الطعن في نسب عثمان بن عفان رضي الله عنه.
قال الشيعة إن الكلبي قد طعن في نسب عثمان بن عفان رضي الله عنه.قال الجزائري: “ومن غريب ما بلغوا اليه من الطعن في اصل عثمان و نسبه ما رواه علمائهم و ذكره ابو المنذر هشام بن السائب الكلبي في كتاب المثالب فقال ما هذا لفظه، و ممن كان يلعب به و يتخنث ثم ذكر من كان قال وعفان بن ابي العاص بن امية ممن كان يتخنث و يلعب به”.
[الأنوار النعمانية، لنعمة الله الجزائري، 1/63 ].، [الصراط المستقيم، لعلي بن يونس العاملي، 3/30]، [كتاب الأربعين، لمحمد طاهر القمي الشيرازي، 579].
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
أولا: الكلبي رافضي وليس من أهل السنة، والروافض كما هو معلوم من اكذب خلق الله على الإطلاق، يقول النجاشي: هشام بن محمد بن السائب بن بشر بن زيد بن عمرو بن الحارث بن عبد الحارث بن عبد العزى بن امرئ القيس بن عامر بن النعمان بن عامر بن عبدود بن عوف بن كنانة بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة ، أبو المنذر ، الناسب ، العالم بالايام ، المشهور بالفضل والعلم ، وكان يختص بمذهبنا.
[اسم الکتاب : رجال النجاشي المؤلف : النجاشي، أبو العبّاس الجزء : 1 صفحة : 434].
وأما أهل العلم من أهل السنة فهذا جرحهم له، وذكرهم لرافضيته.قال ابن حيان: “هِشَام بن مُحَمَّد بن السَّائِب أَبُو الْمُنْذر الْكَلْبِيّ من أهل الْكُوفَة يروي عَن أَبِيه ومعروف مولى سُلَيْمَان والعراقيين الْعَجَائِب وَالْأَخْبَار الَّتِي لَا أصُول لَهَا روى عَنهُ شباب الْعُصْفُرِي وَعلي بن حَرْب الْموصِلِي وَعبد الله بن الضَّحَّاك الهدادي وَكَانَ غاليا فِي التَّشَيُّع أخباره فِي الأغلوطات أشهر من أَن يحْتَاج إِلَى الإغراق فِي وصفهَا”.
[ابن حبان، المجروحين لابن حيان، ٩١/٣].
وقال الذهبي: “قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: إِنَّمَا كَانَ صَاحِبَ سَمَرٍ وَنَسَبٍ مَا ظَنَنْتُ أَنَّ أَحَداً يُحَدِّثُ عَنْهُ.وقال الدارقطني وغيره: متروك الحديث.وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: رَافِضِيٌّ لَيْسَ بِثِقَةٍ.
[الذهبي، شمس الدين، سير أعلام النبلاء ط الحديث، ٢٨١/٨].
[ابن الجوزي، الضعفاء والمتروكون لابن الجوزي، ١٧٦/٣].
وعليه فإن الكلبي كذاب في قوله، ونعمة الله الجزائري الذي قال بأنه من علمائنا أيضا كذاب.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “وَقَدِ اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ، وَالرِّوَايَةِ، وَالْإِسْنَادِ عَلَى أَنَّ الرَّافِضَةَ أَكْذَبُ الطَّوَائِفِ، وَالْكَذِبُ فِيهِمْ قَدِيمٌ، وَلِهَذَا كَانَ أَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ يَعْلَمُونَ امْتِيَازَهُمْ بِكَثْرَةِ الْكَذِبِ
[ابن تيمية، منهاج السنة النبوية، ٥٩/١].
ثانيا: لئن صحح الشيعة ذلك لزمهم قبول طعن الكلبي في نسب النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي غيره من أهل البيت ومن الصحابة المنتجبين عندهم. اما طعنه في نسب النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد ذكر تحت باب نكاح المقت (هامش: نكاح المقت: و هو النكاح الجاهلي الذي حرّمه الاسلام بقوله تعالى «وَ لاََ تَنْكِحُوا مََا نَكَحَ آبََاؤُكُمْ مِنَ اَلنِّسََاءِ إِلاََّ مََا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كََانَ فََاحِشَةً وَ مَقْتاً وَ سََاءَ سَبِيلاً» *النساء) قال: كانت برة بنت مرّ بن أد أخت تميم بن مرّ تحت خزيمة بن مدركه، فولدت له أسد بن خزيمة، ثم هلك عنها، فخلف عليها ابنه كنانة ابن خزيمة نكاح المقت، فولدت له ولده كلهم إلاّ عبد مناف بن كنانة، فانه لغير برة لكنانة النضر و مالك و ملكان و سعد و عامر.
[مثالب العرب المؤلف : ابن الكلبي ص١٥٣].
فهذا جد النبي -صلى الله عليه وسلم- كنانة ابن خزيمة نكح نكاحا يعد في الإسلام زنا، فهل يلتزم الشيعة بكلام صاحبهم في النبي -صلى الله عليه وسلم-؟!وأما طعنه في أهل البيت فمن ذلك ما ذكره تحت عنوان نكاح الجاهلية فقال: “و كان معاوية يقال: إنّه من العباس بن عبد المطلب إذ كان يتهم بهند و كان نديم أبي سفيان بن حرب، فقال: إنّه نادمه لمكانها”.
[مثال العرب ص ١٥٨].
ومن طعنه في عم النبي -صلى الله عليه وسلم- أبو طالب قوله: و أخبرني أبي قال: كان لوهب بن عمرو بن عائد بن عمران بن مخزوم اماء، فوقع على احدهن ذباب بن عبد اللّه بن عامر بن الحرث بن حارث بن سعد بن تيم، فولدت له الحويرث، فوهبه أبو لهب لابيه، ثم وقع عليها أبو طالب و بعض ولد الحضرمي، فولدت له طليقا، فاختصما فيه، فقال أبو طالب:هبني كذباب وهبت له ابنه و اني بخير من نداك حقيق اعوذ بثوب المرء عمرو بن عائذ ابي و ابيكم ان يباع طليق فوهبه أبو لهب لابي طالب.
[المثالب ص١٨٧].
ومن طعنه في الصحابة المنتجبين، ذكره لعمار بن ياسر في باب اولاد الزنا الذين شرفوا من العرب.
[المثالب ص ١٩٢:١٩٣].
فهذا طعن هذا الكلبي الرافضي في النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي أهل بيته وفي أصحابه فهل يقبل الشيعة ذلك من صاحبهم ؟!
ثالثا: قد ثبت أن عثمان بن عفان رضي الله عنه هو ابن بنت عمة للنبي صلى الله عليه وسلم، قال الطبراني «90 – حدثنا أحمد بن شاهين، ثنا مصعب بن عبد الله الزبيري، قال: ” عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر يكنى أبا عمرو ويقال: أبا عبد الله، وأم عثمان بن عفان: أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، وأم أروى: أم حكيم البيضاء بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأم أم حكيم: فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم وهي جدة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيه “»
[«المعجم الكبير للطبراني» (1/ 74)].
وعليه فالبيضاء هي عمة النبي صلى الله عليه وسلم ويقال أنها توأم والده عبد الله وقد تزوجت من كريز بن ربيعة بن حبيب العبشمي وابنتها أروى بنت كُريز هي أم عثمان بن عفان.فإذا كانت البيضاء قد زوجت ابنتها من رجل بالصفات التي ذكرها الكلبي فهو طعن في عمة النبي -صلى الله عليه وسلم- وليس هذا بغريب على الشيعة، لكن هذا مما يدلك على شرف نسب عثمان رضي الله عنه وأنه كان من قبلية لا تناسب الا الكبار من أمثالها. وقد أشار علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى ذلك في نهج البلاغة فقال عن عثمان : “وأَنْتَ أَقْرَبُ إِلَى أَبِي رَسُولِ اللَّه ( ص ) وَشِيجَةَ رَحِمٍ مِنْهُمَا – وقَدْ نِلْتَ مِنْ صِهْرِه مَا لَمْ يَنَالَا”.
[نهج البلاغة، خطب الإمام علي ( ع ) ( تحقيق صالح )، ص ٢٣٤].
ولم يكن عفان على الصفة المذكورة بل كان تاجرا كريما، وقد مات في رحلة تجاري، يقول ابن قتيبة: “كان «عفان» خرج في تجارة إلى الشام فمات هناك.
ويقال: إنه قتل بالغميصاء ، مع: الفاكه بن المغيرة.وولد «عفان» : عثمان، وآمنة [1] ، وأرنب. أمهم: أروى بنت كريز بن ربيعة ابن حبيب بن عبد شمس./ 96/ وأمها: البيضاء بنت عبد المطلب. فأم عثمان: بنت عمة رسول الله- صلى الله عليه وسلم
[«المعارف» (1/ 191)].
وقد أشار ابن عمر إلى رفعة نسب عثمان رضي الله عنه وعزته بين أهل مكة فقال كما عند البخاري: “وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ، فَلَوْ كَانَ أَحَدٌ أَعَزَّ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ عُثْمَانَ لَبَعَثَهُ مَكَانَهُ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُثْمَانَ وَكَانَتْ بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ عُثْمَانُ إِلَى مَكَّةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ اليُمْنَى: «هَذِهِ يَدُ عُثْمَانَ». فَضَرَبَ بِهَا عَلَى يَدِهِ، فَقَالَ: «هَذِهِ لِعُثْمَانَ»
[البخاري، صحيح البخاري، ١٥/٥].
فلو كان عثمان رضي الله عنه كما زعم الكلبي لما ارسله رسول الله صلى الله عليه وسلم سفيرا ليُعلِم قريشا أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما جاء معتمرا لا مقاتلا، فكان عثمان رضي الله عنه اول سفير إلى الكفار في الإسلام، وكفى بهذا منقبة.
واخيرا نقول إن الإسلام قد هدم تلك العصبيات الجاهلية، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- أَبَا مَالِكٍ الْأَشْعَرِيَّ، حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، لَا يَتْرُكُونَهُنَّ: الْفَخْرُ فِي الْأَحْسَابِ، وَالطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ، وَالْاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ، وَالنِّيَاحَةُ “ وَقَالَ: «النَّائِحَةُ إِذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا، تُقَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ، وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ»
[مسلم، صحيح مسلم، ٦٤٤/٢].
وفي الصحيحين عَنِ المَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ، قَالَ: لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ، وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ، وَعَلَى غُلاَمِهِ حُلَّةٌ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ، إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلاَ تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ»
[البخاري، صحيح البخاري، ١٥/١].
[مسلم، صحيح مسلم، ١٢٨٢/٣].
قال ابن أبي الحديد: “قال شيخنا أبو عثمان في كتاب مفاخرات قريش لا خير في ذكر العيوب إلا من ضرورة و لا نجد كتاب مثالب قط إلا لدعي أو شعوبي و لست واجده لصحيح النسب و لا لقليل الحسد و ربما كانت حكاية الفحش أفحش من الفحش و نقل الكذب أقبح من الكذب”.
[اسم الکتاب : شرح نهج البلاغة المؤلف : ابن ابي الحديد الجزء : 11 صفحة : 68].
وقال أيضا: “ولو تأملت أحوال الناس لوجدت أكثرهم عيوبا أشدهم تعييبا”.
[اسم الکتاب : شرح نهج البلاغة المؤلف : ابن ابي الحديد الجزء : 11 صفحة : 70].
وقال علي بن الحسين: “فقال له علي بن الحسين ع: ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ رَفَعَ بِالْإِسْلَامِ الْخَسِيسَةَ ، وَأَتَمَّ بِهِ النَّاقِصَةَ ، وَأَكْرَمَ بِهِ [٥] اللُّؤْمَ [٦]؟ فَلَا لُؤْمَ عَلَى الْمُسْلِمِ [٧] ، إِنَّمَا [٨] اللُّؤْمُ لُؤْمُ الْجَاهِلِيَّةِ ».
[الکافی- ط دار الحدیث المؤلف : الشيخ الكليني الجزء : 10 صفحة : 622].
ووثقه المجلسي في مرآة العقول الحديث الثالث : موثق.
[اسم الکتاب : مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول المؤلف : العلامة المجلسي الجزء : 20 صفحة : 38].
فليهنأ الرافضة بالجاهلية التي تغمرهم وليترفع أهل الإسلام عن دناءتها، والحمد لله رب العالمين.
مواضيع شبيهة
أعطى الحكم بن أبي العاص ثلاثمائة ألف درهم وأرجعه إلى المدينة وقد طرده رسول الله ولعنه.