7ewaratwelzamat
حوارات وإلزامات

أمر النبي  نساءه أن يلزمن ظهور الحصر من بعده، فمن فعلت ذلك فهي زوجته في الجنة.

0

 

جاء عند ابن سعد في (الطبقات)، قال:” أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْمَلَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ لِأَزْوَاجِهِ:أَيِّكُنَّ اتَّقَتِ اللَّهَ وَلَمْ تَأْتِ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَلَزِمَتْ ظَهْرَ حَصِيرِهَا فَهِيَ زَوْجَتِي فِي الْآخِرَةِ“.([1])

[ الطبقات الكبرى، ابن سعد (8/ 208)].

 

قال الرافضة: فمن خرجت من النساء بعد ذلك من بيتها فهي عاصية، وليست زوجة للنبي في الجنة.

 

والجواب على هذه الشبهة من وجوه:

أولاً: هذه الرواية لا تصح، وفيها علتان:

1- محمد بن عمر الواقدي متروك.

قال الذهبي: “مُحَمَّد بن عمر بن وَاقد الْأَسْلَمِيّ مَوْلَاهُم الْوَاقِدِيّ، صَاحب التصانيف، مجمع على تَركه. وَقَالَ ابْن عدي: يروي أَحَادِيث غير مَحْفُوظَة، وَالْبَلَاء مِنْهُ. وَقَالَ النَّسَائِيّ: كَانَ يضع الحَدِيث. وَقَالَ ابْن مَاجَه: ثَنَا ابْن أبي شيبَة، ثَنَا شيخ، ثَنَا عبد الحميد بن جَعْفَر، فَذكر حَدِيثا فِي لِبَاس الْجُمُعَة وحسبك بِمن لَا يَجْسُر أَن يُسَمِّيه ابْن مَاجَه”.

[المغني في الضعفاء، الذهبي، (2/ 619)].

 

2- الانقطاع بين عطاء والنبي  فعطاء من التابعين.قال الحافظ ابن حجر: “عطاء ابن أبي ميمونة البصري أبو معاذ واسم أبي ميمونة منيع، ثقة، رمي بالقدر من الرابعة مات سنة إحدى وثلاثين”.

[ تقريب التهذيب، ابن حجر، (ص 392)].

 

ثانيًا: جاء في رواية عند الإمام أحمد بإسناد حسن: “حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ صَالِحٍ، مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ  لَمَّا حَجَّ بِنِسَائِهِ، قَالَ:إِنَّمَا هِيَ هَذِهِ الْحَجَّةُ، ثُمَّ الْزَمْنَ ظُهُورَ الْحُصْر” .

[مسند أحمد، (15/ 476)].

 

هذه الرواية الكلام فيها متعلق بالحج لا غيره، ومع ذلك فالأمر فيها ليس على سبيل الوجوب، ولذلك فهم أزواج النبي  من قوله :ثُمَّ الْزَمْنَ ظُهُورَ الْحُصْرِ“، أنه لا يجب عليهن حج بعد ذلك، لا أنه يمنعهن من حج بيت الله الحرام، ولذلك وجدنا أن جميع أزواج النبي  حججن بعده مرات عديدة.فقد ثبت عند البخاري:أَذِنَ عُمَرُ ، لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ  فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا، فَبَعَثَ مَعَهُنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ”.

[ صحيح البخاري، (3/ 19)].

 

وروى ابن الجوزي في (المنتظم) في حوادث سنة (23 هـ) : عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، وَأَبِي حَارِثَةَ، وَالرَّبِيعِ بِإِسْنَادِهِمْ قَالُوا: حَجَّ عُمَرُ بِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ  مَعَهُنَّ أَوْلِيَاؤُهُنَّ مِمَّنْ لا تَحْتَجِبْنَ مِنْهُ، وَجَعَلَ فِي مُقَدَّمِ قِطَارِهِنِّ: عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَفِي مُؤَخِّرِهِ: عُثْمَانَ بْنَ عَفَّان”.

[المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، ابن الجوزي، (4/ 327)].

 

وروى البخاري أيضًا عن عَائِشَةُ بِنْتُ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ:” قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلاَ نَغْزُو وَنُجَاهِدُ مَعَكُمْ؟ فَقَالَ: «لَكِنَّ أَحْسَنَ الجِهَادِ وَأَجْمَلَهُ الحَجُّ، حَجٌّ مَبْرُورٌ»، فَقَالَتْ عَائِشَةُ «فَلاَ أَدَعُ الحَجَّ بَعْدَ إِذْ سَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ “.

[ صحيح البخاري، (3/ 19)].

 

وقد بيَّن الحافظ ابن حجر في الفتح هذه الروايات بيانًا شافيًا فقال: “وروى بن سَعْدٍ أَيْضًا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ قَالَ رَأَيْتُ نِسَاءَ النَّبِيِّ  حَجَجْنَ فِي هَوَادِجَ عَلَيْهَا الطيالسة زمن الْمُغيرَة أَي بن شُعْبَةُ. وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ زَمَنَ وِلَايَةِ الْمُغِيرَةِ عَلَى الْكُوفَةِ لَمُعَاوِيَةَ، وَكَانَ ذَلِكَ سَنَةَ خَمْسِينَ أَوْ قَبْلَهَا، وَلِابْنِ سَعْدٍ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أُمِّ مَعْبَدٍ الْخُزَاعِيَّةِ، قَالَتْ رَأَيْتُ عُثْمَانَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ حَجَّا بِنِسَاءِ النَّبِيِّ  فَنَزَلْنَ بِقُدَيْدٍ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِنَّ وَهُنَّ ثَمَانٍ وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهُنَّ اسْتَأْذَنَّ عُثْمَانَ فِي الْحَجِّ، فَقَالَ: أَنَا أَحُجُّ بِكُنَّ فَحَجَّ بِنَا جَمِيعًا إِلَّا زَيْنَبَ كَانَتْ مَاتَتْ وَإِلَّا سَوْدَةَ، فَإِنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهَا بَعْدَ النَّبِيِّ ، وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَأَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ وَاقِدِ بْنِ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ ، قَالَ لِنِسَائِهِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ هَذِهِ ثُمَّ ظُهُورَ الْحُصُرِ زَادَ بن سَعْدٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَكُنَّ نِسَاءُ النَّبِيِّ  يَحْجُجْنَ إِلَّا سَوْدَةَ وَزَيْنَبَ، فَقَالَا لَا تُحَرِّكُنَا دَابَّةٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ، وَإِسْنَادُ حَدِيثِ أَبِي وَاقِدٍ صَحِيحٌ، وَأَغْرَبَ الْمُهَلَّبُ فَزَعَمَ أَنَّهُ مِنْ وَضْعِ الرَّافِضَةِ لِقَصْدِ ذَمِّ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ فِي خُرُوجِهَا إِلَى الْعِرَاقِ لِلْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ فِي قِصَّةِ وَقْعَةِ الْجَمَلِ، وَهُوَ إِقْدَامٌ مِنْهُ عَلَى رَدِّ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ بِغَيْرِ دَلِيلٍ وَالْعُذْرُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا تَأَوَّلَتِ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ كَمَا تَأَوَّلَهُ غَيْرُهَا مِنْ صَوَاحِبَاتِهَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِنَّ غَيْرُ تِلْكَ الْحَجَّةِ، وَتَأَيَّدَ ذَلِكَ عِنْدَهَا بِقَوْلِهِ  “لَكِنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ، وَمِنْ ثَمَّ عَقَّبَهُ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي هَذَا الْبَابِ وَكَأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ مُتَوَقِّفًا فِي ذَلِكَ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ الْجَوَازُ فَأَذِنَ لَهُنَّ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ مَنْ ذُكِرَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ فِي عصره من غير نَكِير”.

[فتح الباري، ابن حجر، (4/73-74)].

 

فهذا فهم أزواج النبي  للحديث، بل هذا فهم جميع أصحاب النبي  فكان إجماعًا.

 

ثالثا: قد قال الرافضة أن الروايات إذا أعرض عنها أصحاب الأئمة، حتى ولو كانت صحيحة سندًا، فهي ضعيفة ولا يؤخذ بها، لمجرد إعراض أصحاب المعصومين عنها، فصار فهم أصحاب المعصوم هو الحاكم على الرواية حتى لو كانت في غاية الصحة والوضوح.

يقول البروجردي: ومن هنا اشتهر أن الرواية كلما ازدادت صحة ازدادت ضعفا وريبا إذا أعرض عنها الأصحاب، وكلما ازدادت ضعفا زادت قوة إذا عمل بها الأصحاب كما في المسألة المشار إليها”.

[تقريرات في أصول الفقه، تقرير بحث البروجردي، للاشتهاردي (ص 296)].

 

ويقول الميرزا القمي: “وهذه الأخبار كلما ازدادت عددًا وسندًا ودلالة مع هجر معظم الأصحاب إياها ازدادت ضعفًا، خصوصا مع عملهم على ما هو أقل منها عددًا وسندًا ودلالة”.

[ غنائم الأيام، الميرزا القمي، (1/ 414)].

 

وقال مثل ذلك الگلپايگاني.

[ در المنضود، السيد الگلپايگاني، (1 /330 – 331)].

 

“ولهذا ضعّف الأدلّة الروائيّة هنا بعض الفقهاء في بحوثهم العلميّة، مثل الشيخ جعفر السبحاني، والسيد تقي القمي، والسيد العاملي صاحب (نهاية المرام)، لكنّهم عادوا وقوّوا الروايات بعمل الأصحاب وبالإجماع المحقّق على هذا الحكم”.

[ إضاءات في الفكر والدين والاجتماع، حيدر حب الله، (ص 367)].

 

فإذا كان الإجماع حاكمًا على الرواية، فقد أجمع أصحاب النبي على أن هذه الرواية ليس فيها منع خروج أزواج النبي  من بيوتهن لمصلحة شرعية، سواء كان لحج أو لغيره، لاسيما وقد خفف الله عنهن، وأذن لهن في الخروج من البيت لقضاء الحوائج كما عند البخاري قال :” قَدْ أَذِنَ اللَّهُ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَوَائِجِكُنَّ”. 

[صحيح البخاري، (7/ 38)].

 

فثبت من ذلك أن كل مصلحة شرعية معتبرة تجيز لهن الخروج من بيوتهن قطعا.

 

رابعًا: يعيب الرافضة على نساء النبي  مجرد الخروج من البيت مع أن فاطمة بنت النبي   قد خرجت – في رواياتهم- وخطبت أمام الرجال، بل وأمسكت بتلابيب عمر.في (الكافي): “عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه (عليهما السلام) قالا: إنّ فاطمة (عليها السلام) لمّا أن كان من أمرهم ما كان- أخذت بتلابيب عمر، فجذبته إليها، ثمّ قالت: أما واللّه يا ابن الخطّاب لو لا أنّي أكره أن يصيب البلاء من لا ذنب له لعلمت أنّي سأقسم على اللّه ثمّ أجده سريع الإجابة” .

[الكافي، الكليني (1/460)].

 

قال المازندراني: “التلابيب جمع التلبيب، وهو ما في موضع اللبب من ثياب الرجل، تقول: أخذت بتلبيب فلان، إذا جمعت عليه ثوبه الّذي هو لابسه، وقبضت عليه تجره، و كان ذلك حين مزق كتابها الّذي كتبها أبو بكر، في ردّ فدك إليها بعد إكمال الحجة عليه فآذاها و آذى الرسول بذلك”.

[ شرح الكافي، صالح المازندراني (7/ 214)].

 

فهل يليق بفاطمة أن تصارع الرجال؟! هل تفعل ذلك امرأة صاحبة حياء فضلا عن بضعة رسول الله r ؟! فضلا عن أن زوجها لازال حيا! وأما خطبة فاطمة فمشهورة في كتب الشيعة، وقد رواها الطبرسي تحت عنوان “احتجاج فاطمة الزهراء (ع) على القوم لما منعوها فدك وقولها لهم عند الوفاة في الإمامة”.

[ الاحتجاج، الطبرسي (1/131)].

 

فزعموا أنها دخلت على أبي بكر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم، وخطبة فيهم خطبة طويلة، ثم عنَّفت علي بن أبي طالب بأقذع الألفاظ

[ انظر: بحار الأنوار، المجلسي، (29 / 317 )].

 

، فليزمهم بذلك في فاطمة ما ذكروه في أمهات المؤمنين رضي الله عن الجميع.

قناة اليوتيوب

مواضيع شبيهة

الزعم بأن أم المؤمنين عائشة كانت متزوجة قبل النبي ، وأن خديجة كانت هي البكر.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.