تولية عثمان للوليد بن عقبة مع ما له من مثالب لا تؤهله للولاية!
قال الشيعة إن عثمان ولّى الوليد بن عقبة لأنه أخوه لأمه أروى بنت كريز، وقد ذكر الرافضة فيه أمورا كثيرة: يقول اللأميني:
أما الوليد الفاسق بلسان الوحي المبين، الزاني، الفاجر، السكير، المدمن للخمر المتهتك في أحكام الدين وتعاليمه، المهتوك بالجلد على رؤس الاشهاد، فسل عنه قوله تعالى:{ إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا [1] }فإن من المجمع عليه بين أهل العلم بتأويل القرآن نزوله فيه [اسم الکتاب : الغدير المؤلف : العلامة الأميني الجزء : 8 صفحة ]
: “وإن شئت فسل الخليفة عثمان عن تأهيله إياه للولاية على صدقات بني تغلب ثم للإمارة على الكوفة، وائتمانه على أحكام الدين وأعراض المسلمين، وتهذيب الناس ودعوتهم إلى الدين الحنيف، وإسقاط ما عليه من الدين لبيت مال المسلمين وإبراء ذمته عما عليه من مال الفقراء، هل في الشريعة الطاهرة تسليط مثل الرجل على ذلك كله ؟ أنا لا أعرف لذلك جوابا”.
274ثم قال:[ الغدير المؤلف : العلامة الأميني الجزء : 8 صفحة : 276].
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
أولا: اما الشيعة فهم اكذب خلق الله على الإطلاق، ونحن لا نعلم امة على وجه الأرض جعلوا تسعة اشعار دينهم الكذب الا هؤلاء، وأما الوليد بن عقبة فهو «الشاب المجاهد الطيب النفس الحسن السيرة في الناس» كذا وصفه الشيخ محب الدين الخطيب،
[«العواصم من القواصم ط دار الجيل» (ص104)].
والوليد قد نال شرف صحبة النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد أسلم عام الفتح أسلم يوم الفتح.
[ابن الأثير، أبو الحسن، أسد الغابة ط الفكر، ٦٧٥/٤]
[ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، ٤٨١/٦]
فدخل بذلك في الفضائل العامة لأصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ومنها قوله تعالى { لَا یَسۡتَوِی مِنكُم مَّنۡ أَنفَقَ مِن قَبۡلِ ٱلۡفَتۡحِ وَقَـٰتَلَۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَعۡظَمُ دَرَجَةࣰ مِّنَ ٱلَّذِینَ أَنفَقُوا۟ مِنۢ بَعۡدُ وَقَـٰتَلُوا۟ۚ وَكُلࣰّا وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣱ }
[سُورَةُ الحَدِيدِ: ١٠].
يقول ابن حزم: “«فَجَاءَ النَّصُّ أَنَّ مَنْ صَحِبَ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَقَدْ وَعَدَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْحُسْنَى. وَقَدْ نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: 9] وَصَحَّ بِالنَّصِّ كُلُّ مَنْ سَبَقَتْ لَهُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى الْحُسْنَى، فَإِنَّهُ مُبْعَدٌ عَنْ النَّارِ لَا يَسْمَعُ حَسِيسَهَا، وَهُوَ فِيمَا اشْتَهَى خَالِدٌ لَا يَحْزُنُهُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ»
[«المحلى بالآثار» (1/ 65)].
ويدخل في كل مدح عام دخل فيه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب أو سنة، ثم قد ثبت له من الفضائل في الإسلام الكثير وقد كان موضع ثقة الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ولم يكن أولية عثمان له الا لأنه قد ثبت فيه من الفضائل والخصال التي تؤهله لهذا المنصب الكثير، ويوضح ذلك الشيخ محب الدين الخطيب في تعليقه على العواصم من القواصم فيقول: “«قد يظن من لا يعرف صدر هذه الأمة أن أمير المؤمنين عثمان جاء بالوليد بن عقبة من عرض الطريق فولاه الكوفة، أما الذين أنعم الله عليهم بنعمة الأنس بأحوال ذلك العصر وأهله فيعلمون أن دولة الإسلام الأولى من خلافة أبي بكر تلقفت هذا الشاب الماضي العزيمة، الرضي الخلقي، الصادق الإيمان فاستعملت مواهبه في سبيل الله إلى أن توفي أبو بكر، وأول عمل له في خلافة أبي بكر أنه كان موضع السر في الرسائل الحربية التي دارت بين الخليفة وقائده خالد بن الوليد في وقعة المذار مع الفرس سنة 12 “الطبري: 7: 4″، ثم وجهه مددًا إلى قائده عياض بن غنم الفهري “الطبري: 22: 4″، وفي سنة 13كان الوليد يلي لأبي بكر صدقات قضاعة، ثم لما عزم الصديق على فتح الشام كان الوليد عنده بمنزلة عمرو بن العاص في الحرمة والثقة والكرامة، فكتب إلى عمرو بن العاص وإلى الوليد بن عقبة يدعوهما لقيادة فيالق الجهاد، فسار ابن العاص بلواء الإسلام نحو فلسطين، وسار الوليد بن عقبة قائدًا على شرق الأردن “الطبري 29: 4-30″، ثم رأينا الوليد في سنة 15 أميرًا على بلاد بني تغلب وعرب الجزيرة “الطبري 155: 4” يحمي ظهور المجاهدين في شمال الشام لئلًا يؤتوا من خلفهم، فكانت تحت قيادته ربيعة وتنوخ مسلمهم وكافرهم، وانتهز الوليد بن عقبة فرصة ولايته وقيادته على هذه الجهة التي كانت لا تزال مليئة بنصارى القبائل العربية فكان -مع جهاده الحربي وعمله الإداري- داعيًا إلى الله يستعمل جميع أساليب الحكمة الموعظة الحسنة لحمل نصارى أياد وتغلب على أن يكونوا مسلمين كسائر العرب، وهربت منه إياد إلى الأناضول وهو تحت حكم البيزنطيين، فحمل الوليد خليفته عمر على كتابة كتاب تهديد إلى قيصر القسطنطينية بأن يردهم إلى حدود الدولة الإسلامية. وحاولت تغلب أن تتمرد على الوليد في نشره الدعوة الإسلامية بين شبابها وأطفالها، فغضب غضبته المضرية المؤيدة بالإيمان الإسلامي، وقال فيهم كلمته المشهورة:إذا ما عصبت الرأس مني بمشوذ … فغيّك مني تغلب ابنة وائل وبلغت هذه الكلمة عمر، فخاف أن يبطش قائده الشاب بنصارى تغلب، فيفلت من يده زمامهم في الوقت الذي يحاربون فيه مع المسلمين حمية للعروبة، فكف عنهم يد الوليد ونحاه عن منطقتهم، وبهذا الماضي المجيد جاء الوليد في خلافة عثمان فتولى الكوفة له، وكان من خير ولاتها عدلًا ورفقًا وإحسانًا، وكانت جيوشه مدة ولايته على الكوفة تسير في آفاق الشرق فاتحة ظافرة موفقة على ما سنذكره فيما بعد. “خ”»
[«العواصم من القواصم ط دار الجيل» (ص98)].
وعليه فلم يكن تولية عثمان له مجرد هوى وعصبية لقرابته، بل لأنه وجده مؤهلا لتلك الولاية، لكن الرافضة لأنه يعلمون قدر الرجل في الفتوحات التي أقضت مضاجع أسلافهم من المجوس شنوا عليه حملات الكذب والتشويه الذي يأبى الله تعالى أن يثبت شيء منه على الوليد بحال من الأحوال، ثم قد قال القاضي ابن العربي إن الذي رد على ذلك هو عثمان رضي الله عنه فقال: “«ما وليته؛ لأنه أخي، وإنما وليته؛ لأنه ابن أم حكيم البيضاء عمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتوأمة أبيه»
[«العواصم من القواصم ط دار الجيل» (ص98)].
ثانيا: دعوى أن قوله تعالى “إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا” قد نزلت في الوليد بن عقبة هي دعوى مجرد من الدليل الصحيح، يقول الشيخ محب الدين الخطيب عن تلك الأخبار: ” «فلما عكفت على دراستها وجدتها موقوفة على مجاهد، أو قتادة أو ابن أبي ليلى، أو يزيد بن رومان، ولم يذكر أحد منهم أسماء رواة هذه الأخبار في مدة مائة سنة أو أكثر مرت بين أيامهم وزمن الحادث، وهذه المائة من السنين حافلة بالرواة من مشارب مختلفة، وإن الذين لهم هوى في تسويء سمعة مثل الوليد ومن هم أعظم مقاما من الوليد قد ملأوا الدنيا أخبارا مريبة ليس لها قيمة علمية. وما دام رواة تلك الأخبار في سبب نزول الآية مجهولين من علماء الجرح والتعديل بعد الرجال الموقوفة هذه الأخبار عليهم، وعلماء الجرح والتعديل لا يعرفون من أمرهم حتى ولا أسمائهم، فمن غير الجائز شرعا وتاريخا الحكم بصحة هذه الأخبار المنقطعة التي لا نسب لها وترتيب الأحكام عليها»
[«العواصم من القواصم ط الأوقاف السعودية» (ص90)].
ونحن نذكر أقوى ما في تلك الروايات ووجه ضعفها باختصار.
الرواية الأولى: رواية مسند أحمد«حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ دِينَارٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، أَنَّهُ، سَمِعَ الْحَارِثَ بْنَ أَبِي ضِرَارٍ الْخُزَاعِيِّ، قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَعَانِي إِلَى الْإِسْلَامِ … فَلَمَّا أَنْ سَارَ الْوَلِيدُ حَتَّى بَلَغَ بَعْضَ الطَّرِيقِ، فَرِقَ، فَرَجَعَ، فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ الْحَارِثَ مَنَعَنِي الزَّكَاةَ، وَأَرَادَ قَتْلِي ... قَالَ: فَنَزَلَتِ الْحُجُرَاتُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ، فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6] إِلَى هَذَا الْمَكَانِ: {فَضْلًا مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [الحجرات: 8] (1)»
[«مسند أحمد» (30/ 403 ط الرسالة)].
هذه رواية ضعيفة، فيها دينار الكوفي.قال مصنفو التحرير «دينارُ الكوفي، والد عيسى: مقبولٌ، من الثالثة. عخ د ت.
- بل: مجهولُ، تفرَّد بالرواية عنه ابنُه عيسى بن دينار، ولم يوثِّقْه سوى ابن حبان، لذلك ذكره الذهبيُّ في “الميزان”»
[«تحرير تقريب التهذيب» (1/ 382)].
ولذلك قال الحافظ في الإصابة: “وفي السند من لا يعرف”.
[ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، ٤٨٢/٦]
وبهذا نرد على من صحح الرواية.
[«سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها» (7/ 234)]..
الرواية الثانية: رواية الآحاد والمثاني«حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ، نا عِيسَى، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَلْقَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: “ بَعَثَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ يُصْدِقُ أَمْوَالَنَا فَسَارَ حَتَّى إِذَا كَانَ قَرِيبًا مِنَّا وَذَلِكَ بَعْدَ وَقْعَةِ الْمُرَيْسِيعِ…ثم ساق القصة»
[«الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم» (4/ 309)].
وهي ضعيفة قال ابن الجوزي:«يَعْقُوب بن حميد بن كاسب الْمدنِي سكن مَكَّة وَقَالَ يحيى وَالنَّسَائِيّ لَيْسَ بِشَيْء وَقَالَ يحيى مرّة لَيْسَ بِثِقَة وَقَالَ مرّة ثِقَة وَقَالَ الْأَزْدِيّ ضَعِيف الحَدِيث»
[«الضعفاء والمتروكون لابن الجوزي» (3/ 215)].
الرواية الثالثة: تفسير الطبري«حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا جعفر بن عون، عن موسى بن عبيدة، عن ثابت موْلى أمّ سلمة، عن أمّ سلمة، قالت: “ بعث رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم رجلا في صدقات بني المصطلق بعد الوقعة… الخ»
[«تفسير الطبري جامع البيان – ط دار التربية والتراث» (22/ 286)].
وهذه الرواية ضعيفة بموسى بن عبيدة الربذي، قال الذهبي: ضعفوه، وقال أحمد: لا تحل الرواية عنه»
[«ديوان الضعفاء» (ص402)].
وقال الدارقطني: “لا يتابع على حديثه»
[«الضعفاء والمتروكون للدارقطني» (3/ 133)].
وقال أبو نعيم الأصبهاني«ضعفه عَليّ وَأحمد بن حَنْبَل نسبه إِلَى إِنْكَار الحَدِيث»
[«الضعفاء لأبي نعيم» (ص135)].
الرواية الرابعة : في تفسير الطبري“حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: ثَنِي أَبِي قَالَ: ثَنِي عَمِّي قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ} الْآيَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ…”.
[الطبري، أبو جعفر، تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر، ٣٥٠/٢١].
عطية العوفي قال الحافظ: ” صدوق يخطىء كثيرا وكان شيعيا مدلسا»
[«تقريب التهذيب» (ص393)].
وضعفه أهل العلم
«قَالَ ابْن معِين ضَعِيف»
[«المغني في الضعفاء» (1/ 275)].
قال النسائي «481 – عَطِيَّة الْعَوْفِيّ ضَعِيف»
«الضعفاء والمتروكون للنسائي» (ص85)
وذكر تضعيف العلماء له تفصيلا العقيلي في الضعفاء.
[«الضعفاء الكبير للعقيلي» (3/ 359)].
والرواية أيضا ضيعة بالحسن بن عطية العوفي قال الذهبي«الْحسن بن عطيه الْعَوْفِيّ عَن أَبِيه ضعفه أَبُو حَاتِم وَغَيره»
[«المغني في الضعفاء» (1/ 162)].
ومثله «الْحُسَيْن بن الْحسن بن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ ضَعَّفُوهُ عَن الْأَعْمَش وَأَبِيهِ»
[«المغني في الضعفاء» (1/ 170)].
إلى غير ذلك من أوجه ضعف الرواية .
الرواية الخامسة: تفسير الطبري:حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد “في قوله (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ) قال: الوليد بن عقبة بن أبي معيط، بعثه نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلى بني المصطلق..”.
[الطبري، أبو جعفر، تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر، ٢٨٧/٢٢].
وهذا مرسل عن مجاهد.وبالجملة فما رواية ينتهي سندها إلى مجاهد أو قتادة، او ابن أبي ليلي، او يزيد بن رومان، أو الضحاك
[«تفسير الطبري جامع البيان – ط دار التربية والتراث» (22/ 288:287)].
[«الجرح والتعديل لابن أبي حاتم» (2/ 6)].
فكلها مراسيل لا يجوز الاحتجاج بها، فضلا عما في أكثر أسانيدها من الضعف.
الرواية السابعة: رواية الطبراني في المعجم الأوسط«حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الرَّازِيُّ قَالَ: نا الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى بْنِ مَيْسَرَةَ الرَّازِيُّ قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ قَالَ: نا الْأَعْمَشُ، عَنْ مُوسَى بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ إِلَى بَنِي وَلِيعَةَ»
[«المعجم الأوسط للطبراني» (4/ 133)].
وهذه رواية ضعيفة وعلتها الرئيسة عبد الله بن عبد القدوس
قال ابن الجوزي: “«عبد الله بن عبد القدوس أَبُو صَالح الْكُوفِي سكن الرّيّ يروي عَن الْأَعْمَش وَعبيد الْمكتب قَالَ يحيى لَيْسَ بِشَيْء رَافِضِي خَبِيث وَقَالَ النَّسَائِيّ لَيْسَ بِثِقَة وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ ضَعِيف»
[«الضعفاء والمتروكون لابن الجوزي» (2/ 130)].
وبه يتيبن ضعف جميع الروايات في نزول هذه الآية في الوليد بن عقبة رضي الله عنه.ولا يغتر بما قاله ابن عبد البر في الاستيعاب
«ولا خلاف بين أهل العلم بتأويل القرآن فِيمَا علمت أن قوله عَزَّ وَجَلَّ [2] :إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ 49: 6 نزلت فِي الوليد بْن عُقْبَةَ»
[«الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (4/ 1553)].
اقول قد أنصف ابن عبد البر لما قال “فِيمَا علمت” وإلا فقد عارضه كثير من أهل العلم.قال ابن ماكولا: رأى الوليد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو طفل صغير»
[«أسد الغابة في معرفة الصحابة ط العلمية» (5/ 420)].
وقال الحافظ بعد ذكره للرواية «ويعارض ذلك ما أخرجه أبو داود في السنن من طريق ثابت بن الحجاج، عن أبي موسى عبد اللَّه الهمدانيّ، عن الوليد بن عقبة، قال: لما افتتح رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم مكة جعل أهل مكة يأتونه بصبيانهم فيمسح على رءوسهم»
[«الإصابة في تمييز الصحابة» (6/ 482)].
وما سبق من كلام محب الدين الخطيب فيه الكفاية، وليس كل من نقل الإجماع يؤخذ قوله بالتسليم، يقول محمد جواد مغنية: ” لم أر شيئا كثر مدعوه والمتشبثون به مثل الإجماع حتى أصبح التمسك به فوضى أو شبيها بالفوضى، فكل من أعوزه الدليل يلتجئ إلى الإجماع، بل قد يفتي فيه بشيء ويستدل بالإجماع، ثم يعدل ويفتي بضده، ويستدل بالإجماع”
[مع علماء النجف- محمد جواد مغنية ص٧٣].
وبين ذلك شهيدهم الثاني لنا ألف رسالة قال في مقدمتها: “هذه رسالة تشتمل على مسائلَ ادّعى فيها الشيخُ الإجماعَ مع أنّه نفسَه خالف في حكم ما ادّعى الإجماعَ فيه « 1 » ، أفردناها للتنبيه على أنْ لا يَغْترّ الفقيه بدعوى الإجماع ، فقد وقع فيه الخطأُ والمجازفةُ كثيراً من كلّ واحدٍ من الفقهاء سيّما من الشيخِ والمرتضى
[رسائل الشهيد الثاني ( ط . ج )، ج ٢، الشهيد الثاني، ص ١٧٩].
وقال الخوئي: “أما الإجماع فلأنه من المنقول ولا اعتبار عندنا بالإجماعات المنقولة”.
[شرح العروة الوثقى – الطهارة ( موسوعة الإمام الخوئي )، ج ٦، تقرير بحث السيد الخوئي للغروي، ص ٢٧١].
ولا أدل على ذلك من دعوى المرتضى الإجماع على عدم حجية خبر الواحد عندهم، ونقل في مقابله الطوسي الإجماع على حجيته.
[اسم الکتاب : غایة المأمول من علم الأصول المؤلف : الجواهري، الشيخ محمد تقي الجزء : 2 صفحة : 157]
وعليه فليس كل من نقل الإجماع يكون قوله حجة خاصة أنه عند التحقيق لا يثبت كما سبق بيانه.
ثالثا: إن كان مجرد تولية رجل اتهم بالفسق زورا سببا في التشنيع على عثمان، فما حكم علي بن أبي طالب رضي الله عنه والذي ولى زياد ابن ابيه، والذي قال عنه الأميني-صاحب الشبهة- زياد بن أبيه صاحب الطامات والجرائم الموبقة”.
[الغدير، ج ٥، الشيخ الأميني، ص ٣٠٢].
قال الطوسي : ” [ 581 ] 17 – زياد بن عبيد ، عامله عليه السلام على البصرة ” رجال الطوسي – الشيخ الطوسي – ص 65 .
وقال الحلي : زياد بن عبيد ، عامل علي ( عليه السلام ) على البصرة ” – [خلاصة الأقوال – الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي – ص 148 ].
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “وَقَدْ وَلَّى عَلِيٌّ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – زِيَادَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ أَبَا عُبَيْدِ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ قَاتِلَ الْحُسَيْنِ، وَوَلَّى الْأَشْتَرَ النَّخَعِيَّ، وَوَلَّى مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ وَأَمْثَالَ هَؤُلَاءِ. وَلَا يَشُكُّ عَاقِلٌ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – كَانَ خَيْرًا مِنْ هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ.وَمِنَ الْعَجَبِ أَنَّ الشِّيعَةَ يُنْكِرُونَ عَلَى عُثْمَانَ مَا يَدَّعُونَ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ أَبْلَغَ فِيهِ مِنْ عُثْمَانَ. فَيَقُولُونَ: إِنَّ عُثْمَانَ وَلَّى أَقَارِبَهُ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ عَلِيًّا وَلَّى أَقَارِبَهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، كَعَبْدِ اللَّهِ وَعُبَيْدِ اللَّهِ ابْنَيِ الْعَبَّاسِ. فَوَلَّى عُبَيْدَ اللَّهِ [بْنَ عَبَّاسٍ] (3) عَلَى الْيَمَنِ، وَوَلَّى عَلَى مَكَّةَ وَالطَّائِفِ قُثَمَ بْنَ الْعَبَّاسِ. وَأَمَّا الْمَدِينَةُ فَقِيلَ: إِنَّهُ وَلَّى عَلَيْهَا سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ. وَقِيلَ: ثُمَامَةَ بْنَ الْعَبَّاسِ. وَأَمَّا الْبَصْرَةُ فَوَلَّى عَلَيْهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ. وَوَلَّى عَلَى مِصْرَ رَبِيبَهُ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ الَّذِي رَبَّاهُ فِي حِجْرِهِ.
ثُمَّ إِنَّ الْإِمَامِيَّةَ تَدَّعِي أَنَّ عَلِيًّا نَصَّ عَلَى أَوْلَادِهِ فِي الْخِلَافَةِ، أَوْ عَلَى وَلَدِهِ، وَوَلَدِهِ عَلَى وَلَدِهِ الْآخَرِ، وَهَلُمَّ جَرًّا. وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ إِنْ كَانَ تَوْلِيَةُ الْأَقْرَبِينَ مُنْكَرًا، فَتَوْلِيَةُ الْخِلَافَةِ الْعُظْمَى أَعْظَمُ مِنْ إِمَارَةِ بَعْضِ الْأَعْمَالِ (1) ، وَتَوْلِيَةُ الْأَوْلَادِ أَقْرَبُ إِلَى الْإِنْكَارِ مِنْ تَوْلِيَةِ بَنِي الْعَمِّ. وَلِهَذَا كَانَ الْوَكِيلُ وَالْوَلِيُّ الَّذِي لَا يَشْتَرِي لِنَفْسِهِ لَا يَشْتَرِي لِابْنِهِ [أَيْضًا] (2) فِي أَحَدِ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ، وَالَّذِي دَفَعَ إِلَيْهِ الْمَالَ لِيُعْطِيَهُ لِمَنْ يَشَاءُ (3) لَا يَأْخُذُهُ لِنَفْسِهِ وَلَا يُعْطِيهُ لِوَلَدِهِ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِمْ.
[ابن تيمية، منهاج السنة النبوية، ١٨٥:١٨٤/٦].
والحمد لله رب العالمين
مواضيع شبيهة