زعموا أن عثمان ملعون -وحاشاه- لإيوائه مشركا
قال الشيعة إن عثمان بن عفان رضي الله عنه قد أجار عمه المشرك والذي أهدر النبي -صلى الله عليه وسلم- دمه وخبأه في بيته ثم قال ابنة النبي -صلى الله عليه وسلم- التي عنده، وساقوا في ذلك رواية طويلة اسوقها في الهامش لطولها لكن حبذا لو تُقرأ كاملة لمعرفة تفاصيل القصة وفهم الرد التفصيلي عليها. هامش( عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ وَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ يَزِيدَ بْنِ خَلِيفَةَ الْخَوْلَانِيِّ وَ هُوَ يَزِيدُ بْنُ خَلِيفَةَ الْحَارِثِيُّ قَالَ: سَأَلَ عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع وَ أَنَا حَاضِرٌ فَقَالَ تَخْرُجُ النِّسَاءُ إِلَى الْجَنَازَةِ وَ كَانَ ع مُتَّكِئاً فَاسْتَوَى جَالِساً ثُمَّ قَالَ إِنَّ الْفَاسِقَ عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ آوَى عَمَّهُ الْمُغِيرَةَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ وَ كَانَ مِمَّنْ هَدَرَ[1] رَسُولُ اللَّهِ ص دَمَهُ فَقَالَ لِابْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ ص لَا تُخْبِرِي أَبَاكِ بِمَكَانِهِ كَأَنَّهُ لَا يُوقِنُ أَنَّ الْوَحْيَ يَأْتِي مُحَمَّداً فَقَالَتْ مَا كُنْتُ لِأَكْتُمَ رَسُولَ اللَّهِ ص عَدُوَّهُ فَجَعَلَهُ بَيْنَ مِشْجَبٍ لَهُ وَ لَحَفَهُ بِقَطِيفَةٍ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ ص الْوَحْيُ فَأَخْبَرَهُ بِمَكَانِهِ فَبَعَثَ إِلَيْهِ عَلِيّاً ع وَ قَالَ اشْتَمِلْ عَلَى سَيْفِكَ ائْتِ بَيْتَ ابْنَةِ ابْنِ عَمِّكَ فَإِنْ ظَفِرْتَ بِالْمُغِيرَةِ فَاقْتُلْهُ فَأَتَى الْبَيْتَ فَجَالَ فِيهِ فَلَمْ يَظْفَرْ بِهِ فَرَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَرَهُ فَقَالَ إِنَّ الْوَحْيَ قَدْ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ فِي الْمِشْجَبِ وَ دَخَلَ عُثْمَانُ بَعْدَ خُرُوجِ عَلِيٍّ ع فَأَخَذَ بِيَدِ عَمِّهِ فَأَتَى بِهِ إِلَى النَّبِيِّ ص فَلَمَّا رَآهُ أَكَبَّ عَلَيْهِ[1] وَ لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ وَ كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ ص حَيِيّاً كَرِيماً فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا عَمِّي هَذَا الْمُغِيرَةُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ وَفَدَ وَ الَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ آمَنْتَهُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع وَ كَذَبَ وَ الَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ مَا آمَنَهُ فَأَعَادَهَا ثَلَاثاً[2] وَ أَعَادَهَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع ثَلَاثاً أَنَّى آمَنَهُ إِلَّا أَنَّهُ يَأْتِيهِ عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ يَأْتِيهِ عَنْ يَسَارِهِ فَلَمَّا كَانَ فِي الرَّابِعَةِ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ قَدْ جَعَلْتُ لَكَ ثَلَاثاً فَإِنْ قَدَرْتُ عَلَيْهِ بَعْدَ ثَالِثَةٍ قَتَلْتُهُ فَلَمَّا أَدْبَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص- اللَّهُمَّ الْعَنِ الْمُغِيرَةَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ وَ الْعَنْ مَنْ يُؤْوِيهِ وَ الْعَنْ مَنْ يَحْمِلُهُ وَ الْعَنْ مَنْ يُطْعِمُهُ وَ الْعَنْ مَنْ يَسْقِيهِ وَ الْعَنْ مَنْ يُجَهِّزُهُ وَ الْعَنْ مَنْ يُعْطِيهِ سِقَاءً أَوْ حِذَاءً أَوْ رِشَاءً أَوْ وِعَاءً وَ هُوَ يَعُدُّهُنَّ بِيَمِينِهِ وَ انْطَلَقَ بِهِ عُثْمَانُ فَآوَاهُ وَ أَطْعَمَهُ وَ سَقَاهُ وَ حَمَلَهُ وَ جَهَّزَهُ حَتَّى فَعَلَ جَمِيعَ مَا لَعَنَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ ص مَنْ يَفْعَلُهُ بِهِ ثُمَّ أَخْرَجَهُ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ يَسُوقُهُ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ أَبْيَاتِ الْمَدِينَةِ حَتَّى أَعْطَبَ اللَّهُ رَاحِلَتَهُ وَ نُقِبَ حِذَاهُ وَ وَرِمَتْ قَدَمَاهُ فَاسْتَعَانَ بِيَدَيْهِ وَ رُكْبَتَيْهِ وَ أَثْقَلَهُ جَهَازُهُ حَتَّى وَجَسَ بِهِ فَأَتَى شَجَرَةً[3] فَاسْتَظَلَّ بِهَا لَوْ أَتَاهَا بَعْضُكُمْ مَا أَبْهَرَهُ ذَلِكَ[4] فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ ص الْوَحْيُ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَدَعَا عَلِيّاً ع فَقَالَ خُذْ سَيْفَكَ وَ انْطَلِقْ أَنْتَ وَ عَمَّارٌ وَ ثَالِثٌ لَهُمْ فَأْتِ الْمُغِيرَةَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ تَحْتَ شَجَرَةِ كَذَا وَ كَذَا فَأَتَاهُ عَلِيٌّ ع فَقَتَلَهُ فَضَرَبَ عُثْمَانُ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ قَالَ أَنْتِ أَخْبَرْتِ أَبَاكِ بِمَكَانِهِ فَبَعَثَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص تَشْكُو مَا لَقِيَتْ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ ص اقْنَيْ حَيَاءَكِ مَا أَقْبَحَ بِالْمَرْأَةِ ذَاتِ حَسَبٍ وَ دِينٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ تَشْكُو زَوْجَهَا فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ مَرَّاتٍ كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ لَهَا ذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ فِي الرَّابِعَةِ دَعَا عَلِيّاً ع وَ قَالَ خُذْ سَيْفَكَ وَ اشْتَمِلْ عَلَيْهِ ثُمَّ ائْتِ بَيْتَ ابْنَةِ ابْنِ عَمِّكَ فَخُذْ بِيَدِهَا فَإِنْ حَالَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَهَا أَحَدٌ فَاحْطِمْهُ[1] بِالسَّيْفِ وَ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص كَالْوَالِهِ مِنْ مَنْزِلِهِ إِلَى دَارِ عُثْمَانَ فَأَخْرَجَ عَلِيٌّ ع ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ فَلَمَّا نَظَرَتْ إِلَيْهِ رَفَعَتْ صَوْتَهَا بِالْبُكَاءِ وَ اسْتَعْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ بَكَى ثُمَّ أَدْخَلَهَا مَنْزِلَهُ وَ كَشَفَتْ عَنْ ظَهْرِهَا فَلَمَّا أَنْ رَأَى مَا بِظَهْرِهَا قَالَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مَا لَهُ قَتَلَكِ قَتَلَهُ اللَّهُ وَ كَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الْأَحَدِ وَ بَاتَ عُثْمَانُ مُلْتَحِفاً[2] بِجَارِيَتِهَا فَمَكَثَ الْإِثْنَيْنَ وَ الثَّلَاثَاءَ وَ مَاتَتْ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ فَلَمَّا حَضَرَ أَنْ يَخْرُجَ بِهَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَاطِمَةَ ع فَخَرَجَتْ ع وَ نِسَاءُ الْمُؤْمِنِينَ مَعَهَا وَ خَرَجَ عُثْمَانُ يُشَيِّعُ جَنَازَتَهَا فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ ص قَالَ مَنْ أَطَافَ الْبَارِحَةَ بِأَهْلِهِ أَوْ بِفَتَاتِهِ فَلَا يَتْبَعَنَّ جَنَازَتَهَا قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثاً فَلَمْ يَنْصَرِفْ فَلَمَّا كَانَ فِي الرَّابِعَةِ قَالَ لَيَنْصَرِفَنَّ أَوْ لَأُسَمِّيَنَّ بِاسْمِهِ فَأَقْبَلَ عُثْمَانُ مُتَوَكِّئاً عَلَى مَوْلًى لَهُ مُمْسِكاً بِبَطْنِهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَشْتَكِي بَطْنِي فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَأْذَنَ لِي أَنْصَرِفُ قَالَ انْصَرِفْ وَ خَرَجَتْ فَاطِمَةُ ع وَ نِسَاءُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُهَاجِرِينَ فَصَلَّيْنَ عَلَى الْجِنَازَةِ.
[الکافی- ط دار الحدیث المؤلف : الشيخ الكليني الجزء : 5 صفحة : 618].
[الکافی- ط دار الحدیث المؤلف : الشيخ الكليني الجزء : 5 صفحة : 623].
يقول جعفر مرتضى العاملي عن عثمان أنه: “كان قد قتل زوجته ربيبة(هامش: سنتعرض لدحض تلك الفرية في بحث خاص ). رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، لتوهمه أنّها دلّت على معاوية بن المغيرة خير شاهد على هذا الأمر” .
[الصحيح من سيرة الإمام علي ( ع )، ج ١٦، السيد جعفر مرتضى العاملي، ص ٢٣٥].
وجاء في تفسير الجزائري: “عن أبي جعفر عليه السّلام « أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ » : يعني يقتل في قتل ابنة النبيّ . « يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالًا » . يعني الذي جهّز به النبيّ في جيش العسرة .
[عقود المرجان في تفسير القرآن، ج ٥، السيد نعمة الله الجزائري، ص ٤٢٥].
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
أولا: بعد تقرير فضيلة عثمان رضي الله عنه التي أثبتها هذا الحديث الذي يستدلون به على لعن عثمان وقتله ابنة النبي -صلى الله عليه وسلم- فلابد من القول بأنهم إما أن يسقطوا تلك الشبهة بأنفسهم وإما أن يثبتوها وتثبت بذلك فضيلة عثمان في الزواج من ابنة النبي -صلى الله عليه وسلم- لأنه صلى الله عليه وسلم لا يزوجها في الإسلام من غير كفؤ لها خاصة أنه كان زوجا لها في المدينة بعد تشريع الأحكام، والشيعة يشترطون الكفاءة في الزواج ومن أهم ما يقال في الكفاءة انها في الدين.يقول الروحاني: “القاعدة العامّة التي شيّدها الإسلام لتأسيس العلاقة الزوجيّة هي : الكفاءة في الدين والإيمان ، وهذا ما صدع به النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله عندما قال له رجل : يا رسول اللَّه ، مَن نزوّج ؟ فقال صلى الله عليه وآله : الأكفاء . فقال : ومَن الأكفاء ؟ فقال : المؤمنون بعضهم أكفاء بعض
[أجوبة المسائل في الفكر والعقيدة والتاريخ والأخلاق، ج ٢، السيد محمد صادق الروحاني، ص ٣٣٠].
[والرواية في : الكافي- ط الاسلامية المؤلف : الشيخ الكليني الجزء : 5 صفحة : 337].
وقال في إجماعات فقهاء الإمامية: “الكفاءة في الدين معتبرة في النكاح
* لا يجوز أن يزوج المرأة المسلمة المؤمنة بالكفار* الكفاءة في النسب ليست شرطا في النكاح-[ الناصريات – الشريف المرتضى ص 327 ، 330 : المسألة 153] : كتاب النكاح :الذي يذهب إليه أصحابنا أن الكفاءة في الدين معتبرة ، لأنه لا خلاف بين الأمة في أنه لا يجوز أن يزوج المرأة المسلمة المؤمنة بالكفار” .
[إجماعات فقهاء الإمامية، ج ١، السيد أحمد الموسوي الروضاتي، ص ٣١٣].
وقال صاحب الينابيع الفقهية: “الكفاءة معتبرة في النكاح والكفوء في الدين وفي النسب روايتان الذي يذهب إليه أصحابنا أن الكفاءة في الدين معتبرة لأنه لا خلاف بين الأمة في أنه لا يجوز أن يزوج المرأة المسلمة المؤمنة بالكفار
[الينابيع الفقهية، ج ١٨، علي أصغر مرواريد، ص ٧٦].
وقد يقول قائل منهم إن عثمان لم يكن كافرا ، فنقول إن الشيعة قد صرحوا بكفر عثمان كثيرا وفي مواطن شتى، بل إنهم قد اختلقوا في ذلك روايات منها ما في البحار: “قال أمير المؤمنين عليه السلام في قوله عز وجل : رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ ، قال : هو أنا إذا خرجت أنا وشيعتي وخرج عثمان بن عفان وشيعته ونقتل بني أمية ، فعندها يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين »
[بحار الأنوار، ج ٥٣، العلامة المجلسي، ص ٦٨].
[رياض الأبرار في مناقب الأئمة الأطهار ( ع )، ج ٣، السيد نعمة الله الجزائري، ص ٢٥٥].
[مختصر بصائر الدرجات، حسن بن سليمان الحلي، ص ٢٢].
[المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي ( ع ) ( دار المعروف 1436 ه – )، الشيخ علي الكوراني العاملي، ص ٦١٩]
وفي نور الأفهام وكان حذيفة ( رضي الله عنه ) وهو من خواصّ الصحابة يقول : ما في كفر عثمان – بحمد الله – أشكّ ، لكنّي أشكّ في قاتله”.
[نور الأفهام في علم الكلام، ج ١، السيد حسن الحسيني اللواساني، ص ٥٤٦].
وقد ذكرنا في أصل الشبهة رواية ذكروا نزول آيات تذمه، فهل من هذا حاله عندهم يقال فيه إنه ليس كافرا عندهم؟!ومع ذلك حتى لو قالوا إنه كان مجرد نفاق فإنهم قد اشترطوا في النكاح الكفاءة في الإيمان لا في مجرد الإسلام يقول شيخهم علي المشكيني: “الكفاءة في الإيمان بالمعنى المصطلح عندنا أي الاعتقاد بالولاية للأئمة المعصومين ( ع ) ، فليس للمؤمن نكاح المسلمة غير المؤمنة ولا للمؤمنة الزواج بالمسلم غير المؤمن ، وقالوا إن الثاني أشد منعا لأن المرأة تأخذ من دين الرجل”.
[مصطلحات الفقه، الشيخ علي المشكيني، ص ٤٤٠].
وقال شيخهم محمد باقر الكجوري: “والثاني: هل يجوز لغير المعصوم أن يتزوج المعصومة؟ … قال في مجمع البحرين: «الكفاءة بالفتح والمد: تساوي الزوجين في الإسلام والإيمان
[الخصائص الفاطمية- محمد باقر الكجوري- (1 / 512)].
فيلزم من هذا أن يعترفوا بأن عثمان كان على أعلى درجات الإيمان كابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يكون كفؤا لها وإلا يكون النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أمر الناس بالبر ونسي نفسه عياذا بالله من قول الكفر واعتقاده بتشبيه النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمنافقين!ولا طريق لهم الا إسقاط الرواية حتى لا يثبتوا إيمان عثمان.فقد حكم المجلسي على الرواية بأن سندها مجهول
[مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج ١٤، العلامة المجلسي، ص ٢٤٢].
الحديث الثامن : مجهول .وهو كما قال فإن ابراهيم بن هاشم القمي والد علي بن إبراهيم لم يوثقه أحد من المتقدمين يقول الحلي عنه: “ولم أقف لأحد من أصحابنا على قول في القدح فيه، و لا على تعديله بالتنصيص”.
[اسم الکتاب : رجال العلامة الحلي المؤلف : العلامة الحلي الجزء : 1 صفحة : 4].
والعبرة عند الشيعة إنما تكون بتوثيق المتقدمين فقط كما قال الحلي نفسه في ترجمة اسحاق بن يزيد بن اسماعيل الطائي قال: “ولا حجية لثوثيق المتأخرين ومدحهم”.
[خلاصة الاقوال المؤلف : العلامة الحلي الجزء : 1 صفحة : 58].
وأما أحمد بن محمد الكوفي: فهو مجهول.
[المفيد من معجم رجال الحديث – محمد الجواهري – الصفحة ٤٧].
الراوي الثالث: يزيد بن خليفة الخولاني: فهو مجهول أيضا
[المفيد من معجم رجال الحديث – محمد الجواهري – الصفحة ٦٧٠].
هذا فضلا عن جهالة الواسطة بين محمد الكوفي وصفوان بن يحيى.وعليه فالرواية ساقطة حتى عند الشيعة أنفسهم.
ثانيا: القول بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد لعن عثمان لمجرد جواره لمشرك لا يتفوه به عاقل، وذلك أن الجوار في الإسلام جائز باتفاق، وقد أجاز النبي -صلى الله عليه وسلم- جوار عثمان وأمضاه بقوله (قد جعلت لك ثلاثا فإن قدرت عليه بعد ثلاث قتلته) فكيف يعلم النبي صلى الله عليه وسلم عثمان لفعل أجازه هو؟ وهل هذا ألا لعن لنفسه عياذا بالله من قول الكفر، لأن العلة من اللعن في زعمهم هو جوار الكافر، والرواية تنص على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أجاز ذلك، فيكون اللعن مردود على اللاعن وهذا هو عين ما يقصده الشيعة في الطعن في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأن يعود الطعن في النبي -صلى الله عليه وسلم-.ثم إن الرواية تزعم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد لعنه ولازالت ابنته تحته، فكيف يرضى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تعاشر ابنته رجلا ملعونا، وقد أنف النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يصحب في سفر دابة ملعونة
في صحيح مسلم: “عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، وَامْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ عَلَى نَاقَةٍ، فَضَجِرَتْ فَلَعَنَتْهَا، فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «خُذُوا مَا عَلَيْهَا وَدَعُوهَا، فَإِنَّهَا مَلْعُونَةٌ» قَالَ عِمْرَانُ: فَكَأَنِّي أَرَاهَا الْآنَ تَمْشِي فِي النَّاسِ، مَا يَعْرِضُ لَهَا أَحَدٌ
[مسلم، صحيح مسلم، ٢٠٠٤/٤].
وقد روى الشيعة في دعائم الإسلام : عن أبي جعفر محمد بن علي ( عليهما السلام ) [١] : « أنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، سمع رجلاً يلعن بعيراً، فقال ( صلّى الله عليه وآله ) :ارجع لا تصحبنا على بعير ملعون ».
[اسم الکتاب : مستدرك الوسائل المؤلف : المحدّث النوري الجزء : 8 صفحة : 261].
وهذا سفر قد يضطر الإنسان أن يصاحب ما لا يرغب، فمن باب أولى كان يجب ألا يترك النبي -صلى الله عليه وسلم- ابنته مع رجل ملعون عياذا بالله، وهذا كله يؤول بالطعن على النبي -صلى الله عليه وسلم-.
ثالثا: كيف يقبح النبي صلى الله عليه وسلم من شوى ابنته من عثمان ويقول لها عندما تشتكي من رجل ملعون (اقْنَيْ حَيَاءَكِ مَا أَقْبَحَ بِالْمَرْأَةِ ذَاتِ حَسَبٍ وَ دِينٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ تَشْكُو زَوْجَهَا) قبح الله من يقبّح بنات نبينا صلى الله عليه وسلم ورضوان الله عليهن، هذه امرأة مظلومة والنبي صلى الله عليه وسلم يعلم أنها مظلومة ويرجعها النبي -صلى الله عليه وسلم- للظالم ليزداد الظلم عليها؟! هذا شأن الظلمة لا شأن الأنبياء.
رابعا: جاء في تلك الرواية أن عثمان نهى زوجته أن تخبر أحدا عن جوار ذلك المشرك فعصته، ففي الرواية قال (فَقَالَ لِابْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ ص لَا تُخْبِرِي أَبَاكِ بِمَكَانِهِ كَأَنَّهُ لَا يُوقِنُ أَنَّ الْوَحْيَ يَأْتِي مُحَمَّداً فَقَالَتْ مَا كُنْتُ لِأَكْتُمَ رَسُولَ اللَّهِ ص عَدُوَّهُ)
هذا كلام لا يصدر من امرأة تعرف كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم إذا أن الله تعالى قال { وَإِنۡ أَحَدࣱ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ ٱسۡتَجَارَكَ فَأَجِرۡهُ حَتَّىٰ یَسۡمَعَ كَلَـٰمَ ٱللَّهِ ثُمَّ أَبۡلِغۡهُ مَأۡمَنَهُۥۚ ذَ ٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمࣱ لَّا یَعۡلَمُونَ }
[سُورَةُ التَّوۡبَةِ: ٦].
وفي صحيح البخاري: “عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ إِلَّا كِتَابُ اللَّهِ، وَهَذِهِ الصَّحِيفَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” المَدِينَةُ حَرَمٌ، مَا بَيْنَ عَائِرٍ إِلَى كَذَا، مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا، أَوْ آوَى مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ، وَقَالَ: ذِمَّةُ المُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ، وَلاَ عَدْلٌ”.
[البخاري، صحيح البخاري، ٢٠/٣].
بل وحتى أن المرأة لا يجوز اخفار جوارها ففي الصحيحين أن أم هانئ أجابت رجلا وأراد علي أن يقتله فجاءت النبي -صلى الله عليه وسلم- وقالت: “زَعَمَ ابْنُ أُمِّي أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلًا قَدْ أَجَرْتُهُ، فُلاَنَ ابْنَ هُبَيْرَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ» قَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ”.
[البخاري، صحيح البخاري، ٨٠/١].
[مسلم، صحيح مسلم، ٤٩٨/١].
وهذا الحكم لم يخالف فيه الشيعة فإن عقد الأمان يصح من آحاد المسلمين كما يقول الطوسي قال الطوسي: “وإن كان العاقد -للأمان- آحاد المسلمين جاز أن يعقد لآحادهم و الواحد و العشرة و لا يجوز لأهل بلد عام و لا لأهل إقليم لأنه ليس له النظر في مصالح المسلمين فإذا ثبت جوازه لآحاد المسلمين فإن كان العاقد حرا مكلفا جاز بلا خلاف و إن كان عقدا صح سواء كان مأذونا له في القتال أو غير مأذون و فيه خلاف لقوله (صلى الله عليه و آله) يسعى بذمتهم أدناهم، و أدناهم عبيدهم.
و أما المرأة فيصح أمانها بلا خلاف”.
[المبسوط في فقه الإمامية المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 2 صفحة : 14].
وعليه فإن مجرد عقد الأمان جائز من عثمان ولا يجوز لامراته أن تعترض عليه فإن اعترضت جاز تأديبها كما هو مقرر في موضعه، فهذه إساءة أخرى وطعن في ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي لا تعرف دينها ولا تعرف حق زوجها!.
خامسا :إذا كان عثمان قد قتل ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأين القصاص أو الضمان؟قال شيخهم الأنصاري: “ضمان المسرف في التأديب: قال العلامة: “… ولا خلاف في أنه لو أسرف في التأديب وشبهه، أو زاد على ما يحصل به الغرض، أو ضرب من لا عقل له من الصبيان، فعليه الضمان… ” [1].بل ادعى صاحب الجواهر الاتفاق على ضمان الأب والجد لو ضربا الابن ضربا سائغا، فمات منه، ثم ألحق بهما المعلم وغيره بالأولوية [2].هذا بالنسبة إلى الضرب السائغ، وهو يدل على الضمان في غير السائغ – وهو الضرب المسرف فيه – بالأولوية.ومثل ذلك ضرب الزوجة للتأديب عند نشوزها، فالظاهر لا كلام في الضمان في صورة الإسراف غير المشروع، وإن تردد بعضهم في الضرب الجائز والمشروع.هذا إذا كان الضرب للتأديب والمصلحة، وأما الضرب للتشفي فلا يجوز، قال صاحب الجواهر – بعد الكلام عن تأديب الصبي والمملوك -: ” ينبغي أن يعلم أن مفروض الكلام في التأديب الراجع إلى مصلحة الصبي مثلا، لا ما يثيره الغضب النفساني، فإن المؤدب حينئذ قد يؤدب ”
[الموسوعة الفقهية الميسرة المؤلف : الأنصاري، الشيخ محمد علي الجزء : 3 صفحة : 238].
فإن قلنا أن لعثمان حق ضرب زوجته للتأديب فقد تعدى في الضرب فأين الضمان إذا ؟ أو اين القصاص؟ وإذا قلنا أنه ليس له أن يؤدبها فلا شك في تحقق الضمان بالقصاص أو الدية على خلاف، فأين طبق النبي -صلى الله عليه وسلم- شريعة الإسلام في عثمان ؟
سادسا:من الطعون في أهل البيت في تلك الرواية أنهم يتهمون النبي -صلى الله عليه وسلم- بدم الغيرة على عرضه وأنه يأمر رجلا أجنبيا غير محرم أن يدخل على ابنته بيتها ويأخذها بيدها! ففي الرواية (دَعَا -أي النبي-عَلِيّاً ع وَ قَالَ خُذْ سَيْفَكَ وَ اشْتَمِلْ عَلَيْهِ ثُمَّ ائْتِ بَيْتَ ابْنَةِ ابْنِ عَمِّكَ فَخُذْ بِيَدِهَا فَإِنْ حَالَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَهَا أَحَدٌ فَاحْطِمْهُ بِالسَّيْفِ وَ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص كَالْوَالِهِ مِنْ مَنْزِلِهِ إِلَى دَارِ عُثْمَانَ فَأَخْرَجَ عَلِيٌّ ع ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ”.فكيف يرضى النبي -صلى الله عليه وسلم- لابنته أن تخرج مع ابن عمها وهو رجل أجنبي عنها ؟ سبحانك هذا بهتان عظيم.اما عثمان رضي الله عنه فقد اكرمة النبي صلى الله عليه وسلم غاية الاكرام لما زوجه ابنتين من بناتهعَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ وَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ يَزِيدَ بْنِ خَلِيفَةَ الْخَوْلَانِيِّ وَ هُوَ يَزِيدُ بْنُ خَلِيفَةَ الْحَارِثِيُّ قَالَ: سَأَلَ عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع وَ أَنَا حَاضِرٌ فَقَالَ تَخْرُجُ النِّسَاءُ إِلَى الْجَنَازَةِ وَ كَانَ ع مُتَّكِئاً فَاسْتَوَى جَالِساً ثُمَّ قَالَ إِنَّ الْفَاسِقَ عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ آوَى عَمَّهُ الْمُغِيرَةَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ وَ كَانَ مِمَّنْ هَدَرَ[1] رَسُولُ اللَّهِ ص دَمَهُ فَقَالَ لِابْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ ص لَا تُخْبِرِي أَبَاكِ بِمَكَانِهِ كَأَنَّهُ لَا يُوقِنُ أَنَّ الْوَحْيَ يَأْتِي مُحَمَّداً فَقَالَتْ مَا كُنْتُ لِأَكْتُمَ رَسُولَ اللَّهِ ص عَدُوَّهُ فَجَعَلَهُ بَيْنَ مِشْجَبٍ لَهُ وَ لَحَفَهُ بِقَطِيفَةٍ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ ص الْوَحْيُ فَأَخْبَرَهُ بِمَكَانِهِ فَبَعَثَ إِلَيْهِ عَلِيّاً ع وَ قَالَ اشْتَمِلْ عَلَى سَيْفِكَ ائْتِ بَيْتَ ابْنَةِ ابْنِ عَمِّكَ فَإِنْ ظَفِرْتَ بِالْمُغِيرَةِ فَاقْتُلْهُ فَأَتَى الْبَيْتَ فَجَالَ فِيهِ فَلَمْ يَظْفَرْ بِهِ فَرَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَرَهُ فَقَالَ إِنَّ الْوَحْيَ قَدْ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ فِي الْمِشْجَبِ وَ دَخَلَ عُثْمَانُ بَعْدَ خُرُوجِ عَلِيٍّ ع فَأَخَذَ بِيَدِ عَمِّهِ فَأَتَى بِهِ إِلَى النَّبِيِّ ص فَلَمَّا رَآهُ أَكَبَّ عَلَيْهِ[1] وَ لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ وَ كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ ص حَيِيّاً كَرِيماً فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا عَمِّي هَذَا الْمُغِيرَةُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ وَفَدَ وَ الَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ آمَنْتَهُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع وَ كَذَبَ وَ الَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ مَا آمَنَهُ فَأَعَادَهَا ثَلَاثاً[2] وَ أَعَادَهَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع ثَلَاثاً أَنَّى آمَنَهُ إِلَّا أَنَّهُ يَأْتِيهِ عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ يَأْتِيهِ عَنْ يَسَارِهِ فَلَمَّا كَانَ فِي الرَّابِعَةِ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ قَدْ جَعَلْتُ لَكَ ثَلَاثاً فَإِنْ قَدَرْتُ عَلَيْهِ بَعْدَ ثَالِثَةٍ قَتَلْتُهُ فَلَمَّا أَدْبَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص- اللَّهُمَّ الْعَنِ الْمُغِيرَةَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ وَ الْعَنْ مَنْ يُؤْوِيهِ وَ الْعَنْ مَنْ يَحْمِلُهُ وَ الْعَنْ مَنْ يُطْعِمُهُ وَ الْعَنْ مَنْ يَسْقِيهِ وَ الْعَنْ مَنْ يُجَهِّزُهُ وَ الْعَنْ مَنْ يُعْطِيهِ سِقَاءً أَوْ حِذَاءً أَوْ رِشَاءً أَوْ وِعَاءً وَ هُوَ يَعُدُّهُنَّ بِيَمِينِهِ وَ انْطَلَقَ بِهِ عُثْمَانُ فَآوَاهُ وَ أَطْعَمَهُ وَ سَقَاهُ وَ حَمَلَهُ وَ جَهَّزَهُ حَتَّى فَعَلَ جَمِيعَ مَا لَعَنَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ ص مَنْ يَفْعَلُهُ بِهِ ثُمَّ أَخْرَجَهُ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ يَسُوقُهُ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ أَبْيَاتِ الْمَدِينَةِ حَتَّى أَعْطَبَ اللَّهُ رَاحِلَتَهُ وَ نُقِبَ حِذَاهُ وَ وَرِمَتْ قَدَمَاهُ فَاسْتَعَانَ بِيَدَيْهِ وَ رُكْبَتَيْهِ وَ أَثْقَلَهُ جَهَازُهُ حَتَّى وَجَسَ بِهِ فَأَتَى شَجَرَةً[3] فَاسْتَظَلَّ بِهَا لَوْ أَتَاهَا بَعْضُكُمْ مَا أَبْهَرَهُ ذَلِكَ[4] فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ ص الْوَحْيُ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَدَعَا عَلِيّاً ع فَقَالَ خُذْ سَيْفَكَ وَ انْطَلِقْ أَنْتَ وَ عَمَّارٌ وَ ثَالِثٌ لَهُمْ فَأْتِ الْمُغِيرَةَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ تَحْتَ شَجَرَةِ كَذَا وَ كَذَا فَأَتَاهُ عَلِيٌّ ع فَقَتَلَهُ فَضَرَبَ عُثْمَانُ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ قَالَ أَنْتِ أَخْبَرْتِ أَبَاكِ بِمَكَانِهِ فَبَعَثَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص تَشْكُو مَا لَقِيَتْ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ ص اقْنَيْ حَيَاءَكِ مَا أَقْبَحَ بِالْمَرْأَةِ ذَاتِ حَسَبٍ وَ دِينٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ تَشْكُو زَوْجَهَا فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ مَرَّاتٍ كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ لَهَا ذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ فِي الرَّابِعَةِ دَعَا عَلِيّاً ع وَ قَالَ خُذْ سَيْفَكَ وَ اشْتَمِلْ عَلَيْهِ ثُمَّ ائْتِ بَيْتَ ابْنَةِ ابْنِ عَمِّكَ فَخُذْ بِيَدِهَا فَإِنْ حَالَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَهَا أَحَدٌ فَاحْطِمْهُ[1] بِالسَّيْفِ وَ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص كَالْوَالِهِ مِنْ مَنْزِلِهِ إِلَى دَارِ عُثْمَانَ فَأَخْرَجَ عَلِيٌّ ع ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ فَلَمَّا نَظَرَتْ إِلَيْهِ رَفَعَتْ صَوْتَهَا بِالْبُكَاءِ وَ اسْتَعْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ بَكَى ثُمَّ أَدْخَلَهَا مَنْزِلَهُ وَ كَشَفَتْ عَنْ ظَهْرِهَا فَلَمَّا أَنْ رَأَى مَا بِظَهْرِهَا قَالَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مَا لَهُ قَتَلَكِ قَتَلَهُ اللَّهُ وَ كَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الْأَحَدِ وَ بَاتَ عُثْمَانُ مُلْتَحِفاً[2] بِجَارِيَتِهَا فَمَكَثَ الْإِثْنَيْنَ وَ الثَّلَاثَاءَ وَ مَاتَتْ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ فَلَمَّا حَضَرَ أَنْ يَخْرُجَ بِهَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَاطِمَةَ ع فَخَرَجَتْ ع وَ نِسَاءُ الْمُؤْمِنِينَ مَعَهَا وَ خَرَجَ عُثْمَانُ يُشَيِّعُ جَنَازَتَهَا فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ ص قَالَ مَنْ أَطَافَ الْبَارِحَةَ بِأَهْلِهِ أَوْ بِفَتَاتِهِ فَلَا يَتْبَعَنَّ جَنَازَتَهَا قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثاً فَلَمْ يَنْصَرِفْ فَلَمَّا كَانَ فِي الرَّابِعَةِ قَالَ لَيَنْصَرِفَنَّ أَوْ لَأُسَمِّيَنَّ بِاسْمِهِ فَأَقْبَلَ عُثْمَانُ مُتَوَكِّئاً عَلَى مَوْلًى لَهُ مُمْسِكاً بِبَطْنِهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَشْتَكِي بَطْنِي فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَأْذَنَ لِي أَنْصَرِفُ قَالَ انْصَرِفْ وَ خَرَجَتْ فَاطِمَةُ ع وَ نِسَاءُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُهَاجِرِينَ فَصَلَّيْنَ عَلَى الْجِنَازَةِ.
مواضيع شبيهة