دعوى تعطيل عثمان الحد على عبيد الله بن عمر قاتل الهرمزان
قال الشيعة إن عثمان قد عطل الحدود ومن ذلك عدم إقامته الحد على عبيد الله بن عمر لما قتل الهرمزان .
وقد ذكر ذلك جل علماء الشيعة في كتبهم
[تصحيح القراءة في نهج البلاغة المؤلف : البغدادي، الشيخ خالد الجزء : 1 صفحة : 157].
ومنها : تعطيله الحدود الواجبة ، كـ : الحدّ في عبيد الله بن عمر لمّا قتل الهرمزان بعد إسلامه فلم يقد به [٢] ، وقد كان أمير المؤمنين عليهالسلام يطلبه ، ولذلك خرج مع معاوية علىٰ أمير المؤمنين عليهالسلام !عثمان كان يترك الحدود ويعطلها ولا يقيمها لأجل هوى نفسه، ومثل هذا لا يصلح للإمامة، فإنّه لم يقتل عبد اللّه بن عمر لما قتل الهرمزان بعد إسلامه.
[كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد قسم الالهيات المؤلف : العلامة الحلي، تقرير الشيخ جعفر السبحاني الجزء : 1 صفحة : 211].
لَا تَرَى إِلَى مَا جَاءَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ مِنْ إِنْكَارِهِ ع إِدْرَاءَ الْحَدِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَ قَدِ اسْتَحَقَّ الْقَوَدَ بِقَتْلِهِ الْهُرْمُزَانَ وَ مَنْ قَتَلَهُ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الْعَهْدِ بِغَيْرِ حَقٍّ فِي مُقْتَضَى شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ وَ لَمَّا طَالَبَهُ بِالْقَوَدِ مِنْهُ تَعَلَّلَ عُثْمَانُ تَارَةً بِأَنَّ أَبَاهُ قُتِلَ وَ لَا يَرَى[1] قَتْلَهُ الْيَوْمَ لِمَا تَحْزَنُ[2] الْمُسْلِمُونَ بِذَلِكَ وَ تَتَوَاتَرُ[3] عَلَيْهِمُ الْهُمُومُ وَ الْغُمُومُ وَ لِمَا يَخَافُ مِنْ الِاضْطِرَابِ بِهِ وَ الْفَسَادِ فَرَدَّ عَلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع هَذَا الرَّأْيَ وَ أَعْلَمَهُ أَنَّ حُدُودَ اللَّهِ لَا تَسْقُطُ وَ لَا يَجُوزُ تَضْيِيعُهَا[4] بِمِثْلِ هَذَا الِاعْتِلَالِ فَعَدَلَ عُثْمَانُ إِلَى التَّعَلُّلِ بِالرَّأْيِ فِي إِسْقَاطِ الْحَدِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ خِلَافاً عَلَى رَأْيِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فِيهِ
[الجمل و النصرة لسيد العترة في حرب البصرة المؤلف : الشيخ المفيد الجزء : 1 صفحة : 175].
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
أولا: هذه الشبهة لم يعلمها السبئية الأوائل الذين قتلوا عثمان رضي الله عنه ولذلك لم نجد في رواية صحيحة أن الخارجين عليه قد ذكروها كما ذكروا غيرها، ومع ذلك فليس في الأمر إشكال من وجوه.
الوجه الأول: أن المقرر في الشريعة أن الحدود تُدرأ بالشبهات كما هو معلوم وقد وقعت الشبهة في قتل عبيد الله بن عمر بالهرمزان ودليل ذلك ما ذكره الحافظ ابن حجر في الإصابة.قال الحافظ: “وأخرج الكرابيسيّ في «أدب القضاء» بسند صحيح إلى سعيد بن المسيب- أن عبد الرّحمن بن أبي بكر قال لما قتل عمر: إني مررت بالهرمزان وجفينة وأبي لؤلؤة وهم نجيّ، فلما رأوني ثاروا، فسقط من بينهم خنجر له رأسان نصابه في وسطه، فانظروا إلى الخنجر الّذي قتل به عمر، فإذا هو الّذي وصفه، فانطلق عبيد اللَّه بن عمر، فأخذ سيفه حين سمع ذلك من عبد الرحمن، فأتى الهرمزان فقتله، وقتل جفينة، وقتل بنت أبي لؤلؤة صغيرة، وأراد قتل كلّ سبي بالمدينة، فمنعوه … فلما استخلف عثمان قال له عمرو بن العاص: إن هذا الأمر كان، وليس لك على الناس سلطان، فذهب دم الهرمزان هدرا
[«الإصابة في تمييز الصحابة» (6/ 449)].
وعليه فقد كان اتهام الهرمزان بالمشاركة في مقتل عمر شبهة مسقطة لأحد عن عبيد الله بن عمرقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “وَإِذَا كَانَ الْهُرْمُزَانُ مِمَّنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ عُمَرَ جَازَ قَتْلُهُ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ قِصَاصًا. وَعُمَرُ هُوَ الْقَائِلُ فِي الْمَقْتُولِ بِصَنْعَاءَ: ” لَوْ تَمَالَأَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَأَقَدْتُهُمْ بِهِ “.وَأَيْضًا فَقَدْ تَنَازَعَ النَّاسُ فِي قَتْلِ الْأَئِمَّةِ: هَلْ يُقْتَلُ قَاتِلُهُمْ حَدًّا أَوْ قِصَاصًا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمْ يُقْتَلُونَ حَدًّا، كَمَا يُقْتَلُ الْقَاتِلُ فِي الْمُحَارَبَةِ حَدًّا، لِأَنَّ قَتْلَ الْأَئِمَّةِ فِيهِ فَسَادٌ عَامٌّ أَعْظَمُ مِنْ فَسَادِ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ، فَكَانَ قَاتِلُهُمْ مُحَارِبًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، سَاعِيًا فِي الْأَرْضِ فَسَادًا. وَعَلَى هَذَا خَرَّجُوا فِعْلَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – لَمَّا قَتَلَ ابْنَ مُلْجَمٍ قَاتِلَ عَلِيٍّ، وَكَذَلِكَ قَتْلُ قَتَلَةِ عُثْمَانَ. وَإِذَا كَانَ الْهُرْمُزَانُ مِمَّنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ عُمَرَ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ الْمُحَارِبِينَ، فَيَجِبُ قَتْلُهُ لِذَلِكَ. وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ الْمَقْتُولَ مَعْصُومُ [الدَّمِ] يَحْرُمُ قَتْلُهُ (1) ، [لَكِنْ] (2) كَانَ الْقَاتِلُ مُتَأَوِّلًا يَعْتَقِدُ (3) حِلَّ قَتْلِهِ لِشُبْهَةٍ ظَاهِرَةٍ، صَارَ ذَلِكَ شُبْهَةً تَدْرَأُ الْقَتْلَ عَنِ الْقَاتِلِ. كَمَا أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ لَمَّا قَتَلَ [ذَلِكَ] (4) الرَّجُلَ بَعْدَمَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاعْتَقَدَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لَا يَعْصِمُهُ، عَزَّرَهُ النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بِالْكَلَامِ، وَلَمْ يَقْتُلْهُ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَأَوِّلًا، لَكِنَّ الَّذِي قَتَلَهُ أُسَامَةُ كَانَ مُبَاحًا قَبْلَ الْقَتْلِ، فَشَكَّ فِي الْعَاصِمِ. وَإِذَا كَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مُتَأَوِّلًا يَعْتَقِدُ أَنَّ الْهُرْمُزَانَ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ أَبِيهِ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ قَتْلُهُ، صَارَتْ هَذِهِ شُبْهَةً يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَهَا الْمُجْتَهِدُ مَانِعَةً مِنْ وُجُوبِ الْقِصَاصِ، فَإِنَّ مَسَائِلَ الْقِصَاصِ فِيهَا مَسَائِلٌ كَثِيرَةٌ اجْتِهَادِيَّةٌ.
[ابن تيمية، منهاج السنة النبوية، ٢٨١/٦].
[ابن تيمية، منهاج السنة النبوية، ٢٨٠/٦].
الوجه الثاني: أن الهرمزان لم يكن له ولي الا عثمان وإلا فليعطونا وليا للهرمزان قد طالب بدمه، نعم قد ذكر الطبري وليا للهرمزان في رواية ضعيفة لا تصلح للاحتجاج ((((((( هامش: الرواية في تاريخ الطبري قال«وكتب إلي السري، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عن أبي منصور، قَالَ: سمعت القماذبان يحدث عن قتل أَبِيهِ، قَالَ: كَانَتِ العجم بِالْمَدِينَةِ يستروح بعضها إِلَى بعض، فمر فيروز بأبي، وَمَعَهُ خنجر لَهُ رأسان، فتناوله مِنْهُ، وَقَالَ: مَا تصنع بهذا فِي هذه البلاد؟ فقال: آنس بِهِ، فرآه رجل، فلما أصيب عمر، قَالَ: رأيت هَذَا مع الهرمزان، دفعه إِلَى فيروز.فأقبل عُبَيْد اللَّهِ فقتله، فلما ولي عُثْمَان دعاني فأمكنني مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ:يَا بني، هَذَا قاتل أبيك، وأنت أولى بِهِ منا، فاذهب فاقتله، فخرجت بِهِ وما فِي الأرض أحد إلا معي، إلا أَنَّهُمْ يطلبون إلي فِيهِ فقلت لَهُمْ: ألي قتله؟
قَالُوا: نعم- وسبوا عُبَيْد اللَّهِ- فقلت: أفلكم أن تمنعوه؟ قَالُوا: لا، وسبوه فتركته لله ولهم فاحتملوني، فو الله مَا بلغت المنزل إلا عَلَى رءوس الرجال وأكفهم»
[«تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري» (4/ 243)].
وهي رواية مسلسلة بالضعفاء، وقد ذكر الأميني ضعفها في موسوعته الغدير في الكتاب والسنة والأدب ٨/١٧٣))))) ولكن الرواية تذكر أنه قد عفى عنه، ونحن لا نعول على مثل تلك الروايات الضعيفة، لكننا نقول لو كان للهرمزان ولي لكن أشهر من أن يُختلق له رواية يتيمة ضعيفة، فلم يكن للهرمزان إذا الا السلطان فإنه ولي من لا ولي له عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «لَا تُنْكَحُ امْرَأَةٌ بِغَيْرِ أَمْرِ وَلِيِّهَا فَإِنْ نُكِحَتْ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ، فَإِنْ أَصَابَهَا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلَهَا بِمَا أَصَابَ مِنْهَا، فَإِنِ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ»
[«مسند أحمد» (40/ 243 ط الرسالة)].
[«سنن الترمذي» (3/ 400 ت شاكر)].
[«سنن ابن ماجه» (1/ 605 ت عبد الباقي)].
[«سنن أبي داود» (3/ 426 ت الأرنؤوط)].
[«الموطأ لابن وهب – قطعة منه – ت الصيني» (ص83)].
[«مصنف عبد الرزاق» (6/ 266 ط التأصيل الثانية)].
وهي قاعدة متفق عليها بين أهل العلم، وقد حكى الإجماع عليها ابن بطال فقال «أجمع العلماء على أن السلطان ولى من لا ولى له»
[«شرح صحيح البخاري – ابن بطال» (7/ 249) ].
وابن عبد البر أيضا لما قال: «أَجْمَعُوا أَنَّ السُّلْطَانَ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ»
[«الاستذكار» (5/ 393)]
ولأجل ذلك نقول بأن الولي الشرعي في دم الهرمزان هو عثمان رضي الله عنه فإن رأى القصاص اقتص، وإن رأى العفو على مال فله ذلك حسب المصلحة.يقول الشيرازي: “«وإن كان المقتول لا وارث له غير المسلمين كان الأمر إلى السلطان فإن رأى القصاص اقتص وإن رأى العفو على مال عفا لأن الحق للمسلمين فوجب على الإمام أن يفعل ما يراه من المصلحة فإن أراد أن يعفو على غير مال لم يجز لأنه تصرف لا حظ فيه للمسلمين فلم يملكه»
[«المهذب في فقه الإمام الشافعي – الشيرازي» (3/ 198)].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «وَأَيْضًا فَالْهُرْمُزَانَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَوْلِيَاءٌ يَطْلُبُونَ دَمَهُ (1) وَإِنَّمَا وَلِيُّهُ وَلِيُّ الْأَمْرِ. وَمِثْلُ هَذَا إِذَا قَتَلَهُ قَاتِلٌ كَانَ لِلْإِمَامِ قَتْلُ قَاتِلِهِ، لِأَنَّهُ وَلَيُّهُ، وَكَانَ لَهُ الْعَفْوُ عَنْهُ [إِلَى الدِّيَةِ لِئَلَّا تَضِيعَ حُقُوقُ الْمُسْلِمِينَ] (2) . فَإِذَا (3) قُدِّرَ أَنَّ عُثْمَانَ عَفَا عَنْهُ، وَرَأَى قَدْرَ الدِّيَةَ أَنْ يُعْطِيَهَا لِآلِ عُمَرَ، لِمَا كَانَ عَلَى عُمَرَ مِنَ الدَّيْنِ، فَإِنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ ثَمَانُونَ أَلْفًا، وَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يَقْضُوا دَيْنَهُ مِنْ أَمْوَالِ عَصَبَتِهِ (4) عَاقِلَتِهِ بَنِي عُدَيٍّ وَقُرَيْشٍ، فَإِنَّ عَاقِلَةَ الرَّجُلِ هُمُ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ كَلَّهُ، وَالدِّيَةُ لَوْ طَالَبَ بِهَا عُبَيْدُ اللَّهِ، أَوْ عُصْبَةُ عُبَيْدِ اللَّهِ إِذَا كَانَ قَتْلُهُ خَطَأً [أَوْ عَفَا عَنْهُ إِلَى الدِّيَةِ] (5) فَهُمُ الَّذِينَ يُؤَدُّونَ دَيْنَ عُمَرَ، فَإِذَا (6) أَعَانَ بِهَا فِي دَيْنِ عُمَرَ كَانَ هَذَا مِنْ مَحَاسِنِ عُثْمَانَ الَّتِي يُمْدَحُ بِهَا لَا يُذَمُّ.وَقَدْ كَانَتْ أَمْوَالُ بَيْتِ الْمَالِ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ كَثِيرَةً، وَكَانَ يُعْطِي النَّاسَ عَطَاءً كَثِيرًا أَضْعَافَ هَذَا، فَكَيْفَ لَا يُعْطِي هَذَا لِآلِ عُمَرَ؟»
[«منهاج السنة النبوية» (6/ 281)].
فعلى القول بعدم الشبهة التي يُدرأ بها الحد في القتل فإن لولي الأمر العفو إلى الدية.وقد قرر الشيعة مثل ما قرررنا آنفا.
قال السبزواري: “(مسألة 21): من لا ولی له فالحاکم الشرعی ولیه فی عصر الغیبة.علق عليه فقال: “بالأدلة الأربعة فمن الکتاب: کإطلاق قوله تعالی إِنَّمٰا وَلِیُّکُمُ اللّٰهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا [1]، و المتیقن منه فی المقام الحاکم الشرعی بعد الإمام علیه السّلام و بعد فقدان مراتب الإرث، و مثله غیره من الآیات.و أما السنة: فهی کثیرة، منها صحیح أبی ولاد قال: «سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن رجل مسلم قتل رجلا مسلما فلم یکن للمقتول أولیاء من المسلمین إلا أولیاء من أهل الذمة من قرابته؟ فقال علیه السّلام: علی الإمام أن یعرض علی قرابته من أهل بیته الإسلام، فمن أسلم منهم فهو ولیه یدفع القاتل إلیه- إلی أن قال- فإن لم یسلم أحد کان الإمام ولی أمره، فإن شاء أخذ الدیة فجعلها فی بیت مال المسلمین لأن جنایة المقتول کانت علی الإمام فکذلک تکون دیته لإمام المسلمین، قلت: فإن عفا عنه الإمام؟ فقال: إنما هو حق جمیع المسلمین، و إنما علی الإمام أن یقتل أو یأخذ الدیة، و لیس له أن یعفو»
[مهذب الاحکام فی بیان حلال و الحرام المؤلف : السبزواري، السيد عبد الأعلى الجزء : 29 صفحة : 307].
وقد جاءت الرواية صريحة في ذلك واحتج بها علماء الشيعة ومنهم الحلي فقد قال: “عن أبي ولّاد الحنّاط قال:سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل مسلم قتل رجلا مسلماً عمدا، فلم يكن للمقتول أولياء من المسلمين، إلّا أولياء من أهل الذمّة من قرابته، فقال: على الامام أن يعرض على قرابته من أهل بيته الإسلام، فمن أسلم منهم، فهو وليّه يدفع القاتل إليه. فان لم يسلم أحد، فالإمام وليّ أمره، ان شاء قتل، وإن شاء أخذ الدية، فجعلها في بيت مال المسلمين، لأن جناية المقتول على الامام، فكذا تكون [2] ديته لإمام المسلمين. قلت: فان عفا عنه الامام؟ فقال: إنّما هو حق لجميع المسلمين، على الإمام أن يقتل أو يأخذ الدية، و ليس له أن يعفو.فهذه الرواية دالّة على الحكم، و على أن المراد ببيت المال بيت مال الامام، و على أنه ليس للإمام أن يعفو. و هي [3] من المشاهير.
[نكت النهاية المؤلف : المحقق الحلي الجزء : 3 صفحة : 250].
وتقييد الإمام بعدم العفو في ذلك الرواية ليس مطلقا ولذلك قال السبزواري: “إذا کان العفو مصلحة لنوع المسلمین فله ذلک، لمکان ولایته علی مصالح المسلمین، و إن لم یکن کذلک فلا حق له فی ذلک، و علیه یحمل ذیل الصحیح المتقدم”.
[مهذب الاحکام فی بیان حلال و الحرام المؤلف : السبزواري، السيد عبد الأعلى الجزء : 29 صفحة : 308].
وبهذا التقرير نقول إن الحق الكامل لعثمان رضي الله عنه في العفو على مال يدفعه أولياء القاتل أو يدفعه الإمام من ماله، ولعل هذا الوضوح والقوة في رد الشبهة هو الذي جعل تلك الشغيبة لم يذكرها السبئية الأوائل الذين ثاورا على عثمان فيما ذكروه.
ولا يُشغب على هذا بأن ولي الأمر الشرعي وقت قال الهرمزان إنما كان عمر وقد أمر بالقصاص في حال عدم وجود البينة لعبيد الله بن عمر على قتله للهرمزان، ودليل ذلك ما رواه البيهقي قال : «16083 – أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أنبأ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيُّ، ثنا مَالِكُ بْنُ يَحْيَى أَبُو غَسَّانَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَثَبَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَلَى الْهُرْمُزَانِ فَقَتَلَهُ، فَقِيلَ لِعُمَرَ: إِنَّ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ قَتَلَ الْهُرْمُزَانَ، قَالَ: وَلِمَ قَتَلَهُ؟ قَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ أَبِي، قِيلَ: وَكَيْفَ ذَاكَ؟ قَالَ: رَأَيْتُهُ قَبْلَ ذَلِكَ مُسْتَخْلِيًا بِأَبِي لُؤْلُؤَةَ، وَهُوَ أَمَرَهُ بِقَتْلِ أَبِي قَالَ عُمَرُ: مَا أَدْرِي مَا هَذَا؟ انْظُرُوا إِذَا أَنَا مُتُّ فَاسْأَلُوا عُبَيْدَ اللهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْهُرْمُزَانِ، هُوَ قَتَلَنِي، فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَدَمُهُ بِدَمِي، وَإِنْ لَمْ يُقِمِ الْبَيِّنَةَ فَأَقِيدُوا عُبَيْدَ اللهِ مِنَ الْهُرْمُزَانِ فَلَمَّا وَلِيَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قِيلَ لَهُ: أَلَا تُمْضِي وَصِيَّةَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي عُبَيْدِ اللهِ؟ قَالَ: وَمَنْ وَلِيُّ الْهُرْمُزَانِ؟ قَالُوا: أَنْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: فَقَدْ عَفَوْتُ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ»
[«السنن الكبرى – البيهقي» (16/ 272 ت التركي)].
قال المحقق الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي «أخرجه ابن عساكر فى تاريخ دمشق 38/ 63 من طريق المصنف به. وقال الذهبى 6/ 3152:منقطع، وعلى واهٍ»
[«السنن الكبير» للبيهقي (16/ 272 ت التركي)].
ثم إن الرواية تثبت أن الولي الشرعي هو الذي يكون وقت الحكم لا وقت القتل، ولو تنازلنا عن كل هذا لقلنا بأن عبيد الله قد أقام بينة هي على الأقل شبهة تسقط الحد عنه.
ثانيا: القول بأن علي بن أبي طالب قد قال لعثمان أقد الفاسق وطالب بقتل عبيد الله بن عمر، وأنه لو تمكن منه لقتله! كل هذا لا يصح عند التحقيق .فقد جاءت الرواية في أنساب الأشراف قال 1322- الْمَدَائِنِي عَنْ غياث بْن إِبْرَاهِيم أَن عُثْمَان صعد المنبر فَقَالَ: أيها النَّاس «1» ، إنا لَمْ نكن خطباء وإن نعش تأتكم الخطبة عَلَى وجهها إِن شاء اللَّه، وَقَدْ كَانَ من قضاء اللَّه أَن عُبَيْد اللَّهِ بْن عُمَر أصاب الهرمزان، وَكَانَ الهرمزان من الْمُسْلِمِينَ ولا وارث لَهُ إلا المسلمون عامة وأنا إمامكم وَقَدْ عفوت أفتعفون؟ قَالُوا: نعم، فَقَالَ عَلِي: [أقد الفاسق فَإِنَّهُ أتى عظيمًا، قتل مسلمًا بلا ذنب، وَقَالَ لعبيد اللَّه: يا فاسق لئن ظفرت بك يومًا لأقتلنك بالهرمزان]
[«أنساب الأشراف للبلاذري» (5/ 510)].
وهي رواية ساقطة فيها «غياث بن إِبْرَاهِيم أَبُو عبد الرَّحْمَن النَّخعِيّ الْكُوفِي يروي عَن الْأَعْمَش وَالْأَوْزَاعِيّ قَالَ أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ مَتْرُوك الحَدِيث وَقَالَ يحيى لَيْسَ بِثِقَة وَقَالَ مرّة كَانَ كذابا وَقَالَ السَّعْدِيّ وَابْن حبَان يضع الحَدِيث وَقَالَ البُخَارِيّ تَرَكُوهُ وَقَالَ الْأَزْدِيّ لَا تحل الرِّوَايَة [عَنهُ]»
[«الضعفاء والمتروكون لابن الجوزي» (2/ 247)].
وقال الإمام أحمد «قال أحمد: غياث بن إبراهيم متروك الحديث، وجعل أبو عبد اللَّه غير مرة يتعجب من كثرة حديثه.
[“مسائل حرب” ص 482].
قال أبو طالب: قال أحمد بن حنبل: غياث بن إبراهيم متروك الحديث، ترك الناس حديثه.
[“الجرح والتعديل” 7/ 57»].
[«الجامع لعلوم الإمام أحمد – الرجال» (18/ 425)].
واذا صح جدلا .. فيكون هذا من باب الرأي والمشورة من آحاد العلماء الذين للحاكم أن يخالفهم، والقول بأن عليا قد أصر على قتل عبيد الله بن عمر جهل من قائله إذ أنه بعد حكم الحاكم صاحب الولاية لا كلام لأحد خاصة مع تلك المسوغات الشرعية الواضحة، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “«وَعَلِيٌّ لَيْسَ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ، وَلَا طَلَبَ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ الْقَوَدَ. وَإِذَا كَانَ حَقُّهُ لِبَيْتِ الْمَالِ، فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ .. وَبِكُلِّ حَالٍ فَلَمْ يَكُنْ بَعْدَ عَفْوِ عُثْمَانَ وَحُكْمِهِ بِحَقْنِ دَمِهِ يُبَاحُ قَتْلُهُ»
[«منهاج السنة النبوية» (6/ 284)].
ثم أين علي من تنفيذ وعده وكلامه، أليس يقولون إنه له الولاية التكوينية على جميع ذرات الكون؟!فأين ذهبت إذا لما تولى الخلافة ؟!ولو جاز الاعتراض بقول صحابي كعلي فليس قوله الأولى من قول غيره من علماء الصحابة، فقد جاء في تاريخ الطبري: «فَقَالَ عُثْمَانُ لِجَمَاعَةٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ: أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي هَذَا الَّذِي فَتَقَ فِي الإِسْلامِ مَا فَتَقَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: أَرَى أَنْ تَقْتُلَهُ، فَقَالَ بَعْضُ الْمُهَاجِرِينَ: قُتِلَ عُمَرُ أَمْسَ وَيُقْتَلُ ابْنُهُ الْيَوْمَ! فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْفَاكَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدَثُ كَانَ وَلَكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ سُلْطَانٌ، إِنَّمَا كَانَ هَذَا الْحَدَثُ وَلا سُلْطَانَ لَكَ، قَالَ عُثْمَانُ: أَنَا وَلِيُّهُمْ، وَقَدْ جَعَلْتُهَا دِيَةً، وَاحْتَمَلْتُهَا فِي مَالِي»
[«تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري» (4/ 239)].
ولعل رفض بعض الصحابة قتل عبيد الله بن عمر ما قام من الشبهة في حقه، وإن الهرمزان قد ظهرت دلائل تشير إلى أتهامه بالممالأة على قتل الخليفة عمر وَ [قَدْ] تَنَازَعَ الْفُقَهَاءُ فِي (8) الْمُشْتَرِكِينَ فِي الْقَتْلِ إِذَا بَاشَرَ بَعْضُهُمْ دُونَ «بَعْضٍ. فَقِيلَ: لَا يَجِبُ الْقَوَدُ إِلَّا عَلَى الْمُبَاشِرِ خَاصَّةً. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقِيلَ: إِذَا كَانَ السَّبَبُ قَوِيًّا وَجَبَ عَلَى الْمُبَاشِرِ وَالْمُتَسَبِّبِ كَالْمُكْرِهِ وَالْمُكْرَهِ، وَكَالشُّهُودِ بِالزِّنَا وَالْقِصَاصِ إِذَا رَجَعُوا وَقَالُوا: تَعَمَّدْنَا. وَهَذَا مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ كَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ. ثُمَّ إِذَا أَمْسَكَ وَاحِدٌ وَقَتَلَهُ الْآخَرُ، فَمَالِكٌ يُوجِبُ الْقَوَدَ عَلَى الْمُمْسِكِ وَالْقَاتِلِ (1) ، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ. وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى: يُقْتَلُ الْقَاتِلُ وَيُحْبَسُ (2) الْمُمْسِكُ حَتَّى يَمُوتَ، كَمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقِيلَ: لَا قَوَدَ إِلَّا عَلَى الْقَاتِلِ، كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ.وَقَدْ تَنَازَعُوا أَيْضًا فِي الْآمِرِ الَّذِي لَمْ يُكْرِهْ، إِذَا أَمَرَ مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْقَتْلَ مُحَرَّمٌ، هَلْ يَجِبُ الْقَوَدُ عَلَى الْآمِرِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ.وَأَمَّا الرِّدْءُ فِيمَا يَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى الْمُعَاوَنَةِ كَقَطْعِ الطَّرِيقِ، فَجُمْهُورُهُمْ عَلَى أَنَّ الْحَدَّ يَجِبُ عَلَى الرِّدْءِ وَالْمُبَاشِرِ جَمِيعًا. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ. وَكَانَ عُمَرُ [بْنُ الْخَطَّابِ] (3) يَأْمُرُ بِقَتْلِ الرَّبِيئَةِ (4) وَهُوَ النَّاطُورُ (5) لِقُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَإِذَا كَانَ الْهُرْمُزَانُ مِمَّنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ عُمَرَ جَازَ قَتْلُهُ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ قِصَاصًا. وَعُمَرُ هُوَ الْقَائِلُ فِي الْمَقْتُولِ بِصَنْعَاءَ: ” لَوْ تَمَالَأَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَأَقَدْتُهُمْ بِهِ “»
[«منهاج السنة النبوية» (6/ 279)].
ومن هنا رأى بعض الصحابة عدم قتل عبيد الله، وليس قول بعض الصحابة أولى من قول بعض إذا كان للجميع وجه.أولا كلام في ابنة أبي لؤلؤة فإنها تابعة له في المجوسية ومثلها جفينة فإنه نصراني اتهم بالمشاركة مع المجوسي في قتل عمر
وأما الافتيات على الإمام فهو راجع إلى الإمام إما أن يعفو أو يؤدب.قال البهوتي: «(و) للقاضي (أن يؤدب خصما افتات عليه) كقوله ارتشيت علي أو حكمت علي بغير الحق ونحوه بضرب لا يزيد على عشر وحبس وأن يعفو عنه (ولو لم يثبته) أي: افتياته عليه (ببينة)»
[«شرح منتهى الإرادات» للبهوتي (3/ 499 ط عالم الكتب)].
رابعا: إذا شغَّب الشيعة على أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه بترك إقامة الحد فهل سيقولون مثل ذلك في علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقد رووا في الكافي عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: بَيْنَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فِي مَلَإٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي قَدْ أَوْقَبْتُ عَلَى غُلَامٍ فَطَهِّرْنِي فَقَالَ لَهُ يَا هَذَا امْضِ إِلَى مَنْزِلِكَ لَعَلَّ مِرَاراً هَاجَ بِكَ فَلَمَّا كَانَ مِنْ غَدٍ عَادَ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي أَوْقَبْتُ عَلَى غُلَامٍ فَطَهِّرْنِي فَقَالَ لَهُ يَا هَذَا امْضِ إِلَى مَنْزِلِكَ لَعَلَّ مِرَاراً هَاجَ بِكَ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثاً بَعْدَ مَرَّتِهِ الْأُولَى فَلَمَّا كَانَ فِي الرَّابِعَةِ قَالَ لَهُ يَا هَذَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص حَكَمَ فِي مِثْلِكَ بِثَلَاثَةِ أَحْكَامٍ فَاخْتَرْ أَيَّهُنَّ شِئْتَ قَالَ وَ مَا هُنَّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ ضَرْبَةٌ بِالسَّيْفِ فِي عُنُقِكَ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ أَوْ إِهْدَاءٌ[1] مِنْ جَبَلٍ مَشْدُودَ الْيَدَيْنِ وَ الرِّجْلَيْنِ أَوْ إِحْرَاقٌ بِالنَّارِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَيُّهُنَّ أَشَدُّ عَلَيَّ قَالَ الْإِحْرَاقُ بِالنَّارِ قَالَ فَإِنِّي قَدِ اخْتَرْتُهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ خُذْ لِذَلِكَ أُهْبَتَكَ[2] فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ جَلَسَ فِي تَشَهُّدِهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ أَتَيْتُ مِنَ الذَّنْبِ مَا قَدْ عَلِمْتَهُ وَ إِنِّي تَخَوَّفْتُ مِنْ ذَلِكَ فَجِئْتُ إِلَى وَصِيِّ رَسُولِكَ وَ ابْنِ عَمِّ نَبِيِّكَ فَسَأَلْتُهُ أَنْ يُطَهِّرَنِي فَخَيَّرَنِي بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ مِنَ الْعَذَابِ اللَّهُمَّ فَإِنِّي قَدِ اخْتَرْتُ أَشَدَّهَا اللَّهُمَّ فَإِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ ذَلِكَ كَفَّارَةً لِذُنُوبِي وَ أَنْ لَا تُحْرِقَنِي بِنَارِكَ فِي آخِرَتِي ثُمَّ قَامَ وَ هُوَ بَاكٍ حَتَّى جَلَسَ فِي الْحُفْرَةِ الَّتِي حَفَرَهَا لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ هُوَ يَرَى النَّارَ تَتَأَجَّجُ حَوْلَهُ[3] قَالَ فَبَكَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ بَكَى أَصْحَابُهُ جَمِيعاً فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع قُمْ يَا هَذَا فَقَدْ أَبْكَيْتَ مَلَائِكَةَ السَّمَاءِ وَ مَلَائِكَةَ الْأَرْضِ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ تَابَ عَلَيْكَ فَقُمْ وَ لَا تُعَاوِدَنَّ شَيْئاً مِمَّا قَدْ فَعَلْتَ
[اسم الکتاب : الكافي- ط الاسلامية المؤلف : الشيخ الكليني الجزء : 7 صفحة : 201].
«الکافي» الكليني (14/ 79)، وقال المجلسي في مرآة العقول 23/306 “حسن”.ويلاحظ على هذه الرواية: أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قد أسقط الحد عن هذا الرجل الذي صدر منه هذا الفعل القبيح لمجرد أنه كان من شيعته وأتباعه، فهل يجوز للإمام أن يعطل حدود الله تعالى؟!بل وجعلوا تعطيل حدود الله مع وجود الإقرار والاعتراف من خصائص الإمام، قال التستري: «وهو مخصوص بالإمام، فعن الباقر : لا يعفو عن الحدود الَّتي لله دون الإمام» «قضاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب»
[أسد الله التستري ص[29].
فكيف جاز للإمام دون غيره أن يعطل حدود الله؟ولم يكن الأمر قاصرا على علي فقط بل طال الحسن ومن بعده من أئمة الشيعة فقد رووا في الكافي: “عن بريد بن معاوية قال سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول بعث أمير المؤمنين صلوات الله عليه مصدقا من الكوفة إلى باديتها فقال له يا عبد الله انطلق وعليك بتقوى الله وحده لا شريك له ولا تؤثرن دنياك على آخرتك……………..ثم بكى أبو عبد الله عليهالسلام ثم قال يا بريد لا والله ما بقيت لله حرمة إلا انتهكت ولا عمل بكتاب الله ولا سنة نبيه في هذا العالم ولا أقيم في هذا الخلق حد منذ قبض الله أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه ولا عمل بشيء من الحق إلى يوم الناس هذا ثم قال أما والله لا تذهب الأيام والليالي حتى يحيي الله الموتى ويميت الأحياء ويرد الله الحق إلى أهله ويقيم دينه الذي ارتضاه لنفسه ونبيه فأبشروا ثم أبشروا ثم أبشروا فو الله ما الحق إلافي أيديكم”.
[الکتاب : الكافي- ط الاسلامية المؤلف : الشيخ الكليني الجزء : 3 صفحة : 536].
قال المجلسي الحديث الأول : حسن.
[اسم الکتاب : مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول المؤلف : العلامة المجلسي الجزء : 16 صفحة : 65].
فهؤلاء الأئمة ما أقاموا حدودا ولا عملوا بسنة فهل سنجد شرع الرافضة المزعوم يطبق عليهم كما يطبق على عثمان أم أنه الكيل بمكيالين؟!
مواضيع شبيهة