوتيوب

مواضيع شبيهة

دعوى إكراه علي على بيعة أبي بكر الصديق

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.