جهل أبي بكر بميراث الجدة، والكلالة.
قال الشيعة: “روي عن الخليفة الأوّل أنّه سئل إبّان خلافته عن ميراث الجدّة؟ فلم يهتد إلى الإجابة! ولم ير بدّا من الردّ بقوله : ما لها في كتاب الله من شيء ، وما علمت لها في سنّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من شيء ، ولكن أسأل الناس!! والواقعة مشهورة ، حيث قيل : إنّه اندفع إلى المسلمين يسألهم عن ذلك ، فقام بعض الصحابة فشهدوا أنّ رسول الله صلىاللهعليه وآلهوسلم أعطاها السدس ، فقضى أبو بكر بذلك … فإذا كان هذا هو حال الصحابة الكبار فما بالك بحال غير الصحابة أو التابعين ، والذين يعتمدون في الكثير من أحكامهم على رأي اولئك واجتهادهم؟!
[حاشية المكاسب المؤلف : النجم آبادي، الميرزا أبو الفضل الجزء : 0 صفحة : 6].
وقال محمد باقر الحسيني الجلالي: “ممّا يزيد في التعجّب: أنّهم يروون أنّ أبا بكر لم يعرف ميراث الجدّة، و لفظة (الأبّ) من كتاب اللّه”.
[فدك و العوالي أو الحوائط السبعة في الكتاب و السنة و التاريخ و الأدب المؤلف : الحسيني الجلالي، السيد محمد باقر الجزء : 1 صفحة : 424].
وقال علي النباطي: “ولم يعرف ميراث الجدة و لا الكلالة و قال أقول فيها برأيي فإن كان صوابا فمن الله و إن كان خطأ فمني و من الشيطان و في هذا تجويز كون الحاكم جاهلا و صبيا و مجنونا و غير ذلك من وجوه النقص إذا كان الحكم بالخبط و الاتفاق و لا يخفى ما فيه من تعطيل أحكام الله بالإطلاق.
[الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم المؤلف : النباطي، الشيخ علي الجزء : 2 صفحة : 305].
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
أولا: أما رواية الكلالة فإسنادها منقطع
قال الامام الدارمي : ” 3015 – أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ، عَنِ الْكَلَالَةِ فَقَالَ: ” إِنِّي سَأَقُولُ فِيهَا بِرَأْيِي، فَإِنْ كَانَ صَوَابًا فَمِنَ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَمِنِّي وَمِنَ الشَّيْطَانِ: أُرَاهُ مَا خَلَا الْوَالِدَ وَالْوَلَدَ “ فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ، قَالَ: «إِنِّي لَأَسْتَحْيِي اللَّهَ أَنْ أَرُدَّ شَيْئًا قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ»[تعليق المحقق] رجاله ثقات غير أنه منقطع ”
[- سنن الدارمي – تحقيق حسين سليم اسد – ج 4 ص 1944] .
فهذا الاثر من ناحية السند منقطع , والمنقطع من انواع الضعيف.وأما عن ميراث الجده، فمن صحح الرواية صححها بالشواهد، فالحديث ضعيف ولم يسلم منه طريق واحد من طعن، والرواية في الموطأ، قال«مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خَرَشَةَ ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ ؛ أَنَّهُ قَالَ: جَاءَتِ الْجَدَّةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا.فَقَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ: مَا لَكِ فِي كِتَابِ اللهِ شَيْءٌ. وَمَا عَلِمْتُ لَكِ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، شَيْئاً. فَارْجِعِي حَتَّى أَسْأَلَ النَّاسَ.
فَسَأَلَ النَّاسَ. فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ : حَضَرْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَعْطَاهَا السُّدُسَ.فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَلْ مَعَكَ غَيْرُكَ؟فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيُّ ، فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَ الْمُغِيرَةُ. فَأَنْفَذَهُ لَهَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ. ثُمَّ جَاءَتِ الْجَدَّةُ الْأُخْرَى، إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا. فَقَالَ لَهَا: مَا لَكِ فِي كِتَابِ اللهِ شَيْءٌ. وَمَا كَانَ الْقَضَاءُ الَّذِي قُضِيَ بِهِ إِلَاّ لِغَيْرِكِ، وَمَا أَنَا بِزَائِدٍ فِي الْفَرَائِضِ شَيْئاً، وَلَكِنَّهُ ذلِكَ السُّدُسُ، فَإِنِ اجْتَمَعْتُمَا فَهُوَ بَيْنَكُمَا، وَأَيَّتُكُمَا خَلَتْ بِهِ فَهُوَ لَهَا»
[«موطأ مالك – رواية يحيى» (3/ 732 ت الأعظمي)].
وهذه الرواية قال فيها الحافظ بن حجر: «وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ لِثِقَةِ رِجَالِهِ إلَّا أَنَّ صُورَتَهُ مُرْسَلٌ فَإِنَّ قَبِيصَةَ لَا يَصِحُّ لَهُ سَمَاعٌ مِنْ الصِّدِّيقِ3 وَلَا يُمْكِنُ شُهُودُهُ لِلْقِصَّةِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِمَعْنَاهُ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي مَوْلِدِهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ وُلِدَ عَامَ الْفَتْحِ فَيَبْعُدُ شُهُودُهُ الْقِصَّةَ وَقَدْ أَعَلَّهُ عَبْدُ الْحَقِّ تَبَعًا لِابْنِ حَزْمٍ بِالِانْقِطَاعِ4، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الِاخْتِلَافَ فِيهِ عَنْ الْأَزْهَرِيِّ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الصَّوَابُ قَوْلَ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ5»
[«التلخيص الحبير» (3/ 186 ط العلمية)].
ولأنه لم يسلم لها إسناد فقد صححها بعض أهل العلم بالشواهد كما قال محققو المسند «والحديث صحيح بشواهده»
[«مسند أحمد» (29/ 500 ط الرسالة)].
ثانيا: على التسليم بصحة كل هذا فهذه الآثار ما هي إلا مدح للصديق رضي الله عنه
قال شيخ الاسلام : ” وَأَمَّا قَوْلُ الرَّافِضِيِّ: ” لَمْ يَعْرِفْ حُكْمَ الْكَلَالَةِ حَتَّى قَالَ فِيهَا بِرَأْيهِ “.فَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا مِنْ أَعْظَمِ عِلْمِهِ ; فَإِنَّ هَذَا الرَّأْيَ الَّذِي رَآهُ فِي الْكَلَالَةِ قَدِ اتَّفَقَ عَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ بَعْدَهُ، فَإِنَّهُمْ أَخَذُوا فِي الْكَلَالَةِ بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، وَهُوَ مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَ، وَالْقَوْلُ بِالرَّأْيِ هُوَ مَعْرُوفٌ عَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ، كَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، لَكِنَّ الرَّأْيَ الْمُوَافِقَ لِلْحَقِّ هُوَ الَّذِي يَكُونُ لِصَاحِبِهِ أَجْرَانِ، كَرَأْيِ الصِّدِّيقِ، فَإِنَّ هَذَا خَيْرٌ مِنَ الرَّأْيِ الَّذِي غَايَةُ صَاحِبِهِ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَجْرٌ وَاحِدٌ ”
[منهاج السنة النبوية – احمد بن عبد الحليم بن تيمية – ج 5 ص 501 – 502 ].
وقال الحافظ ابن كثير : ” قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَقَدْ رُوِي عَنْ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي لَأَسْتَحِي أَنْ أُخَالِفَ فِيهِ أَبَا بَكْرٍ. وَكَأَنَّ أَبُو بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: هُوَ مَا عَدَا الْوَلَدَ وَالْوَالِدَ .وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الصِّدِّيقُ عَلَيْهِ جُمْهُورُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْأَئِمَّةِ، فِي قَدِيمِ الزَّمَانِ وَحَدِيثِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَالْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ. وَقَوْلُ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ قَاطِبَةً، وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ، كَمَا أَرْشَدَ اللَّهُ أَنَّهُ قَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ وَوَضَّحَهُ فِي قَوْلِهِ : {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} ” .
[- تفسير ابن كثير – اسماعيل بن عمر بن كثير – ج 2 ص 487].
وقال الامام ابن القيم : “ فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَجْتَمِعُ هَذَا مَعَ مَا صَحَّ عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ: ” أَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي؟ وَأَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي إنْ قُلْت فِي كِتَابِ اللَّهِ بِرَأْيِي “، وَكَيْفَ يُجَامِعُ هَذَا الْحَدِيثَ الَّذِي تَقَدَّمَ «مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» ؟ .
فَالْجَوَابُ أَنَّ الرَّأْيَ نَوْعَانِ:
أَحَدُهُمَا: رَأْيٌ مُجَرَّدٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، بَلْ هُوَ خَرْصٌ وَتَخْمِينٌ، فَهَذَا الَّذِي أَعَاذَ اللَّهُ الصِّدِّيقَ وَالصَّحَابَةَ مِنْهُ.
وَالثَّانِي: رَأْيٌ مُسْتَنِدٌ إلَى اسْتِدْلَالٍ وَاسْتِنْبَاطٍ مِنْ النَّصِّ وَحْدَهُ أَوْ مِنْ نَصٍّ آخَرَ مَعَهُ، فَهَذَا مِنْ أَلْطَفِ فَهْمِ النُّصُوصِ وَأَدَقِّهِ، وَمِنْهُ رَأْيُهُ فِي الْكَلَالَةِ أَنَّهَا مَا عَدَا الْوَالِدَ وَالْوَلَدَ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ ذَكَرَ الْكَلَالَةَ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْ الْقُرْآنِ؛ فَفِي أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ وَرِثَ مَعَهَا الْأَخُ وَالْأُخْتُ مِنْ الْأُمِّ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذِهِ الْكَلَالَةَ مَا عَدَا الْوَالِدَ وَالْوَلَدَ، وَالْمَوْضِعُ الثَّانِي وَرِثَ مَعَهَا وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ أَوْ الْأَبُ النِّصْفَ أَوْ الثُّلُثَيْنِ، فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذِهِ الْكَلَالَةِ، وَالصَّحِيحُ فِيهَا قَوْلُ الصِّدِّيقِ الَّذِي لَا قَوْلَ سِوَاهُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلُغَةِ الْعَرَبِ كَمَا قَالَ: وَرِثْتُمْ قَنَاةَ الْمَجْدِ لَا عَنْ كَلَالَةٍ … عَنْ ابْنَيْ مَنَافٍ عَبْدِ شَمْسٍ وَهَاشِمِ أَيْ إنَّمَا وَرِثْتُمُوهَا عَنْ الْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ، لَا عَنْ حَوَاشِي النَّسَبِ، وَعَلَى هَذَا فَلَا يَرِثُ وَلَدُ الْأَبِ وَالْأَبَوَيْنِ لَا مَعَ أَبٍ وَلَا مَعَ جَدٍّ، كَمَا لَمْ يَرِثُوا مَعَ الِابْنِ وَلَا ابْنِهِ، وَإِنَّمَا وَرِثُوا مَعَ الْبَنَاتِ؛ لِأَنَّهُمْ عَصَبَةٌ فَلَهُمْ مَا فَضَلَ عَنْ الْفُرُوضِ ”
[ – اعلام الموقعين – ابو عبد الله محمد بن ابي بكر بن قيم الجوزية – ج 1 ص 66 ].
وعليه فهذا اجتهاد مبني على علم بكتاب الله تعالى
ثالثا: سبب الاختلاف في الكلالة هو عدم تفسيرها بنص صريح من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأن العرب تطلق الكلالة على معاني عدة وقد نزلت في الكلالة آيتين من كتاب الله قال البغوي: «اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْزَلَ فِي الْكَلَالَةِ آيَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا فِي الشِّتَاءِ وَهِيَ الَّتِي فِي أَوَّلِ سُورَةِ النِّسَاءِ وَالْأُخْرَى فِي الصَّيْفِ، وَهِيَ الَّتِي فِي آخِرِهَا»
[«تفسير البغوي – طيبة» (2/ 180)].
وقد استند الصديق في تفسير معنى الكلالة إلى كتاب الله مع سبب النزول فقد جاء في صحيح البخاري عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: «مَرِضْتُ مَرَضًا فَأَتَانِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي وَأَبُو بَكْرٍ وَهُمَا مَاشِيَانِ، فَوَجَدَانِي أُغْمِيَ عَلَيَّ، فَتَوَضَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَبَّ وَضُوءَهُ عَلَيَّ، فَأَفَقْتُ، فَإِذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ أَصْنَعُ فِي مَالِي؟ كَيْفَ أَقْضِي فِي مَالِي؟ فَلَمْ يُجِبْنِي بِشَيْءٍ حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ.»
[«صحيح البخاري» (7/ 116 ط السلطانية)].
والآية التي نزلت هي {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِى ٱلْكَلَـٰلَة) (النساء: 176) كما في سنن أبي داود سنن أبي داود، كتاب الفرائض ، باب من ليس له ولد وله أخت،ح رقم: ( 2889)، ج3، ص120. الحديث صححه الألباني، في صحيح سنن أبي داوود، ج2، ص560، برقم: (2512).مأخوذ من حديث جابر بن عبد الله ، لأن الآية نزلت فيه{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِى ٱلْكَلَـٰلَة) (النساء: 176). ولم يكن له يوم نزولها أب ولا ابن ، لأن أباه عبد الله بن حرام قتل يوم أحد، وآية الكلالة نزلت في آخر عُمر النبي صلى الله عليه وسلم ، فصار شأن جابر بياناً لمراد الآية لنزولها فيه، وهذا رأي جمهور أهل العلم
وسبب الاختلاف هو اختلاف أهل اللغة كما ذكرنا
- الكلالة : الرجل الذي لا ولد له ولا والد أي ما خلا الولد والوالد.
[انظر المهذب الشيرازي، المطبوع مع شرحه المجموع، ج17، ص123].
- الكلالة : من ليس له ولد ولا والد، وله إخوة، لأن الكلالة مشتق من الإكليل؛ وهو الذي يحيط بالرأس من الجوانب، والذين يحيطون بالميت من الجوانب الإخوة، فأما الوالد والولد فليسا من الجوانب، بل أحدهما من أعلاه والآخر من أسفله.
[التعريفات، الجرجاني، ج1، ص 607].
- وقيل الكلالة: اسم لما عدا الوالد والولد من الورثة.
[تفسير الطبري، جامع البيان، ج4، ص192].
- وقيل الكلالة: الذي لا ولد له ولا والد، لا أب ولا جد، ولا ابن ولا ابنة، فهؤلاء الإخوة من الأم.
[المبسوط، السرخسي، ج29، ص151].
- وقيل الكلالة: من مات رجلاً أو امرأة في حالة تكلله نسب ورثته أي: لا والد له ولا ولد وله أخوة أو أخوات أو أخ أو أخت أو أحدهما أضياف، أو أعيان، أو أولاد علات.
[انظر الحاوي الكبير في فقه الأمام الشافعي، الماوردي، ج8 ، ص92 . والمغني، ابن قدامة، ج8،ص361 انظر لمبسوط، السرخسي، ج29، ص151. والمهذب، الشيرازي ج17 ص123، والشرح الكبير، للمقدسي، ج8، ص364، والجامع لأحكام، القرطبي، ج5 ص55، المدونة، ج3 ،ص1044, تفسير الطبري، ج4، ص625، ص626 . وفتح الباري، لابن حجر، ج8، ص268. وفتح القدير ، الشوكاني، ج1، ص499].
ومن هذه التعريفات يمكن القول بأن أقرب التعريفات للصواب التعريف الأخير، لأنه يتصف بالشمول، حيث شمل المقصود من التعريفات الأخرى واحتوى على المعنى المراد منها، فهو تعريف جامع مانع.وبناء على هذا كان أرجح الأقوال هو قول الصديق رضي الله عنه.
وقد توسع في ذكر الخلاف اللغوي والفقهي في معنى الكلالة والمراد منها وأحكامها الدكتور عبده محمد يوسف الأستاذ بكلية التربية ـ جامعة صنعاء في بحث له بعنوان “أحكام الكلالة في القرآن الكريم والسنة النبوية”.وأما الجدة فقد اجمع العلماء على إعطائها السدس، قال القرافي: “قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَا خِلَافَ أَنَّ الْجَدَّةَ أُمُّ الْأُمِّ وَإِنْ عَلَتْ لَهَا السُّدُسُ إِذَا انْفَرَدَتْ وَكَذَلِكَ أُمُّ الْأَبِ فَإِنْ اجْتَمَعَتَا فِي طَبَقَةٍ فَالسُّدُسُ بَيْنَهُمَا اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ”
[القرافي، الذخيرة للقرافي، ٦٣/١٣].
وهذا الإجماع إنما كان بعد قصة الصديق واتفاق الناس على ذلك أخذا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي أعطاها السدس.
رابعا: لم يدع أحد من الصحابة ومنهم الصديق رضي الله عنه أنه عالم بكل مسائل الشرع، ولا يصح قياس المعصوم بغير المعصوم، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في بيان ذلك: “وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نُوحًا وَمُحَمَّدًا أَنْ يَقُولَا: {لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ} [سُورَةُ هُودٍ: 31] فَيُرِيدُ الْجُهَّالُ مِنَ الْمَتْبُوعِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِكُلِّ مَا يُسْئَلُ عَنْهُ، قَادِرًا عَلَى كُلِّ مَا يُطْلَبُ مِنْهُ، غَنِيًّا عَنِ الْحَاجَاتِ الْبَشَرِيَّةِ كَالْمَلَائِكَةِ.وَهَذَا الِاقْتِرَاحُ مِنْ وُلَاةِ الْأَمْرِ كَاقْتِرَاحِ الْخَوَارِجِ فِي عُمُومِ الْأُمَّةِ، أَنْ لَا يَكُونَ لِأَحَدِهِمْ ذَنْبٌ، وَمَنْ كَانَ لَهُ ذَنْبٌ كَانَ عِنْدَهُمْ كَافِرًا مُخَلَّدًا فِي النَّارِ وَكُلُّ هَذَا بَاطِلٌ خِلَافَ مَا خَلَقَهُ اللَّهُ، وَخِلَافَ مَا شَرَعَهُ اللَّهُ”.
[ابن تيمية، منهاج السنة النبوية، ٣٦٧/٦].
لكن ما جواب الرافضة عما ورد في كتبهم من جهل المعصومين بالأحكام الشرعية وغيرها:روى الطوسي عن اسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن المذي فقال : إن عليا عليهالسلام كان رجلا مذاء واستحيا أن يسأل رسول الله صلىاللهعليهوآله لمكان فاطمة عليهاالسلام فأمر المقداد أن يسأله وهو جالس فسأله فقال : له ليس بشئ.
[تهذيب الأحكام، الطوسي (١/١٧)].،
قال المجلسي في (ملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخبار) (١/٩٦) عن الحديث: “الحديث التاسع والثلاثون: موثق.فهذا الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه جهل حكم المذي حتى سأل رسول الله عنه. عَنْ عَلِيٍّ ع أَنَّهُ قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ص أَيُّ شَيْءٍ خَيْرٌ لِلْمَرْأَةِ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ مِنَّا فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِفَاطِمَةَ ع فَقَالَتْ مَا مِنْ شَيْءٍ خَيْرٌ لِلْمَرْأَةِ مِنْ أَنْ لَا تَرَى رَجُلًا وَ لَا يَرَاهَا فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ صَدَقَتْ إِنَّهَا بَضْعَةٌ مِنِّي.
[دعائم الإسلام، القاضي النعمان المغربي (٢/٢١٥)].
وقد ورد فِي رواية أخرى أن عدم جوابهم ومن ضمنهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان بسبب عدم علمهم بالجواب.
قال الأربلي: “وروى عن علي عليه السلام قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: أخبروني أي شيء خيْ للنساء؟ فعيينا بذلك كلنا حتَّ تفرقنا، فرجعت إلى فاطمة عليها السلام فأخبرتها الذي قال لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وليس أحد منا علمه ولا عرفه، فقالت: ولكن أعرفه، خيْ للنساء أن لا يرين الرجال ولا يراهن الرجال.”.
[كشف الغمة، ابن أبي الفتح الإربلي (٢/٩٤)].
بل وجهل أيضا بأن رسول الله ﷺ أخٌ لحمزة رضي الله عنه من الرضاعة، وجهل الحكم الفقهي بأنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب روى الكليني في الكافي (ج10/893) : عن أبي عبيدة قال سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها ولا على أختها من الرضاعة وقال إن عليا عليه السلام ذكر لرسول الله صلى الله عليه وآله ابنة حمزة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله أما علمت أنها ابنة أخي من الرضاعة وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وعمه حمزة عليه السلام قد رضعا من امرأة.
صحح هذه الرواية:
[محقق كتاب ما لا يحضره الفقيه الشيخ علي اكبر غفاري(ج3/411)حديث صحيح].
[محمد تقي المجلسي في كتابه روضة المتقين(ج8/236)].
[محمد باقر المجلسي في كتابه مرآة العقول (ج20/220)].
[الشيخ يوسف البحراني في الحدائق النضرة (ج23/218)].
[المحقق الحلي في تذكرة الفقهاء (ج2/614)].
[المحقق الاصفهاني في كشف اللثام (ج2/42) ].
[السيد محمد بحر العلوم في كتابه بلغة الفقيه (ج3/122)].
[الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في كتابه انوار الفقاهة (ج2/102)].
[السيد البجنوردى في القواعد الفقهية (ج4/324)].
[السيد صدر الدين العاملي في كتابه منظومة في الرضاع (ج1/100)].
وقد جهل الصادق حرمة قلع الحشيش بمنى.قال محمد تقي المجلسي : “ويمكن حمل النهي في غير الداخل على الكراهة كما يظهر مما رواه الشيخ في الصحيح، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: رآني علي بن الحسين عليهما السلام و أنا أقلع الحشيش من حول الفساطيط بمنى فقال: يا بني إن هذا لا يقلع و إن أمكن حمله على إرادة القطع أو يكون صغيرا غير مكلف و جوزنا الجهل عليهم في الصغر”.
[روضة المتقين – محمد تقي المجلسي – ج 4 ص 166 ].
وفي الكافي : ” عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) عَنْ قَتْلِ الْخُطَّافِ أَوْ إِيذَائِهِنَّ فِي الْحَرَمِ فَقَالَ لَا يُقْتَلْنَ فَإِنِّي كُنْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ( عليه السلام ) فَرَآنِي وَ أَنَا أُوذِيهِنَّ فَقَالَ لِي يَا بُنَيَّ لَا تَقْتُلْهُنَّ وَ لَا تُؤْذِهِنَّ فَإِنَّهُنَّ لَا يُؤْذِينَ شَيْئاً”.
[الكافي – الكليني – ج 6 ص 224 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول – حسن – ج 21 ص 370].
في هذه الرواية التصريح بجهل الصادق للحكم الشرعي في حرمة أذية الخطاف، فهل يطعن الرافضة بعلم الامام الصادق ؟ !!!.
خامسا; قد جاء في كتب الشيعة أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الجدة السدس ومع ذلك هم أصروا على مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم وأجمعوا -إلا النادر- على خلافها.يقول النراقي: لا يرث الجد والجدة مع الأولاد، ذكرا كان أم أنثى، بالإجماع في غير البنت الواحدة، فإن فيها خلافا للإسكافي، وقد مر.وتدل عليه العمومات المتقدمة الخالية عن المخصص.
[مستند الشيعة – المحقق النراقي – ج ١٩ – الصفحة ٢٤٣].
[وسائل الشيعة (آل البيت) – الحر العاملي – ج ٢٦ – الصفحة ١٣٦].
ذكر الحر العاملي بالإسناد عن سعد بن أبي خلف قال: سألت أبا الحسن موسى عليه السلام عن بنات بنت وجد؟ قال: للجد السدس والباقي لبنات البنت.ورواه الصدوق باسناده عن الحسن بن محبوب
[وسائل الشيعة (آل البيت) – الحر العاملي – ج ٢٦ – الصفحة ١٤١].
ومع ذلك أصر الشيعة على مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم.ومخالفات الشيعة لكتاب الله في الميراث قد ذكرنا بعضها في جواب شبهة (زعم الشيعة أن عمر ابن الخطاب ابتدع الغلو في الميراث) فليراجع.
مواضيع شبيهة