تعارض طلب الإقالة من أبي بكر مع رفض عثمان إقالة الناس له .
يقول علي بن يونس العاملي: ” وقد كانت الشورى سببا لكل شر إلى اليوم ، وفي ذلك قوله ( إن كانت خيرا ) شك في خلافة نفسه وقول عثمان : لا أخلع قميصا قمصنيه الله ، يناقض قول عمر هذا ، وقول أبي بكر أقيلوني”.
[الصراط المستقيم، ج ٣، علي بن يونس العاملي النباطي البياضي، ص ١١٧].
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
أولا: طلب أبي بكر الإقالة لا يصح له إسناد، بل ومتنه منكر (هامش: قال الحافظ: «حَدِيثُ: “أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ: أَقِيلُونِي مِنْ الْخِلَافَةِ”، رَوَاهُ أَبُو الْخَيْرِ الطَّالَقَانِيُّ فِي السُّنَّةِ، مِنْ طَرِيقِ شَبَابَةَ بْنِ سَوَّارٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بُكَيْرٍ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَهُوَ مُنْكَرٌ مَتْنًا، ضَعِيفٌ مُنْقَطِعٌ سَنَدًا»)
[«التلخيص الحبير» (4/ 128 ط العلمية)].
وقد ذكرنا ذلك تفصيلا في كتاب الصديق، وهنا يسقط البحث والشبهة أصلا إذ لا تعارض بين ثابت صحيح وسراب لا يصح.
ولو صحت فهي منقبة للصديق وهضم لحق نفسه قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “وَأَمَّا قَوْلُهُ: ” إِنْ كَانَتْ إِمَامَتُهُ حَقًّا كَانَتِ اسْتِقَالَتُهُ مِنْهَا مَعْصِيَةً “.فَيُقَالُ: إِنْ ثَبَتَ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ، فَإِنَّ كَوْنَهَا حَقًّا إِمَّا بِمَعْنَى كَوْنِهَا جَائِزَةً، وَالْجَائِزُ يَجُوزُ تَرْكُهُ، وَإِمَّا بِمَعْنَى كَوْنِهَا وَاجِبَةً إِذَا لَمْ يُوَلُّوا غَيْرَهُ، وَلَمْ يُقِيلُوهُ. وَأَمَّا إِذَا أَقَالُوهُ وَوَلَّوْا غَيْرَهُ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً عَلَيْهِ. وَالْإِنْسَانُ قَدْ يَعْقِدُ بَيْعًا أَوْ إِجَارَةً، وَيَكُونُ الْعَقْدُ حَقًّا، ثُمَّ يَطْلُبُ الْإِقَالَةَ وَهُوَ لِتَوَاضُعِهِ وَثِقَلِ الْحِمْلِ عَلَيْهِ قَدْ يَطْلُبُ الْإِقَالَةَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ هُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْهُ، وَتَوَاضُعُ الْإِنْسَانِ لَا يُسْقِطُ حَقَّهُ”.
[ابن تيمية، منهاج السنة النبوية، ٤٦٩/٥]
وقد طلب علي الاستعفاء من الخلافة بل وأمر الناس أن يبايعوا غيره فقال قال الشريف الرضي : “ ومن كلام له (عليه السلام) لمّا أراده الناس على البيعة بعد قتل عثمان دَعُوني وَالْتَمِسُوا غَيْرِي ; فإِنَّا مُسْتَقْبِلُونَ أَمْراً لَهُ وُجُوهٌ وَأَلْوَانٌ; لاَ تَقُومُ لَهُ الْقُلُوبُ، وَلاَ تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْعُقُولُ ، وَإِنَّ الافَاقَ قَدْ أَغَامَتْ ، وَالْمَحَجَّةَ قَدْ تَنَكَّرَتْ. وَاعْلَمُوا أَنِّي إنْ أَجَبْتُكُمْ رَكِبْتُ بِكُمْ مَا أَعْلَمُ، وَلَمْ أُصْغِ إِلَى قَوْلِ الْقَائِلِ وَعَتْبِ الْعَاتِبِ، وَإِنْ تَرَكْتُمُونِي فَأَنَا كَأَحَدِكُمْ; وَلَعَلِّي أَسْمَعُكُمْ وَأَطْوَعُكُمْ لِمنْ وَلَّيْتُمُوهُ أَمْرَكُمْ، وَأَنَا لَكُمْ وَزِيراً، خَيْرٌ لَكُمْ مِنِّي أَمِيراً! ”
[ – نهج البلاغة – الشريف الرضي – ج 1 ص 181 – 182].
وقال أيضا في نهج البلاغة : ” ومن كلام له عليه السلام كلم به طلحة والزبير بعد بيعته بالخلافة : وَاللهِ مَا كَانَتْ لِي فِي الْخِلاَفَةِ رَغْبَةٌ، وَلاَ فِي الْوِلاَيَةِ إِرْبَةٌ ، وَلكِنَّكُمْ دَعَوْتُمُونِي إِلَيْهَا، وَحَمَلْتُمُونِي عَلَيْهَا ”
[نهج البلاغة – الشريف الرضي – ج 2 ص 184 ].
وفي نص ثالث قال: “وَبَسَطْتُمْ يَدِي فَكَفَفْتُهَا، وَمَدَدْتُمُوهَا فَقَبَضْتُهَا، ثُمَّ تَدَاكَكْتُمْ عَلَيَّ تَدَاكَّ الابِلِ الْهِيمِ عَلَى حِيَاضِهَا يَوْمَ وِرْدِهَا، حَتَّى انْقَطَعَتِ النَّعْلُ، وَسَقَطَ الرِّدَاءُ، وَوُطِىءَ الضَّعِيفُ، وَبَلَغَ مِنْ سُرُورِ النَّاسِ بِبَيْعَتِهِمْ إِيَّايَ أَنِ ابْتَهَجَ بِهَا الصَّغِيرُ، وَهَدَجَ إِلَيْهَا الْكَبِيرُ، وَتَحَامَلَ نَحْوَهَا الْعَلِيلُ، وَحَسَرَتْ إِلَيْهَا الْكِعَابُ ”
[- نهج البلاغة – الشريف الرضي – ج 2 ص 222 ].
فهذا علي بايعه الناس على الإمامة وهو رفضها بل وأمرهم بمبايعة غيره، (دعوني والتمسوا غيري) ووعد بأنه سيسمع ويطيع لمن يوليه الناس الأمر.
ثانيا: للحاكم والخليفة أن يتنازل عن الخلافة إذا رأى أن المصلحة في تنازله لا في بقائه .قال الشيخ الشنقيطي: “إن كان عزله لنفسه لموجب يقتضي ذلك كإخماد فتنة كانت ستشتعل لو لم يعزل نفسه، أو لعلمه من نفسه العجز عن القيام بأعباء الخلافة، فلا نزاع في جواز عزله نفسه. ولذا أجمع جميع المسلمين على الثناء على سبط رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، الحسن بن علي رضي الله عنهما، بعزله نفسه وتسليمه الأمر إلى معاوية، بعد أن بايعه أهل العراق؛ حقنا لدماء المسلمين، وأثنى عليه بذلك قبل وقوعه، جده رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بقوله: “إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين”. أخرجه البخاري وغيره من حديث أبي بكرة رضي الله عنه»
[«أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن» (1/ 85 ط عطاءات العلم)].
وقد اختلف أهل العلم في عزل الإمام نفسه بلا مسوغ شرعي لكن طلبا للراحة من أعبائها على قولين، قال القلقشندي: “«إِذا عزل نَفسه لغير عجز وَلَا ضعف بل آثر التّرْك طلبا للتَّخْفِيف حَتَّى لَا تكْثر أشغاله فِي الدُّنْيَا ويتسع حسابه فِي الْآخِرَة فَفِيهِ لِأَصْحَابِنَا الشَّافِعِيَّة وَجْهَان فِي التَّتِمَّة أَحدهمَا: الانعزال لِأَنَّهُ كَمَا لم تلْزم الْإِجَابَة إِلَى الْمُبَايعَة لَا يلْزمه الثَّبَات وَالثَّانِي :لَا يَنْعَزِل لِأَن الصّديق رضى الله عَنهُ قَالَ أقيلونى وَلَو كَانَ عزل نَفسه مؤثرا لما طلب الْإِقَالَة»
[«مآثر الإنافة في معالم الخلافة» (1/ 65)].
وبكل الأحوال فلو ثبت هذا القول عن الصديق لما كان فيه أي إشكال شرعي ويدلك عليه فعل علي والحسن بن علي رضي الله عنهما.
ثالثا: أما عدم استسلام عثمان للمنافقين الذين خرجوا عليه فهذا واجب عليه، بل ولا يجوز له النزول على رأيهم وذلك لعدة أمور
الأول: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمره بذلك كما صح في الحديث الصحيح «عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَأَيْنَا رَسُولَ اللهِ (1) صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَقْبَلَتْ إِحْدَانَا عَلَى الْأُخْرَى، فَكَانَ مِنْ آخِرِ كَلَامٍ كَلَّمَهُ، أَنْ ضَرَبَ مَنْكِبَهُ (2) ، وَقَالَ: ” يَا عُثْمَانُ، إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ عَسَى أَنْ يُلْبِسَكَ قَمِيصًا، فَإِنْ أَرَادَكَ الْمُنَافِقُونَ عَلَى خَلْعِهِ، فَلَا تَخْلَعْهُ حَتَّى تَلْقَانِي، يَا عُثْمَانُ، إِنَّ اللهَ عَسَى أَنْ يُلْبِسَكَ قَمِيصًا، فَإِنْ أَرَادَكَ الْمُنَافِقُونَ عَلَى خَلْعِهِ، فَلَا تَخْلَعْهُ حَتَّى تَلْقَانِي ” ثَلَاثًا، فَقُلْتُ لَهَا: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَيْنَ كَانَ هَذَا عَنْكِ؟ قَالَتْ: نَسِيتُهُ، وَاللهِ فَمَا ذَكَرْتُهُ. قَالَ: فَأَخْبَرْتُهُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، فَلَمْ يَرْضَ بِالَّذِي أَخْبَرْتُهُ حَتَّى كَتَبَ إِلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ اكْتُبِي إِلَيَّ بِهِ، فَكَتَبَتْ إِلَيْهِ بِهِ كِتَابًا»
[«مسند أحمد» (41/ 113 ط الرسالة)].
فهذا أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- لعثمان ألا يخلع نفسه من الخلافة .
ثانيا: قد ثبت أن هؤلاء الثوار ما هم إلا مجرد مجموعة من المنافقين لا يدخلون قط تحت أهل الحل والعقد حتى يكون لقولهم اعتبار، فإن أحدا من أصحاب رسول الله ﷺ لم يشترك قط معهم، وفي الحديث السابق قد وسمهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بتلك السمة “فَإِنْ أَرَادَكَ الْمُنَافِقُونَ عَلَى خَلْعِهِ، فَلَا تَخْلَعْهُ”.فكيف يمكن أن يكون الحاكم على الخليفة وعلى الناس مجموعة من المنافقين.؟
الثالث: أنه لو تنازل لهم عن الخلافة لسقطت هيبة الدولة والخليفة والخلافة،وقد لخَّص عبد الله بن عمر ذلك كما في تاريخ دمشق: «عن أبي القاسم الشنوي عن نافع قال ورافقني بالساحل فسألته عن أمر عثمان فقال سمعت عبد الله بن عمر يقول أرسل إلي وهو محصور وقد فتح الباب ودخل عليه الناس فقال ما ترى فيما يعرض هؤلاء وهؤلاء الذين يأمرونه بالاستقتال والذين يحصرونه على الخلع أو القتل فقال وما يعرضون عليك فقال أما هؤلاء فالاستقتال ووالله ما أحد ما أمتنع به ولا أمنعهم منه وأما هؤلاء فإنهم يعرضون علي أن أخلعها وألحق بمنزلي فوالله لهي أهون علي إن لم أؤجر عليها من قتالي فقلت له إن يستقتل يقتل أعلام الدين ولا يبقى أحد فلا يفعل وأما ما عرض هؤلاء فلا يفعل أمخلد أنت إذا خلعتها قال لا فقاتلوك إن أنت لم تخلعها قال زعموا ذلك قلت يملكون تعجيل يومك أو تأخيره قال لا قلت أيملكون لك جنة أو نارا قال لا [قلت] فلا أرى أن تخلع قميصا قمصكه الله فتكون سنة كلما كره قوم خليفتهم أو إمامهم خلعوه حتى لا يقوم لله دين ولا للمسلمين نظام وأدخل معي في ذلك غيري ففعل فأدخل في ذلك من شهده أو غاب عنه فأجمع الملأ أن الخير في الصبر»
[«تاريخ دمشق لابن عساكر» (39/ 358)] .
فالاستسلام لهؤلاء الغوغاء فيه تضييع للدين والدنيا.بل إن اهل الحل والعقد إذا أرادوا خلع الإمام بلا سبب فلا يجوز ذلك
قال في موسوعة الإجماع«لا يجوز لأهل الحل والعقد خلع الإمام ما دام لم يأت بما يستحق عزله.
- من نقل الإجماع: أبو المعالي الجويني (478 هـ) قال: “من انعقدت له الإمامة بعقد واحد فقد لزمت، ولا يجوز خلعه من غير حدث وتغير أمر، وهذا مجمع عليه” (1)، نقله القرطبي (671 هـ) (2) المرداوي (885 هـ) قال: “وهل لهم عزله إن كان بسؤاله؟ فحكمه حكم من عزل نفسه، وإن كان بغير سؤاله لم يجز بغير خلاف” (3) الحجاوي (960 هـ) قال: “ولهم عزله إن سأل العزل، لقول الصديق: (أقيلوني أقيلوني)، وإلا حرم إجماعًا” (4) البهوتي (1051 هـ) قال: “وإن لم يسأل العزل حرم عزله إجماعًا” (5).
- الموافقون على الإجماع: الحنفية (6)، والمالكية (7)، والشافعية (8)، والحنابلة»
[«موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي» (5/ 249)].
فأنت ترى أنه إجماع وهو حق ويستدل له بما يلي:
1 – لأنا لو جوزنا ذلك لأدى إلى الفساد؛ لأن الآدمي ذو بدرات، فلا بد من تغير الأحوال في كل وقت، فيعزلون واحدًا، ويولون آخر، وفي كثرة العزل والتولية زوال الهيبة، وفوات الغرض من انتظام الأمر .
2 – ولأنه الحافظ الأمين، فخلعه بغير ذنب جنته يداه مخالفة لهدي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم.النتيجة: صحة الإجماع على أنه لا يجوز عزل الإمام بغير عذر»
[موسوعة الإجماع (5/ 249)].
بل حتى في حال الفسق قد اختلف أهل العلم في جواز عزله من أهل الحل والعقد فقال بعض اهل العلم بجواز العزل وصحته، وقال بعضهم بعدم جواز ذلك وهو الأقوى في موسوعة الإجماع: «لا ينعزل الإمام بالفسق والظلم وتعطيل الحقوق
- المراد بالمسألة: اختلف أهل العلم فيما إذا انعقدت الإمامة لعدل ثم طرأ عليه فسق، فمن قائل باستدامة العقد ما لم يصل به الفسق إلى ترك الصلاة أو الكفر، ومن قائل بأنه يستحق العزل وتنتقض بيعته، وفصل آخرون في قول ثالث.
بَيْدَ أنه من المستقر عليه أنه ليس كل من استحق العزل يُعزل، وإنما مدار الأمر على فقه السياسة الشرعية، والمصالح المبتغاة من ذلك، وعظيم الأضرار التي ستنجم بالبلاد والعباد فيما لو فشلت محاولة عزله، وبالأحرى فإن كانت ثمة فتنة أكبر لم يجز عزله، ألا ترى أنه لا يجوز إنكار المنكر بمنكر أعظم منه؟ أما إذا أمنت الفتنة، وقدر على عزله بوسيلة لا تؤدي إلى فتنة، فحالئذ يتولى أهل الحل والعقد القيام بعزله، أليسوا هم الذين دشنوا معه عقد الإمامة؟ فهم الذين يملكون نقضه
• من نقل الإجماع: أبو اليسر البزدوي (493 هـ) قال: “وجه قول أهل السنة والجماعة -في أن الإمام إذا جار أو فسق لا ينعزل- إجماع الأمة؛ فإنهم رأوا الفساق أئمة” النووي (676 هـ) قال: “أجمع أهل السنة أنه لا ينعزل السلطان بالفسق”، وقال -أيضًا-: “قال جماهير أهل السنة من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين: لا ينعزل بالفسق، والظلم، وتعطيل الحقوق” (2)، نقله المباركفوري (1353 هـ) (3) ملا علي القاري (1014 هـ) قال: “أجمع أهل السنة على أن السلطان لا يُعزل بالفسق؛ لتهييج الفتن في عزله، وإراقة الدماء، وتفريق ذات البين، فتكون المفسدة في عزله أكثر منها في بقائه” (4).
- الموافقون على الإجماع: الحنفية (5)، والمالكية (6)، وإليه ذهب بعض أصحاب الشافعي (7)، ومذهب الحنابلة (8)، والظاهرية -إن كف وآب إلى الحق- (9).ونُسب إلى الصحابة الذين اعتزلوا الفتنة التي حدثت بين علي ومعاوية رضي اللَّه عنهما، وهم: سعد بن أبي وقاص، وأسامة بن زيد، وابن عمر، ومحمد بن مسلمة، رضي اللَّه عنهم وأرضاهم (10). وهو قول الحسن البصري (11)، ومذهب عامة أهل الحديث»
[«موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي» (5/ 254)].
وبه تبين وجه الفرق بين قول أبي بكر (أقيلوني) – على التنزل بصحته- وبين رفض عثمان أن يخلع الخلافة إذ أن الذين ثاروا على عثمان لم يكون أهل حل وعقد، ولم يثوروا بالحق بل بالباطل وقد رد عليهم عثمان أباطيلهم واتهاماتهم، وردهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه وناظرهم، وقام الصحابة الذين هم أهل الحل والعقد قومة رجل واحد دفاعا عن عثمان لكنه رفض لمسوغات شرعية ذكرناها في جوابنا على شبهة (زعم الشيعة أن الصحابة أجمعوا على قتل عثمان وأنه حلال الدم).
فكان رفض عثمان أن ينزع قميصا قصمه الله إياه حق من كل وجه.
والحمد لله رب العالمين.
مواضيع شبيهة
دعوى دفن عثمان في مقبرة اليهود بعد ثلاثة أيام من قتله دون أن يُصلى عليه.