7ewaratwelzamat
حوارات وإلزامات

زعمهم أن عائشة  اختلقت حديث سحر رسول الله .

0

 

زعمهم أن عائشة  اختلقت حديث سحر رسول الله .

من الأحاديث التي رواها أهل السنة، وتلقوها بالقبول، حديث سحر الرسول ، فقد أخرج الشيخان عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: سُحِرَ النَّبِيُّ حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا يَفْعَلُهُ، حَتَّى كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ دَعَا، وَدَعَا ثُمَّ قَالَ: أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيمَا فِيهِ شِفَائِي؟ أَتَانِي رَجُلانِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلآخَر: ما وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ؟ قَالَ: وَمَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ. قَالَ: فِيمَا ذَا؟ قَالَ: فِي مُشُطٍ وَمُشَاقَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ.

قَالَ فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ. فَخَرَجَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ  ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ لِعَائِشَةَ حِينَ رَجَعَ: نَخْلُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ. فَقُلْتُ: اسْتَخْرَجْتَهُ؟ فَقَالَ: لا، أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللَّهُ، وَخَشِيتُ أَنْ يُثِيرَ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا، ثُمَّ دُفِنَتْ الْبِئْرُ”

[ رواه البخاري، (3268)، ومسلم، (2189)].

 

فاتهم علماء الرافضة عائشة رضي الله عنها بوضع هذا الحديث: قال ابن طاووس: “كيف استجازوا رواية مثل هذا الحديث؟ وكيف قبلوا شهادة عائشة على نبيهم بمثل ذلك؟ ثم وكيف تقبل شهادة عائشة وهي امرأة، وقد تقدم بعض أحوالها المنكرة، في مثل هذا الامر العظيم الذي يجرح به النبوة والاسلام ويقدح به في عناية الله بنبيهم وحراسته له؟”.

[ الطرائف، السيد بن طاووس، (ص 225)].

 

وذلك لأنهم رأوا أن هذا الأمر فيه انتقاص من النبي ، والطعن في نبوته ورسالته وعصمته.قال صلاح الدين الحسيني: “إنّ القول بجواز سحر رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو طعن في شخصه (صلى الله عليه وآله)، وطعن في مقام النبوّة ومنزلة الرسالة، وطعن في عقائد الدين وأحكامه، والقول بجواز وقوع رسول الله (صلى الله عليه وآله) تحت تأثير السحر هو مما لا يجوز شرعاً وعقلاً، ولا يمكن أنْ يقبل ذلك العقل الصحيح والمنطق السليم”).

[ نهج المستنير وعصمة المستجير، صلاح الدين الحسني، (ص 111)].

 

والجواب على هذه الشبهة من وجوه:

أولا: الحديث رواه البخاري، وقد جاء الحديث من رواية عدة من الصحابة كابن عباس وزيد ابن أرقم فلم تنفرد عائشة رضي الله عنها بروايته.قال الإمام أحمد: “ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم قال: سحر النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم رجل من اليهود، قال: فاشتكى لذلك أيّامًا، قال: فجاءه جبريل عليه السّلام فقال: إنّ رجلاً من اليهود سحرك، عقد لك عقدًا عقدًا في بئر كذا وكذا، فأرسل إليها من يجيء بها، فبعث رسول الله  عليًّا ، فاستخرجها فجاء بها فحلّلها، قال: فقام رسول الله كأنّما نشط من عقال، فما ذكر لذلك اليهوديّ ولا رآه في وجهه قطّ حتّى مات”.

[ مسند الإمام أحمد، (4/ 367)، هذا حديث صحيح على شرط مسلم، وأخرجه النسائي، (7 / 112)، فقال: أخبرنا هنّاد بن السري عن أبي معاوية، وأخرجه ابن أبي شيبة، (8/1،29،30)، والطبراني (5 / 202)].

 

ثانيًا: سحر النبيّ  هو من جنس الأمراض التي قد تصيب الأنبياء، ولا دخل لها بالعصمة، ولا تقدح في نبوتهم ورسالتهم.

قال ابن القيم: “قد أنكر هذا طائفة من الناس، وقالوا: لا يجوز هذا عليه، وظنُّوه نقصاً وعيباً، وليس الأمر كما زعموا، بل هو من جنس ما كان يعتريه من الأسقام والأوجاع، وهو مرض من الأمراض، وإصابته به كإصابته بالسم لا فرق بينهما، وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (سُحِر رسول الله حتى إن كان ليخيَّل إليه أنه يأتي نساءه ولم يأتهن، وذلك أشد ما يكون من السحر).قال القاضي عياض: والسحر مرض من الأمراض، وعارض من العلل، يجوز عليه كأنواع الأمراض مما لا يُنكر، ولا يَقدح في نبوته.وأما كونه (يخيَّل إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله): فليس في هذا ما يُدخل عليه داخلة في شيء من صدقه؛ لقيام الدليل والإجماع على عصمته من هذا، وإنما هذا فيما يجوز أن يطرأ عليه في أمر دنياه التي لم يُبعث لسببها، ولا فُضِّل من أجلها، وهو فيها عُرضة للآفات كسائر البشر، فغير بعيد أنه يخيَّل إليه مِن أمورها ما لا حقيقة له ثم ينجلي عنه كما كان”

[ زاد المعاد، ابن القيم، (4/124)].

 

فالسحر الذي أصابه لم يكن ليمس عقله الشريف ولا يؤثر على تبليغ الرسالة، بل كان عارضًا كعوارض الأمراض المختلفة، التي تصيب الصالح والطالح والكبير والصغير، والنبي r مشرع لذا تحدث هذه الحوادث معه لبيان جواز حدوثها مع غيره r مهما بلغ قدرًا عاليًا في العبادة، وهو أمر جائز عقلا ونقلا.فظاهر من الحديث أن السحر كان في الأمور الدنيوية فهو يخيل إليه أنه أتى أهله، ولكنه لم يفعل ويخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله، وأما الأمور الشرعية والوحي، فإنه محفوظ من الخطأ فيها، كما ثبت في النصوص الكثيرة، كقوله تعالى: (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) [النجم:3-4].

 

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ:” كُنْتُ أَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ أَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ  أُرِيدُ حِفْظَهُ فَنَهَتْنِي قُرَيْشٌ وَقَالُوا: أَتَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ تَسْمَعُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ بَشَرٌ يَتَكَلَّمُ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا، فَأَمْسَكْتُ عَنْ الْكِتَابِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ  فَأَوْمَأَ بِأُصْبُعِهِ إِلَى فِيهِ فَقَالَ: «اكْتُبْ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ إِلَّا حَقٌّ»

[أخرجه أبو داود (كتاب العلم، باب في كتاب العلم، رقم:3646)، والإمام أحمد في المسند، (رقم:6474)، والدارمي (المقدمة، باب من رخص في كتابة العلم، رقم:484)، وهو صحيح؛ انظر: صحيح سنن أبي داود للألباني، (2/695) رقم:(3099)].

 

، وغير ذلك من النصوص المتكاثرة.

ثالثًا: قد ورد في القرآن الكريم أن موسى عليه السلام خُيِّل إليه أن عصي وحبال السحرة انقلبت الى حيات تسعى، فهل يُعَدُّ هذا طعنًا في موسى عليه السلام؟

قال تعالى: (قَالُوا يَامُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (65) قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (66)) [طه: 65 – 66)]

 

رابعا: ادعاء أن القول بوقوع السحر على النبيّ صلى الله عليه وسلم فيه موافقة لقول الكفار، كما قال الله: (إذ يقول الظّالمون إن تتّبعون إلاّ رجلاً مسحورًا)، (وقال الظّالمون إن تتّبعون إلاّ رجلاً مسحور). وهذا الزعم باطل، ففرق بين ما ورد في الرواية، وبين ما ادعاه هؤلاء المشركون في حق النبيّ .قال الحافظ ابن كثير في الكلام على قول الله عز وجل (وقال الظّالمون إن تتّبعون إلاّ رجلاً مسحورًا):” قال الله تعالى (انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلّوا) أي: جاءوا بما يقذفونك به، ويكذبون به عليك من قولهم: ساحر، مسحور، مجنون، كذّاب، شاعر، وكلها أقوال باطلة كل أحد ممن له أدنى فهم وعقل يعرف كذبهم وافتراءهم في ذلك”.

[تفسير ابن كثير، (3 /310)].

 

وقال الشوكاني: “أي ما تتبعون إلا رجلاً مغلوبًا على عقله بالسحر، وقيل: ذا سحر، وهي الرئة، أي بشر له رئة لا ملك” .

[فتح القدير، (4 / 74)].

 

فالمشركون أردوا الطعن في صدق النبيّ ورسالته من خلال اتهامه أنه كان تحت تأثير السحر لما جاء بهذا القرآن، وهذا لا علاقة له بما ورد من تأثير السحر عليه في الحديث الوارد إذ لا تعلق له بأمور الشرع والوحي.قال الطباطبائي: “وما استشكل به بعضهم في مضمون الروايات أن النبي صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله كان مصونًا من تأثير السحر كيف؟ وقد قال الله تعالى: «وَقالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً» [الفرقان: 9]. يدفعه أن مرادهم بالمسحور والمجنون بفساد العقل بالسحر، وأما تأثره عن السحر بمرض يصيبه في بدنه ونحوه فلا دليل على مصونيته منه” .

[ الميزان في تفسير القرآن، الطباطبائي، (20/ 393-394)].

 

خامسا: ورد ما في كتب الشيعة نفس القصة التي رواها الإمام البخاري عن عائشة -رضي الله عنها- حول سحر الرسول.

قال الشهيد الثاني: “وفي الأخبار ما يدلّ على وقوعه في زمن النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله)، حتى قيل: إنّه (صلّى اللّه عليه وآله) سحر حتى كان يخيّل إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله. وفيه نزلت المعوّذتان”

[مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام، الشهيد الثاني، (15/ 76)].

 

وهذه الأحاديث وردت في عدة مصادر، منها: في كتاب (طب الأئمة): “قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه ان جبرئيل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال يا محمد قال: لبيك يا جبرئيل. قال: إن فلانًا اليهودي سحرك، وجعل السحر في بئر بني فلان، فابعث إليه يعني إلى البئر أوثق الناس عندك وأعظمهم في عينك وهو عديل نفسك حتى يأتيك بالسحر قال: فبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم علي بن أبى طالب عليه السلام، وقال: انطلق إلى بئر ذروان فإن فيها سحرا سحرني به لبيد بن أعصم اليهودي فأتني به”.

[ طبّ الأئمة (ع)، ابن بسطام، (ص 113)].

 

وما رواه فرات الكوفي بسنده عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه ‌السلام قال: “سحر لبيد بن أعصم اليهودي وأم عبد الله اليهودية رسول الله صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله ‌وسلم في عقد من قز أحمر وأخضر وأصفر فعقدوه له في إحدى عشر عقدة ثم جعلوه في جف من طلع ـ قال: يعني قشور اللوزـ ثم أدخلوه في بئر بواد في المدينة في مراقي البئر تحت راعوفة ـ يعني الحجر الخارج ـ فأقام النبي صلى ‌الله ‌عليهوآله ‌وسلم ثلاثا لا يأكل، ولا يشرب، ولا يسمع، ولا يبصر، ولا يأتي النساء!!! فنزل عليه جبرئيل عليه ‌السلام ونزل معه بالمعوذتين، فقال له: يا محمد ما شأنك؟ قال: ما أدري أنا بالحال الذي ترى! فقال: إن أم عبد الله ولبيد بن أعصم سحراك، وأخبره بالسحر حيث هو…”.

[ تفسير فرات الكوفي، (ص 619)].

 

فهذه الرواية فيها التصريح أن هذا السحر أثر على رسول الله صلى الله عليه وسلم لدرجة أنه امتنع عن الأكل والشرب وإتيان زوجاته، بل وفقد البصر.وفي رواية أخرى جاء التفصيل أكثر بما يطابق رواية عائشة رضي الله عنها.فعن أبي عبد الله الصادق عليه السلام:” أنه سئل عن المعوذتين أهما من القرآن؟ فقال الصادق عليه السلام: نعم هما من القرآن. فقال الرجل: إنهما ليستا من القرآن في قراءة بن مسعود ولا في مصحفه. فقال أبو عبد الله عليه السلام: أخطأ ابن مسعود، أو قال كذب ابن مسعود، هما من القرآن. قال الرجل: فاقرأ بهما يا بن رسول الله في المكتوبة؟ قال: نعم. وهل تدري ما معنى المعوذتين؟ وفي أي شيء نزلتا؟ إن رسول الله صلى الله عليه وآله سحره لبيد بن أعصم اليهودي. فقال أبو بصير لأبي عبد الله عليه السلام: وما كاد أو عسى أن يبلغ من سحره؟ قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام: بلى كان النبي صلى الله عليه وآله يرى أنه بجامع وليس بجامع، وكان يريد الباب ولا يبصره حتى يلمسه بيده، والسحر حق وما يسلط السحر إلا على العين والفرج فاتاه جبرئيل عليه السلام فأخبره بذلك فدعا عليًّا عليه السلام وبعثه ليستخرج ذلك من بئر ذروان وذكر الحديث بطوله الى آخره”– [طبّ الأئمة(ع)، ابن بسطام، (ص 114)].

 

فالنبيّ  حسب رواية جعفر الصادق، كان يريد أن يجامع أهله ولا يفعل، وهذا عين ما روته أم المؤمنين رضي الله عنها مما استنكروه.وهذا الحديث نقله العديد من علمائهم: الفيض الكاشاني في (تفسيره) 

[ التفسير الصافي، الفيض الكاشاني (7/586)].

 

، والعروسي في (نور الثقلين) 

[ تفسير نور الثقلين، عبد علي العروسي، (5/719)].

 

، والقمي في تفسير (كنز الدقائق) 

[تفسیر کنز الدقائق وبحر الغرائب، محمد رضا قمي مشهدي، (14/544)].

 

، وهاشم البحراني في (البرهان) 

[البرهان في تفسير القرآن، هاشم البحراني، (5/ 814)].

 

، والنوري في (مستدرك الوسائل) 

[ مستدرك الوسائل، المحدّث النوري، (13/ 109)].

 

، والمجلسي في (البحار) .

[ بحار الأنوار، المجلسي، (89/ 366)].

    

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.