7ewaratwelzamat
حوارات وإلزامات

 دعوى أن معاوية لم يصح في فضله حديث ولذلك قال البخاري في ترجمته (باب ذكر معاوية)

0

 

قال الأميني: وقال العيني في عمدة القاري: فإن قلت: قد ورد في فضله يعني معاوية أحاديث كثيرة. قلت: نعم، ولكن ليس فيها حديث صحيح يصح من طرق الاسناد، نص عليه إسحاق بن راهويه والنسائي وغيرهما، فلذلك قال يعني البخاري: (باب ذكر معاوية) ولم يقل: فضيلة ولا منقبة”.

[اسم الکتاب : من حياة معاوية بن أبي سفيان المؤلف : العلامة الأميني    الجزء : 1  صفحة : 320.]

 

والجواب علي هذه الشبهة من وجوه:

 

أولا: أما أن يُستنبط من قول الإمام البخاري “باب ذكر معاوية” أنه لم يجد فيه فضيلة فهذا غير مسلم، وإلا فإن الإمام البخاري عندما ترجم لابن عباس قال «‌‌24 – ‌باب: ‌ذكر ابن عباس رضي الله عنهما»

[«صحيح البخاري» (3/ 1371 ت البغا)]

 

ثم ذكر حديث «عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: “ضمني النبي صلى الله عليه وسلم إلى صدره وقال: (اللهم علمه الحكمة).

حدثنا أبو معمر: حدثنا عبد الوارث: وقال: (علمه الكتاب)”

[«صحيح البخاري» (3/ 1371 ت البغا)]

 

وليس في هذا فضيلة لابن عباس ؟وكذلك عندما ترجم لحذيفة بن اليمان قال «‌‌52 – باب: ذكر حذيفة بن اليمان العبسي رضي الله عنه»

[«صحيح البخاري» (3/ 1390 ت البغا)]

 

فهل نقول أن البخاري لم يجد في حذيفة فضيلة ولذلك صدر حديثه بتلك الترجمة ؟

وعليه فلا يستنبط من تلك الترجمة عدم علم البخاري بفضيلة لمعاوية رضي الله عنه، وربما أنه لم يجد شيئا يصح على شرطه في كتابه الصحيح ومعلوم أن أكثر الصحابة كذلك وأما ما صح في فضل معاوية حتى عند البخاري فكثير ومن ذلك ما رواه في صحيحه: ” عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ: أَنَّ عُمَيْرَ بْنَ الْأَسْوَدِ الْعَنْسِيَّ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ أَتَى عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ وَهُوَ نَازِلٌ فِي سَاحِلِ حِمْصَ وَهُوَ فِي بِنَاءٍ لَهُ وَمَعَهُ أُمُّ حَرَامٍ قَالَ عُمَيْرٌ: فَحَدَّثَتْنَا أُمُّ حَرَامٍ : أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «‌أَوَّلُ ‌جَيْشٍ ‌مِنْ ‌أُمَّتِي يَغْزُونَ الْبَحْرَ قَدْ أَوْجَبُوا. قَالَتْ أُمُّ حَرَامٍ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَنَا فِيهِمْ قَالَ: أَنْتِ فِيهِمْ. ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ‌أَوَّلُ ‌جَيْشٍ ‌مِنْ ‌أُمَّتِي يَغْزُونَ مَدِينَةَ قَيْصَرَ مَغْفُورٌ لَهُمْ. فَقُلْتُ: أَنَا فِيهِمْ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: لَا.»

«صحيح البخاري» (4/ 42 ط السلطانية)

وقد كان امير تلك الغزوة معاوية رضي الله عنه  بنص رواية البخاري، فقد روى البخاري في الأوسط «عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَن خَالَته أم حرَام بنت مِلْحَانَ قَالَتْ خَرَجَتْ مَعَ زَوْجِهَا عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ غَازِيَةً أَوَّلَ مَا رَكِبَ الْمُسْلِمُونَ الْبَحْرَ مَعَ ‌مُعَاوِيَةَ ‌بْنِ ‌أَبِي ‌سُفْيَانَ فَلَمَّا انْصَرَفُوا مِنْ غَزَاتِهِمْ قَرُبَ إِلَيْهَا دَابَّةٌ فَصَرَعَتْهَا فَمَاتَتْ»

[«التاريخ الأوسط» (1/ 64)]

 

أليس في هذا فضيلة عظيمة لمعاوية وأنه على رأس الموعودين بالمغفرة بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

وروى البخاري في فضله أيضا: “«عَن عَبدِ الرَّحْمنِ بنِ أَبي عَميرةَ، عنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: “اللَّهُمَّ عَلِّمْ مُعاوِيَةَ الحِسابَ، وَقِهِ العَذابَ”»

[«التاريخ الكبير» للبخاري (9/ 96 ت الدباسي والنحال)]

 

ومما رواه في فضله بسنده عن رَبيعَةُ بنُ يَزيدَ، سَمِعْتُ عَبدَ الرَّحْمنِ بنَ أَبي عَميرَةَ المزنيَّ يَقولُ: سَمِعْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يَقولُ في ‌مُعاوِيةَ ‌بنِ ‌أَبي ‌سُفْيانَ: “اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ هادِيًا مَهْديًّا، وَاهْدِه، وَاهْدِ بِه”»

[«التاريخ الكبير» للبخاري (9/ 96 ت الدباسي والنحال)]

 

و«عَنِ ابنِ سيرينَ قالَ: كانَ مُعاوِيةُ يُحدِّثُ، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: “لا تَرْكَبوا الخَزَّ، وَلا النُّمُورَ “.قالَ: وَكانَ مُعاوِيةُ لا يُتَّهَمُ في الحَديثِ عَلى رَسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم»

[«التاريخ الكبير» للبخاري (9/ 97 ت الدباسي والنحال)]

 

وكان البخاري لا يذكر معاوية إلا وترضى عنه: «قَالَ الْبُخَارِيُّ: ” وَطَعَنَ مَنْ لَا يَعْلَمُ فِي وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ: أَنَّ وَائِلَ بْنَ حُجْرٍ مِنْ أَبْنَاءِ مُلُوكِ الْيَمَنِ وَقَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَكْرَمَهُ ، وَأَقْطَعَ لَهُ أَرْضًا ، وَبَعَثَ مَعَهُ ‌مُعَاوِيَةَ ‌بْنَ ‌أَبِي ‌سُفْيَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ»

[«قرة العينين برفع اليدين في الصلاة» (ص37)]

 

ثانيا: القول المنسوب لإسحاق ابن راهويه لا يصح عنه قال الإمام الذهبي «الأَصَمُّ: حَدَّثَنَا أَبِي، سَمِعْتُ ابْنَ رَاهَوَيْه يَقُوْلُ:

لَا يَصِحُّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي فَضْلِ مُعَاوِيَةَ شَيْءٌ»

[«سير أعلام النبلاء» (3/ 132 ط الرسالة)]

 

وفي الفوائد المجموعة للشوكاني سقطت كلمة (حَدَّثَنَا أَبِي)وهي ثابتة إذ أن الأصم لم يروي عن اسحاق

[«الفوائد المجموعة» (ص407)]

 

وأما والد الأصم يعقوب بن يوسف بن معقل أبو الفضل النيسابوري فهو مجهول الحال، فقد ترجمة الخطيب في تاريخه (14/ 286) فما زاد على قوله: قدم بغداد وحدث بها عن إسحاق بن راهوية، روى عنه محمد بن مخلد.

ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وله ذكر في ترجمة ابنه من السير (15/ 453) ولم يذكر فيه الذهبي أيضاً جرحاً ولا تعديلاً، وذكر في الرواة عنه عبد الرحمن بن أبي حاتم، ولم أجده في الجرح والتعديل، ولا في الثقات ابن حبان. و بهذا فإن هذا القول ضعيف لم يثبت عن إسحاق بن راهوية رحمه الله.

ولذلك قال الشيخ شحاتة محمد صقر: “هذا القول عن ابن راهويه باطل ولم يثبت عنه. وقد أورده السيوطي في «اللآلي المصنوعة»، وابن عراق الكناني في «تنزيه الشريعة» والشوكاني في الفوائد المجموعة وعلق على ذلك بقوله: «قلت: قد ذكر الترمذي في الباب الذي ذكره في مناقب معاوية من سننه ما هو معروف فليراجع». وعلى فرض صحة هذا القول عن إسحاق بن راهويه يجاب عنه بما يلي: أنه يوجد من الأئمة من ذكر أحاديث في فضل معاوية مصححًا لها! وهم بهذا يخالفون من قال بأنه «لا يصح في فضل معاوية شيء» ومن هؤلاء الأئمة:

1 – الإمام الآجري رحمه الله في «كتاب الشريعة» بوَّبَ: سياق ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في فضائل أبي عبد الرحمن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما

2 – الإمام الذهبي رحمه الله كما في «سير أعلام النبلاء» فقد ذكر أحاديث في فضل معاوية رضي الله عنه وقال بعد ذلك: «فهذه أحاديث مقاربة».

3 – الحافظ ابن كثير كما في «البداية والنهاية» حيث قال رحمه الله بعد أن ذكر أحاديث في فضل معاوية رضي الله عنه: «واكتفينا بما أوردناه من الأحاديث الصحاح والحسان والمستجادات عما سواه من المصنوعات والمنكرات».وقال في تعليقه على قول النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم لِمُعَاوِيَةَ: «اللهُمَّ اجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا وَاهْدِ بِهِ»: «وقد اعتنى ابن عساكر بهذا الحديث وأطنب فيه وأطيب وأطرب وأفاد وأحسن الانتقاد فرحمه الله كم من موطن قد تبرز فيه على غيره من الحفاظ والنقاد».

4 – والحافظ ابن عساكر كما في «تاريخ دمشق».

5 – وابن حجر الهيتمي في «تطهير الجنان».«معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين وكاتب وحي النبي الأمين صلى الله عليه وسلم – كشف شبهات ورد مفتريات» (ص101)

 

ثالثا: القاعدة أن المثبت مقدم النافي إذ أنه معه زيادة علم وقد ثبت في فضائل معاوية الأحاديث الكثيرة .

ولذلك قال ابن عساكر «قال ابن عساكر ‌وأصح ‌ما ‌روي ‌في ‌فضل ‌معاوية ‌حديث ‌أبي ‌حمزة عن ابن عباس أنه كاتب النبي صلى الله عليه وسلم فقد أخرجه مسلم في صحيحه (1) وبعده حديث العرباض اللهم علمه الكتاب وبعده حديث ابن أبي عميرة اللهم اجعله هاديا مهديا»

[«تاريخ دمشق لابن عساكر» (59/ 106)]

 

وقال الشيخ الألباني: “وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمِيرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ لِمُعَاوِيَةَ: «‌اللَّهُمَّ ‌اجْعَلْهُ ‌هَادِيًا ‌مَهْدِيًّا ‌وَاهْدِ ‌بِهِ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ.(صَحِيح)

[«مشكاة المصابيح» (3/ 1758)]

 

«عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ السُّلَمِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول:

[(‌اللهم ‌علِّم ‌معاوية ‌الكتاب ‌والحساب وقِهِ العذاب)= (7210) [8: 3]

[تعليق الشيخ الألباني]صحيح لغيره ـ ((الصحيحة)) (3227)]

[التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان» (10/ 275)]

 

وقد سبق حديث أول جيش من أمتي وأنه فضيلة ثابتة لمعاوية قال الحافظ «قَالَ الْمُهَلَّبُ فِي ‌هَذَا ‌الْحَدِيثِ ‌مَنْقَبَةٌ ‌لِمُعَاوِيَةَ ‌لِأَنَّهُ ‌أَوَّلُ ‌مَنْ ‌غَزَا ‌الْبَحْرَ وَمَنْقَبَةٌ لِوَلَدِهِ يَزِيدَ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ غَزَا مَدِينَةَ قَيْصَرَ»

[«فتح الباري بشرح البخاري – ط السلفية» (6/ 102)..]

 

ومن أراد التوسع في ذلك فليرجع لكتاب (إسكات الكلاب العاوية بفضائل خال المؤمنين معاوية رضي الله عنه) لأبي معاذ محمود بن إمام بن منصور .

 

رابعا: الشيعة يمدحون ويعظمون من لم يذكره الله ولا رسوله قط فتراهم يعظمون شأن محمد بن أبي بكر ويذمون عبد الله بن عمر مع ما ثبت للثاني من الفضائل على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم في حين أن محمد ابن أبي بكر لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم اصلا، وهذا من تناقضهم العجيب، بل ويسقطون فضائل جميع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ويحكمون عليهم جميعا بالردة إلا ثلاثة فليس من الغريب عليهم نفي فضائل معاوية رضي الله عنه ولو لم يكن من الفضيلة لمعاوية إلا أن الحسن رضيه للحكم في دماء الناس وأموالهم وأعراضهم واستأمنه على ذلك لكفى بها فضيلة، أما القول بأن اهل السنة قد اختلقوا لمعاوية الفضائل، فإننا نقول بأننا قد نقينا رواياتنا من الكذب وذكرنا أن من الفضائل المذكورة في الروايات ما يثبت ومنها ما لم يثبت، في حين انكم قد اختلقتم في فضائل على أكثر من مئة ألف حديث، قال ابن القيم: “وَأَمَّا مَا وَضَعَهُ الرَّافِضَةُ فِي فَضَائِلَ عَلِيٍّ فَأَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُعَدَّ.

قَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى الْخَلِيلِيُّ فِي كِتَابِ (الإِرْشَادِ) وَضَعَتِ الرَّافِضَةُ فِي فَضَائِلَ عَلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَهْلِ الْبَيْتِ نحو ثلاث مئة أَلْفِ حَدِيثٍ. وَلا تَسْتَبْعِدُ هَذَا فَإِنَّكَ لَوْ تَتَبَّعْتَ مَا عِنْدَهُمْ مِنْ ذَلِكَ لَوَجَدْتَ الأَمْرَ كَمَا قال”.

[ابن القيم، المنار المنيف في الصحيح والضعيف = نقد المنقول والمحك المميز بين المردود والمقبول، صفحة ١١٦]

قناة اليوتيوب

مواضيع شبيهة

إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه.

والحمد لله رب العالمين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.