قالوا معاوية هو ابن آكلة الأكباد
والجواب عن هذه الشبهة من وجوه:
أولا :هند بنت عتبة هي هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ بنِ رَبِيْعَةَ بنِ عَبْدِ شمس العبشمية، أم معاوية بن أبي سفيان أسلمت زمن الفتح وشهدت اليرموك… وكانت هند من أحسن نساء قريش وأعقلهن.
[الذهبي، شمس الدين، سير أعلام النبلاء ط الحديث، ٤٤٧/٢]
وكانت محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته
فقد روى البخاري بسنده عن عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: ” جَاءَتْ هِنْدٌ بِنْتُ عُتْبَةَ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ مِنْ أَهْلِ خِبَاءٍ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَذِلُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ، ثُمَّ مَا أَصْبَحَ اليَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَهْلُ خِبَاءٍ، أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ يَعِزُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ، قَالَ: «وَأَيْضًا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ»
[البخاري، صحيح البخاري، ٤٠/٥]
قال الحافظ: “قَوْلُهُ قَالَ وَأَيْضًا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ قَالَ بن التِّينِ فِيهِ تَصْدِيقٌ لَهَا فِيمَا ذَكَرَتْهُ كَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ الْمَعْنَى وَأَنَا أَيْضًا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْكِ مثل ذَلِك”.
[ابن حجر العسقلاني، فتح الباري لابن حجر، ١٤١/٧]
وقال العيني: “قَوْله: (قَالَت: وَأَيْضًا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ) ، هَذَا جَوَاب لهِنْد بِتَصْدِيق مَا ذكرته يَعْنِي: وَأَنا أَيْضا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْك مثل ذَلِك، وَقيل: مَعْنَاهُ وَأَيْضًا ستزيدين فِي ذَلِك ويتمكن الْإِيمَان فِي قَلْبك فيزيد حبك لرَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويقوى رجوعك عَن غَضَبه، وَهَذَا الْمَعْنى أولى وأوجه من الأول”
[بدر الدين العيني، عمدة القاري شرح صحيح البخاري، ٢٨٤/١٦]
وهذا لا شك أنه من مناقبها رضي الله عنها وشهادة النبي صلى الله عليه وسلم لها بالصدق في محبة دليل ايمان وتزكية للباطن، بل وقد شهد ربنا سبحانه لها بالإيمان لما انزل فيها آية وصدرها بالإيمان ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاستغفار لها ولغيرها من المؤمنات المبايعات.
فقد نزل فيها قول الله تعالى { یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ إِذَا جَاۤءَكَ ٱلۡمُؤۡمِنَـٰتُ یُبَایِعۡنَكَ عَلَىٰۤ أَن لَّا یُشۡرِكۡنَ بِٱللَّهِ شَیۡـࣰٔا وَلَا یَسۡرِقۡنَ وَلَا یَزۡنِینَ وَلَا یَقۡتُلۡنَ أَوۡلَـٰدَهُنَّ وَلَا یَأۡتِینَ بِبُهۡتَـٰنࣲ یَفۡتَرِینَهُۥ بَیۡنَ أَیۡدِیهِنَّ وَأَرۡجُلِهِنَّ وَلَا یَعۡصِینَكَ فِی مَعۡرُوفࣲ فَبَایِعۡهُنَّ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُنَّ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ }
[سُورَةُ المُمۡتَحنَةِ: ١٢]
قال الحافظ في سياق ذكره لنزول تلك الآية وشمولها لهند: “ومن طرقه ما أخرجه ابن سعد بسند صحيح مرسل عن الشّعبي، وعن ميمون بن مهران، ففي رواية الشّعبي: وَلا يَزْنِينَ- قالت هند: وهل تزني الحرّة؟ وَلَا تَقْتُلْنَ أَوْلَادَكُنَّ- قالت: أنت قتلتهم”.
[ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، ٣٤٦/٨]
بل وقد جاء مثل ذلك أيضا عند الشيعة في أصح كتبهم فقد روى الكليني: “عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام ، قَالَ : « لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم مَكَّةَ بَايَعَ الرِّجَالَ ، ثُمَّ جَاءَ [١]النِّسَاءُ يُبَايِعْنَهُ [٢] ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) فَقَالَتْ هِنْدٌ : أَمَّا الْوَلَدُ ، فَقَدْ رَبَّيْنَا صِغَاراً ، وَقَتَلْتَهُمْ كِبَاراً ، وَقَالَتْ أُمُّ حَكِيمٍ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ ـ وَكَانَتْ عِنْدَ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ ـ : يَا رَسُولَ اللهِ ، مَا ذلِكَ الْمَعْرُوفُ الَّذِي أَمَرَنَا اللهُ أَنْ لَانَعْصِيَنَّكَ فِيهِ؟ قَالَ : لَاتَلْطِمْنَ خَدّاً ، وَلَا تَخْمِشْنَ وَجْهاً ، وَلَا تَنْتِفْنَ شَعْراً ، وَلَا تَشْقُقْنَ جَيْباً ، وَلَا تُسَوِّدْنَ ثَوْباً ، وَلَا تَدْعِينَ بِوَيْلٍ ؛ فَبَايَعَهُنَّ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم عَلى هذَا.
الکافی- ط دار الحدیث المؤلف : الشيخ الكليني الجزء : 11 صفحة : 212
قال المجلسي الحديث الخامس : موثق أو حسن .مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول المؤلف : العلامة المجلسي الجزء : 20 صفحة : 358 وهذا لا شك أنه نص قوي في شهادة الله تعالى لهند بالإيمان بل وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاستغفار لها، وأنا جوابها فهذا أمر طبيعي أن يحصل ممن لم يتربى على الإسلام مثل ذلك الجواب لكنه بعد دخوله الإسلام وتعليمه ادب مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم فلا يحصل منه مثل ذلك ويكفي المعاند أنه بعد ذلك الرد والبيعة أمر الله نبيه بالاستغفار لها ولغيرها وهذا كافي في إسقاط المؤاخذة.
ثانيا: قصة اكل هند من كبد حمزة لا يصح لها إسناد واغلب الروايات التي ذكرت في ذلك إنما كان مرجعها الرواية ابن هشام في السيرة ، وقد فصل صاحب كتاب (ما شاع ولم يثبت في السيرة) القول في ذلك وأثبت عدم صحة تلك الروايات، وأنا اسوق كلامه بنصه للفائدة، قال: “قال ابن إسحاق: “ووقعت هند بنت عتبة، كما حدثني صالح بن كيسان، والنسوة اللاتي معها يُمثّلن بالقتلى من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يُجدّعْن الآذان والأُنُف، حتى اتخذت هند من آذان الرجال وأُنفهم خَدمًا (*) وقلائد، وأعطت خدمها وقلائدها وقرطها وحشيًا، غلام جبير بن مطعم، وبقرت عن كبد حمزة، فلاكتها، فلم تستطع أن تسيغها، فلفظتها .. (1) “. وصالح بن كيسان ثقة، من رجال الجماعة، وهو مؤدب ولد عمر بن عبد العزيز، لكن الخبر مرسل.
ثم قال ابن إسحاق: “وخرج رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، فيما بلغني، يتلمّس حمزة بن عبد المطلب، فوجده ببطن الوادي قد بقر بطنه عن كبده، ومُثّل به، فجُدع أنفه وأُذناه. فحدثني محمَّد بن جعفر بن الزبير أنّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال حين رأى ما رأى.”لولا أن تحزن صفية (**)، ويكون سُنّة من بعدي لتركته حتى يكون في بطون السباع، وحواصل الطير، ولئن أظهرني الله على قريش في موطن من المواطن لأُمثلنّ بثلاثين رجلًا منهم” فلما رأى المسلمون حزن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وغيظه على من فعل بعمّه ما فعل، قالوا. والله لئن أظفرنا الله بهم يومًا من الدهر لنمثلنّ بهم مُثلة لم يمثلها أحد من العرب (2) “. والخبرمرسل. ثم قال ابن إسحاق.“وحدثني بُريدة بن سفيان بن فروة الأسلمي، عن محمَّد بن كعب القُرَظي، وحدثني من لا أتّهم عن ابن عباس، أن الله عز وجل أنزل في ذلك، من قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وقول أصحابه: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126) وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ} فعفا رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وصبر، ونهى عن المُثلة (1) “. وذكرها ابن كثير في (البداية) عن ابن إسحاق ثم قال: “قلت: هذه الآية مكيّة، وقصة أُحد بعد الهجرة بثلاث سنين، فكيف يلتئم هذا؟ فالله أعلم (2) “. قال الذهبي في (المغازي): “وقال يحي الحمّاني: حدثنا قيس – هو ابن الربيع – عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مِقْسم، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يوم قُتل حمزة ومُثّل به: “لئن ظفرت بقريش لأمثلنّ بسبعين منهم”. فنزلت: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “بل نصبر ياربّ”. إسناده ضعيف من قِبَل قيس. وقد روى نحوه حجاج بن منهال، وغيره، عن صالح المرِّي -وهو ضعيف- عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن أبي هريرة، وزاد: فنظر إلى منظر لم ينظر إلى شيء قطّ أوجع منه لقلبه (3) “. اهـ
وذكر هذه الرواية الهيثمي في (المجمع) وفيه ” … ونظر إليه وقد مُثّل به، فقال: “رحمة الله عليك إنْ كنتَ ما علمتُ لوصولًا للرحم فعولًا للخيرات، والله لولا حزن من بعدك عليك لسرني أن أتركك حتى يحشرك الله من بطون السباع -أو كلمة نحوها- أمَا والله على ذلك لأمثلنّ بسبعين كميتتك” فنزل جبريل عليه السلام على محمَّد – صلى الله عليه وسلم – بهذه السورة، وقرأ: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} إلى آخر الآية فَكفَّرَ رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وأمسك عن ذلك”. ثم قال الهيثمي: “رواه البزّار والطبراني، وفيه صالح بن بشير المري (*) وهو ضعيف (1) “.وروى الحاكم في (المستدرك) عن أُبيّ بن كعب -رحمه الله- قال: لما كان يوم أُحد أصيب من الأنصار أربعة وستون رجلًا، ومن المهاجرين ستة، فمثّلوا بهم، وفيهم حمزة، فقالت الأنصار: لئن أصبناهم يومًا مثل هذا لنربينّ عليهم، فلما كان يوم فتح مكة أنزل الله عزّ وجل: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126) وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ … } فقال رجل: لا قريش بعد اليوم، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “كُفُّوا عن القوم غير أربعة”. ثمْ قال الحاكم: “هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه”، ووافقه الذهبي (2).قال ابن هشام: “ولما وقف رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على حمزة قال: “لن أُصاب بمثلك أبدًا. ما وقفتُ موقفًا قطّ أغيظ إليّ من هذا (3) “. قال الألباني: “حديث لا يصحّ، ذكره ابن هشام بدون إسناد، ولم أجده عند غيره، وقد نقله عنه الحافظ ابن كثير (4/ 40)، وابن حجر في (الفتح) (7/ 297) ولم يوصلاه (4) “.
وروى الإِمام أحمد قال: حدثنا عفّان قال: حدثنا حمّاد قال: حدثنا عطاء بن السائب عن الشعبي عن ابن مسعود قال: ” … فنظروا فإذا حمزة قد بُقر بطنه، وأخذتْ هند كبده فلاكتها، فلم تستطح أن تمضغها، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “أكلتْ شيئًا؟ ” قالوا: لا، قال: “ما كان الله ليدخل شيئًا من حمزة في النار (1) “. وفيه صلاته على حمزة سبعين صلاة.قال ابن كثير -رحمه الله- في (البداية): “تفرّد به أحمد، وهذا إسناد فيه ضعف، من جهة عطاء بن السائب، فالله أعلم (2) “.
قال الشيخ الألباني: “وهذا هو الصواب، خلافًا لقول الشيخ أحمد محمَّد شاكر: إنه صحيح، فإنه ذُهل عما ذُكر من سماعه منه في الاختلاط (3) “..وفي المتن نكارة هي“ما كان الله ليدخل شيئًا من حمزة في النار” لأن هندًا – رضي الله عنه – أسلمتْ، والإِسلام يجبُّ ما قبله، ثم إنّ الراوي عن ابن مسعود هو عامر بن شراحيل الشعبي، ولا يصح له سماع من ابن مسعود، كما قال ذلك الأئمة: الحاكم، والدارقطني، وأبو حاتم (4)، وابن باز (5). وقال ابن كثيرفي تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا} (الآية 126 من سورة النحل): “وقال محمَّد بن إسحاق عن بعض أصحابه عن عطاء بن يسار قال: نزلت سورة النحل كلّها بمكة، وهي مكية، إلاّ ثلاث آيات من آخرها نزلت بالمدينة بعد أُحد حين قُتل حمزة – رضي الله عنه – ومُثّل به، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “لئن أظهرني الله عليهم لأمثلنّ بثلاثين رجلًا منهم” فلما سمع المسلمون ذلك قالوا: والله لئن ظهرنا عليهم لنمثلنّ بهم مُثلة لم يمثّلها أحد من العرب بأحد قطّ، فأنزل الله: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} إلى آخر السورة.
وهذا مرسل، وفيه رجل مُبهم لم يسمّ”. ثم قال: “وقد روي هذا من وجه آخر متصل، فقال الحافظ أبو بكر البزّار: … حدثنا صالح المرَي عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وقف على حمزة بن عبد المطلب – رضي الله عنه – حين استشهد … “.
وذكر الرواية التي نقلها الهيثمي، ثم قال ابن كثير: “هذا إسناد فيه ضعف؛ لأن صالحًا هو ابن بشير المرِّي ضعيف عند الأئمة، وقال البخاري: هو منكر الحديث (1) “.وضعّف الحديث الألباني، وقال: “وقد ثبت بعضه مختصرًا من طُرق أخرى، فأخرج الحاكم (3/ 196) والخطيب في: (التلخيص) (44/ 1) عن أنس أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مرّ بحمزة يوم أُحد وقد جُدع، ومُثّل به فقال: “لولا أن صفية تَجِدُ لتركته حتى يحشره الله من بطون الطير والسباع” فكفّنه في نمرة”.
وقال الحاكم: “صحيح على شرط مسلم”. ووافقه الذهبي، وهو كما قالا. ثم قال الشيخ الألباني: “وسبب نزول الآية السابقة في هذه الحادثة صحيح، فقد قال أُبىّ بن كعب: (لما كان يوم أُحد … ) وذكر الحديث (2)، وقد سبق. والحديث المذكور قال عنه النووي في (الخلاصة): “رواه أبو داود بإسناد حسن، والترمذي وقال: حسن (3) “.
وأخرجه أيضًا الإِمام أحمد في مسنده (4).وتمثيل المشركين بشهداء المسلمين يوم أُحد ثابت، كما في البخاري من قول أبي سفيان بعد نهاية المعركة -وكان زعيم المشركين يومها-: “وتجدون مُثلة لمْ آمر بها ولم تسؤني وقال ابن عبد البر: “وروَوْا آثارًا كثيرة أكثرها مراسيل أن النبي – صلى الله عليه وسلم – صلّى على حمزة وعلى سائر شهداء أحد (1) “. وقال ابن حجر: “إن طرق الحديث واهية” (2) وذهب الألباني إلى تحسين حديث الصلاة على حمزة – رضي الله عنه – (3). وقد أفاض الشيخ سعد الحميّد -وفقه الله- في تتبّع مرويات الصلاة على حمزة – رضي الله عنه –
[محمد بن عبد الله العوشن، ما شاع ولم يثبت في السيرة النبوية، ١٥٢:١٤٧/١]
وقد فصل الشيخ سيد الشحات في كتابه شبهات عن بني أمية ذلك ورد جميع الروايات التي زعمت ذلك وانها جميعا لا تصح
شبهات عن بني أمية -[سيد الشحات ص٣٠٢:٣٠٨.]
فهذا تضعيف القصة تفصيلا وقد ثبت بذلك أنه لا يصح فيها إسناد، هذا فضلا عن مخالفتها للثابت في صحيح البخاري من أن وحشيا كان عبدا عند جبير بن مطعم ولم يكن عبدا عندها حتى تأمره بقتل حمزة !
ففي صحيح البخاري أن وحشيا قال: “فَقَالَ لِي مَوْلاَيَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ: إِنْ قَتَلْتَ حَمْزَةَ بِعَمِّي فَأَنْتَ حُرٌّ…”.
[البخاري، صحيح البخاري، ١٠٠/٥].
ولذلك اختلف اهل العلم فقال بعضهم بأن الذي مثل بحمزة رجل آخر قال ابن الأثير: “وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ بْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَهُوَ الَّذِي جَدَعَ أَنْفَ حَمْزَةَ وَمَثَّلَ بِهِ مَعَ مَنْ مَثَّلَ بِهِ”.
[ابن الأثير، أبو الحسن، الكامل في التاريخ، ٥٣/٢]
وخلاصة الأمر أنه لم يثبت أن هندا قد أكلت كبد حمزة قط.
ثالثا: لو أنزلنا جدلا وقلنا بذلك لما كان فيه مطعن قط على هند إذ أنها فعلت قبل إسلامها ما هو أعظم جرما وإثما كما فعل غيرها وهو الشرك بالله تعالى وباتفاق الكل فإن المشرك والكافر إذا أسلم فإنه لا يُعيّر بكفره ولا بشركه لأن من تاب تاب الله عليه قال تعالى{ وَٱلَّذِینَ لَا یَدۡعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا ءَاخَرَ وَلَا یَقۡتُلُونَ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِی حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَلَا یَزۡنُونَۚ وَمَن یَفۡعَلۡ ذَ ٰلِكَ یَلۡقَ أَثَامࣰا (٦٨) یُضَـٰعَفۡ لَهُ ٱلۡعَذَابُ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ وَیَخۡلُدۡ فِیهِۦ مُهَانًا (٦٩) إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلࣰا صَـٰلِحࣰا فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ یُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَیِّـَٔاتِهِمۡ حَسَنَـٰتࣲۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورࣰا رَّحِیمࣰا (٧٠) وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَـٰلِحࣰا فَإِنَّهُۥ یَتُوبُ إِلَى ٱللَّهِ مَتَابࣰا (٧١) }
[سُورَةُ الفُرۡقَانِ: ٦٨-٧١]
فإذا كان لا يجوز التعيير بالكفر والشرك الحاصل قبل الإسلام فما هو أدنى منه من باب أولى، ولو تنزلنا أكثر وأكثر جدلا وقلنا بأن بما أراد الرافضة أفيقول أحد أنه يجوز للمسلم تعيير آخر بأن امه الكافرة فعلت كذا وكذا؟!
في صحيح البخاري: “عَنِ المَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ، قَالَ: لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ، وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ، وَعَلَى غُلاَمِهِ حُلَّةٌ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ…”.
[البخاري، صحيح البخاري، ١٥/١]
رابعا: لو جاز ذلك التعيير بالأم فقد جاز لنا أن نعير أئمتكم يا شيعة بأنهم أبناء إماء وفي كلامكم أنه يجوز لنا أن نقول أن هؤلاء الأئمة أبناء بغايا فقد كان سبعة من أئمة الشيعة أمهاتهم إمام كما هو معلوم وهم علي بن الحسين وموسى بن جعفر وعلي بن موسى الرضا ومحمد بن علي الجواد وعلي بن محمد الهادي والحسن بن علي العسكري ومحمد بن الحسن المهدي.
يقول شيخهم المعاصر علي آل محسن: “العبارة الواردة في الحديث هي : ( إن الناس كلّهم أولاد بغايا ما خلا شيعتنا ) ، وليس في الحديث أن الناس أولاد زنا ، فراجعه . والفرق بين كونهم أولاد زنا وأولاد بغايا ، أن أولاد الزنا هم الذين تولَّدوا من زنا ، وأما إذا كانت أمهاتهم بغايا فلا يلزم أن يكون تولُّدهم من الزنا ، إذ يمكن أن يولدوا من بغايا ولكن بنكاح صحيح . ولو سلَّمنا بصحة الحديث فلعل المراد بالبغايا الإماء ، فإن الأمة يُطلق عليها بَغِي ، سواء أكانت فاجرة أم لا”. لله وللحقيقة ( رد على كتاب لله ثم للتاريخ )، الشيخ علي آل محسن، ص ٤٨٧ فهذا العالم الشيعي حتى ينفي قول الشيعة انهم يتهمون جميع الناس بأنهم تولدوا من زنا اتهمهم بأن كل من لم يكن شيعي فأمه من البغايا.، ثم قال بأنه يجوز أن يكون أبناء بغايا بمعنى الإماء، فيلزم على قوله أن يقال إن الأئمة هؤلاء عند الشيعة أبناء بغايا. هذا فضلا عن وجود شيعة كثر أبناء إماء، وعندها فلا فائدة لحصر(ما خلا شيعتنا) وهل يجوز لنا أن نعير زوجة الإمام الحسين وأم الامام زين العابدين لأنها قد انتحرت؟! قال ابن شهر آشوب “شَهْرَبَانُويَهْ، فَإِنَّهَا أَتْلَفَتْ نَفْسَهَا فِي الْفُرَاتِ”
[المناقب- لابن شهرآشوب- (4/112)؛ العوالم- عبد الله البحراني- (ص 307).]
وأخيرا ما قيمة حمزة عندهم وقد كان عندهم يشرب الخمر
في تفسير العياشي: “عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله قال: سمعته يقول بينما حمزة بن عبد المطلب ع و أصحاب له على شراب لهم يقال له السكركة- قال: فتذاكروا الشريف[6] فقال لهم حمزة: كيف لنا به فقالوا: هذه ناقة ابن أخيك علي، فخرج إليها فنحرها- ثم أخذ كبدها و سنامها فأدخل عليهم، قال: و أقبل علي فأبصر ناقته فدخله من ذلك، فقالوا له: عمك حمزة صنع هذا، قال: فذهب إلى النبي ص فشكا ذلك إليه، قال: فأقبل معه رسول الله ص فقيل لحمزة: هذا رسول الله بالباب قال: فخرج حمزة و هو مغضب- فلما رأى رسول الله ص الغضب في وجهه انصرف، قال: فقال له حمزة: لو أراد ابن أبي طالب أن يقودك بزمام [ما] فعل، فدخل حمزة منزله و انصرف النبي ص، قال: و كان قبل أحد قال: فأنزل الله تحريم الخمر فأمر رسول الله ص بآنيتهم فأكفيت
[تفسير العيّاشي المؤلف : العياشي، محمد بن مسعود الجزء : 1 صفحة : 339]
قد ذكر المفسّرون في سبب نزول آية تحريم الخمر أنّه كان يقع من المسلمين أمور منكرة قبل تحريمها، فإنّ أكثرهم كانوا يشربونها، و كانت تصدر منهم إذا سكروا أشياء شنيعة يكره النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) وقوعها.
و منها: ما روي أنّ حمزة بن عبد المطلّب رضي اللّه عنه كان في بعض الأيّام يشرب مع جماعة من الأنصار، و كان في فناء تلك الدّار ناقتان لأمير المؤمنين علي (عليه السلام)، فلمّا سكروا غنّت مغنّيتهم بأبيات تتضمّن طلب الكباب من حمزة، و هي هذه:
ألا يا [1] حمز للشرف النواء * * * و هنّ معقّلات بالفناء صنع السّكين في اللبّات منها * * * و ضرّجهنّ حمزة بالدّماء و أطعم من شرائحها كبابا * * * ملوّحة على وهج الصلاء فلمّا سمع حمزة هذه الأبيات أخذ سيفه و أقبل على الناقتين، فاقتطع سناميهما و شقّ خاصرتيهما و أخذ من كبديهما و صنع من ذلك كبابا، فأقبل أمير المؤمنين (عليه السلام) فلمّا رأى الناقتين بذلك الحال، قال: من فعل هذا؟ فقالوا: فعله حمزة، فذكر ذلك للنبيّ (صلّى اللّه عليه و آله)، و كان هذا أحد الأسباب في نزول آية تحريم الخمر.
[مشرق الشمسين و إكسير السعادتين مع تعليقات الخواجوئى المؤلف : الشيخ البهائي الجزء : 1 صفحة : 435]
فهل يلام حمزة على شربه للخمر فأما الجواب عند المسلمين بضرس قاطع نقول لا أما بمنطق الشيعة فيلام كما تلام هند -على القول بصحة الرواية تنزلا- ! ولو كان الأمر كذلك لما قبل النبي صلى الله عليه وسلم توبة وحشي قاتل حمزة قال مرجعهم الحائري: “لمّا كثرت انتصارات الإسلام أراد وحشي أن يسلم، لكنّه كان يخشى عدم قبول إسلامه، فنزلت الآية، فأسلم، وقال له رسول الله : «كيف قتلت عمّي حمزة ؟ فذكر وحشي قِصّة قتله لحمزة ، فبكى رسول الله  بكاءً شديداً، وقَبِل توبته، ولكنّه قال له: غيّب وجهك عنّي، فإنّي لا استطيع النظر إليك. فلحق بالشام، فمات في أرض تُسمّى بالخمر.
[تزكية النفس المؤلف : الحائري، السيد كاظم الجزء : 1 صفحة : 257]
ويقول ناصر مكارم الشيرازي: “الذي نلاحظه في تاريخنا الإسلامي، هو أنّ النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قد عفا عن أخطر المجرمين من أمثال «وحشي» الذي قتل «حمزة بن عبد المطلب» عم النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و قبل النّبي توبته”.
[الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر الجزء : 3 صفحة : 389]
وقال نعمة الله الجزائري: “ألا ترى الى الوحشي و هو قاتل الحمزة لمّا ظهرت منه امارات التوبة و النّدامة قبل اللّه توبته، و قال حمزة و قاتله في الجنة”.
[الأنوار النعمانية المؤلف : الجزائري، السيد نعمة الله الجزء : 3 صفحة : 74]
فإذا كان الله تعالى قد قبر توبة وحشي قاتل حمزة فما بالكم بمن لم يثبت عنها ما زعموه بل وثبت عنها محبة النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته؟!
زعم الشيعة ان معاوية من الشجرة الملعونة في القرآن.
والحمد لله رب العالمين
م