زواج عائشة وهي صغيرة السن
مما استنكره الكثير من علماء الرافضة خاصة المعاصرين، زواج رسول الله من عائشة وهي بنت تسع سنين، وزعموا أنها كانت أكبر من هذا السن بكثير.قال جعفر مرتضى العاملي: “ويقولون: إنه صلى الله عليه وآله وسلم قد عقد على عائشة، وهي بنت ست سنين، أو سبع. ثم انتقلت إلى بيته بعد هجرته إلى المدينة، وهي بنت تسع. وهذا هو المروي عنها. ونحن نقول: إن ذلك غير صحيح، وأن عمرها كان أزيد من ذلك بكثير” .
[ الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه)، السيد جعفر مرتضى، (3/285)].
بل زعم بعضهم أن السبب وراء هذه الروايات هو تضخيم عائشة <، مما يعود بالإيجاب على السلطة الحاكمة التي كانت تتمثل في أبيها. قال صالح الورداني: “أو السؤال الذي يجب أن يسبق هذه الأسئلة جميعا: ما الذي يضطر الرسول إلى الاقتران بطفلة وأمامه نساء العرب…؟وأما هذه التساؤلات ليس إمامنا سوى أن نقر بأن مثل هذه الروايات اخترعت من قبل السياسة. والهدف هو تضخيم عائشة…وتضخيم عائشة يعني تضخيم أبو بكر…وتضخيم أبو بكر يعني تضخيم خط الحكام الذين سادوا بعد وفاة الرسول (ص) والذين استمدوا شرعيتهم من نظام أبي بكر…وهذه اللعبة من أساسها هي من صنع معاوية”.
[ دفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين، صالح الورداني، (ص 71)].
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
أولا: القول بأن رسول الله r تزوج عائشة < في هذا السن لم تنفرد به مصادر أهل السنة؛ بل ورد في روايات الرافضة ما يدل على هذا.فقد روى الكليني في باب (شهادة الصبيان) بسنده عن أبي أيوب الخزاز قال: سألت إسماعيل بن جعفر متى تجوز شهادة الغلام، فقال: إذا بلغ عشر سنين قال: قلت: ويجوز أمره؟ قال: فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله دخل بعائشة وهي بنت عشر سنين“([3]). والحديث صححه المجلسي.
[مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، محمد باقر المجلسي، (20/ 22)].
ولا يطعن في الخبر؛ لأنه من رواية إسماعيل بن جعفر، وهو ليس أحد الأئمة المعصومين، فلا يكون قوله حجة.
قال الگلپايگاني: “وهذا الخبر ليس عن المعصوم فهو موقوف، لكن لا يبعد أن يكون له اعتبار ما لجلالة قدر إسماعيل، وشدة حب أبيه الصادق عليه السلام له“.
[كتاب الشهادات، السيد الگلپايگاني، (ص 26)].
وقال محمد اليعقوبي: “ومما يؤيد عدم جواز دخول بالمرأة إلا إذا بلغت ما رواه الكليني في (الكافي)، والشيخ في (التهذيب) بسند صحيح عن أبي أيوب الخزار قال: سألت إسماعيل بن جعفر إلى أن قال: (إن رسول الله صلى الله عليه وآله دخل بعائشة وهي بنت عشر سنين، وليس يدخل بالجارية حتى تكون امرأة).
[ وسائل الشيعة، كتاب الشهادات، أبواب الشهادات، (باب2/ح3)].
وقول إسماعيل ليس بحجة إلا بناء على أنه أخذه عن أبيه باعتباره من الأجلاء ومورد حب أبيه، وإنما سأله أبو أيوب بناء على أنه أخذ الجواب عن أبيه الصادق عليه السلام“.
[فقه الخلاف، محمد اليعقوبي، (4 /199)].
ثانيًا: قد اعترف بعض علماء الرافضة بهذا الأمر، وأقروه ولم يروا فيه ما يستنكر. قال الطبرسي: “والثالثة: عائشة بنت أبي بكر، تزوجها بمكة وهي بنت سبع، ولم يتزوج بكرا غيرها، ودخل بها وهي بنت تسع، لسبعة أشهر من مقدمه المدينة، وبقيت إلى خلافة معاوية” .
[إعلام الورى بأعلام الهدى، الشيخ الطبرسي، (1/276)].
قال المجلسي: “وعايشة بنت أبي بكر، وهي ابنة سبع قبل الهجرة بسنتين، ويقال: كانت ابنة ست ودخل بها بالمدينة في شوال وهي ابنة تسع، ولم يتزوج غيرها بكرا، وتوفي النبي (صلى الله عليه وآله) وهي ابنة ثمانية عشر سنة”.
[بحار الأنوار، العلامة المجلسي، (22 /191)].
قال الكراجكي: “وذلك أن مولد عائشة معروف وزمانها معلوم ولدت بعد البعثة بخمس سنين وكان لها وقت الهجرة ثمان سنين وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله بعد الهجرة بسنة ولها يومئذ تسع سنين وأقامت معه تسعا وكان لها يوم قبض عليه السلام ثمان عشرة سنة”.
[كنز الفوائد، أبو الفتح الكراجكي، (ص124)].
قال ناصر مكارم الشيرازي: “وكذلك ينبغي الالتفات إلى أن بعض هذه النساء –كعائشة- كانت صغيرة جدا عندما أصبحت زوجة للنبي صلى الله عليه وآله، وقد مرت سنين حتى استطاعت أن تكون زوجة حقيقية له.
[الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، (13/314)].
قال مرتضى العسكري: “عائشة بنت أبي بكر، وأمها أم رومان ابنة عامر الكناني. تزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله قبل الهجرة بسنتين، وهي بكر، وكان عمرها لما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله ست سنين، وقيل: سبع سنين. وبنى بها في شوال بالمدينة وهي بنت تسع سنين“ .
[ أحاديث أم المؤمنين عائشة، السيد مرتضى العسكري، (1/36)].
ثالثا: الزواج مبكرًا في تلك السن لم يكن مستنكرًا ولا مستقبحًا في تلك الأزمان، وكان أمرًا طبيعيًّا غير خارج عن أعراف الناس.
قال مرتضى العسكري: “مؤاخذة أبناء الغرب الزواج المبكر لدى المسلمين بالإضافة إلى ما ذكرنا يؤاخذ أبناء الغرب على رسول الله صلى الله عليه وآله زواجه بعائشة في صغر سنها، والسب في ذلك أنهم دائمًا يتخذون من مجتمعهم وأعرافهم مقياسًا لمعرفة الحق والباطل، فما وافق أعرافهم في مجتمعهم حق وتقدم وإنسانية، وباطل وجهل وتخلف ما خالفها.
وإذا درسنا الظروف الخاصة بكل من المجتمع الشرقي والغربي أدركنا أن المناخ في مثل المحيط الهندي وشبه الجزيرة العربية حار يؤدي إلى النضج المبكر في البنت، فهي ترى العادة الشهرية في سن مبكر، وليس الامر كذلك في مناخ شديد البرودة، مثل مناخ الغرب؛ ولذلك فإن الزواج بصغيرة السن كان عامًا في ذلك المناخ ولم يخص الرسول صلى الله عليه وآله، ولم يكن يتأخر زواج الصغيرة عندهم إلا لظروف خاصة بالبنت، وفي الغرب -أيضًا- تنكح البنت الصغيرة لكن لا من قبل زوجها بل من قبل أخلائها، ولا تدخل البنت في بيت زوجها بكرا وبلغني أن دخولها على زوجها بكرا يعد منها تخلفا وجهلا”.
[ أحاديث أم المؤمنين عائشة، السيد مرتضى العسكري، (1/50)].
وسئل الشيخ الشيعي ياسين عيسى: “سؤال رقم 35- ما الحكمة في زواج رسول الله بعائشة وهي صغيرة…؟
الجواب:
1 ـ إن هذا الزواج كان شائعا، ولم يكن مستهجنًا، ولم يكن يترتب عليه أي أذية، وكان يتم أحيانا بطلب من أهل الزوجة أو من قبيلتها، وقد يكون لمصلحة تساعد على بسط نفوذ الإسلام وتذليل عقباته.
2 ـ إن المرأة في البلاد الحارة كشبه الجزيرة العربية يسرع بها النضوج الجسدي قبل المرأة في البلاد الباردة، في حين أن الزواج المبكر بالصغيرة لا يستلزم الدخول بها بل يؤخر ذلك إلى الوقت المناسب”.
[مع الشباب سؤال وجواب، ياسين عيسى، (ص 93 -94)].
رابعًا: كيف يستنكر الرافضة زواج أم المؤمنين في هذا السن، في حين أن فاطمة رضي الله عنها تزوجت في نفس هذه السن.
روى الكليني في (الكافي)بسنده عن سعيد بن المسيب … قال: فقلت لعلي بن الحسين (عليهما السلام) فمتى زوج رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاطمة من علي (عليهما السلام) فقال: بالمدينة بعد الهجرة بسنة، وكان لها يومئذ تسع سنين“.
[الكافي، الشيخ الكليني، (8 / 340)].
قال جعفر مرتضى العاملي: “وذكرت الروايات: أن عليًّا (عليه السلام) بنى بفاطمة (عليها السلام) وهي بنت تسع سنين“
[ خلفيات كتاب مأساة الزهراء (ع)، السيد جعفر مرتضى، (2/ 481-482)].
قال نجاح الطائي: “تزوج علي (عليه السلام) وعمره خمس وعشرون سنة وتزوجته فاطمة (عليها السلام) وعمرها تسع سنين“.
[ أزواج النبي وبناته، الشيخ نجاح الطائي، (ص 40)].
قال علي النمازي الشاهرودي: “جهاز فاطمة سلام الله عليها، وكان تزويجها في السنة الأولى من الهجرة، وكان لها يومئذ تسع سنين“.
[مستدرك سفينة البحار، الشيخ علي النمازي الشاهرودي، (8 / 247)].
فهذا رسول الله يزوج ابنته فاطمة في نفس هذا السن، مما يدل أنه كان أمرًا شائعًا غير مستهجن ولا مستقبح.
مواضيع شبيهة
ادعاء أن المقصود بأمومة أمهات المؤمنين هي حرمة نكاحهن فقط ولذلك فهي خاصة بالرجال.