رجم عثمان امرأة ولدت لستة أشهر
قال الشيعة إن عثمان قد رجم امرأة ولدت لستة أشهر وهذا بإجماع العلماء باطل لأنه لا يوجب حدا، واستدلوا على ذلك بروايات ذكرها الأميني فقال أخرج الحفاظ عن بعجة بن عبد الله الجهني قال: تزوج رجل منا امرأة من جهينة فولدت له تماما لستة أشهر، فانطلق زوجها إلى عثمان فأمر بها أن ترجم فبلغ عليا رضي الله عنه فأتاه فقال: ما تصنع ؟ ليس ذلك عليها قال الله تبارك وتعالى: وحمله وفصاله ثلاثون شهرا.وقال: والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين فالرضاعة أربعة وعشرون شهرا والحمل ستة أشهر، فقال عثمان: والله ما فطنت لهذا، فأمر بها عثمان أن ترد فوجدت قد رجمت، وكان من قولها لأختها: يا أخية لا تحزني فوالله ما كشف فرجي أحد قط غيره، قال: فشب الغلام بعد فاعترف الرجل به وكان أشبه الناس به، وقال: فرأيت الرجل بعد يتساقط عضوا عضوا على فراشه.أخرجه مالك، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي، وأبو عمر، وابن كثير، وابن الديبع، والعيني، والسيوطي كما مر في الجزء السادس صفحة 94 ط 2.قال الأميني: إن تعجب فعجب إن إمام المسلمين لا يفطن لما في كتاب الله العزيز مما تكثر حاجته إليه في شتى الأحوال، ثم يكون من جراء هذا الجهل أن تودي بريئة مؤمنة، وتتهم بالفاحشة، ويهتك ناموسها بين الملأ الديني وعلى رؤس الاشهاد.وهلا كان حين عزب عنه فقه المسألة قد استشار أحدا من الصحابة يعلم ما جهله فلا يبوء بإثم القتل والفضيحة ؟
[اسم الکتاب : الغدير المؤلف : العلامة الأميني الجزء : 8 صفحة : 97].
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
أولا: القصة بهذا السياق ـ وهو أن عثمان رضي الله عنه رجم المرأة ـ لم ترد عن عثمان بإسناد صحيح، بل ورد ما يدل على أنه هم برجمها، لكنه لم يفعل بعد مشاورته لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.ولم يثبت في خبر واحد صحيح أن هذه المرأة قد رجمت.والرواية أصلها في الموطأ عن: “مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ؛ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أُتِيَ بِامْرَأَةٍ قَدْ وَلَدَتْ فِي سِتَّةِ أَشْهُرٍ. فَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُرْجَمَ.فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: لَيْسَ ذلِكَ عَلَيْهَا. إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَثُونَ شَهْرَاً} [الأحقاف 46: 15] وَقَالَ: {وَالوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَينِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة 2: 233] فَالْحَمْلُ يَكُونُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ. فَلاَ رَجْمَ عَلَيْهَا.فَبَعَثَ عُثْمَانُ فِي أَثَرِهَا. فَوَجَدَهَا قَدْ رُجِمَتْ.
[مالك بن أنس، موطأ مالك ت الأعظمي، ١٢٠٤/٥].
وقد رواها من طريقه البيهقي
[«السنن الكبرى – البيهقي» (7/ 727 ط العلمية)].
وهذا الطريق ضعيف باتفاق أهل العلم إذ لم يوقف عليه موصولا من طريق آخر بهذا السياق، إلا من طريق ابن إسحاق، كما في[«تفسير ابن أبي حاتم» (10/ 3293)].
[و«تفسير ابن كثير – ت السلامة» (7/ 280)].
وابن إسحاق مشهور بالتدليس وقد عنعن، فحديثه لا يصح.قال الحافظ ابن حجر: «محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي المدني، صاحب المغازي: صدوق، مشهور بالتدليس عن الضعفاء والمجهولين، وعن شر منهم، وصفه بذلك أحمد والدارقطني وغيرهما» [«طبقات المدلسين» لابن حجر (1/51)].
وذكره الحافظ في المرتبة الرابعة في المدلسين، وقد قال عن هذه المرتبة: «الرابعة: من اتفق على أنه لا يحتج بشيء من حديثهم، إلا بما صرحوا فيه بالسماع، لكثرة تدليسهم على الضعفاء والمجاهيل؛
[كبقية بن الوليد» «طبقات المدلسين» لابن حجر (1/13)].
وبه يسقط القول بأن المرأة قد رجمت.ومما يزيد الأمر تأكيدا أنه قد ورد التصريح بأن المرأة لم ترجم من طريق قوي.
فقد جاء في مصنف عبد الرزاق : «13446 – عن معمر، عن الزهري، عن أبي عبيد، مولى عبد الرحمن بن عوف قال: رفعت إلى عثمان امرأة ولدت لستة أشهر فقال: إنها رفعت إلي امرأة لا أراه إلا قال: وقد جاءت بشر أو نحو هذا ولدت لستة أشهر فقال له ابن عباس: إذا أتمت الرضاع كان الحمل ستة أشهر قال: وتلا ابن عباس: ” {وحمله وفصاله ثلاثون شهرا} [الأحقاف: 15] فإذا أتمت الرضاع كان الحمل ستة أشهر “»
[«مصنف عبد الرزاق» (7/ 351 ت الأعظمي)].
قال ابن عبد البر: “«وهذا الإسناد لا مدفع فيه من رواية اهل المدينة»
[«الاستذكار» (7/ 492)].
وفيه أيضا: “عن الثوري، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن قائد، لابن عباس قال: كنت معه فأتي عثمان بامرأة وضعت لستة أشهر فأمر عثمان برجمها، فقال له ابن عباس: ” إن خاصمتكم بكتاب الله فخصمتكم، قال الله عز وجل: {وحمله وفصاله ثلاثون شهرا} [الأحقاف: 15] فالحمل ستة أشهر والرضاع سنتان “. قال: «فدرئ عنها»، عبد الرزاق
[«مصنف عبد الرزاق» (7/ 351 ت الأعظمي)].
فهذا تصريح بأن المرأة لم ترجم .ويزيده قوة ما ذكره ابن الملقن في “البدر المنير” (8/ 132) قال: ” ورواه ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب قال: أخبرني أبو عبيد مولى عبد الرحمن بن أزهر: (أن عثمان بن عفان خرج يوما فصلى الصلاة، ثم جلس على المنبر، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: أما بعد: فإن هاهنا امرأة ، إِخَالها قد جاءت بشيء، ولدت في ستة أشهر، فما ترون فيها؟ .
فناداه ابن عباس فقال: إن الله قال: (ووصينا الإنسان (إلى قوله: (ثلاثون شهرا) ، وقال: (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين» ) الآية، فأقل الحمل ستة أشهر، فتركها عثمان، ولم يرجمها” .إسنادها صحيح” ، وصححه أيضاً الحافظ في “التلخيص الحبير”( 3/ 219)، فهنا صريح بعدم وقوع الرجم.
ثانيا: فتوى عثمان بالرجم لأن المسألة لا نص فيها بل هي من مسائل الاجتهاد والتي للمصيب فيها اجران وللمخطئ أجر.
قال الشيخ الطريفي: “«وقد يوجد من يولد لأقل من ستة أشهر، لكنه لا يعيش غالبا بعد ولادته إلا بمنقذ من الآلات والأجهزة الحديثة، والنادر لا حكم له في أبواب الإطلاق، وإلا لم يصح إطلاق ولا عموم ولا قاعدة، وليس في إثبات الولادة لأقل من ست ما يشكك في الوحي؛ كما يزعم أهل الباطل؛ وذلك أن القرآن لم يصرح بذلك؛ وإنما جعله تقريبا، لا حدا فاصلا لا يستأخر ولا يستقدم»
[«التفسير والبيان لأحكام القرآن» (4/ 2039)].
وهذه المسألة من النادر الذي يقع فيه الخطأ فإذا وقع فالقاضي به معذور ومأجور كما وقع لداود عليه السلام قال تعالى { وَدَاوُۥدَ وَسُلَیۡمَـٰنَ إِذۡ یَحۡكُمَانِ فِی ٱلۡحَرۡثِ إِذۡ نَفَشَتۡ فِیهِ غَنَمُ ٱلۡقَوۡمِ وَكُنَّا لِحُكۡمِهِمۡ شَـٰهِدِینَ (٧٨) فَفَهَّمۡنَـٰهَا سُلَیۡمَـٰنَۚ وَكُلًّا ءَاتَیۡنَا حُكۡمࣰا وَعِلۡمࣰاۚ وَسَخَّرۡنَا مَعَ دَاوُۥدَ ٱلۡجِبَالَ یُسَبِّحۡنَ وَٱلطَّیۡرَۚ وَكُنَّا فَـٰعِلِینَ (٧٩) }
[سُورَةُ الأَنبِيَاءِ: ٧٨-٧٩].
«قال الحسن: لولا هذه الآية لرأيت القضاة قد هلكوا، ولكنه تعالى أثنى على سليمان بصوابه، وعذر داود باجتهاده»
[«أحكام القرآن لابن العربي ط العلمية» (3/ 270)].
ومع اجتهاد عثمان هذا ألا أنه لما ظهر له الصواب في المسألة رجع، وما استنكف أن يرجع في حكمه واجتهاده وهذا لا يقوى عليه الا الكبار.ولذلك جاء في رواية الطبري قال«حدثني يونس بن عبد الأعلى قال: أخبرنا ابن وهب، ثني قال: ابن أبي ذئب، عن أبي قسيط، عن بعجة بن زيد الجهني، ” أن امرأة منهم دخلت على زوجها، وهو رجل منهم أيضا، فولدت له في ستة أشهر، فذكر ذلك لعثمان بن عفان رضي الله عنه فأمر بها أن ترجم، فدخل عليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: {وحمله وفصاله ثلاثون شهرا} [الأحقاف: 15] وقال: {وفصاله في عامين} [لقمان: 14] قال: فوالله ما عبد عثمان أن بعث إليها ترد ” قال يونس: قال ابن وهب: عبد: استنكف»
[«تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر» (20/ 657)].
وهذه وحدها كافية لإبطال عقيدة الشيعة في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذ أنهم لا يسكتون على ما يظنه الواحد منهم مخالفة لكتاب الله تعالى فكيف يسكتون على ما يزعم الشيعة أنه نص جلي على إمامة مزعومة اغتصبها الخلفاء؟ ومن جهة أخرى فإن انصياع عثمان لاستدلال علي أو ابن عباس وتخطئته لنفسه امام الناس لعل أكبر دليل على أن الإمامة المزعومة ما هي إلا مجرد خرافة في ذهن الشيعي فقط، وإلا فكيف يتصور أن يتواضع عثمان لعلي ويقبل منه مسألة لا تساوي في الوضوح-على زعم الشيعة- والأهمية شيئا بجوار الإمامة؟ كان من السهل علي علي ساعتها أن يقول لعثمان بما انك أردت أن ترجع للحق في قضاءك فلماذا لا ترجع إلى دينك وترد الإمامة لي ؟! فليتأمل المنصف.
ثالثا: إنّ هذه الرواية دليل سعادة عثمان رضي الله عنه في الدنيا والآخرة، كونه وفّق لأصحاب صالحين يسددونه، وينصحونه، ويرشدونه للخير كله، ولا يقرونه على خلاف الحق.روى المجلسي في (البحار): «أنَّ النبيّ سليمان، قال: لا تحكموا على رجل بشيء حتى تنظروا إلى من يصاحب، فإنَّما يعرف الرجل بأشكاله وأقرانه، وينسب إلى أصحابه وأخدانه» .
[«بحار الأنوار» المجلسي (71/188)].
وقد كان علي بن أبي طالب نعم الرفيق لعثمان رضي الله عنه، فقد روي عنه أنه قال: «إنّما سمّي الرفيق رفيقًا؛ لأنَّه يرفقك على صلاح دينك، فمن أعانك على صلاح دينك فهو الرفيق» . «تصنيف غرر الحكم ودرر الكلم» عبد الواحد بن محمد التميمي الآمدي ص[424].
وقال أيضًا: «الصديق من كان ناهيًا عن الظلم والعدوان، معينًا على البرّ والإحسان» . «السابق» ص[415].
ولو كان عثمان كما يزعمون، لما جاز لعليّ أن يصاحبه، ولا أن يساكنه في بلدة واحدة.فقد رووا عن الإمام الصادق أنَّه قال: «لا تصحب الفاجر، فيعلّمك من فجوره» .
[«الخصال» الصدوق (1/161)].
وعن مروان الأنباريّ قال: «خرج من أبي جعفرٍ ع إنّ الله إذا كره لنا جوار قومٍ نزعنا من بين أظهرهم» . [«علل الشرائع» الصدوق (1/244)].
فإذا كان الله لم ينزع عليًّا من جوار عثمان، فقد رضي له جواره، وقد رضي عليّ جواره تبعًا، وهذ دليل محبةٍ بلا شك، وإلا لوجب على عليّ أن يهاجر، ويترك أرض الظالمين التي استضعف فيها، ومن ثمَّ، فقد كان في مشورة عليّ لعثمان منقبةٌ عظيمةٌ لعثمان بنص هذه الروايات.
رابعا: : قد جاء في كتب الشيعة أن علي بن أبي طالب قطع يد رجل لم يسرق، ولم يعلم بأن الشاهدين أخطئا واشتبه عليهما.
روى الكليني بسنده عن أبي جعفر، قال: «قضى أمير المؤمنين ع، في رجل شهد عليه رجلان بأنه سرق، فقطع يده، حتى إذا كان بعد ذلك جاء الشاهدان برجل آخر، فقالا: هذا السارق وليس الذي قطعت يده، إنما شبهنا ذلك بهذا، فقضى عليهما أن غرمهما نصف الدية، ولم يجز شهادتهما على الآخر» ..
[«الكافي» الكليني (7/ 384)].
وقال المجلسي عنه: «الحديث الثامن: حسن» «مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول»
[المجلسي (24/228)].
فأين تحري علي وسؤال الناس عن الشهود، وهذا تسرع منه في قطع يد الرجل علما أنهم يقولون بأن علي يعلمنا في الضمائر والنفوس ومع ذلك ترك الرجل لتقطع بعد ظلما!!هذا فضلا عن أن الشيعة ذكروا في كتبهم أن علي بن أبي طالب وغيره من أئمة الشيعة قد جعلوا أمورا من الشريعة ولم تسقط بذلك إمامتهم!قال الكرجي القصاب: «ومن لم ينصف خصومه في الاحتجاج عليهم لميقبل بيانه وأظلم برهانه »
[«النكت الدالة على البيان في أنواع العلوم والأحكام» (2/ 113)].
مواضيع شبيهة