دعوى أن معاوية نقض جميع الشروط التي كانت بينه وبين الحسن في الصلح.
قال الشيعة إن معاوية بعد انتهاء الصلح صعد على المنبر واعلن نقضه للشروط. قال الإربلي: “وكتب إليه معاوية في الهدنة والصلح وبعث بكتب أصحابه إليه فأجابه إلى ذلك بعد أن شرط عليه شروطا كثيرة (منها) أن يترك سب أمير المؤمنين عليه السلام والقنوت عليه في الصلوات وان يؤمن شيعته ولا يتعرض لأحد منهم بسوء ويوصل إلى كل ذى حق حقه فأجابه معاوية إلى ذلك كله وعاهده على الوفاء به فلما استتمت الهدنة قال في خطبته إني منيت الحسن وأعطيته أشياء جعلتها تحت قدمى لا أفى بشئ منها له”.[اسم الکتاب : كشف الغمة المؤلف : ابن أبي الفتح الإربلي الجزء : 2 صفحة : 138].
وقال محسن الأمين: ” وفي رواية أبي الفرج أنه قال إن كل شئ أعطيته الحسن بن علي تحت قدمي هاتين لا أفي به قال أبو الفرج قال شريك في حديثه هذا هو التهتك.”.[اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 565].
والجواب علي هذه الشبهة من وجوه:
أولا: جميع الروايات في ذلك لا تصح فأما رواية أبو إسحاق السبيعي التي ذكرها محسن الأمين فناقلها هو أبو الفرج الأصبهاني وهذا رجل شيعي مردود الرواية بلا شك الرواية في المقاتل قال: “حدثني علي بن العباس المقانعي قال: أخبرنا جعفر بن محمد بن الحسين الزهري قال: حدثنا حسن بن الحسين عن عمرو بن ثابت عن أبي إسحاق قال:سمعت معاوية بالنخيلة يقول. ألا إن كل شئ اعطيته الحسن بن علي تحت قدمي هاتين لا افي به قال أبو إسحاق. وكان والله غدارا”.[اسم الکتاب : مقاتل الطالبيين المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني الجزء : 1 صفحة : 45]
فأما كون أبو الفرج الأصبهاني شيعي فقد قال الحر العاملي في ترجمته: “علي بن الحسين بن محمد القرشي ، أبو الفرج الأصبهاني . صاحب الأغاني ، إصبهاني الأصل بغدادي المنشأ ، من أعيان الأدباء ، وكان عالما روى عن كثير من العلماء ، وكان شيعيا خبيرا بالأغاني والآثار والأحاديث المشهورة والمغازي وعلم الجوارح والبيطرة والطب والنجوم والأشربة وغير ذلك . له تصانيف مليحة منها الأغاني[أمل الآمل، ج ٢، الحر العاملي، ص ١٨١],[الكنى والألقاب، ج ١، الشيخ عباس القمي، ص ١٣٨],[روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات، ج ٥، السيد محمد باقر الخوانساري، ص ٢٢٠],[سفينة البحار ومدينة الحكم والآثار، ج ٧، الشيخ عباس القمي، ص ٥٣],[معجم رجال الحديث، ج ١٢، السيد الخوئي، ص ٣٩٧].
وفي تحقيق الرواية قال أصحاب موسوعة محاسن الإسلام ورد شبهات اللئام«موضوع. أخرجه أبو الفرج في مقاتل الطالبيين قال: حدثني علي بن العباس المقانعي، قال: أخبرنا جعفر بن محمد بن الحسين الزهري، قال: حدثنا حسن بن الحسين، عن عمرو بن ثابت، عن أبي إسحاق به.وفي إسناده الحسن بن الحسين العرني الكوفي. قال أبو حاتم: لم يكن بصدوق عندهم، وكان من رؤساء الشيعة، اهـ من لسان الميزان (2/ 199) وعمرو بن ثابت بن أبي المقدام الكوفي ضعيف رمي بالرفض من الثامنة التقريب ت (4995)، وقال العجلي: شديد التشيع غال فيه واهي الحديث الثقات للعجلي ت (1368)، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث يكتب حديثه كان ردى الرأي شديد التشيع الجرح والتعديل (6/ 223)[«موسوعة محاسن الإسلام ورد شبهات اللئام» (9/ 331)].
وأما باقي الروايات في كتبهم فلا تلزمنا وهم أكذب الخلق وأشهر تلك الروايات ما ذكره في مناقب آل أبي طالب ان معاوية: “قال في خطبته”: “اني والله ما أقاتلكم لتصلوا ولا تصوموا ولا تحجوا ولا تزكوا انكم لتفعلون ذلك ولكني قاتلتكم لا تأمر عليكم وقد أعطاني الله ذلك وأنتم له كارهون واني منيت الحسن وأعطيته أشياء وجميعها تحت قدمي ولا أفي بشئ منها”.[اسم الکتاب : مناقب آل أبي طالب – ط المكتبة الحيدرية المؤلف : ابن شهرآشوب الجزء : 3 صفحة : 196].
هذه الرواية بلا إسناد فتكون ساقطة عند السنة والشيعة على السواء.والرواية الأخرى عند المفيد في إرشاده قال: “فلمّا استتمّتِ الهُدنةُ على ذلكَ ، سارَ معاويةُ حتّى نزلَ بالنُّخَيْلةِ [٢] ، وكانَ ذلكَ يومَ جمعةٍ فصلّى بالنّاسِ ضحى النّهارِ ، فخطَبَهُم “وقالَ في خطبتهِ “: إِنِّي واللهِّ ما قاتلتُكم لتُصلُّوا ولا لتصوموا ولا لتحجّوا ولا لتزكُّوا ، إِنّكم لتفعلونَ ذلكَ ، ولكنِّي قاتلتُكم لأتأمّرَ عليكم ، وقد أعطاني اللهُّ ذلكَ وأنتم له كارِهونَ. ألا ِوانِّي كنتُ منَّيتُ الحسنَ وأعطيتُه أشياءَ ، وجَمِيعُها تحتَ قَدَمَيَّ لا أفي بشيءٍ منها له”.[الإرشاد المؤلف : الشيخ المفيد الجزء : 2 صفحة : 14].
وهذه أيضا ساقها بلا إسناد، وكل من نقل تلك الرواية إنما نقلها من المفيد قال في هامش كتاب الإمام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي تعليقا على هذه الرواية (روى الكثيرمن الباحثين الشية منهم الخوئي في منهاج البراعة [في شرح نهج البلاغة ج ١٩ ص ١٤٣ ]، وكذلك الشيخ الكوراني [في جواهر التاريخ عن الشيخ المفيد في الارشاد ج ٢ ص ١٤] بغيرسند قال : (فلما استتمت الهدنة سار معاوية حتى نزل بالنخيلة ، وكان ذلك يوم جمعة فصلى بالناس ضحى النهار ، فخطبهم وقال في خطبته : إني والله ما قاتلتكم لتصلوا ولا لتصوموا ولا لتحجوا ولا لتزكوا ، إنكم لتفعلون ذلك ، ولكني قاتلتكم لأتأمر عليكم ، وقد أعطاني الله ذلك وأنتم له كارهون. ألا وإني كنت منيت الحسن وأعطيته أشياء ، وجميعها تحت قدمي لا أفي بشئ منها له وهي رواية ابي الفرج في مقاتله ابو الفرج مسندة ، وقد رواها من كتاب ابي الفرج مباشرة كثير من الباحثين الشيعة المعاصرين كالعلامة التستري في [قاموس الرجال ٤ / ١٠٩ ]، والعلامة السيد علي الشهرستاني [في وضوء النبي صلىاللهعليهوآله ج ١ ص ٢٠٩ ] والعلامة العسكري في[ احاديث المؤمنين عائشة ج ١ ص ٣٢٢] ، [والعلامة الشيخ راضي ال ياسين ص ١٢ في صلح الحسن عليهالسلام ]وغيرهم كثير ، وكذلك من الباحثين القدامى من غير الشيعة كابن ابي الحديد في [شرح نهج البلاغة ج ١٦ ص ١٥ ] ومن الشيعة القاضي النعمان في [شرح الاخبار ج ٢ ص ٥٣٣].الإمام الحسن عليه السلام في [مواجهة الانشقاق الأموي المؤلف : البدري، سامي الجزء : 1 صفحة : 524].
وعليه فجميع ما يستدلون به في ذلك مكذوب ولا يصح .
ثانيا: ذكرنا قبل ذلك أنه ليس من حق الشيعة أن يتكلموا عن شروط الحسن مع معاوية إذ أنهم قد اعترفوا أن تلك الشروط قد ضاع أكثرها وأنها مبتورة وان معصوميهم لم ينقلوها على أهميتها العظمى عندهم ومع ذلك هم يذكرون عدة شروط تعرضنا لها في جوابنا على شبهة “أن معاوية خالف شرطه مع الحسن لما ولى يزيد”، وقلنا بأن معاوية لم يخالف شرطا واحدا من تلك الشروط التي اتفق عليها مع الحسن مع أن هذه الشروط لم يصح منها إلا ثلاثة شروط فقط وهي الواردة في صحيح البخاري من قول الحسن: إِنَّا بَنُو عَبْدِ المُطَّلِبِ، قَدْ أَصَبْنَا مِنْ هَذَا المَالِ، وَإِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ قَدْ عَاثَتْ فِي دِمَائِهَا”.[البخاري، صحيح البخاري، ١٨٦/٣].
فكان الشرط الأول هو شرط المال وقد وفى معاوية به كاملا ففي بعض الروايات الصحيحة : «فَصَالَحَ الْحَسَنُ مُعَاوِيَةَ وَسَلَّمَ الْأَمْرَ لَهُ وَبَايَعَهُ بِالْخِلَافَةِ عَلَى شُرُوطٍ وَوَثَائِقَ، وَحَمَلَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْحَسَنِ مَالًا عَظِيمًا يُقَالُ: خَمْسُ مِائَةِ أَلْفِ أَلْفٍ دِرْهَمٍ وَذَلِكَ فِي جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ»[«المستدرك على الصحيحين» (3/ 191 ط العلمية)].
وقال ابن سعد: «ووفى معاوية للحسن ببيت المال. وكان فيه يومئذ ستة آلاف ألف درهم واحتملها الحسن وتجهز بها هو وأهل بيته إلى المدينة» [«الطبقات الكبرى – متمم الصحابة – الطبقة الخامسة» (1/ 323)].
وهذا المال كان خراج الكوفة بكاملها وقد أعطاه معاوية للحسن كاملا، ولم يكتف بذلك بل أجرى عليه مالا عظيما كل عام،ففي طبقات ابن سعد «فأجرى معاوية على الحسن كل سنة ألف ألف درهم»[«الطبقات الكبير» (6/ 382 ط الخانجي)].
ولذلك قال الحافظ ابن حجر: “«فَلَمَّا اسْتَقَرَّتِ الْخِلَافَةُ لِمُعَاوِيَةَ كَانَ الْحُسَيْنُ يَتَرَدَّدُ إليه مع أخيه الحسن فيكرمهما معاوية إِكْرَامًا زَائِدًا، وَيَقُولُ لَهُمَا: مَرْحَبًا وَأَهْلًا، وَيُعْطِيهِمَا عَطَاءً جَزِيلًا، وَقَدْ أَطْلَقَ لَهُمَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مِائَتَيْ أَلْفٍ، وَقَالَ: خُذَاهَا وَأَنَا ابْنُ هِنْدَ، وَاللَّهِ لَا يُعْطِيكُمَاهَا أَحَدٌ قَبْلِي وَلَا بَعْدِي، فَقَالَ الْحُسَيْنُ: وَاللَّهِ لَنْ تُعْطِيَ أَنْتَ ولا أحد قبلك ولا بعدك رجلاً مِنَّا. وَلِمَا تُوُفِّيَ الْحَسَنُ كَانَ الْحُسَيْنُ يَفِدُ إِلَى مُعَاوِيَةَ فِي كُلِّ عَامٍ فَيُعْطِيهِ وَيُكْرِمُهُ، وَقَدْ كَانَ فِي الْجَيْشِ الَّذِينَ غَزَوُا الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ مَعَ ابْنِ مُعَاوِيَةَ يَزِيدَ، فِي سَنَةِ إِحْدَى وخمسين»[«البداية والنهاية ت شيري» (8/ 161)].
وقد جاء في مصنف ابن أبي شيبة قال: “حدثنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن يحيي عن أبيه أن الحسن والحسين كانا يقبلان جوائز معاوية” .[المصنف، ج ٥، ابن أبي شيبة الكوفي، ص ٤١].
وقد أقر الشيعة بذلك فقد رووا: “عن يحيى بن ابي العلا عن ابي عبد الله عليهالسلام عن أبيه عليهماالسلام أن الحسن والحسين عليهماالسلام كانا يقبلان جوائز معاوية”.[اسم الکتاب : تهذيب الأحكام المؤلف : شيخ الطائفة الجزء : 6 صفحة : 337].
قال المجلسي: موثق كالصحيح,[ملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخبار، ج ١٠، العلامة المجلسي، ص ٢٨٨] وصححه علامتهم الفيض الكاشاني.[ المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء، ج ٣، الفيض الكاشاني، ص ٢٥١] وكذلك شيخهم محمد السند [ملكية الدولة، الشيخ محمد السند، ص ٧٤].
واعتمد الشيعة عليه في فقههم قال ناصر مكارم الشيرازي: “ما يدلّ على أخذ الأئمّة عليهم السّلام جوائز الخلفاء وما وصل إليهم من بيت المال مثل : 1 – ما رواه يحيى بن أبي العلاء عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن أبيه أنّ الحسن والحسين عليهما السّلام كانا يقبلان جوائز معاوية”.[أنوار الفقاهة ( كتاب التجارة )، الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، ص ٤٥٣].
وقال محسن الأمين : “وكتب القطيفي عدة رسائل في الرد على الكركي وأطال لسانه في حق الكركي وليس من رجاله حتى نسبه إلى الجهل وعدم العدالة وقدح فيه بقبول جوائز الملوك وكانا معا في النجف الأشرف الغروي فاتفق ان الشاه طهماسب الصفوي ارسل جائزة للقطيفي فردها معتذرا بعدم الحاجة فقال له الكركي أخطأت في ردها وارتكبت اما حراما أو مكروها بتركك التأسي بالامام الحسن السبط في قبوله جوائز معاوية مع أنك لست أعلى مرتبة من الامام ولا السلطان أسوأ حالا من معاوية فاجابه بجواب اقناعي [أعيان الشيعة، ج ٢، السيد محسن الأمين، ص ١٤٢].وروى شيخهم النعمان المغربي: “[دعائم الإسلام المؤلف : القاضي النعمان المغربي الجزء : 2 صفحة : 324].
وَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ جَوَائِزِ الْمُتَغَلِّبِينَ فَقَالَ قَدْ كَانَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ ع يَقْبَلَانِ جَوَائِزَ الْمُتَغَلِّبِينَ مِثْلِ مُعَاوِيَةَ لِأَنَّهُمَا كَانَا أَهْلًا لِمَا يَصِلُ إِلَيْهِمَا مِنْ ذَلِكَ وَ مَا فِي أَيْدِي الْمُتَغَلِّبِينَ عَلَيْهِمْ حَرَامٌ وَ هُوَ لِلنَّاسِ وَاسِعٌ إِذَا وَصَلَ إِلَيْهِمْ فِي خَيْرٍ وَ أَخَذُوهُ مِنْ حَقِّهِ”.
وفي قرب الإسناد: “- جَعْفَرٌ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ كَانَا يَغْمِزَانِ مُعَاوِيَةَ وَ يَقُولَانِ فِيهِ، وَ يَقْبَلَانِ جَوَائِزَهُ”.
[اسم الکتاب : قرب الإسناد – ط الحديثة المؤلف : الحميري، أبو العباس الجزء : 1 صفحة : 92]
وفي دلائل الإمامة للطبري الرافضي: “عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ لِأَخِيهِ الْحُسَيْنِ ذَاتَ يَوْمٍ، وَبِحَضْرَتِهِمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ: إِنَّ هَذَا الطَّاغِيَةَ- يَعْنِي مُعَاوِيَةَ- بَاعِثٌ إِلَيْكُمْ بِجَوَائِزِكُمْ فِي رَأْسِ الْهِلَالِ. فَمَا أَنْتُمْ صَانِعُونَ؟ قَالَ الْحُسَيْنُ: إِنَّ عَلَيَّ دَيْناً، وَ أَنَا بِهِ مَغْمُومٌ، فَإِنْ أَتَانِي اللَّهُ بِهِ قَضَيْتُ دَيْنِي.فَلَمَّا كَانَ رَأْسُ الْهِلَالِ وَافَاهُمُ الْمَالُ، فَبَعَثَ إِلَى الْحَسَنِ بِأَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَ بَعَثَ إِلَى الْحُسَيْنِ بِتِسْعِمَائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَ بَعَثَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ بِخَمْسِمَائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ: مَا تَقَعُ هَذِهِ مِنْ دَيْنِي؟ وَ مَا فِيهَا قَضَاءُ دَيْنِي وَ لَا مَا أُرِيدُ. فَأَمَّا الْحَسَنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَأَخَذَهَا وَ قَضَى دَيْنَهُ، وَ أَمَّا الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَأَخَذَهَا وَ قَضَى دَيْنَهُ، وَ قَسَمَ ثُلُثَ مَا بَقِيَ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ وَ مَوَالِيهِ، وَ فَضَلَ الْبَاقِي أَنْفَقَهُ فِي يَوْمِهِ، وَ أَمَّا عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ جَعْفَرٍ فَقَضَى دَيْنَهُ، وَ فَضَلَتْ لَهُ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَدَفَعَهَا إِلَى الرَّسُولِ الَّذِي جَاءَ بِالْمَالِ.[اسم الکتاب : دلائل الإمامة – ط مؤسسة البعثة المؤلف : الطبري الصغير، محمد بن جرير الجزء : 1 صفحة : 172]
فهذه كلها أدلة قاطعة من اهل السنة ومن الشيعة على أن معاوية قد وفى بذلك الشرط وزيادة وبقي وفيا إلى آخر لحظة من عمره.بل إنه نسبوا إلى الحسين أنه استولى على قافلة جاءت من اليمن وكانت في طريقها إلى معاوية بزعم أن الحسين هو مالك الأرض كلها يقول عبد العظيم البحراني: “وقد اجتازت على يثرب أموال من اليمن إلى خزينة دمشق ، فعمد الإمام ( عليه السلام ) إلى الاستيلاء عليها ، ووزعها على المحتاجين من بني هاشم وغيرهم وكتب إلى معاوية : ” من الحسين بن علي إلى معاوية بن أبي سفيان ، أما بعد : فإن عيرا مرت بنا من اليمن تحمل مالا وحللا وعنبراةوطيبا إليك لتودعها خزائن دمشق ، وتعل بها بعد النهل بني أبيك ، واني احتجت إليها فأخذتها ، والسلام . . ” .وأجابه معاوية : ( من عبد الله معاوية إلى الحسين بن علي ، أما بعد : فان كتابك ورد علي ،تذكر أن عيرا مرت بك من اليمن تحمل مالا وحللا وعنبرا وطيبا إلي لأودعها خزائن دمشق ، وأعل بها بعد النهل بني أبي ، وانك احتجت إليها فأخذتها ، ولم تكن جديرا بأخذها إذ نسبتها إلي لأن الوالي أحق بالمال ، ثم عليه المخرج منه ، وأيم الله لو تركت ذلك حتى صار إلي لم أبخسك حظك منه ، ولكنني قد ظننت يا ابن أخي أن في رأسك نزوة ،وبودي أن يكون ذلك في زماني فأعرف لك قدرك ، وأتجاوز عن ذلك ولكنني والله أتخوف أن تبلى بمن لا ينظرك فواق ناقة ) .
[من أخلاق الإمام الحسين ( ع )، عبد العظيم المهتدي البحراني، ص ١٥١]. فليتأمل العاقل في حلم معاوية واستعجال الحسين أمرا كان سيأتيه لا محالة مع أننا نشك في حصول ذلك من الحسين رضي الله عنه فهو اكبر من تلك الفعلة التي لا يفعلها إلا اللصوص.
الشرط الثاني: إصدار العفو العام عن كل ما كان قبل الصلح من سفك الدماء او إتلاف للأموال او غير ذلك ولا شك أن معاوية رضي الله عنه قد فعل ذلك وعاش الكل بامن وأمان زمان معاوية رضي الله عنه، فقد صرح الشيعة في موسوعتهم عن الحسين أنهما لم يريا من معاوية مكروها ولا سوءا ولا تغير لهما في بر.قالوا: “وكتب -معاوية- إلى الحسين : أمّا بعد ، فقد انتهت إليّ أمور عنك لست بها حريّا لأنّ من أعطىصفقة يمينه جدير بالوفاء ، فاعلم رحمك اللّه أنّي متى أنكرك تستنكرني ، ومتى تكدني أكدك ، فلا يستفزّنّك السّفهاء الّذين يحبّون الفتنة والسّلام . فكتب إليه الحسين رضى اللّه عنه : ما أريد حربك ولا الخلاف عليك . قالوا : ولم ير الحسن ولا الحسين طول حياة معاوية منه سوءا في أنفسهما ولا مكروها ، ولا قطع عنهما شيئا ممّا كان شرط لهما ، ولا تغيّر لهما عن برّ”.[موسوعة الإمام الحسين ( ع ) ( تاريخ امام حسين ع )، ج ١، مكتب طباعة الكتب المساعدة التعليمية، ص ٧٦]. وسنزيد ذلك تفصيلا في اعترافات الشيعة بعدم نقض معاوية للشروط فتريث.
الشرط الثالث: قطع الفتنة وإيقاف الحرب وقد تم ذلك على أكمل وجه، ولأجل ذلك فقد عادت الفتوحات بعد أن توقفت منذ استشهاد امير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه. 2691 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْأَصَمِّ، عَنْ عَمِّهِ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ الْحَسَنِ، وَجَارِيَةٌ تَحُتُّ شَيْئًا مِنَ الْحِنَّاءِ عَنْ أَظْفَارِهِ، فَجَاءَتْهُ إِضْبارَةٌ مِنْ كُتُبٍ، فَقَالَ: يَا جَارِيَةُ هَاتِ الْمِخْضَبَ. فَصَبَّ فِيهِ مَاءً، وَأَلْقَى الْكُتُبَ فِي الْمَاءِ، فَلَمْ يَفْتَحْ مِنْهَا شَيْئًا، وَلَمْ يَنْظُرْ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، مِمَّنْ هَذِهِ الْكُتُبُ؟ قَالَ: «مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، مِنْ قَوْمٍ لَا يَرْجِعُونَ إِلَى حَقٍّ، وَلَا يُقْصِرُونَ عَنْ بَاطِلٍ، أَمَا إِنِّي لَسْتُ أَخْشَاهُمْ عَلَى نَفْسِي، ولَكِنِّي أَخْشَاهُمْ عَلَى ذَلِكَ. وَأَشَارَ إِلَى الْحُسَيْنِ»[«المعجم الكبير للطبراني» (3/ 70)].
وفي تاريخ أبي زرعة: «حدثنا أبو زرعة قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ، وَاخْتَلَفَ النَّاسُ، لَمْ تَكُنْ لِلنَّاسِ غَازِيَةٌ، وَلَا صَائِفَةٌ، حَتَّى اجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى مُعَاوِيَةَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ، وَسَمَّوْهَا سَنَةَ الْجَمَاعَةِ» [«تاريخ أبي زرعة الدمشقي» (ص188)]
وقال الحافظ ابن حجر: «وَقَدْ رَوَى عبد بن حميد بِإِسْنَاد صَحِيح عَن بن عَبَّاسٍ قِصَّةَ أَصْحَابِ الْكَهْفِ مُطَوَّلَةً غَيْرَ مَرْفُوعَةٍ وَمُلَخَّص مَا ذكر أَن بن عَبَّاسٍ غَزَا مَعَ مُعَاوِيَةَ الصَّائِفَةَ فَمَرُّوا بِالْكَهْفِ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ أُرِيد أَن أكشف عَنْهُم فَمَنعه بن عَبَّاسٍ فَصَمَّمَ وَبَعَثَ نَاسًا فَبَعَثَ اللَّهُ رِيحًا فأخرجتهم»[«فتح الباري لابن حجر» (6/ 505)].
وعَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: «مَا رَأَيْتُ رَجُلًا كَانَ أَخْلَقَ لِلْمُلْكِ مِنْ مُعَاوِيَةَ، إِنْ كَانَ النَّاسُ لَيَرِدُونَ مِنْهُ عَلَى وَادِي الرَّحْبِ وَلَمْ يَكُنْ كَالضَّيِّقِ الْحَصِيصِ، الضَّجِرِ الْمُتَغَضِّبِ» . سَأَلْتُ أَحْمَدَ بْنَ يَحْيَى ثَعْلَبَ عَنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «لَمْ يَكُنْ مُعَاوِيَةُ كَالضَّيِّقِ الْحَصِيصِ» ، فَقَالَ: يَضْبِطُ الْأُمُورَ، قُلْتُ لِثَعْلَبٍ: يَكُونُ أَنَّهُ يَعْنِي لَمْ يَكُنْ ضَيِّقَ الْخُلُقِ؟ قَالَ: يَكُونُ فِي الْخُلُقِ وَغَيْرِهِ إِلَّا أَنَّهُ فِي الْمَالِ أَكْثَرُ [«السنة لأبي بكر بن الخلال» (2/ 440)].
وقال الطبري وهو يذكر أحداث سنة ٤٩: “ثُمَّ دخلت سنة تسع وأربعين….. وفيها كَانَتْ غزوة يَزِيد بن مُعَاوِيَة الروم حَتَّى بلغ قسطنطينية، وَمَعَهُ ابن عَبَّاس وابن عمر وابن الزُّبَيْر وأبو أيوب الأَنْصَارِيّ»[«تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري» (5/ 232)].
فلو لم تكن الفتنة قد انقطعت وأوقفت الحرب بين المسلمين لما تفرغ معاوية لقتال العدو في زمانه ولما فتحت الفتوحات العظيمة والتي اعترف بها الشيعة أنفسهم يقول مفيدهم: “أكثر فتوح الشام وبلاد المغرب والبحرين والروم وخراسان كانت على يد معاوية بن أبي سفيان وأمرائه كعمرو بن العاص وبسر بن أرطاة ومعاوية بن حديج وغير من ذكرناه، ومن بعدهم على أيدي بني أمية وأمرائهم بلا اختلاف.[الكتاب : الإفصاح المؤلف : الشيخ المفيد الصفحه: 130]
وأما باقي الشروط فلا تصح وعلى فرض صحتها فلم يثبت أن معاوية قد نقضها وقد رددنا على ذلك في شبهات مرت كقتله الحجر وأصحابه ودعوى سب علي على المنابر وغير ذلك.
رابعا: قد اعترف علماء ومنظرو التشيع أن الروايات التي تذكر أن معاوية قد نقض عهوده من اول يوم يوم او طوال مدة حياة الحسن أنها باطلة ولا تصح لا سندا ولا متنا .قال شيخهم حيدر العريضي: “لقد ذكرت الأخبار إعلان معاوية نقض عهود الصلح وعدم اكتراثه بها، فمتى أعلن ذلك وأين؟ وهل طبق إعلانه في حياة الامام الحسن أم بعد شهادته؟ وما هي وثاقة تلك الأخبار؟حيث اختلفت الاخبار في وقت الإعلان ومكانه، فمنها من ذهب الى أن الإعلان كان في نفس معسكر جيش الكوفة من منطقة النخيلة ومنها ذكر أن الإعلان كان من على منبر الكوفة، وهذا الاختلاف مبرر عقلي لإثارة الشك بمضمون الخبر ومؤداه، علماً أن الجلوس تحت منبر معاوية مما نهى عنه النبي ! حيث أمر بقتل معاوية إن ارتقى منبراً للمسلمين”، ولو سلّمنا جدلاً بصحة الأخبار الآنفة لا يثبت معها نقض معاوية لبنود الصلح عملياً؛ لأنّ الخروقات إنما وقعت بعد شهادة الامام الحسن ا وليس في حياته المباركة، ويمكن التأكد من ذلك بمراجعة تأريخ كل غدرة لمعاوية من قتل، أو سب للإمام علي لا يجده المتتبع أنه وقع بعد شهادة الامام الحسن سنة ٥٠-٥١هـ،”.[حكمة صلح الإمام الحسن وآثاره دراسة تحليلية -الشيخ حيدر العريضي ص١٧]
ويقول شيخهم حيدر العريضي: “كان حرص الامام عليه السلام شديداً على مصلحة شيعة أهل البيت ، فقد صالح معاوية حقناً لدمائهم وحفاظاً على الأمن العام، حيث اشترط على معاوية ألا يتعرض لهم بسوء أو مكروه، وهو من أهم الشروط وأعظمها عند الامام ، كما أن أغلب الشروط كانت لصالح شيعتهم ومواليهم لضمان مصالحهم وعدم التعرض لهم بأذى، حيث ألتزم معاوية بهذه الشروط لمدة عشر سنوات حتى شهادة الامام الحسن ، ويمكن اطلاق على ذلك العقد اسم أعوام الفتح المبين لشيعة أهل البيت ، وقد وصف ابن أبي الحديد ما جرى بعد عام الصلح (الجماعة) بعشر سنوات، قائلاً: قلم يزل الأمر كذلك حتى مات الحسن بن علي فازداد البلاء والفتنة فلم يبق أحد من هذا القبيل إلا وهو خائف على دمه أو طريد في الأرض”.ومن مصالح الصلح المثبتة في الوثيقة وآثاره على مستوى خدمة مذهب أهل البيت وشيعتهم الموالين الهم الخلاص ومودة هو ما يلي:
أولا : فرضت على معاوية أن يتعامل ولو ظاهرياً – ولمدة محدودة بإيجابية مع ذكر الامام علي بخير، وبرفع السب عنه خصوصاً في العراق والمدينة المنورة والحجاز.
ثانيا: تضمن اختلاط العراقيين مع الشاميين في أجواء من الشفافية والمحبة والأمان؛ ليتعرف الشاميون على فضائل الامام علي ، وأخبار سيرته المشرقة ومنزلته العظيمة.
ثالثاً: تحقق أجواء الأمان في الأمة الاسلامية كلّها عامة، والشيعة خاصة بتطويق الفكر التكفيري وتحجيم خطره حكمة صلح الإمام الحسن وآثاره دراسة تحليلية-[الشيخ حيدر العريضي ص ١٠]
وفي بحث أعدته شعبة التبليغ في قسم الشؤون الدينية التابع للعتبة العلوية قال: “وساد الأمان في الأمة كلها عشر سنوات بعد توقيع وثيقة الصلح وبرز الإمام الحسن مرجعا دينيا إلهيا”.[صلح الإمام الحسن مشروع السماء لإصلاح الأمة ص ٨٧ ]
فهذا اعتراف الشيعة ببطلان تلك الروايات سندا ومتنا وهم من اضطروا للدفاع عن معاوية في ذلك والذي اضطرهم إلى ذلك أن نقض الشروط إنما يعود بالطعن على الحسن نفسه وذلك من عدة أوجه.
الوجه الأول: أن هذا ينفي كون الحسن حكيما إذ أنه قد اشترط على من يعرف منه الغدر عندهم وهذه مخالفة صريحة لكتاب الله تعالى، قال تعالى { ٱلَّذِینَ عَـٰهَدتَّ مِنۡهُمۡ ثُمَّ یَنقُضُونَ عَهۡدَهُمۡ فِی كُلِّ مَرَّةࣲ وَهُمۡ لَا یَتَّقُونَ (٥٦) فَإِمَّا تَثۡقَفَنَّهُمۡ فِی ٱلۡحَرۡبِ فَشَرِّدۡ بِهِم مَّنۡ خَلۡفَهُمۡ لَعَلَّهُمۡ یَذَّكَّرُونَ (٥٧) وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوۡمٍ خِیَانَةࣰ فَٱنۢبِذۡ إِلَیۡهِمۡ عَلَىٰ سَوَاۤءٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُحِبُّ ٱلۡخَاۤىِٕنِینَ (٥٨) }[سُورَةُ الأَنفَالِ: ٥٦-٥٨]
فاوجب الله أن إذا شعر الحاكم بأن عدوه سينقض العهد وجب عليه أن يعلنه بانتهاء عهده، فما البال بمن يعلم أنه سينقض مباشرة.
الوجه الثاني: أن هذا ينفي كل حكمة من وراء صلح الحسن، لأن الحسن على عقيدة الشيعة يعلم الغيب، فإن قالوا أن حكمة الحسن في ذلك قد وضعها في شروطه من حيث حقن الدماء والأمن للمسلمين فإن كان ذلك قد تحقق فقد ثبت أن الحسن حكيم، وإن قالوا لم يتحقق فقد نفوا كل حكمة من وراء الصلح، وإن قالوا إن الهدف من وراء الحسن لم يضعه في شروطه وإنما فقط كان الهدف هو فضح معاوية قلنا إذا إنكار الإمامة لا يكفي في فضح الرجل، ويلزمهم أن يقولوا بأن الإمامة ليست من المعلوم من الدين بالضرورة وليست أصلا من أصول الدين ويكفي هذا في بطلان عقيدتهم.
الوجه الثالث: أن يكون الحسن هو المتسبب في كل جريمة فعلها معاوية فهو الذي سلطه على رقاب المسلمين وعلى دماءهم وأموالهم. يقول المجلسي الاول: “معاوية لما كان مسلطا على المؤمنين”.[ملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخبار، ج ١٠، العلامة المجلسي، ص ٢٨٨].
فمن الذي سلط معاوية على رقاب المسلمين غير الحسن؟!
الوجه الرابع: إذا كان الحسن والحسين قد رأوا نقض معاوية لشروطه فقد حل لهم نقض الصلح وحله يقول محمد جواد فضل الله: ولقد كان الإمام الحسن في حل من شرطه لو أراد لان التسليم كان مشروطا ولم يف معاوية بأي واحد من الشروط التي أخذت عليه، فهو في فسحة من اتخاذ قرار النقض لو شاء”.[صلح الإمام الحسن أسبابه ونتائجه -محمد جواد فضل الله ص ١٥٥].
فإذا نقض معاوية العهد بعد عشر سنين كما يزعمون فإنه بلا شك كان الحسن قد زرع في الناس طيلة هذه السنوات بغض معاوية وحب اهل البيت وبالتالي استطاع أن يقوي جيشه الذي كان في رواياتهم أربعين ألفا، ولذلك قال الباقر في بيان عقوبة الحسن (رحم الله عمي الحسن .. لقد أغمد أربعين ألف سيف حين أصيب أمير المؤمنين وأسلمها إلى معاوية وخرج الحسين فعرض نفسه على الله في سبعين رجلا من أحق بدمه منا ؟ ) [تفسير العياشي 2/291].
فأين هي تربية الحسن وجيشه بعد عشر سنين خاصة أن معاوية بعد العشر سنين بدأ في عمل كل جريمة على حد زعم الشيعة الآثم، فكان من الواجب على الحسن الإعلان عن نقض العهد وحله مع معاوية لكن الشيعة يعترفون بعكس ذلك تماما، وفي عدم نقض الصلح إعانة لمعاوية على المسلمين وقتل لهم باسم اهل البيت لأنهم مازالوا يقرون بعهد منقوض!
الوجه الخامس: يلزم الشيعة أن يقولوا أن فعل الحسن إنما كان مفسدة للأمة لا صلاحا لها طالما أن حكم معاوية إنما كان كله قائم على نقض الشروط والتي في نقضها كل فساد للإسلام والمسلمين، يقول علامتهم الأميني: “أرسل معاوية إلى الحسن (السبط الزكي) يسأله أن يخرج فيقاتل الخوارج فقال الحسن: سبحان الله تركت قتالك وهو لي حلال لصلاح الأمة وألفتهم”.[اسم الکتاب : من حياة معاوية بن أبي سفيان المؤلف : العلامة الأميني الجزء : 1 صفحة : 23]
فكيف يقول الحسن أن حكم معاوية كان فيه صلاح الأمة وألفتها ثم يقول الشيعة أن حكم معاوية كان فسادا للامة وتنكيلا بهم؟ هذا عين النصب والعداوة لأهل بيت نبينا رضوان الله عليهم جميعا.
والحمد لله رب العالمين.
مواضيع شبيهة