طلحة أراد الزواج من عائشة رضي الله عنها
قال محمد التيجاني: “هذا طلحة الذي كان يؤذي رسول الله بقوله: «إن مات رسول الله تزوجت عائشة، فهي بنت عمي، فبلغ رسول الله قوله فتأذى من ذلك”.
[ الشيعة هم أهل السنّة- محمد التيجاني السماوي- (ص 299)].
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
أولا: روي هذا الحديث من ثلاثة طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما، ولا يصح طريق منها، وروي كذلك عن بعض التابعين وليس فيها حجة، وإليك بيان ذلك:
الطرق عن ابن عباس:
الطريق الأول:أخرجه ابن أبي حاتم من طريق محمد بن حميد الرازي قال: ثنا مهران بن أبي عمر، ثنا سفيان الثوري، عن داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رجل من أصحاب النبي : لو قد مات رسول الله ، لتزوجت عائشة، أو أم سلمة، فأنزل الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَٰكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ ۖ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ۚ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ۚ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا} [الأحزاب:53]”.
[ أخرجه ابن أبي حاتم في “تفسيره” كما في “تخريج أحاديث الكشاف” لابن حجر (3/128)، والبيهقي في “السنن الكبرى” (7/96) من طريق محمد بن حميد الرازي].
وهذا السند ضعيف، وفيه علتان:
الأولى: وهي مهران بن أبي عمر، حيث وثقه غير واحد، وقال فيه النسائي: “ليس بالقوي، غير أنه مضطرب في حديثه عن سفيان خاصة”، قال ابن معين: “كان عنده غلط كثير في حديث سفيان”.
[ “الجرح والتعديل”، لابن أبي حاتم، (8/301)، والإسناد الذي معنا من حديثه عن سفيان].
العلة الثانية: محمد بن حميد الرازي، حيث إنه واه ومتهم.قال البخاري: “فيه نظر”، وقال النسائي ليس بثقة، وقال يعقوب بن شيبة: كثير المناكير
[ التاريخ الكبير” (1/69)، الأباطيل والمناكير (2/190)، تاريخ بغداد (3/60)].
، وقال الذهبي: “منكر الحديث”
[“السير” (11/503)].
، وقال ابن رجب: “محمد بن حميد، كثير المناكير، وقد اتهم بالكذب، فلا يلتفت إلى تفرده بما يخالف الثقات”
[ “فتح الباري”- (5/70)، المجروحين (2/303)].
، وقال ابن حبان: “كان ممن ينفرد عن الثقات بالأشياء المقلوبات ولا سيما إذا حدث عن شيوخ بلده”
[ “التقريب- ابن حجر- (5834)].
، وقال ابن حجر: “ضعيف”.
الطريق الثاني:أخرجه ابن بشكوال من طريق محمد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: فلما ضرب عليهن الحجاب قال رجل من قريش -وهو طلحة بن عبد الله-: أننهى أن ندخل على بنات عمنا ونكلمهن إلا من وراء حجاب، أما والله لو قد مات النبي لأتزوجن عائشة؛ فنزلت هذه الآية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَٰكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ ۖ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ۚ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ۚ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا} [الأحزاب:53].
[ أخرجه ابن بشكوال في “غوامض الأسماء المبهمة”، (2/711)- من طريق مُحَمَّد بْن مَرْوَانَ عَنِ الْكَلْبِيِّ].
وإسناده موضوع، فيه كذابان:
الأول: محمد بن السائب الكلبي، قال الثوري: “قال الكلبي كل شيء أحدث، عن أبي صالح فهو كذب”
[ الكامل لابن عدي- (7/276)].
، وقال أبو حاتم: “الناس مجتمعون على ترك حديثه لا يشتغل به، هو ذاهب الحديث”..
[ الجرح والتعديل – (7/ 271)].
ثم هو ضال زائغ حيث يقول ابن حبان: “وكان الكلبي سبئيا، من أصحاب عبد الله بن سبأ من أولئك الذين يقولون إن عليا لم يمت، وإنه راجع إلى الدنيا قبل قيام الساعة فيملؤها عدلا كما ملئت جورا، وإن رأوا سحابة قالوا أمير المؤمنين فيها”.
[ المجروحين- (2/ 253)].
الثاني: محمد بن مروان السدي الصغير، كذاب متروك، قال فيه جرير بن عبد الحميد: كذاب. وقال يحيى بن معين: ليس ثقة. وقال محمد بن عبد الله بن نمير: ليس بشيء.وقال صالح بن محمد البغدادي الحافظ: كان ضعيفا، وكان يضع الحديث، وقال أبو حاتم: ذاهب الحديث، متروك الحديث، لا يكتب حديثه ألبتة. وقال البخاري: لا يكتب حديثه البتة. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال في موضع آخر: ليس بثقة، ولا يكتب حديثه.
[ انظر: “الجرح والتعديل”- (8/86)، و”تهذيب الكمال”- (26/393)].
، وقال ابن حبان: “كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات، لا يحل كتابة حديثه إلا على جهة الاعتبار ولا الاحتجاج به بحال من الأحوال”.
[المجروحين- (2/ 286)].
الطريق الثالث:
عزاه السيوطي إلى جويبر بن سعيد في تفسيره فقال في “لباب المنقول”“[لباب المنقول” (ص163)].: “وأخرج جويبر عن ابن عباس أن رجلا أتي بعض أزواج النبي ، فكلمها، وهو ابن عمها. فقال النبي لا تقومن هذا المقام بعد يومك هذا. فقال يا رسول الله أنها ابنة عمي، والله ما قلت لها منكرا، ولا قالت لي. قال النبي قد عرفت ذلك؛ إنه ليس أحد أغير من الله، وإنه ليس أحد أغير مني. فمضى، ثم قال: يمنعني من كلام ابنة عمي؟ لأتزوجنها من بعد، فأنزل الله هذه الآية. قال ابن عباس: فأعتق ذلك الرجل رقبة، وحمل على عشرة أبعرة في سبيل الله، وحج ماشيا؛ توبة من كلمته”.هكذا عزاه السيوطي إلى تفسير جويبر بن سعيد، ولم يذكر له إسنادا. ويكفي أن راويه جويبر بن سعيد، فهو متروك الحديث، ضعفه علي بن المديني جدا، وقال ابن معين: ليس بشيء، وتركه النسائي، والدارقطني.
[ انظر “تاريخ بغداد”- (8/180)، وتركه النسائي كما في “الضعفاء والمتروكين”- (ص 104)، وكذا الدار قطني كما في “الضعفاء والمتروكين”- (ص 147)].
أما من ذكر عنهم من التابعين ومن بعدهم، منهم:
أبو أمامة أسعد بن سهل بن حنيف، وقد أدرك النبي ولم يسمع منه إجماعًا.وقال: أخبرنا محمد بن عمر، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن إبراهيم بن عقبة، قال: وحدثني عبد السلام بن موسى بن جبير، عن أبيه، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قالا في قوله: {إِن تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [الأحزاب:54]، قال: أن تكلموا به فتقولوا نتزوج فلانة لبعض أزواج النبي ، أو تخفوا ذلك في أنفسكم، فلا تنطقوا به يعلمه الله .
[ أخرجه ابن سعد في “الطبقات”- (8/201)].
وهذا مع كونه ليس بحجة إلا أنه أيضا لا يصح إسناده؛ إذ إنه من طريق الواقدي محمد بن عمر شيخ ابن سعد، وهو متروك تركه البخاري ومسلم وكذبه أحمد وغيره..
[ انظر: تهذيب الكمال- (26/ 188)].
ومنهم أيضا أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم:
وهو من طبقة صغار التابعين، وقد رواه عنه ابن سعد في “الطبقات”[ “الطبقات” (8/201)].قال: أخبرنا محمد بن عمر، حدثني عبد الله بن جعفر، عن ابن أبي عون، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم في قوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَٰكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ ۖ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ۚ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ۚ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا} [الأحزاب:53]، قال: “نزلت في طلحة بن عبيد الله؛ لأنه قال: إذا توفي رسول الله تزوجت عائشة”.وهو كسابقه أيضا ليس بحجة؛ إذ أنه قول لتابعي، ومع ذلك لا يصح أيضا لأجل الواقدي كما تقدم.
ومنهم عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو من صغار التابعين:
وقد رواه عنه الطبري في (تفسيره)[ تفسير الطبري (19/170).] ، فقال: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَٰكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ ۖ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ۚ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ۚ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا} [الأحزاب:53] قال: “ربما بلغ النبي أن الرجل يقول: لو أن النبي توفي تزوجت فلانة من بعده، قال: فكان ذلك يؤذي النبي ، فنزل القرآن: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمً }”.وهذا لا حجة فيه أيضًا؛ لأنه من أتباع التابعين، ثم هو ضعيف في الحديث كذلك، ضعفه أحمد، وعلي بن المديني، وأبو زرعة، والنسائي، والدارقطني، وقال ابن معين ليس بشيء.
[] تهذيب الكمال- (17/117).
ومنهم قتادة:
وقد رواه عنه عبد الرزاق في (تفسيره)[تفسير عبد الرزاق (2372)].عن معمر، عن قتادة، أن رجلا قال: لو قبض النبي ، لتزوجت فلانة يعني عائشة، فأنزل الله تعالى: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمً}.وهذا منقطع؛ إذ إن قتادة جل روايته عن كبار التابعين، وغاية ما هنالك أن يكون هذا قوله، وحينئذ لا حجة فيه.
ولذلك قال ابن عطية: “وهذا عندي لا يصح على طلحة، الله عاصمه منه”.
[تفسير ابن عطية (4/ 396 )].
ثانيًا: أن جمعًا من أهل العلم نفوا أن يكون القائل هو طلحة بن عبيد الله أحد العشرة المبشرين بالجنة؛ وإنما هو طلحة بن عبيد الله بن مسافع بن عياض.
وممن ذكر ذلك:ابن الأثير في “أسد الغابة”[ أسد الغابة (3/88)].حيث قال في ترجمته: “سمي طلحة الخير أيضا، كما سمي طلحة بن عبيد الله، الذي من العشرة، وأشكل على الناس، وقيل: إنه الذي نزل في أمره: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَٰكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ ۖ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ۚ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ۚ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا}.؛ وذلك أنه قال: لئن مات رسول الله لأتزوجن عائشة، فغلط لذلك جماعة من أهل التفسير، فظنوا أنه طلحة بن عبيد الله الذي من العشرة، لما رأوه طلحة بن عبيد الله التيمي القرشي، وهو صحابي.
[أخرجه أَبُو موسى، ونقل هذا القول عن ابن شاهين].
وكذا قال السيوطي: “وقد كنت في وقفة شديدة من صحة هذا الخبر؛ لأن طلحة أحد العشرة أجل مقامًا من أن يصدر منه ذلك، حتى رأيت بعد ذلك أنه رجل آخر شاركه في اسمه واسم أبيه ونسبه؛ فإن طلحة المشهور الذي هو أحد العشرة – طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم التيمي – وطلحة صاحب القصة – طلحة بن عبيد الله بن مسافع بن عياض بن صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم التيمي – قال أبو موسى في الذيل عن ابن شاهين في ترجمته: هو الذي نزل فيه: { وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ } الآية، وذلك أنه قال: لئن مات رسول الله لأتزوجن عائشة، وقال: إن جماعة من المفسرين غلطوا، وظنوا أنه طلحة أحد العشرة”.
[“الحاوي في الفتاوي”- السيوطي- (2/116)].
والصحيح: أنه لا يصح ذلك، لا في طلحة بن عبيد الله، ولا في غيره من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم.
ثالثًا: إن ثبت أنه قيل؛ فلعله من أحد المنافقين الذين آذوا رسول الله ، وهذا ما رجحه القرطبي في “المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم”
[“المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم” (4/150)].
حيث قال: “وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَٰكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ ۖ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ۚ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ۚ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا}؛ أي: ما ينبغي، ولا يحل، ولا يجوز شيء من ذلك بوجه من الوجوه. ويقال: إن هذه الآية نزلت لما قال بعضهم –وقد تكلم مع زوجة من زوجات النبي : لأتزوجن بها بعده؛ فأنزل الله الآية.
وقد حكي هذا القول عن بعض فضلاء الصحابة، وحاشاهم عن مثله. وإنما الكذب في نقله. وإنما يليق مثل هذا القول بالمنافقين الجهال.
مواضيع شبيهة
قول عائشة رضي الله عنها: كان النبيّ أملككم لإربه.