زعم الشيعة أن عليا خذل عثمان وقتل
تفصيل الشبهة: يقول محمد طاهر القمي: “أقول : كفانا معشر الشيعة إباحة دمه ، لأن إباحة دمه دليل على بطلان خلافته وبيعته ، وعلى أن الشورى العمرية لم يكن صوابا ، بل يدل على أن عثمان لم يكن مؤمنا ، لأنه عليه السلام كان ناصرا للمؤمنين ، فلو كان عثمان مؤمنا لم يكن يخذله”.
[كتاب الأربعين، محمد طاهر القمي الشيرازي، ص ٦١١].
وأوردوا في ذلك رواية عن علي عليه السلام ، أنه قال : من كان سائلا عن دم عثمان فإن الله قتله وأنا معه
[بحار الأنوار، ج ٣١، العلامة المجلسي، ص ٣٠٨].
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
أولا: القول بأن عليا رضي الله عنه خذل عثمان رضي الله عنه أو كان موقفه سلبيا هو قول من لم يعرف عليا ولا عرف إيجابيته ولا شهامته، فضلا عن الروايات المتكاثرة عند السنة والشيعة والتي تدل على أن عليا دافع عن عثمان بكل ما أوتي من قوة، ولم يمنعه من كمال الدفاع عنه إلا سمعه وطاعته لإمامه المظلوم، ومن يتهم عليا بتلك التهمة إنما يطعنون في علي بن أبي طالب رضي الله عنه لأنه إما أن يرى عثمان يستحق القتل فكان الواجب عليه أن يكون أول المشاركين في الثورة عليه بل وأول القاتلين له، وهذا ما لم يحصل أبدا وباعترافهم، وإما أن يراه معصوم الدم فكان الواجب عليه أن يدافع عنه لا أن يقف موقفا سلبيا، ونحن نبرئ عليا من ذاك الطعن في دين علي وأمانته وأخلاقه رضي الله عنه.وكيف يكون علي سلبيا في موقفه وهو الذي عاب تلك السلبية كما تزعم كتب الشيعة كذبا، ففي نهج البلاغة
وَوَاللهِ مَا صَنَعَ فِي أَمْرِ عُثْمانَ وَاحِدَةً مِنْ ثَلاَث: لَئِنْ كَانَ ابْنُ عَفَّانَ ظَالِماً ـ كَمَا كَانَ يَزْعُمُ ـ لَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُوَازِرَ(3) قَاتِلِيهِ وَأَنْ يُنَابِذَ(4) نَاصِرِيهِ، وَلَئِنْ كَانَ مَظْلُوماً لَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكُونَ مِنَ المُنَهْنِهِينَ(5) عَنْهُ وَالْمُعَذِّرِينَ فِيهِ(6)، وَلَئِنْ كَانَ فِي شَكّ مِنَ الْخَصْلَتَيْنِ، لَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَعْتَزِلَهُ وَيَرْكُدَ جَانِباً(7) وَيَدَعَ النَّاسَ مَعَهُ
[اسم الکتاب : نهج البلاغة ت الحسون المؤلف : السيد الشريف الرضي الجزء : 1 صفحة : 385].
فأي خصلة فعلها علي فإن الشيعة سينهدم دينهم بها فإن اختاروا أنه دافع عن عثمان فلابد أن يقروا بأن عثمان قتل مظلوما وقد دافع عنه المعصوم.وإن قالوا بل قتل ظالما فأين اشتراك علي مع القتلة؟ولم يبق إلا الثالثة وإن عليا كان شاكا في أمر عثمان فتسقط عصمته وإمامته عندهم.ويبدو أنه لا خيار لهم إلا الثالثة وذلك أنهم قد نسبوا الى علي أنه قال في معنى قتل عثمان: ”
لَوْ أَمَرْتُ بِهِ لَكُنْتُ قَاتِلاً، أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ لَكُنْتُ نَاصِراً، غَيْرَ أَنَّ مَنْ نَصَرَهُ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُولَ: خَذَلَهُ مَنْ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ، وَمَنْ خَذَلَهُ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُولَ نَصَرَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي.
[اسم الکتاب : نهج البلاغة ت الحسون المؤلف : السيد الشريف الرضي الجزء : 1 صفحة : 85].
فيلزمهم بناء على هذا أن يكون علي شاكا في أمر عثمان وتسقط إمامة علي بذلك.
ثانيا: الرواية التي أوردوها في كتبهم والتي فيها قال علي من كان سائلا عن دم عثمان فإن الله قتله وأنا معه
[بحار الأنوار، ج ٣١، العلامة المجلسي، ص ٣٠٨].
فهذه الرواية إنما كانت على سبيل المعاريض فإن التصريح بالبراءة من قتل عثمان في ذلك الحال قد يثبط همة من يقاتلون في الصف لأن قتلة عثمان كانوا في فريقه، والفريق الثاني يطالبون بالقصاص من قتلة عثمان. فكأنك لو تبرأت تسلم لهم انهم على الحق ونحن على الباطل فاستخدم علي بن ابي طالب هذه الكلمة التي فيها المعاريض، ونحن نعرض تلك الرواية من كتب أهل السنة وكلام أهل العلم عليها.روى ابن أبي شيبة عن «- أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عَوْفٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: خَطَبَ عَلِيٌّ بِالْبَصْرَةِ فَقَالَ: ” وَاللَّهِ مَا قَتَلْتُهُ وَلَا مَالَأْتُ عَلَى قَتْلِهِ ، فَلَمَّا نَزَلَ قَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: أَيَّ شَيْءٍ صَنَعْتَ الْآنَ يَتَفَرَّقُ عَنْكَ أَصْحَابُكَ ، فَلَمَّا عَادَ إِلَى الْمِنْبَرِ قَالَ: مَنْ كَانَ سَائِلًا عَنْ دَمِ عُثْمَانَ فَإِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُ وَأَنَا مَعَهُ ” ، قَالَ مُحَمَّدٌ: هَذِهِ كَلِمَةٌ قُرَشِيَّةٌ ذَاتُ وَجْهٍ»
[«مصنف ابن أبي شيبة» (7/ 518 ت الحوت)].
وفي تاريخ المدينة: ” حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ أَبِي عُمَرَ، وَالْأَعْمَى، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ، يَقُولُ: إِنَّ أُنَاسًا مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالُوا لَهُ: إِنَّكَ تَبْرَأُ مِنْ قَتْلِ عُثْمَانَ وَنَحْنُ نُقَاتِلُ، فَقَامَ فِيهِمْ قَائِمًا فَقَالَ: «إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنِّي أَبْرَأُ مِنْ قَتْلِ عُثْمَانَ، وَإِنَّ اللَّهَ قَتَلَ عُثْمَانَ وَأَنَا مَعَهُ» . فَقَالَ مُحَمَّدٌ بِإِصْبَعِهِ هَكَذَا: عَلَى الْوَجْهَيْنِ”.
[«تاريخ المدينة لابن شبة» (4/ 125)].
وهذه الرواية رغم انه مرسلة عن ابن سيرين فإنه لم يسمع من علي كما يقول ابن حزم“.«ابْنَ سِيرِينَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَلِيٍّ»
[«المحلى بالآثار» (9/ 400)].
. إلا أننا لو سلمنا بصحتها فلا إشكال فيها، وهذا فهم محمد بن سيرين فهم من تلك الرواية ما فهمناه نحن وأنها من باب المعارض عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ” قَالَ: كَلِمَةٌ قُرَشِيَّةٌ لَهَا وَجْهَانِ ” قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: كَأَنَّهُ يَعْنِي «أَنَّ اللهَ تَعَالَى قَتَلَهُ وَأَنَا مَعَهُ مَقْتُولٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا»
[«المعجم الكبير للطبراني» (1/ 80)].
يقول السرخسي: “قَالَ ابْنُ سِيرِينَ – رَحِمَهُ اللَّهُ – هَذِهِ كَلِمَةٌ قُرَشِيَّةٌ ذَاتُ وُجُوهٍ أَمَّا قَوْلُهُ مَا قَتَلْتُ عُثْمَانَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – فَهُوَ صِدْقٌ حَقِيقَةً وَلَا كَرِهْت قَتْلَهُ أَيْ كَانَ قَتْلُهُ بِقَضَاءِ اللَّهِ – تَعَالَى – وَنَالَ دَرَجَةَ الشَّهَادَةِ فَمَا كَرِهْت لَهُ هَذِهِ الدَّرَجَةَ، وَمَا كَرِهْت قَضَاءَ اللَّهِ وَقَدَرَهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ: فَاَللَّهُ قَتَلَهُ وَأَنَا مَعَهُ مَقْتُولٌ أُقْتَلُ كَمَا قُتِلَ عُثْمَانُ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – فَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَخْبَرَ بِأَنَّهُ يُسْتَشْهَدُ بِقَوْلِهِ «وَإِنَّ أَشْقَى الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ مَنْ خَضَّبَ بِدَمِك هَذِهِ مِنْ هَذِهِ وَأَشَارَ إلَى عُنُقِهِ وَلِحْيَتِهِ».
وَقَدْ كَانَ عَلِيٌّ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – اُبْتُلِيَ بِصُحْبَةِ قَوْمٍ عَلَى هِمَمٍ مُتَفَرِّقَةٍ فَقَدْ كَانَ يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَتَكَلَّمَ بِمِثْلِ هَذَا الْكَلَامِ الْمُوَجَّهِ”.
[«المبسوط للسرخسي» (30/ 212)].
وعليه فإن عليا رضي الله عنه ما تكلم بهذا الكلام – إن صح عنه- إلا بعد بيان أنه بريء من قتل عثمان رضي الله عنه فلما خشي من وقوع الفتنة في جيشه تكلم بكلام فيه مداراة لئلا ينقلب السبئية الذي كانوا في جيشه عليه فتفسد عليه الأمور، وسيأتيك دفاع علي عن عثمان وبراءته صراحة من دم عثمان من كتب السنة والشيعة وبأوضح عبارة وأبين بيان.
أما القول بأن عليا خذل عثمان أو كان سلبيا فترده روايات السنة والشيعة على السواء وذلك من عدة أوجه .
الوجه الأول: رد علي على الثوار ومناظرته لهم، وقد أطبقت كتب التواريخ والسير على نقل الآتي جاء في تاريخ الطبري: «وصلَّى عثمان بالناس أيامًا؛ ولزم الناس بيوتهم، ولم يمنعوا أحدًا من كلام، فأتاهم الناس فكلّموهم، وفيهم عليّ، فقال: ما ردّكم بعد ذهابكم ورجوعكم عن رأيكم؟ قالوا: أخذنا مع بريد كتابًا بقتلنا؛ وأتاهم طلحة فقال البصريون مثل ذلك، وأتاهم الزبير فقال الكوفيون مثل ذلك، وقال الكوفيون والبصريون: فنحن ننصر إخواننا ونمنعهم جميعًا؛ كأنما كانوا على ميعاد. فقال لهم عليّ: كيف علمتم يا أهلَ الكوفة ويا أهل البصرة بما لقيَ أهل مصر؛ وقد سرتم مراحل؛ ثم طويتم نحونا؟ هذا والله أمرٌ أبرِم بالمدينة! قالوا: فضعوه على ما شئتم، لا حاجة لنا في هذا الرّجل، ليعتزلنا. وهو في ذلك يصلي بهم، وهم يصلّون خلفه، ويغشى من شاء عثمان وهم في عينه أدقّ من التراب؛ وكانوا لا يمنعون أحدًا من الكلام، وكانوا زُمَرًا بالمدينة، يمنعون الناس من الاجتماع»
[«صحيح وضعيف تاريخ الطبري» (3/ 336)].
[«تاريخ دمشق لابن عساكر» (39/ 319)].
[«الفتنة ووقعة الجمل» (ص61)].
[«التمهيد والبيان في مقتل الشهيد عثمان» (ص111)].
فهذا علي يناظر الخوارج ويعنّفهم ويكشف خططهم، لكنهم لا يعبأون به ويتركونه، ويُغلب علي على أمره كما صح عنه عند ابن أبي شيبة«37671 – عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَطَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: مَا قَتَلْتُ يَعْنِي عُثْمَانَ وَلَا أَمَرْتُ ثَلَاثًا ، وَلَكِنِّي غُلِبْتُ»
[«مصنف ابن أبي شيبة» (7/ 517 ت الحوت)].
صحيح بمجموع طرقه كما قال الشيخ طارق الطيار في كتابه ”
[مرويات الخلافة الراشدة في مصنف ابن أبي شيبة ص287].
وسبب غلبة علي أنه رضي الله عنه عرض على عثمان أن ينصره كما سيأتي في الوجه الثاني لكن عثمان رفض، وقد كان علي مطيعا لأمر إمامه، كيف وقد صح عنه أنه قال«37699 – عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي يَعْلَى، عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: لَوْ سَيَّرَنِي عُثْمَانُ إِلَى صِرَارٍ لَسَمِعْتُ لَهُ وَأَطَعْتُ»
[«مصنف ابن أبي شيبة» (7/ 523 ت الحوت)].
وسيأتي أسباب رفض عثمان لنصرة الصحابة له (((((( هامش: قال الشيخ محب الدين الخطيب: “«الذي يدل عليه مجموع الأخبار عن موقف عثمان من أمر الدفاع عن أو الاستسلام للأقدار، هو أنه كان يكره الفتنة، ويتقي الله في دماء المسلمين. إلا أنه صار في آخر الأمر يود لو كانت لديه قوة راجحة يهابها البغاة، فيرتدعون عن بغيهم، بلا حاجة إلى استعمال السلاح للوصول إلى هذه النتيجة، وقبل أن تبلغ الأمور مبلغها عرض عليه معاوية أن يرسل إليه قوة من جند الشام تكون رهن إشارته، فأبى أن يضيق على أهل دار الهجرة بجند يساكنهم “الطبري: 101: 5″، وأن لا يظن أن الجرأة تبلغ بفريق من إخوانه المسلمين إلى أن يتكالبوا على دم أول مهاجر إلى الله في سبيل دينه. فلما تذاءب عليه البغاة، واعتقد أن الدفاع عنه تسفك فيه الدماء جزافًا، عزم على كل من له عليهم سمع وطاعة أن يكفوا أيديهم وأسلحتهم عن مزالق العنف.والأخبار بذلك مستفيضة»
[«العواصم من القواصم ط دار الجيل» (ص13)].
وقد حاول علي مرة أخرى أن يرجعهم لما أرسله عثمان ليعرض عليهم التحاكم لكتاب الله وزعموا أنهم قبِلوه.عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: لَمَّا نَزَلَ الْقَوْمُ بِابْنِ عَفَّانَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلا أَعْلَمُهُ ظَلَّ يَوْمًا وَلا بَاتَ لَيْلَةً إِلا وَهُوَ عَنِّي رَاضٍ، ثُمَّ صَحِبْتُ أَبَا بَكْرٍ فَكَانَ كَذَلِكَ، ثُمَّ صَحِبْتُ عُمَرَ فَرَأَيْتُ لَهُ حَقَّيْنِ حَقَّ الأُبُوَّةِ وَحَقَّ الإِمَامَةِ فَكَانَ كَذَلِكَ، ثُمَّ صَحِبْتُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنيِنَ فَرَأَيْتُ لَكَ مِثْلَ الَّذِي رَأَيْتُ لِمَنْ مَضَى، أَوْ كَمَا قَالَ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَان: جَزَاكُمُ «1» اللَّهُ خَيْرًا يَا آلَ عُمَرَ، وَسَأَلَهُ عَنِ الْقَوْمِ فَقَالَ: اعْرِضْ عَلَيْهِمْ كِتَابَ اللَّهِ فَإِنَّ أَبَوْهُ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ وَشَرٌّ لَهُمْ، وَإِنْ قَبِلُوهُ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُمْ (وَخَيْرٌ لَكَ) . فَأَرْسَلَ عَلِيَّ «2» بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَعَرَضَ عَلَيْهِمْ كِتَابَ اللَّهِ فَقَبِلُوهُ، وَاشْتَرَطُوا جَمِيعًا: أَنَّ الْمَنْفِيَّ يُقْلَبُ وَالْمَحْرُومَ يُعْطَى وَيُوَفَّرُ الْفَيْءَ وَيُعْدَلُ فِي الْقَسْمِ وَيُسْتَعْمَلُ ذَوُو الْقُوَّةِ وَالأَمَانَةِ، وَقَالَ : لَقَدْ قُتِلَ عُثْمَانُ وَإِنَّ فِي الدَّارِ لسبعمائة مِنْهُم الْحَسَنُ وَابْنُ الزُّبَيْرِ فَلَوْ أَذِنَ لَهُمْ لأخرجوهم من أقطار المدينة
[«أنساب الأشراف للبلاذري» (5/ 586)].
وقد جاء دفاع علي عن عثمان في كتب الشيعة وَاللهِ لَقَدْ دَفَعْتُ عَنْهُ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ آثِماً.
[اسم الکتاب : نهج البلاغة ت الحسون المؤلف : السيد الشريف الرضي الجزء : 1 صفحة : 578].
الوجه الثاني: عرض علي على عثمان النصرة، وخروجه لنصرته «عن المغيرة بن رباح الموصلي عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله الأنصاري أن عليا أرسل إليه يعني إلى عثمان إن معي خمسمائة دارع فأذن لي فأمنعك من القوم فإنك لم تحدث شيئا يستحل به دمك قال جزيت خيرا ما أحب أن يهراق دم في سببي»
[«تاريخ دمشق لابن عساكر» (39/ 39)].
يقول الدكتور محمد بن علي الغبان: “وأرسل -عثمان- إلى علي رضي الله عنه يدعوه، فانطلق علي متجها إلى الدار ومعه بعض أهله، فلما وصلوا الدار، وكانت محاطة بالمحاصرين، فعزم على اقتحامهم، والدخول على عثمان، فتعلق به بعض أهله، وحالوا بينه وبين دخول الدار خوفا عليه من المحاصرين أن يؤذوه، فحسر عن رأسه عمامة سوداء كان يرتديها، ورمى بها إلى رسول عثمان”
[فتنة مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه ، الدكتور محمد بن علي الغبان ص١٥٩].
وأيد كلامه بروايات منها ما رواه ورواه أبو عرب3 عن يحيى عن أبيه عن جده عن مطر4 يعني ابن أبي خليفة عن منذر الثوري عن محمد بن علي، قال: لما جاء الركب الذين قتلوا عثمان أرسل عثمان إلى علي أن رد هؤلاء، فانطلق وأنا معه متكئ علي، فانتهينا إلى الدار فألحم القتال فيها، ولم يستطع أن يدخل، قال: فنزع عمامة سوداء على رأسه، فألقاها إليه أمانا له، ثم قال: “اللهم اشهد أني لم أقتل ولم أمالئ”.
[المِحَن، أبو العرب محمد بن أحمد بن تميم التميمي ص٨٣].
وفي الطبقات عن ابن سعد قال «أخبرنا كثير بن هشام عن جعفر بن بُرْقان قال: حدّثني راشد بن كَيْسان أبو فَزارة العبْسيّ أنّ عثمان بعث إلى عليّ وهو محصور في الدار أن ائْتِنى، فقام عليّ ليأتِيَه، فقام بعض أهل عليّ حتَّى حبسه وقال: ألا ترى إلى ما بين يديك من الكتائب؟ لا تَخْلُصُ إليه، وعلى عليّ عمامةٌ سوداءُ فنَقَضَها على رأسه ثمّ رمى بها إلى رسول عثمان وقال: أخْبِرْهُ بالذى قد رأيت. ثمّ خرج عليّ من المسجد حتى انتهى إلى أحجار الزيت في سوق المدينة فأتاه قتله فقال: اللهمّ إنّى أبرأ إليك من دَمِه أن أكون قتلتُ أو مالأتُ على قتله»
[«الطبقات الكبير» (3/ 65 ط الخانجي)].
وفيها أيضا: “
«قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالا: أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: بَعَثَ عُثْمَانُ إِلَى عَلِيٍّ يَدْعُوهُ وَهُوَ مَحْصُورٌ فِي الدَّارِ فَأَرَادَ أَنْ يَأْتِيَهُ. فَتَعَلَّقُوا بِهِ وَمَنَعُوهُ. قَالَ فَحَلَّ عِمَامَةً سَوْدَاءَ عَلَى رَأْسِهِ وَقَالَ هَذَا أَوْ قَالَ: اللَّهُمَّ لا أَرْضَى قَتْلَهُ وَلا آمُرُ بِهِ. وَاللَّهِ لا أَرْضَى قَتْلَهُ وَلا آمُرُ بِهِ]»
[«الطبقات الكبرى ط العلمية» (3/ 50)].
وفي تاريخ دمشق عن أبي جعفر محمد بن علي [قال «بعث عثمان إلى علي] (1) يدعوه وهو محصور في الدار فأراد أن يأتيه فتعلقوا به ومنعوه قال فحسر عمامته (2) عن رأسه وقال (3) هذا وقال اللهم لا أرضى قتله ولا آمر به (4) والله لا أرضى قتله ولا آمر به»
[«تاريخ دمشق لابن عساكر» (39/ 370)].
يقول الدكتور الغبان: “ويتقوى بمجموع الروايات السابقة ما يلي:
1- أن عثمان رضي الله عنه بعث – وهو محصور في الدار – إلى علي رضي الله عنه أن ائتني.
2- أن عليا رضي الله عنه استجاب لهذا الطلب، وانطلق إلى دار عثمان، فلما رأى أهل علي من حول الدار حبسوه عن دخولها خشية عليه من القتل، فحل عمامته السوداء التي كان يرتديها، ورمى بها إلى رسول عثمان، ثم خرج حتى انتهى إلى أحجار الزيت، فأتاه خبر قتل عثمان رضي الله عنه، فقال قولة تبرأ بها من قتل عثمان، ومن الممالاة عليه.
[فتنة مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه ، الدكتور محمد بن علي الغبان ص٣٦٦].
الوجه الثالث: إعلان علي براءته من مقتل عثمان وبكاؤه عليه، ودعاؤه له وقد مرت عدة روايات فيها براءة علي من دم عثمان
«قال ابن سعد : أخبرنا عبد الله بن نُمير عن شريك عن عبد الله بن عيسى عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى قال: رأيت عليًّا عند أحجار الزيت رافعًا ضَبْعَيْه يقول: اللهمّ إنى أبرَأُ إليكَ من أمر عثمان»
[«الطبقات الكبير» (3/ 78 ط الخانجي)].
«37676 – أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ الْمِصْرِيِّينَ عَلَى عُثْمَانَ ، فَلَمَّا ضَرَبُوهُ خَرَجَتْ أَشْتَدَّ قَدْ مُلِئَتْ فُرُوجِي عَدْوًا حَتَّى دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ ، فَإِذَا رَجُلٌ جَالِسٌ فِي نَحْوٍ مِنْ عَشَرَةٍ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ ، فَقَالَ: وَيْحَكَ مَا وَرَاكَ؟ قَالَ: قُلْتُ قَدْ وَاللَّهِ فُرِغَ مِنَ الرَّجُلِ ، قَالَ: فَقَالَ: تَبًّا لَكُمْ آخِرَ الدَّهْرِ ، قَالَ: فَنَظَرْتُ فَإِذَا هُوَ عَلِيٌّ»
[«مصنف ابن أبي شيبة» (7/ 517 ت الحوت)].
إسناده حسن كما قال الشيخ طارق الطيار في كتابه ”
[مرويات الخلافة الراشدة في مصنف ابن أبي شيبة ص291]
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، قَالَ: قِيلَ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّهُمْ سَيَسْأَلُونَا عَنْ عُثْمَانَ، فَمَا نَقُولُ؟ قَالَ: قُولُوا: «كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، ثُمَّ اتَّقُوا وَآمَنُوا، ثُمَّ اتَّقُوا وَأَحْسِنُوا، وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ»
[«الفتن لنعيم بن حماد» (1/ 83)].
[«مصنف ابن أبي شيبة» (6/ 364 ت الحوت)].
[«أنساب الأشراف للبلاذري» (5/ 491)].
وفي المستدرك عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْجَمَلِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْ دَمِ عُثْمَانَ، وَلَقَدْ طَاشَ عَقْلِي يَوْمَ قُتِلَ عُثْمَانُ، وَأَنْكَرَتْ نَفْسِي وجَاءُونِي لِلْبَيْعَةِ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْتَحْيِي مِنَ اللَّهِ أَنْ أُبَايِعَ قَوْمًا قَتَلُوا رَجُلًا قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا أَسْتَحْيِي مِمَّنْ تَسْتَحْيِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ» ، وَإِنِّي لَأَسْتَحْيِي مِنَ اللَّهِ أَنْ أُبَايِعَ وَعُثْمَانُ قَتِيلٌ عَلَى الْأَرْضِ لَمْ يُدْفَنْ بَعْدُ، فَانْصَرَفُوا، فَلَمَّا دُفِنَ رَجَعَ النَّاسُ فَسَأَلُونِي الْبَيْعَةَ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي مُشْفِقٌ مِمَّا أَقْدَمُ عَلَيْهِ، ثُمَّ جَاءَتْ عَزِيمَةٌ فَبَايَعْتُ فَلَقَدْ قَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَكَأَنَّمَا صُدِعَ قَلْبِي، وَقُلْتُ: اللَّهُمَّ خُذْ مِنِّي لِعُثْمَانَ حَتَّى تَرْضَى «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ»
[التعليق – من تلخيص الذهبي]4527 – على شرط البخاري ومسلم].
[«المستدرك على الصحيحين للحاكم – ط العلمية» (3/ 101)].
وذكر البلاذري «الْمَدَائِنِيُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: دَخَلَ عَلِيٌّ يَوْمًا عَلَى بَنَاتِهِ وَهُنَّ يمسحن عيونهنّ فقال: [ما لكنّ تَبْكِينَ؟ قُلْنَ: نَبْكِي عَلَى عُثْمَانَ، فَبَكَى وَقَالَ: ابْكِينَ]»
[«أنساب الأشراف للبلاذري» (5/ 597)].
والروايات في ذلك كثيرة، يقول الحافظ ابن كثير: “«وَلَزِمَ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ بُيُوتَهُمْ، وَسَارَ إِلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَبْنَاءِ الصَّحَابَةِ عَنْ أَمْرِ آبَائِهِمْ ; مِنْهُمُ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ – وَكَانَ أَمِيرَ الدَّارِ – وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَصَارُوا يُجَاحِفُونَ عَنْهُ، وَيُنَاضِلُونَ دُونَهُ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ، وَأَسْلَمَهُ بَعْضُ النَّاسِ رَجَاءَ أَنْ يُجِيبَ أُولَئِكَ إِلَى وَاحِدَةٍ مِمَّا سَأَلُوا، فَإِنَّهُمْ كَانُوا قَدْ طَلَبُوا مِنْهُ إِمَّا أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ أَوْ يُسْلِمَ إِلَيْهِمْ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ، وَلَمْ يَقَعْ فِي خَلَدِ أَحَدٍ أَنَّهُ يُقْتَلُ، إِلَّا مَا كَانَ فِي نَفْسِ أُولَئِكَ الْخَارِجِينَ عَلَيْهِ. وَانْقَطَعَ عُثْمَانُ عَنِ الْمَسْجِدِ، فَكَانِ لَا يَخْرُجُ إِلَيْهِ إِلَّا قَلِيلًا فِي أَوَائِلِ الْأَمْرِ، ثُمَّ انْقَطَعَ بِالْكُلِّيَّةِ فِي آخِرِهِ، وَكَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْغَافِقِيُّ بْنُ حَرْبٍ. وَقَدِ اسْتَمَرَّ الْحَصْرُ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ. وَقِيلَ: أَرْبَعِينَ يَوْمًا. حَتَّى كَانَ آخِرَ ذَلِكَ أَنْ قُتِلَ شَهِيدًا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ»
[«البداية والنهاية» (10/ 286 ت التركي)].
فهذا موقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه في كتب أهل السنة.أما في كتب الشيعة فقد جاء صريحا في عدة روايات ورسائل من كتاب نهج البلاغة الشيعي.فقد تبرأ علي صراحة من دم عثمان رضي الله عنه.
في النهج: “وَكَانَ بَدْءُ أَمْرِنَا أَنَّا الْتَقَيْنَا وَالْقَوْمُ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ رَبَّنَا وَاحِدٌ(1)، وَنَبِيَّنَا وَاحِدٌ، وَدَعْوَتَنَا فِي الاِْسْلاَمِ وَاحِدَةٌ، لاَ نَسْتَزِيدُهُمْ فِي الاِْيمَانِ(2) باللهِ وَالتَّصْدِيقِ بِرَسُولِهِ(صلى الله عليه وآله)، وَلاَ يَسْتَزِيدُونَنَا، الاَْمْرُ وَاحِدٌ، إِلاَّ مَا اخْتَلَفْنَا فِيهِ مِنْ دَمِ عُثْمانَ، وَنَحْنُ مِنْهُ بَرَاءٌ!”
[اسم الکتاب : نهج البلاغة ت الحسون المؤلف : السيد الشريف الرضي الجزء : 1 صفحة : 735].
وقد استشهد علي على براءته من دم عثمان بأهل المدينة.ففي كلامه لطلحة والزبير في زعم الشيعة ان عليا قال لهما: “وَقَدْ زَعَمْتُما أَنِّي قَتَلْتُ عُثْمانَ، فَبَيْنِي وَبَيْنَكُمَا مَنْ تَخَلَّفَ عَنِّي وَعَنْكُمَامِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ يُلْزَمُ كُلُّ امْرِىء بَقَدْرِ مَا احْتَمَلَ.
[اسم الکتاب : نهج البلاغة ت الحسون المؤلف : السيد الشريف الرضي الجزء : 1 صفحة : 731].
فهنا علي لا يكتفي بالبراءة من دم عثمان بل ويبحث عن الشهود لتلك البراءة .ويؤكد علي تلك البراءة وأنه ابعد الناس عن هذا الذنب العظيم فيقول: “وَلَعَمْرِي، يَا مُعَاوِيَةُ، لَئِنْ نَظَرْتَ بِعَقْلِكَ دُونَ هَوَاكَ لَتَجِدَنِّي أَبْرَأَ النَّاسِ مِنْ دَمِ عُثْمانَ، وَلَتَعْلَمَنَّ أَنِّي كُنْتُ فِي عُزْلَة عَنْهُ”.
[اسم الکتاب : نهج البلاغة ت الحسون المؤلف : السيد الشريف الرضي الجزء : 1 صفحة : 587].
بل وأراد علي أن يعاقب وينتقم من قتلة عثمان لكنه ما استطاع ذلك نظرا لتغلغلهم في جيشه، وعدم اجتماع الناس عليه ، فيقول مبينا عذره في ذلك: ” ومن كلام له (عليه السلام)
بعد ما بويع بالخلافة وقد قال له قوم من الصحابة: لو عاقبت قوماً ممن أجلب على عثمان؟ فقال:يَا إخْوَتَاهُ! إنِّي لَسْتُ أَجْهَلُ مَا تَعْلَمُونَ، وَلكِنْ كَيْفَ لي بِقُوَّة وَالْقَوْمُ الْـمُجْلبُونَ(1) عَلَى حَدِّ شَوْكَتِهِمْ(2)، يَمْلِكُونَنَا وَلاَ نَمْلِكُهُمْ! وهَاهُمْ هؤُلاَءِ قَدْ ثَارَتْ مَعَهُمْ عِبْدَانِكُمْ، وَالْتَفَّتْ إلَيْهِمْ أَعْرَابُكُمْ، وَهُمْ خِلاَلَكُمْ(3) يَسُومُونَكُمْ(4) مَا شَاؤُوا; وَهَلْ تَرَوْنَ مَوْضِعاً لِقُدْرَة عَلَى شَيء، تُرِيدُونَهُ؟! إنَّ هذَا الاَْمْرَ أَمْرُ جَاهِلِيَّة، وَإِنَّ لِهؤُلاَءِ الْقَوْمِ مَادَّةً إنَّ النَّاسَ مِنْ هذَا الاَْمْرِ ـ إذَا حُرِّكَ ـ عَلَى أُمُور: فِرْقَةٌ تَرَى مَا تَرَوْنَ، وَفِرقْةٌ تَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ، وَفِرْقَةٌ لاَ تَرَى لا هذَا وَلاَ هذَا، فَاصْبِرُوا حَتَّى يَهْدَأَ النَّاسُ، وَتَقَعَ الْقُلُوبُ مَوَاقِعَهَا، وَتُؤْخَذَ الْحُقُوقُ مُسْمَحَةً(1); فَاهْدَأُوا عَنِّي، وَانْظُرُوا مَاذَا يَأْتِيكُمْ بِهِ أَمْرِي، وَلاَ تَفْعَلُوا فَعْلَةً تُضَعْضِعُ(2) قُوَّةً، وَتُسْقِطُ مُنَّةً(3)، وَتُورِثُ وَهْناً(4) وَذِلَّةً.وَسَأُمْسِكُ الاَْمْرَ مَا اسْتَمْسَكَ، وَإذَا لَمْ أَجِدْ بُدّاً فَآخِرُ الدَّواءِ الْكَيُّ”.
[اسم الکتاب : نهج البلاغة ت الحسون المؤلف : السيد الشريف الرضي الجزء : 1 صفحة : 375].
ولما أراد علي إفحام خصمه واتهامهم بأشنع ما يكون – على زعم الشيعة- قال بأنهم هم من قتلوا عثمان: ” ومن كلام له (عليه السلام)[في معنى طلحة والزبير] وَاللهِ مَا أَنْكَرُوا [عَلَيَّ] مُنْكَراً، وَلاَ جَعَلُوا بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ نِصْفاً(1)، وَإِنَّهُمْ لَيَطْلُبُونَ حَقّاً [هُمْ] تَرَكُوهُ، وَدَماً هُمْ سَفَكُوهُ”.
[نهج البلاغة ت الحسون المؤلف : السيد الشريف الرضي الجزء : 1 صفحة : 300].
ونحن نبرئ علي أن يقول في طلحة والزبير ذلك بل كان علي مجلا لهما عارفا قدرهما، وقد ثبت أنه ترحم عليهما رضي الله عنهم أجمعين، لكن الشاهد أن عليا تبرأ اشد البراءة من دم عثمان بل ودفع عنه بكل ما أوتي من قوة ولولا نهي عثمان الناس عن القتال دونه لقاتل علي حماية ودفاعا عن إمام الأمة وإمامه عثمان بن عفان رضي الله عنه، لكنه السمع والطاعة الذي يراه علي واجبا عليه لعثمان رضي الله عنهم جميعا .
والحمد لله رب العالمين .
مواضيع شبيهة