انهزم أبو بكر في خيبر
قال جعفر مرتضى العاملي: “زعمت بعض النصوص المتقدمة: أن أبا بكر و عمر قد قاتلا قتالا شديدا، و قد جهدا فلم يفتح لهما، ونحن ليس فقط نشك في صحة ذلك، بل نرجح: أنهما قد هزما قبل مباشرة القتال، أو أنهما باشراه مع ظهور الخوف و الجبن، فانهزما بسرعة قبل إنجاز أي شيء مؤثر، أو صالح لأن يوصف بأنه قتال. .
ونستند في ذلك إلى ما يلي:…
و قد ورد في حديث بريدة أيضا قوله: «فأخذ اللواء أبو بكر، فانصرف و لم يفتح له، ثم أخذها عمر من الغد، فخرج و رجع و لم يفتح له. .» .وفي حديث ابن أبي ليلى، و ابن عباس: بعث أبا بكر، فسار بالناس؛ فانهزم حتى رجع إليه، و بعث عمر، فانهزم بالناس حتى انتهى إليه.وفي نص آخر: دفع «صلى اللّه عليه و آله» اللواء لرجل من المهاجرين، فرجع و لم يصنع شيئا. فدفعه إلى آخر من المهاجرين فرجع و لم يصنع شيئا….”
[اسم الکتاب : الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله المؤلف : العاملي، السيد جعفر مرتضى الجزء : 17 صفحة : 251]
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
أولا: جميع الروايات التي جاءت بالتصريح أو التلميح بهزيمة أبي بكر وعمر ضعيفة الأسانيد وقد جمع كل طرقها أبو حذيفة نبيل بن منصور بن يعقوب بن سلطان البصارة الكويتي في كتابه “أنِيسُ السَّاري في تخريج وَتحقيق الأحاديث التي ذكرها الحَافظ ابن حَجر العسقلاني في فَتح البَاري”، وانتهى إلى ضعف جميع الأسانيد في ذلك، وأنا أنقل كلامه بطوله للفائدة«897 – (5691) قال الحافظ: في حديث علي عند ابن أبي شيبة: أرمد، وفي حديث جابر عند الطبراني في “الصغير“: أرمد شديد الرمد، وفي حديث ابن عمر عند أبي نعيم في “الدلائل”: أرمد لا يبصر.وقال: وعند الحاكم من حديث علي نفسه: قال: فوضع رأسي في حجره ثم بزق في ألية راحته فدلك بها عيني” (1)حديث علي أخرجه ابن أبي شيبة (12/ 62 – 63 و14/ 464 – 465) عن علي بن هاشم بن البريد الكوفي ثنا ابن (2) أبي ليلى عن المنهال (3) والحكم (4) وعيسى (5) عن«عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: كان عليٌّ يخرج في الشتاء في إزار ورداء ثوبين خفيفين، وفي الصيف في القباء المحشو والثوب الثقيل.
فقال الناس لعبد الرحمن: لو قلت لأبيك فإنه يسهر معه. فسألت أبي فقلت: إنَّ الناس قد رأوا من أمير المؤمنين شيئاً استنكروه، قال: وما ذاك؟ قال: يخرج في الحر الشديد في القباء المحشو والثوب الثقيل ولا يبالي ذلك، ويخرج في البرد الشديد في الثوبين الخفيفين والملاءتين لا يبالي ذلك ولا يتقي بردا، فهل سمعت في ذلك شيئاً؟ فقد أمروني أن أسألك أن تسأله إذا سمرت عنده. فسمر عنده فقال: يا أمير المؤمنين! إنَّ الناس قد تفقدوا منك شيئاً، قال: وما هو؟ قال: تخرج في الحر الشديد في القباء المحشو والثوب الثقيل، وتخرج في البرد الشديد في الثوبين الخفيفين وفي الملاءتين لا تبالي ذلك ولا تتقي بردا، قال: وما كنت معنا يا أبا ليلى بخيبر؟ قال: بلى، والله قد كنت معكم، قال: فإنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث أبا بكر فسار بالناس فانهزم حتى رجع إليه، وبعث عمر فانهزم بالناس حتى انتهى إليه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يفتح الله له، ليس بفرار” فأرسل إليَّ فدعاني، فأتيته وأنا أرمد لا أبصر شيئاً، فتفل في عيني وقال: “اللهم اكفه الحر والبرد”قال: فما آذاني بعد حر ولا برد.وأخرجه أبو موسى المديني في “اللطائف” (871)عن محمد بن عبيد المحاربيو (872)عن عبد الله بن محمد (1)وإسماعيل الأصبهاني في “الدلائل” (244)عن سهل بن عثمان العسكري قالوا: ثنا علي بن هاشم به. ورواه محمد بن عثمان بن أبي شيبة عن علي بن هاشم فلم يذكر المنهال بن عمرو.أخرجه الحاكم (3/ 37)وقال: صحيح الإسناد”«كذا قال، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال أحمد وابن معين: ضعيف الحديث، وقال الجوزجاني: واهي الحديث سيء الحفظ، وقال النسائي: ليس بالقوي في الحديث.
واختلف عن علي بن هاشم، فرواه عباد بن يعقوب الرَّوَاجني عن علي بن هاشم عن عبد الملك بن سليمان عن أبي فروة (1) عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه قال: بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عمر وأصحابه فجاء منكسفاً، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “ما لي أراكم تنهزمون، أما إني سأبعث إليهم رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله يفتح عليه”
وذكر الحديث.أخرجه الآجري في “الشريعة” (1494) وأبو نعيم في “الصحابة” (333)
وعباد بن يعقوب قال الدارقطني: شيعي صدوق، وقال ابن حبان: كان رافضياً داعية إلى الرفض ومع ذلك يروي المناكير عن أقوام مشاهير فاستحق الترك، وقال ابن عدي: فيه غلو في التشيع وروى أحاديث أنكرت عليه في فضائل أهل البيت وفي مثالب غيرهم.وتابعه أبو نعيم ضرار بن صُرَد الكوفي ثنا علي بن هاشم به.أخرجه الطبراني في “الكبير” (6421) و”الأوسط” (5785)وضرار بن صرد قال ابن معين: كذاب، وقال البخاري والنسائي: متروك الحديث.وحديث ابن أبي شيبة ومن تابعه أصح.
- ورواه يونس بن بكير الشيباني عن ابن أبي ليلى فلم يذكر عيسى بن عبد الرحمن.أخرجه البيهقي في “الدلائل” (4/ 212 – 213) وتابعه عبيد الله بن موسى الكوفي عن ابن أبي ليلى به.أخرجه البزار (496) والنسائي في “خصائص علي” (14) والقطيعي في “زيادات فضائل الصحابة” (1084)
- ورواه عمران بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه فلم يذكر المنهال والحكم.أخرجه أبو نعيم في “الدلائل” (391)
- ورواه أحمد (1/ 99 و133) وفي “الفضائل” (950) عن وكيع عن ابن أبي ليلى فلم يذكر الحكم وعيسى.ورواه عثمان بن أبي شيبة عن وكيع فلم يذكر المنهال وعيسى.أخرجه ابن ماجه (117)قال البوصِيري: هذا إسناد ضعيف، ابن أبي ليلى شيخ وكيع هو محمد، وهو ضعيف الحفظ لا يحتج بما ينفرد به” المصباح 1/ 20وقال الهيثمي: وفيه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو سيء الحفظ” المجمع 9/ 124وللحديث طريق أخرى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أخرجها النسائي في “الخصائص” (151) والطبراني في “الأوسط” (2307) من طريق هاشم بن مخلد الثقفي ثنا أيوب بن إبراهيم الثقفي عن إبراهيم الصائغ عن أبي إسحاق الهَمْداني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أنَّ علياً خرج علينا في حر شديد، وعليه ثياب الشتاء، وخرج علينا في الشتاء، وعليه ثياب الصيف، وذكر الحديث عن أبيه عن علي.قال الطبراني: لم يروه عن أبي إسحاق إلا إبراهيم، ولا يُروى عن إبراهيم إلا بهذا الإسناد”قلت: وهو إسناد ضعيف، أيوب بن إبراهيم قال الذهبي في “الميزان”: مجهول روى عنه هاشم بن مخلد فقط. وأبو إسحاق مدلس وقد عنعن، وكان قد اختلط أيضاً، ولم أر أحداً صرح بسماع إبراهيم بن ميمون الصائغ منه أهو قبل الإختلاط أم بعده.وتابعه عبد الكبير بن دينار المروزي وعيسى بن يزيد عن أبي إسحاق به.ذكر ذلك الدارقطني في “العلل” (3/ 279)وقال: ويقال: إنَّ أبا إسحاق لم يسمعه من عبد الرحمن بن أبي ليلى، وإنما أخذه من ابنه محمد عن المنهال بن عمرو به.وحديث جابر أخرجه أبو القاسم البغوي في “الصحابة” (5/ 424) والحاكم (3/ 38) من طريق فضيل بن عبد الوهاب القناد ثنا جعفر بن سليمان عن الخليل بن مرة عن عمرو بن دينار عن جابر قال: لما كان يوم خيبر بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلاً فجبن، فجاء محمد بن مسلمة فقال: يا رسول الله! لم أرَ كاليوم قط، قتل محمود بن مسلمة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-«”لا تمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإنكم لا تدرون ما تبتلون معهم، وإذا لقيتموهم فقدلوا: اللهمَّ أنت ربنا وربهم، ونواصينا ونواصيهم بيدك، وإنما تقتلهم أنت، ثم الزموا الأرض جلوساً، فإذا غشوكم فانهضوا وكبِّروا”ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “لأبعثنَّ غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبانه، لا يولي الدبر، يفتح الله على يديه” فتشرف لها الناس وعليٌّ يومئذ أرمد، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “سِرْ” فقال: يا رسول الله! ما أبصر موضعاً، فتفل في عينيه، وعقد له، ودفع إليه الراية، فقال علي: يا رسول الله! على ما أقاتلهم؟ فقال: “على أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإذا فعلوا ذلك فقد حقنوا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقهما، وحسابهم على الله عز وجل” قال: فلقيهم ففتح الله عليه.وإسناده ضعيف لضعف الخليل بن مرة.
وحديث ابن عمر ذكره الهيثمي في “”المجمع” (9/ 123) من طريقين:
الأول: عن ابن عمر قال: جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله! إنَّ اليهود قتلوا أخي، قال: “لأدفعن الراية إلى رجل يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يفتح الله على يديه فيمكنك من قاتل أخيك” فاستشرف لذلك أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فبعث إلى علي فعقد له اللواء، فقال: يا رسول الله! إني أرمد كما ترى -وهو يومئذٍ رمد- فتفل في عينيه فما رمدت بعد يومه، فمضى.قال الهيثمي: رواه الطبراني، وفيه أحمد بن سهل بن علي الباهلي ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات”قلت: أخرجه ابن سمعون في “الأمالي” (52) من طريق هُشيم عن العوام بن حوشب عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عمر.وهشيم وحبيب مدلسان وقد عنعنا.
الثاني: يرويه جميع بن عمير قال: قلت لعبد الله بن عمر: حدثني عن علي، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول يوم خيبر: “لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله” فكأني أنظر إليها مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-وهو يحتضنها، وكان علي بن أبي طالب أرمد من دخان الحصين، فدفعها إليه، فلا والله ما تتامت الخيل حتى فتحها الله عليه.قال الهيثمي: رواه الطبراني، وفيه جميع بن عمير وهو ضعيف، وقد وثق»
[«أنيس الساري (تخريج أحاديث فتح الباري)» (11/ 1011:1007)]
قلت وخلاصة البحث أن الروايات أكثرها جاء من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال الامام النسائي : ” محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى قاضي الكوفة أحد الفقهاء ليس بالقوي في الحديث “.
[الضعفاء والمتروكون – احمد بن علي بن شعيب النسائي – ج 1 ص 232] .
وقال الامام ابن الجوزي : ” 3072 مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى بن بِلَال بن اميمة أَبُو عبد الرَّحْمَن الْأنْصَارِيّ القَاضِي يروي عَن عَطاء وَالشعْبِيّ قَالَ شُعْبَة مَا رَأَيْت أَسْوَأ حفظا مِنْهُ وَقَالَ أَحْمد ضَعِيف وَقَالَ مرّة سيء الْحِفْظ مُضْطَرب فِي الحَدِيث وَقَالَ يحيى بن سعيد سيء الْحِفْظ جدا وَقَالَ يحيى بن معِين ضَعِيف الحَدِيث وَقَالَ مرّة لَيْسَ بِذَاكَ وَقَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ شغل بِالْقضَاءِ فسَاء حفظه وَلَا يتهم بِشَيْء من الْكَذِب إِنَّمَا يُنكر عَلَيْهِ كَثْرَة الْخَطَأ وَلَا يحْتَج بِهِ وَقَالَ النَّسَائِيّ لَيْسَ بِالْقَوِيّ فِي الحَدِيث وَقَالَ ابْن حبَان كَانَ فَاحش الْخَطَأ رَدِيء الْحِفْظ فكثرت الْمَنَاكِير فِي حَدِيثه فَاسْتحقَّ التّرْك تَركه احْمَد وَيحيى وَقَالَ الدراقطني هُوَ رَدِيء الْحِفْظ كثير الْوَهم “-
[ الضعفاء والمتروكون – عبد الرحمن بن علي بن الجوزي – ج 3 ص 76 ].
وبعض الروايات فيها عباد بن يعقوب وهو شيعي ضعيف قال ابن الجوزي«عباد بن يَعْقُوب الروَاجِنِي أَبُو سعيد الْكُوفِي يروي عَن شريك قَالَ ابْن حبَان كَانَ رَافِضِيًّا داعبا يروي الْمَنَاكِير عَن الْمَشَاهِير فَاسْتحقَّ التّرْك وَقَالَ ابْن عدي روى احاديث أنْكرت عَلَيْهِ فِي فَضَائِل أهل الْبَيْت وَمَا لَهُ غَيرهم وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ لَيْسَ بضعيف قَالَ المُصَنّف قلت قد أخرج عَنهُ البُخَارِيّ أَنبأَنَا مُحَمَّد بن عبد الْملك عَن أبي نصر أَحْمد بن عَليّ الْحَافِظ أخبرنَا أَبُو نعيم حَدثنِي مُحَمَّد بن المظفر قَالَ سَمِعت قَاسم بن زَكَرِيَّا الْمُطَرز يَقُول دخلت الْكُوفَة فَكتبت عَن شيوخها كلهم غير عباد بن يَعْقُوب فَلَمَّا فرغت دخلت إِلَيْهِ وَكَانَ يمْتَحن من يسمع مِنْهُ فَقَالَ لي من حفر الْبَحْر فَقلت الله خلق الْبَحْر فَقَالَ هُوَ كَذَلِك وَلَكِن من حفره فَقلت يذكر الشَّيْخ فَقَالَ حفره عَليّ بن أبي طَالب ثمَّ قَالَ وَمن أجراه قلت الله مجري الْأَنْهَار ومنبع الْعُيُون فَقَالَ هُوَ كَذَلِك وَلَكِن من أجْرى الْبَحْر فَقَالَ يفيدني الشَّيْخ فَقَالَ أجراه الْحُسَيْن بن عَليّقَالَ فَكَانَ عباد مكفوفا فَرَأَيْت فِي دَاره سَيْفا مُعَلّقا وحجفة فَقُلْنَا أَيهَا الشَّيْخ لمن هَذَا السَّيْف فَقَالَ لي أعددته لأقاتل بِهِ مَعَ الْمهْدي قَالَ فَلَمَّا فرغت من سَماع مَا أردْت أَن أسمعهُ مِنْهُ وعزمت على الْخُرُوج عَن الْبَلَد دخلت عَلَيْهِ فَسَأَلَنِي فَقَالَ من حفر الْبَحْر فَقلت حفره مُعَاوِيَة زأجراه عَمْرو ابْن الْعَاصِ ثمَّ وَثَبت من بَين يَدَيْهِ وَجعلت اعدو وَجعل يَصِيح أدركوا الْفَاسِق وعدو الله فَاقْتُلُوهُ”.
[«الضعفاء والمتروكون لابن الجوزي» (2/ 77)]
وبعضها من طريق ضرار بن صرد .قال ابن الجوزي«ضرار بن صرد أَبُو نعيم الْكُوفِي الطَّحَّان يروي عَن الْمُعْتَمِر والدراوردي وَكَانَ متعبدا مَتْرُوك الحَدِيث وَكَانَ يكذب وَقَالَ النَّسَائِيّ مَتْرُوك الحَدِيث وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ ضَعِيف»
[«الضعفاء والمتروكون لابن الجوزي» (2/ 60)].
وبعضها فيه أيوب بن إبراهيم، وهو مجهول.«أيوب بن إبراهيم الثقفي المروزي.مجهول»
[«لسان الميزان ت أبي غدة» (9/ 264)].
وفي بعضها الخليل بن مرة قال ابن الجوزي «الْخَلِيل بن مرّة يروي عَن اللَّيْث بن سعد ضعفه يحيى بن معِين وَالنَّسَائِيّ وَقَالَ البُخَارِيّ مُنكر الحَدِيث وَقَالَ ابْن حبَان مُنكر الحَدِيث عَن الْمَشَاهِير كثير الرِّوَايَة عَن المجاهيل»
[«الضعفاء والمتروكون لابن الجوزي» (1/ 257)].
وعليه فلم يسلم طريق لذلك قط.
ثانيا: قوله بأن الصديق لم يقاتل محض كذب منه بل جاءت الروايات وصرحت بأنه قاتل قتالا شديدا روى الطبري بإسناد صحيح عن: «عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كان رسول الله ص رُبَّمَا أَخَذَتْهُ الشَّقِيقَةُ، فَيَلْبَثُ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ لا يخرج فلما نزل رسول الله ص خَيْبَرَ أَخَذَتْهُ الشَّقِيقَةُ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَى النَّاسِ وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَخَذَ رَايَةَ رَسُولِ اللَّهِ، ثُمَّ نَهَضَ فَقَاتَلَ قِتَالا شَدِيدًا، ثُمَّ رَجَعَ فَأَخَذَهَا عُمَرُ فَقَاتَلَ قِتَالا شَدِيدًا هُوَ أَشَدُّ مِنَ الْقِتَالِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَجَعَ فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ، [فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لأُعْطِيَنَّهَا غَدًا رَجُلا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، يأخذها عنوه]- قال: وليس ثم على ع-»
[«تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري» (3/ 12)].
وَعَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: «حَاصَرْنَا خَيْبَرَ، فَأَخَذَ اللِّوَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَانْصَرَفَ وَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ، ثُمَّ أَخَذَهُ مِنَ الْغَدِ عُمَرُ فَخَرَجَ فَرَجَعَ وَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ، وَأَصَابَ النَّاسَ يَوْمَئِذٍ شِدَّةٌ وَجُهْدٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ” إِنِّي دَافِعُ اللِّوَاءِ غَدًا إِلَى رَجُلٍ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَيُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، لَا يَرْجِعُ حَتَّى يُفْتَحَ لَهُ “.وَبِتْنَا طَيِّبَةً أَنْفُسُنَا أَنَّ الْفَتْحَ غَدًا، فَلَمَّا أَنْ أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – صَلَّى الْغَدَاةَ ثُمَّ قَامَ قَائِمًا فَدَعَا بِاللِّوَاءِ وَالنَّاسُ عَلَى مَصَافِّهِمْ، فَدَعَا عَلِيًّا وَهُوَ أَرْمَدُ، فَتَفِلَ فِي عَيْنَيْهِ، وَدَفَعَ إِلَيْهِ اللِّوَاءَ، وَفُتِحَ لَهُ». قَالَ بُرَيْدَةُ: وَأَنَا فِيمَنْ تَطَاوَلَ لَهَا.رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ”
[«مجمع الزوائد ومنبع الفوائد» (6/ 150)].
فهذه الروايات تنفي زعم الشيعي أن الصديق لم يقاتل، بل الرواية تثبت القتال الشديد من الصديق ومن الصحابة في اليوم الأول من المعركة، ثم إن عدم الفتح في اليوم الأول لو جاز الطعن على القائد به لآل ذلك إلى الطعن في النبي صلى الله عليه وسلم كونه حاصر بني النضير ستة أيام ولم يفتح له في اليوم الأول ..!
ثالثا: الطعن في أبي بكر كونه انهزم -جدلا- هو طعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم كونه لم يحسن اختيار قائد جيشه من أول يوم، ولا يجوز لقائد أن يضع جيشه في هزيمة لأي مبرر يذكره الشيعة، لأن هزيمة جيش الإسلام فيه هزيمة للدين، وهذا لا يليق برسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعله، وعليه فكل خطأ ينسبه الشيعة للصديق فالمقصود له هو رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قدَّمه على علي وعلى غيره من الصحابة، فلو كان في الصحابة من هو أفضل وأشجع وأقوى منه على تلك المهمة لما شرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بإعطائه رايته صلى الله عليه وسلم، واعتراف الشيعة بذلك هو اعتراف بتقديم الصديق على غيره من الصحابة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفى بهذا شرفا.
رابعا: شارك أبو بكر في كل أنواع الجهاد وكان له القدح المعلى في الشجاعة، وبيان ذلك من كلام ابن حزم رحمه الله (قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وجدناهم يحتجون بِأَن عليا كَانَ أَكثر الصَّحَابَة جهاداً وطعناً فِي الْكفَّار وَضَربا وَالْجهَاد افضل الْأَعْمَال(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) هَذَا خطأ لِأَن الْجِهَاد يَنْقَسِم أقساما ثَلَاثَة أَحدهَا الدُّعَاء إِلَى الله عز وَجل بِاللِّسَانِ وَالثَّانِي الْجِهَاد عِنْد الْحَرْب بِالرَّأْيِ وَالتَّدْبِير وَالثَّالِث الْجِهَاد بِالْيَدِ فِي الطعْن وَالضَّرْب فَوَجَدنَا الْجِهَاد فِي اللِّسَان لَا يلْحق فِيهِ أحد بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا بكر وَعمر أما أَبُو بكر فَإِن أكَابِر الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم أَسْلمُوا على يَدَيْهِ فَهَذَا أفضل عمل وَلَيْسَ لعَلي من هَذَا كثير حَظّ وَأما عمر فَإِنَّهُ من يَوْم أسلم عز الْإِسْلَام وَعبد الله تَعَالَى بِمَكَّة جَهرا وجاهد الْمُشْركين بِمَكَّة بيدَيْهِ فَضرب وَضرب حَتَّى ملوه فَتَرَكُوهُ فعبد الله تَعَالَى عَلَانيَة وَهَذَا أعظم الْجِهَاد فقد انْفَرد هَذَانِ الرّجلَانِ بِهَذَيْنِ الجهادين الَّذين لَا نَظِير لَهما ولاحظ لعَلي فِي هَذَا أصلا وَبَقِي الْقسم الثَّانِي وَهُوَ الرَّأْي والمشورة فوجدناه خَالِصا لأبي بكر ثمَّ لعَمْرو بَقِي الْقسم الثَّالِث وَهُوَ الطعْن وَالضَّرْب والمبارزة فوجدناه أقل من مَرَاتِب الْجِهَاد ببرهان ضَرُورِيّ وَهُوَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا شكّ عِنْد كل مُسلم أَنه الْمَخْصُوص بِكُل فَضِيلَة فَوَجَدنَا جهاده عَلَيْهِ السَّلَام إِنَّمَا كَانَ فِي أَكثر أَعماله وأحواله الْقسمَيْنِ الْأَوَّلين من الدُّعَاء إِلَى الله عز وَجل وَالتَّدْبِير والإرادة وَكَانَ أقل عمله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الطعْن وَالضَّرْب والمبارزة لَا عَن جبن بل كَانَ عَلَيْهِ السَّلَام أَشْجَع أهل الأَرْض قاطبة نفسا ويداً وأتمهم نجدة وَلكنه كَانَ يُؤثر الْأَفْضَل فَالْأَفْضَل من الْأَفْعَال فَيقدمهُ عَلَيْهِ السَّلَام ويشتغل بِهِ ووجدناه عَلَيْهِ السَّلَام يَوْم بدر وَغَيره وَكَانَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ مَعَه لَا يُفَارِقهُ إيثاراً من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهُ بذلك واستظهاراً بِرَأْيهِ فِي الْحَرْب وأنساً بمكانه ثمَّ كَانَ عمر رُبمَا شُورِكَ فِي ذَلِك أَيْضا وَقد انْفَرد بِهَذَا الْمحل دون عَليّ وَدون سَائِر الصَّحَابَة إِلَّا فِي الندرة ثمَّ نَظرنَا مَعَ ذَلِك فِي هَذَا الْقسم من الْجِهَاد الَّذِي هُوَ الطعْن وَالضَّرْب والمبارزة فَوَجَدنَا عليا رَضِي الله عَنهُ لم ينْفَرد بالبسوق فِيهِ بل قد شَاركهُ فِي ذَلِك غَيره شركَة الْعَنَان كطلحة وَالزُّبَيْر وَسعد وَمِمَّنْ قتل فِي صدر الْإِسْلَام كحمزة وَعبيدَة بن الْحَارِث بن الْمطلب وَمصْعَب بن عُمَيْر وَمن الْأَنْصَار سعد بن معَاذ وَسماك بن خرسة وَغَيرهمَا وَوجدنَا أَبَا بكر وَعمر قد شاركاه فِي ذَلِك بحظ حسن وَإِن لم يلحقا بحظوظ هَؤُلَاءِ وَإِنَّمَا ذَلِك لشغلهما بالأفضل من مُلَازمَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وموازنة فِي حِين الْحَرْب وَقد بعثهما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْبعُوث أَكثر مِمَّا بعث عليا وَقد بعث أَبَا بكر إِلَى بني فَزَارَة وَغَيرهم وَبعث عمر إِلَى بني فلَان وَمَا نعلم لعَلي بعثاً إِلَّا إِلَى بعض حصون خَيْبَر ففتحه وَقد بعث قبله أَبَا بكر وَعمر فَلم يفتحاه فَحصل أَربع أَنْوَاع الْجِهَاد لأبي بكر وَعمر وَقد شاركا عليا فِي أقل أَنْوَاع الْجِهَاد مَعَ جمَاعَة غَيرهم
[ابن حزم، الفصل في الملل والأهواء والنحل، ١٠٧/٤].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وَالنَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – كَانَ أَكْمَلَ النَّاسِ فِي هَذِهِ الشَّجَاعَةِ، الَّتِي هِيَ الْمَقْصُودَةُ فِي أَئِمَّةِ الْحَرْبِ، وَلَمْ يَقْتُلْ بِيَدِهِ إِلَّا أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ، قَتَلَهُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَلَمْ يَقْتُلْ بِيَدِهِ أَحَدًا لَا قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا. وَكَانَ أَشْجَعَ مِنْ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ …….وَكَانَ عَلِيٌّ – وَغَيْرُهُ – يَتَّقُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لِأَنَّهُ أَشْجَعُ مِنْهُمْ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ قَدْ قَتَلَ بِيَدِهِ (1) ، أَكْثَرَ مِمَّا قَتَلَ النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.وَإِذَا كَانَتِ الشَّجَاعَةُ الْمَطْلُوبَةُ مِنَ الْأَئِمَّةِ شَجَاعَةَ الْقَلْبِ، فَلَا رَيْبَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ أَشْجَعَ مِنْ عُمَرَ، وَعُمَرَ أَشْجَعَ مِنْ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ، وَهَذَا يَعْرِفُهُ مَنْ يَعْرِفُ سِيَرَهُمْ وَأَخْبَارَهُمْ ; فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – بَاشَرَ الْأَهْوَالَ الَّتِي كَانَ يُبَاشِرُهَا النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – مِنْ أَوَّلِ الْإِسْلَامِ إِلَى آخِرِهِ، وَلَمْ يَجْبُنْ وَلَمْ يَحْرَجْ وَلَمْ يَفْشَلْ، وَكَانَ يُقْدِمُ عَلَى الْمَخَاوِفِ: يَقِي النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بِنَفْسِهِ، يُجَاهِدُ الْمُشْرِكِينَ تَارَةً بِيَدِهِ وَتَارَةً بِلِسَانِهِ وَتَارَةً بِمَالِهِ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مُقْدِمٌ
[ابن تيمية، منهاج السنة النبوية، ٧٩:٧٨/٨].
ولذلك فقد طعن الشيعة في النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا بأن عليا كان أشجع منه في كتاب الانوار النعمانية – نعمة الله الجزائري – ١/١٧: “روى الصدوق طاب ثراه عن النبي(ص) قال أعطيت ثلاثا وعلي مشاركي فيها وأعطي علي ثلاثة ولم أشاركه فيها…..وأما الثلاث التي أعطي علي ولم أشاركه فيها فإنه أعطى شجاعة ولم أعط مثله…”
سادسا:اعترف الشيعة أن زمان أبي بكر وعمر كان زمان نصرة للإسلام والمسلمين وأن أكثر الفتوحات كانت كانت في زمان أبي بكر وعمر .وفي الكافي ١٥/٦١٠: عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عليهالسلام عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : (الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ)؟…… .فأنزل الله ـ عزوجل ـ بذلك كتابا قرآنا (الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ)يعني غلبتها فارس في أدنى الأرض وهي الشامات وما حولها ، (وَهُمْ) يعني وفارس (مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ) الرُّومَ (سَيَغْلِبُونَ) يَعْنِي يَغْلِبُهُمُ الْمُسْلِمُونَ (فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ) عزوجل، فلما غزا المسلمون فارس وافتتحوها ، فرح المسلمون بنصر الله عزوجل».قال : قلت : أليس الله ـ عزوجل ـ يقول : (فِي بِضْعِ سِنِينَ) وَقَدْ مَضى لِلْمُؤْمِنِينَ سِنُونَ كَثِيرَةٌ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآله ، وَفِي إِمَارَةِ أَبِي بَكْرٍ ، وَإِنَّمَا غَلَبَ الْمُؤْمِنُونَ فَارِسَ فِي إِمَارَةِ عُمَرَ؟…..”
قال المجلسي في[ مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول المؤلف : 26/266] الحديث السابع والتسعون والثلاثمائة : صحيح.ولذلك قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقعة صفين المؤلف : المنقري، نصر بن مزاحم الجزء : 1 صفحة : 89:”فَكَانَ أَفْضَلَهُمْ زَعَمْتَ فِي الْإِسْلَامِ وَ أَنْصَحَهُمْ لِلَّهِ وَ رَسُولِهِ الْخَلِيفَةُ وَ خَلِيفَةُ الْخَلِيفَةِ وَ لَعَمْرِي إِنَّ مَكَانَهُمَا مِنْ الْإِسْلَامِ لَعَظِيمٌ وَ إِنَّ الْمُصَابَ بِهِمَا لَجَرِحٌ فِي الْإِسْلَامِ شَدِيدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَ جَزَاهُمَا بِأَحْسَنِ الْجَزَاءِ”
مواضيع شبيهة