زعمهم أن عمر بن الخطَّاب ابتدع لفظة (آمين) بعد قراءة الفاتحة في الصلاة
من افتراءات القوم على عمر بن الخطَّاب ، أنه هو الذي ابتدع لفظة (آمين) وزادها في الصلاة بعد قراءة الفاتحة. قال محمد الشيرازي: «العجب كل العجب من أهل السُّنَّة، أنهم تركوا شريعة نبيهم وأخذوا بشريعة عمر… وزادوا آمين فيها، وهي كلمة سريانية يهودية».
[كتاب «الأربعين» محمد الشيرازي ص[565]].
والجواب على هذه الشبهة من وجوة:
أولًا: التأمين في الصلاة ثابت عندنا في عدة أحاديث عن النبيّ من قوله وفعله، من غير طريق عمر ومنها عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال النبي : «إذا أمّن الإمام فأمّنوا»، قال ابن شهابٍ: «وكان رسول الله يقول: آمين» .
[«صحيح البخاري» (1/156)، «صحيح مسلم» (1/ 306)].
روى ابن ماجه بسنده عن أبي هريرة قال: ترك النَّاس التَّأمين، وكان رسول الله إذا قال: [عَلَيۡهِمۡ غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ
وَلَا ٱلضَّآلِّينَ] ، رفع صوته فقال: «آمين».
[«سنن ابن ماجه» (1/278)، وقد صححه الشيخ الألباني، فقال: «معناه صحيح، فإن له شاهدًا من حديث وائل بن حجر بسند صحيح»، أنظر: «سلسلة الأحاديث الضعيفة» للألباني (2/368)].
وعن وائل بن حجرٍ قال: سمعت النَّبي قرأ: [عَلَيۡهِمۡ غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ
وَلَا ٱلضَّآلِّينَ] فقال: «آمين» ومدَّ بها صوته.
[«سنن الترمذي» (2/27)].
قال النووي: «إسناده حسن».
[«المجموع شرح المهذب» النووي (3/369)].
ثانيًا: وردت روايات في كتب الرَّافضة تدل على مشروعية التأمين، وإن تخبط علماؤهم في توجيهها.فقد روى الطوسي بسنده عن جميل قال: «سألت أبا عبد الله عن قول الناس في الصلاة جماعة حين تقرأ فاتحة الكتاب آمين، قال: ما أحسنها! وأخفض الصوت بها.ثم قال: ولو صح هذا الخبر لكان محمولًا على التقية».
[«تهذيب الأحكام» الطوسي (2/75)].
وحمل الرواية على التقية غير ممكن؛ كما صرح بذلك علماء الشيعة أنفسهم.فقد قال المجلسي عن الحديث: «الحديث الخامس والأربعون: صحيح … قوله : لكان محمولًا ربما يقال: قوله «أخفض» كما قرأه الشيخ ينافي الحمل على التقية، نظرا إلى أنهم لا يخفضون الصوت بها».
[«ملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخبار» المجلسي (3/525)].
وقال البهبهاني: «وفيه خلاف التقيّة، فكيف يأمره بذلك؟ والعامّة يجهرون غاية الإجهار».
[«مصابيح الظلام في شرح مفاتیح الشرایع» الوحيد البهبهاني (7/246)].
وعليه فالحمل على التقية باطل؛ لأن أهل السُّنَّة لا يخفضون الصوت بها.ولذا فقد حاول علماء الرَّافضة إيجاد مخارج أخرى لهذه الرواية، فقال بعضهم: إن قول الصادق «ما أحسنها» أن ما نافية، أي: أنه لا يحسنها، ولا يعرفها.قال الخوئي: «وأما بناء على كون الكلمة نافية، وأن قوله: «وأخفض… إلخ» من كلام السائل أراد به أن الإمام أخفض صوته عند الجواب تقية؛ فهي إذا مطابقة للنصوص المتقدمة، وتخرج عن المعارضة إلى المعاضدة».
[«كتاب الصلاة» الخوئي (4/541)].
وهذا التأويل لا شك في بطلانه، ومخالفته لظاهر النص وسياقه.
قال محسن الحكيم: «نعم قد يعارضها صحيح جميل: «سألت أبا عبد الله عن قول الناس في الصلاة جماعة حين يقرأ فاتحة الكتاب: آمين. قال : ما أحسنها، واخفض الصوت بها».لكنه يتوقف على قراءة: «ما أحسنها» بصيغة التعجب، لا بصيغة النفي، ولا بصيغة الاستفهام.
وإن كان قد ينفي الأخيرين الأمر في الذيل بخفض الصوت بها، واحتمال كونه من كلام الراوي – يعني: أنه حين قال: «ما أحسنه» خفض صوته – بعيد؛ لأن خفض الصوت ثلاثي، وما في النسخة رباعي».
[«مستمسك العروة الوثقى» محسن الحكيم (6/590)].
ثالثًا: ذهب بعض علماء الرَّافضة إلى جواز التأمين بعد الفاتحة استدلالًا بهذه الرواية، قال الميرزا أبو القاسم القمي: «ونقل عن ابن الجنيد الجواز عقيب الحمد وغيرها، وقوَّاه بعض المتأخِّرين، لصحيحة جميل، قال: سألت أبا عبد الله عن قول الناس في الصلاة جماعة حين يقرأ فاتحة الكتاب آمين، قال: «ما أحسنها! واخفض الصوت».
[«غنائم الأيّام في مسائل الحلال والحرام» أبو القاسم القمّي (2- ص507)].
وقال البحراني: «ونقل عن ابن الجنيد أنه يجوز التأمين عقيب الحمد وغيرها، ومال إليه المحقق في (المعتبر)، ونقله في المدارك عن شيخه المعاصر، والظاهر أنه المحقق الأردبيلي كما عبر عنه في غير موضع من الكتاب بذلك».
[«الحدائق الناضرة» المحقق البحراني (8/196)].
فهل ابن الجنيد ومن وافقه من علماء الشيعة يسيرون على سنة عمر بن الخطَّاب؟! أم فاتهم أن التأمين كلمة سريانية يهودية؟!
مواضيع شبيهة
إعراض النبي عن مشورة أبي بكر وعمر في الخروج للقتال خارج المدينة