7ewaratwelzamat
حوارات وإلزامات

بطلان حديث سد الأبواب الا باب أبي بكر بنفي وجود بيت له بجوار المسجد .

0

 

قال الشيعة إن أهل السنة ذكروا رواية في فضل أبي بكر تذكر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- استثنى باب بيته الذي يفتح على مسجد النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة لكن هذا الحديث يبطله أنه لم يثبت أن أبا بكر كان له بيت بجوار المسجد النبوي الشريف وهذا باعتراف عالمين من علماء أهل السنة.قال الموسوي: وبعبارة أوضح : جعلوا سدّ الأبواب كناية عن سدّ أفواه الأمة ومطامعها عن معارضته في أمر الخلافة أو سدّ طرق الوصول إليها على غيره ، ونقل القسطلاني عن التوريشتي والطيبي القول بأن المجاز أقوى معللين ذلك بقولهما : إذ لم يصح عندنا أن أبا بكر كان له منزل بجنب المسجد وأن منزله إنما كان بالسنح من عوالي المدينة”

[إلى المجمع العلمي العربي بدمشق، السيد شرف الدين، ص ١٠٠].

 

والجواب على هذه الشبهة من وجوه:

 

أولا: الحديث ثابت في الصحيحين وغيرها قال الإمام البخاري: “3654 – حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، النَّاسَ وَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ ذَلِكَ العَبْدُ مَا عِنْدَ اللَّهِ»، قَالَ: فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ، فَعَجِبْنَا لِبُكَائِهِ: أَنْ يُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَبْدٍ خُيِّرَ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ المُخَيَّرَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبَا بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا غَيْرَ رَبِّي لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلاَمِ وَمَوَدَّتُهُ، لاَ يَبْقَيَنَّ فِي المَسْجِدِ بَابٌ إِلَّا سُدَّ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ»

[البخاري، صحيح البخاري، ٤/٥].

 

وفي رواية مسلم قال: “لَا تُبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ خَوْخَةٌ إِلَّا خَوْخَةَ أَبِي بَكْرٍ»

[مسلم، صحيح مسلم، ١٨٥٤/٤].

هامش: والخوخة: طاقة في الجدار تفتح لأجل الضوء، ولا يشترط علوها، وحيث تكون سفلى يمكن الاستطراق منها لاستقراب الوصول إلى مكان مطلوب، وهو المقصود هنا، لهذا أطلق عليها باب، وقيل: لا يطلق عليها باب إلا إذا كانت تغلق”.[السمهودي، وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى، ٦١/٢].

 

وعليه فالرواية ثابتة صحيحة السند وهي حجة على كل أحد.

قال العيني: “ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ من الْفَوَائِد الأولى: مَا قَالَه الْخطابِيّ: وَهُوَ أَن أمره بسد الْأَبْوَاب غير الْبَاب الشَّارِع إِلَى الْمَسْجِد إِلاَّ بَاب أبي بكر، يدل على اخْتِصَاص شَدِيد لأبي بكر، وإكرام لَهُ، لِأَنَّهُمَا كَانَا لَا يفترقان.ثم قال :قَالَ الْخطابِيّ: وَلَا أعلم أَن إِثْبَات الْقيَاس أقوى من إِجْمَاع الصَّحَابَة على اسْتِخْلَاف أبي بكر، مستدلين فِي ذَلِك باستخلافه إِيَّاه فِي أعظم أُمُور الدّين، وَهُوَ الصَّلَاة، فقاسوا عَلَيْهَا سَائِر الْأُمُور، وَلِأَنَّهُ كَانَ يخرج من بَاب بَيته وَهُوَ فِي الْمَسْجِد للصَّلَاة، فَلَمَّا غلق الْأَبْوَاب إلاَّ بَاب أبي بكر دلّ على أَنه يخرج مِنْهُ للصَّلَاة، فَكَأَنَّهُ أَمر بذلك على أَن من بعده يفعل ذَلِك هَكَذَا.

[بدر الدين العيني، عمدة القاري شرح صحيح البخاري، ٢٤٥/٤].

 

وقال الملا على القاري: وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ: أَنَّ أَبْوَابًا كَانَتْ مُفَتَّحَةً فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَأَمَرَ بِهَا فَسُدَّتْ، غَيْرَ بَابِ أَبِي بَكْرٍ فَقَالُوا: سَدَّ أَبْوَابَنَا غَيْرَ بَابِ خَلِيلِهِ، وَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَقَامَ فِيهِمْ فَقَالَ: (أَتَقُولُونَ سَدَّ أَبْوَابَنَا وَتَرَكَ بَابَ خَلِيلِهِ، فَلَوْ كَانَ مِنْكُمْ خَلِيلٌ كَانَ هُوَ خَلِيلِي، وَلَكِنِّي خَلِيلُ اللَّهِ فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُونَ لِي صَاحِبِي فَقَدْ وَاسَانِي بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ وَقَالَ لِي: صَدَقَ وَقُلْتُمْ كَذَبَ)” .

[الملا على القاري، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، ٣٨٨٤/٩].

 

ثانيا: أثبت وجود بيت للصديق في الجهة الغربية للمسجد جمع كبير من أهل العلم وقد ذكر بعضهم السمهودي في كتابه وفاء الوافا، قال: ” وقال ابن شبة أيضا في ذكر دور بني تيم: اتخذ أبو بكر رضي الله عنه دارا في زقاق البقيع قبالة دار عثمان الصغرى، واتخذ منزلا آخر أيضا عند المسجد، وهو المنزل الذي قال فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: سدوا عني هذه الأبواب إلا ما كان من باب أبي بكر.قال أبو غسان: أخبرني محمد بن إسماعيل بن أبي فديك أن عمه أخبره أن الخوخة الشارعة في دار القضاء في غربي المسجد خوخة أبي بكر الصديق التي قال لها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: سدوا عني هذه الأبواب إلا ما كان من خوخة أبي بكر الصديق، واتخذ أبو بكر أيضا بيتا بالسنح، اه كلام ابن شبة.وقال الجمال المطري: وأما خوخة أبي بكر رضي الله عنه فإن ابن النجار قال: قال أهل السير: إن باب أبي بكر كان عربي المسجد، ونقل أيضا أنه كان قريب المنبر، ولما زادوا في المسجد إلى حده في الغرب نقلوا الخوخة (2) وجعلوها في مثل مكانها أولا، كما نقل باب عثمان إلى موضعه اليوم.قال المطري: وباب خوخة أبي بكر اليوم هو باب خزانة لبعض حواصل الحرم، إذا دخلت من باب السلام كانت على يسارك قريبا من الباب.قلت: وهذه الخزانة جعل في جهتها عند عمارة المدرسة الأشرفية ثلاثة أبواب، ومحل الخوخة من ذلك الباب الثالث من على يسارك إذا دخلت من باب السلام، وتعرف قديما بخزانة النورة لوضعها فيها للعمارة.

[السمهودي، وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى، ٦٢/٢].

 

بل إن السمهودي ذكر إجماع المؤرخين على وجود دار لأبي بكر غربي المسجد:“ولم يذكر ابن زبالة ويحيى وغيرهما إدخال عمر دار أبي بكر رضي الله عنه في المسجد، ويتعين أن يكون عمر هو الذي أدخلها؛ لما سبق في الفصل قبله من أن باب خوختها كان غربي المسجد، وأن الخوخة المجعولة في محاذاتها عند إدخال الدار هي الخوخة الموجودة اليوم غربي المسجد، وهذا لا خلاف فيه عند المؤرخين، ولهذا قال ابن النجار نقلا عن أهل السير: كانت خوخة أبي بكر في غربي المسجد، فعلمنا بذلك أن دار أبي بكر كانت في غربي المسجد، وأن عمر رضي الله عنه أدخلها:

[السمهودي، وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى، ٧٦/٢].

 

ويذكر السمهودي مآل هذه الدار فيقول : قلت: تقدم في زيادة عمر رضي الله عنه أن الحافظ ابن حجر نقل عن ابن شبة أن دار أبي بكر التي أذن له في إبقاء الخوخة منها إلى المسجد اشترتها حفصة أم المؤمنين، فلم تزل في يدها إلى أن أرادوا توسيع المسجد في خلافة عثمان، فطلبوها منها ليوسع بها في المسجد، فامتنعت وقالت: كيف بطريقي إلى المسجد؟ فقيل لها: نعطيك دارا أوسع منها ونجعل لك طريقا مثلها، فسلمت وضيت، والذي ذكره ابن شبة في علم دور أزواج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما سنذكره عنه في الدور التي كانت حول المسجد من أن حفصة اتخذت دارها التي في قبلة المسجد لها خوخة في المسجد، فورثها عبد الله بن عمرن وذكر ما سيأتي في أصل هذه الدار من كونها كانت مربدا كما سيأتي، ثم ذكر لحفصة دارا أخرى، ثم قال: وأخبرني مخبر قال: كان بيت أبي بكر الذي أذن له النبي صلّى الله عليه وسلّم في إبقاء خوخته بيد عبد الله بن عمر، وهو البيت الذي على يمينك إذا دخلت دار عبد الله من الخوخة التي في المسجد، فتلقاك هناك خوخة في جوف الخوخة التي هي الطريق المبوب، فتلك الخوخة خوخة أبي بكر، قال: وكانت حفصة ابتاعت ذلك المسكن من أبي بكر، والدار الذي ذكرت فوق هذه الشارعة على باب دار عبد الله إلى جنب دار هشام، فباع أبو بكر رضي الله عنه ذلك المسكن وتلك الدار من حفصة بأربعة آلاف درهم، ونقدها عنها عثمان بن عفان، وإنما باع ذلك أبو بكر لناس قدموا عليه من بني تميم فسألوه”.

[السمهودي، وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى، ٨٧:٧٦/٢].

 

وقال جمال الدين أحمد بن محمد المطري: «وأما ‌خوخة ‌أبي ‌بكر -رضي الله عنه- فإن الشيخ محب الدين بن النجار قال: قال أهل السير: إن باب أبي بكر كان غربي المسجد، ونَقَل أيضًا أنه كان قريب المنبر، ولما زادوا في المسجد إلى حده من الغرب، نقلوا الخوخة وجعلوها في مثل مكانها أولا.كما نقل باب عثمان إلى موضعه اليوم. قلت: وباب ‌خوخة ‌أبي ‌بكر -رضي الله عنه- اليوم هو باب خزانةٍ لبعض حواصل المسجد، إذا دخلت من باب السلام المعروف قديمًا بباب مروان كانت على يسارك، قريبًا من الباب»

[«التعريف بما أنست الهجرة من معالم دار الهجرة» (ص102)].

 

ثالثا: ادعاء المعارضة بين هذا الحديث وحديث سد الأبواب الا باب علي لا يصح والذي رواه أحمد : “حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا فِطْرٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَرِيكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الرُّقَيْمِ الْكِنَانِيِّ، قَالَ: خَرَجْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ زَمَنَ الْجَمَلِ فَلَقِيَنَا سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ بِهَا، فَقَالَ: “أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَدِّ الْأَبْوَابِ الشَّارِعَةِ فِي الْمَسْجِدِ، وَتَرْكِ بَابِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ”

[أحمد بن حنبل، مسند أحمد ط الرسالة، ٩٩/٣].

 

ادعاء التعارض مع هذا الحديث باطل لأنه من المعلوم أن الاستثناء كان لباب أبي بكر الصديق كما ثبت في البخاري وغيره، وأما سد الأبواب غير باب علي فهذا الحديث مختلف في صحته وضعفه، وقد قال ابن الجوزي: “الحَدِيث الرَّابِع عشر فِي سد الْأَبْوَاب غير بَابه: فِيهِ عَن سعد بن أبي وَقاص وَابْن عَبَّاس وَزيد بن أَرقم وَجَابِر”.

[ابن الجوزي، الموضوعات لابن الجوزي، ٣٦٣/١].

 

وبعدما ساق الروايات ونقضها قال “فَهَذِهِ الأَحَادِيثُ كُلُّهَا مِنْ وضع الرافضة قابلوا بِهِ [بِهَا] الْحَدِيثُ الْمُتَّفَقُ عَلَى صِحَّتِهِ فِي ” سُدُّوا الأَبْوَابَ إِلا بَابَ أَبِي بَكْرٍ “.

[ابن الجوزي، الموضوعات لابن الجوزي، ٣٦٦/١].

 

ومما يدلك على كذب هذه الرواية أنها قد جاءت في المسند بهذا السياق

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ مَيْمُونٍ أَبِي عَبْدِ اللهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: كَانَ لِنَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْوَابٌ شَارِعَةٌ فِي الْمَسْجِدِ. قَالَ: فَقَالَ يَوْمًا: ” سُدُّوا هَذِهِ الْأَبْوَابَ، إِلَّا بَابَ عَلِيٍّ ” قَالَ: فَتَكَلَّمَ فِي ذَلِكَ النَّاسُ، (1) قَالَ: فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَمِدَ اللهَ تَعَالَى، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: ” أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَمَرْتُ بِسَدِّ هَذِهِ الْأَبْوَابِ، إِلَّا (2) بَابَ عَلِيٍّ وَقَالَ فِيهِ قَائِلُكُمْ، وَإِنِّي وَاللهِ مَا سَدَدْتُ شَيْئًا وَلَا فَتَحْتُهُ، وَلَكِنِّي أُمِرْتُ بِشَيْءٍ فَاتَّبَعْتُهُ ”

[أحمد بن حنبل، مسند أحمد ط الرسالة، ٤١/٣٢].

 

قال محققو المسند: “إسناده ضعيف ومتنه منكر”

[أحمد بن حنبل، مسند أحمد ط الرسالة، ٤١/٣٢].

 

ثم إنه ليس من عادة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أن يعتذر لأصحابه عند اعتراضهم على شيء أن هذا ليس أمره هو بل أمر الله.! وقد أمرنا الله بطاعة نبيه كما أمرنا بطاعته فكيف يبرر النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- لأصحابه بكلام يوهم معارضة كتاب الله الذي جعل أمر النبي كأمر الله تعالى (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ۖ وَمَنْ تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا) [سورة النساء 80] سبحان الله العظيم. . ! ما أوضح الكذب.! وحديث الأمر بسد كل الأبواب إلا باب أبي بكر الصديق أثبت منه باتفاق، فبقاء باب الصديق مفتوحا هو الأقوى سندا ومتنا وتوقيتا، ثم إننا لو تنزلنا وقلنا بصحة حديث علي بن أبي طالب لأمكننا القول بالنسخ، إذ حديث علي متقدم وحديث أبي بكر كان في مرض موته صلى الله عليه وآله وسلم باتفاق، ويمكن الجمع أيضا بما قاله الحافظ ابن حجر في الفتح: “وَمُحَصَّلُ الْجَمْعِ أَنَّ الْأَمْرَ بِسَدِّ الْأَبْوَابِ وَقَعَ مَرَّتَيْنِ فَفِي الْأُولَى اسْتُثْنِيَ عَلِيٌّ لِمَا ذَكَرَهُ وَفِي الْأُخْرَى اسْتُثْنِيَ أَبُو بَكْرٍ وَلَكِنْ لَا يَتِمُّ ذَلِكَ إِلَّا بِأَنْ يُحْمَلَ مَا فِي قِصَّةِ عَلِيٍّ عَلَى الْبَابِ الْحَقِيقِيِّ وَمَا فِي قِصَّةِ أَبِي بَكْرٍ عَلَى الْبَابِ الْمَجَازِيِّ وَالْمُرَادُ بِهِ الْخَوْخَةُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ وَكَأَنَّهُمْ لَمَّا أُمِرُوا بِسَدِّ الْأَبْوَابِ سَدُّوهَا وَأَحْدَثُوا خِوَخًا يَسْتَقْرِبُونَ الدُّخُولَ إِلَى الْمَسْجِدِ مِنْهَا فَأُمِرُوا بَعْدَ ذَلِكَ بِسَدِّهَا فَهَذِهِ طَرِيقَةٌ لَا بَأْسَ بِهَا فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ وَبِهَا جَمَعَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ فِي مُشْكِلِ الْآثَارِ وَهُوَ فِي أَوَائِلِ الثُّلُثِ الثَّالِثِ مِنْهُ وَأَبُو بَكْرٍ الْكَلَابَاذِيُّ فِي مَعَانِي الْأَخْبَارِ وَصَرَّحَ بِأَنَّ بَيْتَ أَبِي بَكْرٍ كَانَ لَهُ بَابٌ مِنْ خَارِجِ الْمَسْجِدِ وَخَوْخَةٌ إِلَى دَاخِلِ الْمَسْجِدِ وَبَيْتُ عَلِيٍّ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَابٌ إِلَّا مِنْ دَاخِلِ الْمَسْجِدِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ”.

[ابن حجر العسقلاني، فتح الباري لابن حجر، ١٥/٧].

 

وقال السمهودي بعد ذكره لكلام الحافظ بن حجر: “والعبارة تحتاج إلى تنقيح؛ لأن ما ذكره بقوله «ومحصل الجمع» طريقة أخرى في الجمع غير الطريقة المتقدمة؛ إذ محصل الطريقة المتقدمة أن البابين بقيا، وأن المأمورين بالسد هم الذين كان لهم أبواب إلى غير المسجد مع أبواب من المسجد، وأما علي فلم يكن بابه إلا من المسجد، وأن الشارع صلّى الله عليه وسلّم خصّه بذلك، وجعل طريقه إلى بيته المسجد لما سبق، فباب أبي بكر هو المحتاج إلى الاستثناء، ولذلك اقتصر الأكثر عليه، ومن ذكر باب علي فإنما أراد بيان أنه لم يسد، وأنه وقع التصريح بإبقائه أيضا، والطريقة الثانية تعدد الواقعة، وأن قصة علي كانت متقدمة على قصة أبي بكر رضي الله عنهما”.

[السمهودي، وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى، ٦٥: ٦٤/٢].

 

قلت: وعليه فقد كان إبقاء باب علي لأنه لا طريق غيره للخروج، وأما باب الصديق فكان إبقاؤه مفتوحا محض كرامة وتكريما للصديق لأن لبيته باب آخر غير الباب المؤدي للمسجد.

 

رابعا: كلام التوربشتي والطيبي مردود عند جميع أهل العلم إذ أن التوربشتي والطيبي استدلا بدليل أوهن من بيت العنكبوت، فقد ظنوا بأن وجود بيت للصديق بالسنح يدل على عدم وجود بيت له بجوار المسجد النبوي الشريف ولذلك رد عليهم أهل العلم، وإليك نقل كلامهم والرد عليه قال القسطلاني: “«قال التوربشتي: وأرى المجاز أقوى إذ ‌لم ‌يصح ‌عندنا ‌أن ‌أبا ‌بكر ‌كان ‌له ‌منزل بجنب المسجد، وإنما كان منزله بالسنح من عوالي المدينة انتهى. وتعقبه في الفتح بأنه استدلال ضعيف لأنه لا يلزم من كون منزله كان بالسنح أن لا يكون له دار مجاورة للمسجد، ومنزله الذي كان بالسنح هو منزل أصهاره من الأنصار، وقد كان له إذ ذاك زوجة أخرى وهي أسماء بنت عميس بالاتفاق، وقد ذكر عمر بن شبة في أخبار المدينة أن دار أبي بكر التي أذن له في إبقاء الخوخة منها إلى المسجد كانت ملاصقة للمسجد، ولم تزل بيد أبي بكر حتى احتاج إلى شيء يعطيه لبعض من وفد عليه فباعها فاشترتها منه أم المؤمنين حفصة بأربعة آلاف درهم»

[«شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري» (6/ 84)].

 

وكانت حجة التوربشتي هي هي نفس حجة الطيبي: “يقول القسطلاني: “«ورجحه الطيبي محتجًّا بأنه لم يصح عنده أن أبا بكر -رضي الله عنه- كان له بيت بجنب المسجد وإنما كان منزله ‌بالسنح من عوالي المدينة.وهذا الحديث مرّ في كتاب الصلاة وغيره»

[«شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري» (6/ 215)].

 

وعليه فكلامهم مردود لضعف الحجة، ثم مخالفة الحديث الصحيح، ثم إجماع أهل العلم، ثم لأنهم نافون وغيرهم مثبتون والمثبت أعلم من الناس كما هو المتفق عليه، يقول علي الحسيني الميلاني: “المثبت مقدم على النافي”.

[الامامة في أهم الكتب الكلامية، السيد علي الحسيني الميلاني، ص ١٧١].

 

ويقول محمد حسين الحائري: “نقول المثبت مقدم على النافي لان مرجع النفي إلى عدم الاطلاع غالبا وهو لا يصلح لمعارضة مدعيه”.

[الفصول الغروية في الأصول الفقهية، محمد حسين الحائري، ص ٤٤].

 

وقال في الفوائد الطوسية: “انه قد تقرر إن الشهادة على النفي غير المحصور لا تقبل وان عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود وان المثبت مقدم على النافي”.

[الفوائد الطوسية، الحر العاملي، ص ٢٥٩].

 

وبه يسقط كلام التوربشتي والطيبي.

وعليه فقد كان استثناء باب الصديق تكريما وتشريفا له رضي الله عنه وإظهارا لفضله رغم انف الشيعة الحاقدين والحمد لله رب العالمين

قناة اليوتيوب

مواضيع شبيهة

دفن فاطمة ليلا وعدم حضور ابي بكر وعمر لجنازتها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.