طواف النبي على نسائه في يوم واحد.
روى الإمام البخاري في (صحيحه) قال: “حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْتَشِرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: ذَكَرْتُهُ لِعَائِشَةَ فَقَالَتْ: يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ “كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ فَيَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ، ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِمًا يَنْضَخُ طِيبًا”.
[ صحيح البخاري، (1/62)].
يقول صالح الورداني: “إن التسليم بمثل هذه الروايات يعني أن الشغل الشاغل للرسول كان النساء. وهذا العدد الذي ارتبط به -سواء كان تسعة أو إحدى عشر- كاف وحده لإضاعة الليل والنهار.فإن طاف عليهن ليلاً لابد أن ينام النهار. وإن طاف عليهن نهارًا لابد أن ينام الليل وفي كلتا الحالتين ليس هناك وقت لشؤون الدعوة والمسلمين ولا حتى لاستقبال الوحي”.
[دفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين، صالح الورداني، (ص107)].
ويقول العاملي معلقًا: “هذه الأحاديث وفظاعتها أيها المسلم العزيز لا تليق بالنبي (ص) ولا بأزواجه وعرضه”.
[ الانتصار، العاملي، (4 /352)].
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
أولا: ليس في رواية مثل ذلك غض من جانب النبي r بل فيها من الفوائد العظيمة الكثير.منها: إظهار معجزة تتمدح بها العرب.
قال الحافظ: “وَكَانَ مَعَ كَوْنِهِ أَخْشَى النَّاسِ لِلَّهِ وَأَعْلَمَهُمْ بِهِ يُكْثِرُ التَّزْوِيجَ لِمَصْلَحَةِ تَبْلِيغِ الْأَحْكَامِ الَّتِي لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا الرِّجَالُ وَلِإِظْهَارِ الْمُعْجِزَةِ الْبَالِغَةِ فِي خَرْقِ الْعَادَةِ لِكَوْنِهِ كَانَ لَا يَجِدُ مَا يَشْبَعُ بِهِ مِنِ الْقُوتِ غَالِبًا، وَإِنْ وَجَدَ كَانَ يُؤْثِرُ بِأَكْثَرِهِ وَيَصُومُ كَثِيرًا وَيُوَاصِلُ وَمَعَ ذَلِكَ، فَكَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي اللَّيْلَةِ الْوَاحِدَةِ، وَلَا يُطَاقُ ذَلِكَ إِلَّا مَعَ قُوَّةِ الْبَدَنِ وَقُوَّةُ الْبَدَنِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ أَحَادِيثِ الْبَابِ تَابِعَةٌ لِمَا يَقُومُ بِهِ مِنَ اسْتِعْمَالِ الْمُقَوِّيَاتِ مِنْ مَأْكُولٍ وَمَشْرُوبٍ، وَهِيَ عِنْدَهُ نَادِرَةٌ أَوْ مَعْدُومَةٌ وَوَقَعَ فِي الشِّفَاءِ أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَمْدَحُ بِكَثْرَةِ النِّكَاحِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الرُّجُولِيَّةِ. إِلَى أَنْ قَالَ: “وَلَمْ تَشْغَلْهُ كَثْرَتُهُنَّ عَنْ عِبَادَةِ رَبِّهِ، بَلْ زَادَهُ ذَلِكَ عِبَادَةً لِتَحْصِينِهِنَّ وَقِيَامِهِ بِحُقُوقِهِنَّ وَاكْتِسَابِهِ لَهُنَّ وَهِدَايَتِهِ إِيَّاهُنَّ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِالتَّحْصِينِ قَصْرَ طَرْفِهِنَّ عَلَيْهِ، فَلَا يَتَطَلَّعْنَ إِلَى غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْعَزَبَةِ، فَإِنَّ الْعَفِيفَةَ تَتَطَلَّعُ بِالطَّبْعِ الْبَشَرِيِّ إِلَى التَّزْوِيجِ، وَذَلِكَ هُوَ الْوَصْفُ اللَّائِقُ بِهِنَّ”.
[ فتح الباري لابن حجر، (9/114-115)].
وقال مشيرًا إلى أن ذلك: “مِنْ خَرْقِ الْعَادَةِ لَهُ فِي كَثْرَةِ الْجِمَاعِ مَعَ التَّقَلُّلِ مِنَ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ وَكَثْرَةِ الصِّيَامِ وَالْوِصَالِ، وَقَدْ أَمَرَ مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مُؤَنِ النِّكَاحِ بِالصَّوْمِ، وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ كَثْرَتَهُ تَكْسِرِ شَهْوَتَهُ فَانْخَرَقَتْ هَذِهِ الْعَادَةُ فِي حَقِّهِ “.
[فتح الباري لابن حجر، (9/-115)].
ومنها: أنه ﷺ يقوم على شؤون نسائه ويتلطف معهن ويقضي حوائجهن، ولا يشغله شيء عن شيء فكان مع كثرة جهاده وانشغاله بالدعوة لا ينسى حقوق أزواجه والتلطف معهن، وكان أكثر ليله ﷺ صلاة كما تحكي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنْهَا الوِتْرُ، وَرَكْعَتَا الفَجْرِ”.
[صحيح البخاري، (2/51)].
ووصفت تلك الصلاة فقال: “يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاَثًا”.
[صحيح البخاري، (2/53)].
وكان عامة يومه مع أصحابه وفي جهاده وسفراته، ولم يشغله كل ذلك عن تحسس حاجات أزواجه.ولا يظن أحد أن الطواف يستلزم الجماع، فقد روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
عد أبي داود: “عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: «يَا ابْنَ أُخْتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ لَا يُفَضِّلُ بَعْضَنَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْقَسْمِ، مِنْ مُكْثِهِ عِنْدَنَا، وَكَانَ قَلَّ يَوْمٌ إِلَّا وَهُوَ يَطُوفُ عَلَيْنَا جَمِيعًا، فَيَدْنُو مِنْ كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ مَسِيسٍ، حَتَّى يَبْلُغَ إِلَى الَّتِي هُوَ يَوْمُهَا فَيَبِيتَ عِنْدَهَا». وَلَقَدْ قَالَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ: حِينَ أَسَنَّتْ وَفَرِقَتْ أَنْ يُفَارِقَهَا رَسُولُ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَوْمِي لِعَائِشَةَ، فَقَبِلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ مِنْهَا، قَالَتْ: نَقُولُ فِي ذَلِكَ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي أَشْبَاهِهَا أُرَاهُ قَالَ تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا ۚ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ۗ وَأُحْضِرَتِ الْأَنفُسُ الشُّحَّ ۚ وَإِن تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرً} [النساء:128]
[ سنن أبي داود، (2/242)، وصححه الألباني، وقبله الحاكم ووافقه الذهبي، صحيح سنن أبي داود، ط غراس، (6/352)].
وهذا نص يبين حقيقة هذا الطواف، وأنه لا يستلزم الجماع، وجاء ذلك صريحًا من حديثها رضي الله عنها.عَنِ الأَسْوَدِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ، مَا كَانَ النَّبِيُّ يَصْنَعُ فِي أَهْلِهِ؟ قَالَتْ: «كَانَ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ».
[([9]) صحيح البخاري، (8/14)].
فكان طوافه ﷺ حب ومداعبة ومؤانسة لأهله، وهو الذي قال كما في حديثها رضي الله عنها.
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : “خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي“.
[سنن الترمذي، ت شاكر، (5/709)].
ثانيًا: جاء عند الشيعة عدة روايات تقول بأن لذة النبي ﷺ كانت في النساء.
[الكافي، (٥/٣٢١)، وقال المجلسي في مرآة العقول، “كالحسن” (٢٠ /٦). هذا الهامش يتم نقله الى ما بعد الرواية]
الحديث السابع: كالحسن: فقد رووا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله ﷺ: جعل قرة عيني في الصلاة ولذتي في النساء”. وهذا شأن الأئمة عندهم.
[الكافي، (5/321)].
“قال: سألنا أبو عبد الله (عليه السلام) أي الأشياء ألذ؟ قال: فقلنا غير شئ، فقال هو (عليه السلام): ألذ الأشياء مباضعة النساء.يقول المامقاني: “ويستحبّ حبّ النساء المحلّلات وإخبارهنّ به، واختيارهنّ على ساير اللّذات. فقال الصادق عليه السّلام: ما أظن رجلاً يزداد في الايمان خيرًا إلاّ ازداد حبّا للنساء. وقال عليه السّلام: انّ العبد كلّما ازداد حبّا للنساء ازداد في الايمان فضلا. وقال عليه السّلام: كلّ من اشتدّ لنا حبّا اشتدّ للنساء حبّا وللحلوى”.
[ مرآة الكمال، عبد الله المامقاني، (2/68)].
أرأيت كيف أن الرافضة يصورون النبي ﷺ أنه كان أكبر لذاته في النساء؛ بينما الذي عند أهل السنة أن أكبر لذَّات النبي ﷺ كانت الصلاة، جاء عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «حُبِّبَ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ».
[سنن النسائي، (7/61)].
فكانت غايته العظمى ولذته الأكبر في الصلاة، لا كما يصوره الرافضة أنه أعظم لذاته في الجماع!
ثالثا: كيف يستنكر الرافضة طواف النبي ﷺ على نسائه في ليلة واحدة أو في ساعة واحدة وكتبهم طافحة بذكر ذلك وتقريره والاستدلال به على الأحكام الشرعية.
قال البحراني: “وفي صحيح هشام بن سالم المتضمن لإهداء الله الهريسة لنبيه صلى الله عليه وآله وأهل بيته ” قال: فجلس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم الصلاة والسلام، فأكلوا وأعطي رسول الله صلى الله عليه وآله في المباضعة من تلك الأكلة قوة أربعين رجلاً، فكان إذا شاء غشي نساءه كلهن في ليلة واحدة“.
[ الحدائق الناضرة، البحراني، (23/150)].
وقال محمد تقي المجلس: “وفي القوي كالصحيح عن الحسن بن جهم قال رأيت أبا الحسن (ع) اختضب فقلت جعلت فداك اختضبت؟ فقال: نعم، إن التهيئة مما تزيد في عفة النساء، ولقد ترك النساء” أو نساء” العفة بترك أزواجهن التهيئة ثمَّ قال: أيسرك أن تراها على ما تراك عليه إذا كنت على غير تهيئة؟ قلت لا قال فهو ذاك. ثمَّ قال من أخلاق الأنبياء صلوات الله عليهم التنظف والتطيب وحلق الشعر وكثرة الطروقة ثمَّ قال كان لسليمان بن داود عليهما السلام ألف امرأة في قصر واحد ثلاثمائة مهيرة وسبعمائة سرية وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، له بضع أربعين رجلا وكان عنده تسع نسوة، وكان يطوف عليهن في كل يوم و ليلة “.
[ روضة المتقين، محمد تقي المجلسي، (8 /89)].
وقال المجلسي: “بيان: البضع بالضم: الجماع”.
[بحار الأنوار، المجلسي، (22/211)].
وفي روضة المتقين: “و كثرة الطروقة أي: الجماع”.
[روضة المتقين، محمد تقي المجلسي، (1 /337)].
وفي روضة المتقين: “وفي القوي عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هريسة من هرائس الجنة غرست في رياض الجنة وفركها الحور العين فأكلها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فزاد في قوته بضع أربعين رجلاً، وذلك شيء أراد الله U أن يسر به نبيه محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم”.
[روضة المتقين، محمد تقي المجلسي، (7 /585)]
وقال المجلسي: “صحيفة الرضا (ع): عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: ضعفت عن الصلاة والجماع، فنزلت علي قدر من السماء، فأكلت منها فزاد في قوتي قوة أربعين رجلا في البطش والجماع“.
[بحار الأنوار، المجلسي، (16 /224 – 225)].
فانظر إلى طعن الرافضة في النبي ﷺ وكيف يصورونه بأنه كان ضعيف جنسيا حتى أنزل الله له هريسة فزادت قوته في الجماع، وقد أكل علي وفاطمة والحسن والحسين…! ولا أدري لماذا تأكل فاطمة من هريسة تزيد في قوة الجماع!!!وزادوا على ذلك فقالوا بأن كثرة الجماع من سنة الأنبياء
في الكافي: “عن عَلِيَّ بْنَ مُوسَى الرِّضَا (عليه السلام) يَقُولُ ثَلَاثٌ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ الْعِطْرُ وَ َأخْذُ الشَّعْرِ وَ كَثْرَةُ الطَّرُوقَةِ”.
[ الكافي، الكليني، (5 /320)، وقال عنه المجلسي في (مرآة العقول): صحيح، (20 /5)].
وقد صرح علماء الامامية بأن النبي صلى الله عليه واله وسلم كان يطوف على نسائه بغسل واحد.
قال الجواهري: “لا بأس أن يجامع مرات من غير غسل يتخللها، ويكون غسله أخيرا للأصل، وفعل النبي صلى الله عليه وآله، بل فرق في الخبر بأن الاحتلام من الشيطان بخلافه، لكن يستحب غسل الفرج ووضوء الصلاة بلا خلاف، كما عن المبسوط”.
[جواهر الكلام، الجواهري، (29/57)].
وقال الحلي: “الخامس: الجماع للمحتلم خاصة قبل أن يغتسل، ولا بأس بتكرار الجماع من غير غسل يتخللها؛ لأنه عليه السلام كان يطوف على نسائه بغسل واحد“.
[تذكرة الفقهاء، الحلي، (1/243)].
وقال محمد تقي المجلسي: “والمشهور في أخبار العامة والخاصة أنه (ص) كان يأتي نساءه كلهن في كل ليلة، والظاهر أنه كان كذلك ليتأسوا به“.
[ روضة المتقين، محمد تقي المجلسي، (8 /91)].
وقال الكركي: “ويجوز أن يكرر الجماع مرات من غير غسل يتخللها، لأن النبي صلى الله عليه وآله كان يطوف على نسائه ثم يغتسل أخيرا”.
[ جامع المقاصد، الكركي، (12/24)].
وقال الشهيد الثاني:” ولا بأس بتكرر الجماع من غير غسل، للأصل، ولما روي من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يطوف على نسائه ثم يغتسل أخيرا “.
[مسالك الأفهام، الشهيد الثاني، (7/35)].
مواضيع شبيهة