إنكار الشيعة زواج عمر بن الخطَّاب من أم كلثوم
يعمد كثير من علماء الرَّافضة إلى إنكار الأمور الثابتة إذا كانت تعارض معتقدهم، وتنقضه، ومن ذلك زواج عمر بن الخطَّاب من أم كلثوم بنت عليّ ، فقد أنكره البعض، واستبعد ثبوته؛ لأنه ينسف مظلومياتهم، ويهدم ما بنوه في قضية العلاقة بين الصحابة وأهل البيت.وعمدة النافين لهذا الزواج، هو قول المفيد: «في تزويج أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ابنته من عمر بن الخطَّاب، وتزويج النبي ابنتيه زينب ورقية من عثمان».الجواب: «إن الخبر الوارد بتزويج أمير المؤمنين ابنته من عمر غير ثابت، وطريقه من الزبير بن بكار، ولم يكن موثوقًا به في النقل، وكان متهمًا فيما يذكره، وكان يبغض أمير المؤمنين ، وغير مأمون فيما يدعيه على بني هاشم».
[«المسائل السروية» المفيد ص[86]].
ومستند المفيد ومن وافقه على نفي الزواج؛ أن الروايات وردت من طريق الزبير بن بكار، وهو مطعون فيه.
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
أولًا: هذا الزواج المبارك ثابت عند المسلمين في أصح كتب الحديث عندهم، وليس من طريق الزبير بن بكار، كما ادعى المفيد.
فقد أخرج البخاري في «صحيحه» من طريق ابن شهاب: «قال ثعلبة بن أبي مالكٍ: إنّ عمر بن الخطَّاب ، قسم مروطًا بين نساءٍ من نساء المدينة، فبقي مرطٌ جيّدٌ، فقال له بعض من عنده: يا أمير الـمؤمنين، أعط هذا ابنة رسول الله الّتي عندك، يريدون أمّ كلثومٍ بنت عليٍّ، فقال عمر: «أمّ سليطٍ أحقّ، وأمّ سليطٍ من نساء الأنصار، ممّن بايع رسول الله ».
[«صحيح البخاري» (4/33) رقم الحديث [2881]].
وهذا صريح في كون أم كلثوم كانت زوجة لعمر بن الخطَّاب
ثانيًا: هذا الزواج ورد في أحاديث الشيعة وبطرق صحيحة عندهم:روى الكليني [في باب المتوفَّى عنها زوجها المدخول بها أين تعتد وما يجب عليها بسنده] عن أبي عبد الله قال: «سألته عن المرأة المتوفَّى عنها زوجها أتعتد في بيتها أو حيث شاءت؟ قال: بل حيث شاءت، إن عليًّا لما توفي عمر أتى أم كلثوم فانطلق بها إلى بيته».
[«الكافي» الكليني (6/115)].
قال عنه المجلسي: «الحديث الأول: موثق».
[«مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول» المجلسي (21/197)].
وروى أيضًا بسنده عن سليمان بن خالد قال: «سألت أبا عبد الله عن امرأة توفِّي عنها زوجها أين تعتد، في بيت زوجها تعتد أو حيث شاءت؟ قال: بل حيث شاءت، ثم قال: إن عليًّا لما مات عمر أتى أم كلثوم فأخذ بيدها فانطلق بها إلى بيته».
[«الكافي» الكليني (6/115)].
وقال عنه المجلسي: «الحديث الثاني: صحيح».
[«مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول» المجلسي (21/ 199)].
ثالثًا: صرح علماؤهم أن أحاديث إثبات هذا الزواج متواترة، فلا مجال لردها أساسًا.قال التستري: «قال المصنّف في «الأخبار»: أنَّ عمر تزوّجها غصبًا، وللمرتضى رسالة أصرّ فيها على ذلك، وأصرّ آخرون على الإنكار. قلت: لم ينكره محقِّقٌ محقَّقًا، فأخبارنا به متواترة في نكاحها وعدّتها فضلا عن أخبار العامّة واتّفاق السير».
[«قاموس الرجال» محمد تقي شوشتری (12/216)].
وقال الطهراني: «إن زواج عمر بن الخطَّاب بأم كلثوم بنت الصديقة الكبرى، سلام الله عليها، من الحوادث التاريخية المسلم بها، فلماذا يريد بعض الشيعة أن ينكر ذلك في بعض الكتب».
[«معرفة الإمام» محمد الحسين الطهراني (15/258)].
رابعًا: لو سلمنا أن الأحاديث وردت من طريق الزبير بن بكار فقط، كما زعم المفيد، فهذا لا يعد سببًا لردها؛ لوجود القرائن الكثيرة على صحة نقله، علاوة على ما ورد في كتب الشيعة من تأييد لروايته.قال الميرزا أبو الحسن الشعراني: «ولكنَّ الحق أنَّّ رواية زبير بن بكار مع قرب عهده وكون كتابه في مرأى العارفين بهذه الواقعة ومشهدهم ملحق بالتواتر؛ لأنّ تزويج بنت عليّ S لخليفة عصره لم يكن ممّا يخفى أو ينسى بعد مائة سنة، و نقل من يدّعي العلم والثّقة كزبير بن بكار الذي كان قاضي مكَّة، وكان معروفًا بعلم الأنساب في عصره وبعده لا بدّ أن يكون صادقًا، مع أنَّ هذه الواقعة نقلت من رجال آخرين أيضًا على ما في الاستيعاب والإصابة، كأبي بشر الدولابي، وابن سعد، وابن وهب ممّا يمتنع تواطؤهم على الكذب عادة، وما ورد في أحاديثنا أيضًا مؤيّد له».
[«الوافي» الفيض الكاشاني (21/109)].
خامسًا: بعض علماء الشيعة رد على المفيد، واستغرب نفيه للزواج مع كثرة الأدلة على ثبوته.قال المجلسي: «وكذا إنكار المفيد أصل الواقعة، إنما هو لبيان أنه لم يثبت ذلك من طرقهم، وإلا فبعد ورود تلك الأخبار، وما سيأتي بأسانيد أن عليًّا لما توفي عمر أتى أم كلثوم فانطلق بها إلى بيته، وغير ذلك مما أوردته في كتاب «بحار الأنوار» إنكار ذلك عجيب».
[«مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول» المجلسي (20/45)].
بل الشريف المرتضى حكم على من نفى الزواج أنه إما جاهل أو معاند.فقال: «فأما من جحد من غفلة أصحابنا وقوع هذا العقد، ونقل هذا البيت، وأنها ولدت أولادًا من عمر معلوم مشهور. ولا يجوز أن يدفعه إلا جاهل أو معاند، وما الحاجة بنا إلى دفع الضرورات والمشاهدات في أمر له مخرج من الدين».
[«رسائل الشريف» المرتضى (3/149)].
فالمفيد ومن نفى وقوع الزواج يدور بين الجهل والعناد.
سادسًا: ورد في بعض كلمات علماء الرَّافضة، ما يثبت كون الزواج بإذن وموافقة عليّ بن أبي طالب .قال الطهراني: «فقد كان النكاح برضا علي، وكان العباس مصيبًا في وساطته، وكان عمر محمودًا على رغبته، ويعرف العلماء أن زواج عثمان بابنة المصطفى كان فخرًا لعثمان لا للمصطفى …أجل، استبان مما ذكرنا أن زواج عمر بأم كلثوم أمر تاريخي ثابت مسلّم به لا يمكن إنكاره».
[«معرفة الإمام» محمد الحسين الطهراني، (15/263)].
وقال النسابة علي العمري: «والمعوّل عليه من هذه الروايات ما رأيناه آنفا من أنَّ العبّاس بن عبد المطّلب زوّجها عمر برضا أبيها وإذنه، وأولدها عمر زيدًا».
[«المجدي في أنساب الطالبيين» علي بن أبي الغنائم العمري ص[199]].
وهذه الموافقة تدل على أن عليّ بن أبي طالب كان يرى عمر بن الخطَّاب ، كفؤًا لابنته؛ لأنه كما قال المدرسي: «ولا يجوز تزويج البنت بغير الكفء».
[«فاطمة الزهراء قدوة وأسوة» محمد تقي المدرسي ص[33]].
مواضيع شبيهة
زعم الرَّافضة محاولة بعض الصحابة ومنهم عمر بن الخطَّاب قتل رسول الله في العقبة