خالف عثمان القرآن وأئمة المسلمين في عدة المختلعة.
قال الشيعة إن عثمان قال بأن عدة المختلعة حيضة واحدة وهذا خلاف ما عليه أئمة المسلمين واستدلوا على ذلك بما روي «عَنْ نَافِعٍ، أَنَّهُ سَمِعَ رُبَيِّعَ بِنْتَ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءٍ، وَهِيَ تُخْبِرُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا فِي عَهْدِ عُثْمَانَ، فَجَاءَ مُعَاذُ بْنُ عَفْرَاءٍ، إِلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ: ” إِنَّ ابْنَةَ مُعَوِّذٍ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا الْيَوْمَ، أَتَنْتَقِلُ؟، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: لِتَنْتَقِلْ وَلَا مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا، وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا إِلَّا أَنَّهَا لَا تُنْكَحُ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ بِهَا حَبَلٌ “، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ عِنْدَ ذَلِكَ: عُثْمَانُ خَيْرُنَا وَأَعْلَمُنَا»
[«جزء أبي الجهم» (ص46)].
قال الأميني: المطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء، نصا من الله العزيز الحكيم [1] من غير فرق بين أقسام الطلاق المنتزعة من شقاق الزوج والزوجة، فإن كان الكره من قبل الزوج فحسب فالطلاق رجعي.أو من قبل الزوجة فقط فهو خلعي. أو منهما معا فمباراة.هذه آراء أئمة المسلمين عند القوم وليس فيها شئ يوافق ما ارتآه عثمان وهي مصافقة مع القرآن الكريم كما ذكرناه.
[اسم الکتاب : الغدير المؤلف : العلامة الأميني الجزء : 8 صفحة : 198] .
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
أولا: قد اختلف أهل العلم في عدة المختلعة على قولين يقول الترمذي: “وَاخْتَلَفَ أَهْلُ العِلْمِ فِي عِدَّةِ المُخْتَلِعَةِ، فَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمْ: إِنَّ عِدَّةَ المُخْتَلِعَةِ عِدَّةُ المُطَلَّقَةِ ثَلَاثُ حِيَضٍ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَهْلِ الكُوفَةِ، وَبِهِ يَقُولُ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمْ: إِنَّ عِدَّةَ المُخْتَلِعَةِ حَيْضَةٌ. قَالَ إِسْحَاقُ: «وَإِنْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ إِلَى هَذَا فَهُوَ مَذْهَبٌ قَوِيٌّ»
[«سنن الترمذي» (3/ 484 ت شاكر)].
ولكل مذهب دليله وقد استدل من قال بأن عدتها ثلاثة قروء بعموم القرآن { وَٱلۡمُطَلَّقَـٰتُ یَتَرَبَّصۡنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَـٰثَةَ قُرُوۤءࣲۚ}
[سُورَةُ البَقَرَةِ: ٢٢٨].
وهذا عموم مخصوص بالسنة، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.وَبِتَقْدِيرِ ثُبُوتِ النِّزَاعِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ فَالْوَاجِبُ رَدُّ مَا تَنَازَعُوا فِيهِ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ وَالسُّنَّةُ قَدْ بَيَّنَتْ أَنَّ الْوَاجِبَ حَيْضَةٌ. . . (3) وَمِمَّا بَيَّنَ ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَنْ تَحِيضَ وَتَتَرَبَّصَ حَيْضَةً وَاحِدَةً؛ وَتَلْحَقَ بِأَهْلِهَا. فَلَوْ كَانَ قَدْ طَلَّقَهَا إحْدَى الطَّلَقَاتِ الثَّلَاثِ لَلَزِمَتْهَا عِدَّةُ مُطَلَّقَةٍ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَاتِّفَاق الْمُسْلِمِينَ؛ بِخِلَافِ الْخُلْعِ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عِدَّةٌ؛ وَإِنَّمَا فِيهِ اسْتِبْرَاءٌ بِحَيْضِ. وَالنِّزَاعُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعْرُوفٌ.
[ابن تيمية، مجموع الفتاوى، ٣٢٤:٣٢٣/٣٢].
وأما المذهب القائل بأنها تُستبرأ بحيضة فأدلتهم من السنة كثيرة ومنها .حديث الترمذي: “عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ ابْنِ عَفْرَاءَ، أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ أُمِرَتْ أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةٍ» وَفِي البَاب عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.: «حَدِيثُ الرُّبَيِّعِ الصَّحِيحُ أَنَّهَا أُمِرَتْ أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةٍ»
[حكم الألباني] : صحيح
[«سنن الترمذي» (3/ 483 ت شاكر)].
وفي سنن أبي داود ومصنف ابن أبي شيبة: “2230 – حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «عِدَّةُ الْمُخْتَلِعَةِ حَيْضَةٌ»
[«سنن أبي داود» (2/ 269 ت محيي الدين عبد الحميد)]
[«مصنف ابن أبي شيبة» (4/ 119 ت الحوت)].
وغير ذلك من الروايات التي استندوا عليها. وأما القول بأن الخلع طلاق فهذه مسألة تنازع فيها العلماء ،وقد رجح شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن الخلع فيه لا طلاق: ” لَا نَعْلَمُ أَحَدًا نَازَعَ فِي هَذَا وَقَالَ: إنَّ الْخُلْعَ طَلْقَةٌ مَحْسُوبَةٌ مِنْ الثَّلَاثِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا عِدَّةَ فِيهِ. وَهَذَا مِمَّا يُؤَيِّدُ أَنَّ الْخُلْعَ فَسْخٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ الْمَنْقُولِ عَنْ عُثْمَانَ وَغَيْرِهِ”.
[ابن تيمية، مجموع الفتاوى، ٣٣٢/٣٢].
وقال: “وَمِمَّنْ قَالَ: فَسْخٌ؛ وَلَيْسَ بِطَلَاقِ: ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ. قُلْت: وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ. أَنَّهُ ضَعَّفَ كُلَّ مَا يُرْوَى عَنْ الصَّحَابَةِ مُخَالِفًا لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
[ابن تيمية، مجموع الفتاوى، ٣٢٧/٣٢].
ومع ذلك فحتى لو قلنا بأنه طلاق فإنه لا ملازمة بين كونه طلاقا والاعتداد بثلاثة قروء فإن المطلقة قبل الدخول لا عدة عليها مع أنه طلاق ، قال ابن تيمية: “وَالْآيَةُ قَدْ اسْتَثْنَى مِنْهَا غَيْرَ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمُطَلَّقَاتِ: كَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَالْحَامِلِ وَالْأَمَةِ وَاَلَّتِي لَمْ تَحِضْ وَإِنَّمَا تَشْمَلُ الْمُطَلَّقَةَ الَّتِي لِزَوْجِهَا عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ”.
[ابن تيمية، مجموع الفتاوى، ٣٢٨/٣٢].
وعليه فإن قول عثمان قول قوي متجه ولم ينفرد به عثمان قال ابن تيمية: “وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عفان وَابْنِ عُمَرَ؛ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَإِسْحَاقَ وَابْنِ الْمُنْذِرِ: أَنَّ عِدَّةَ الْمُخْتَلِعَةِ حَيْضَةٌ.
[ابن تيمية، مجموع الفتاوى، ٣٢٨/٣٢].
ومن إنصاف أحد أكابر أهل العلم وهو إسحاق بن راهويه والذي يرى أن عدتها ثلاثة قروء قوله: «وَإِنْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ إِلَى هَذَا فَهُوَ مَذْهَبٌ قَوِيٌّ»
[«سنن الترمذي» (3/ 484 ت شاكر)].
وهذا إنصاف لقوة أدلة من قال بالحيضة الواحدة، ولعل هذا هو الراجح
[راجع أحكام الخلع في الشريعة الإسلامية- د. عامر سعيد الزيباري ص٢٥٥].
ثانيا: هذا مما يبين قوة فقه عثمان رضي الله عنه حتى في مثل هذه المسائل الفقهية الفرعية.وقد عدد ابن عبد البر بعض فقه عثمان في ذلك فكان مما قال: “«قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَحْكَامٌ وَعُلُومٌ مِنْهَا أَنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَجَازَ الْخُلْعَ وَعَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةُ النَّاسِ… وَفِي حَدِيثِ عُثْمَانَ أَيْضًا مِنَ الْفِقْهِ إِجَازَةُ الْخُلْعِ عِنْدَ غَيْرِ السُّلْطَانِ… وَفِيهِ أَنَّهُ أَجَازَ لِلْمُخْتَلِعَةِ أَنْ تَنْتَقِلَ فَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا سُكْنَى… وَفِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ عِدَّتَهَا عِدَّةَ الْمُطَلَّقَةِ وَجَعَلَ عِدَّتَهَا حَيْضَةً وَبِهَذَا قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَبُو ثَوْرٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَا اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَأَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ… وَفِيهِ أَنَّ الْمُخْتَلِعَةَ أَمْلَكُ لِنَفْسِهَا لَا تُنْكَحُ إِلَّا بِرِضَاهَا… وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُخْتَلِعَةَ لَا يَلْحَقُهَا طَلَاقٌ وَلَا ظِهَارٌ وَلَا إِيلَاءٌ وَلَا لِعَانٌ»
[«التمهيد – ابن عبد البر» (23/ 375 ط المغربية)].
هذا بعض فقه عثمان رضي الله عنه وتمسكه بالسنة في ذلك .
ثالثا: الذي خالف القرآن في ذلك هم الشيعة الذين نفوا العدة تماما عن المرأة المطلقة اليائس أو الصغيرة رغم أن الله تعالى قال { وَٱلَّـٰۤـِٔی یَىِٕسۡنَ مِنَ ٱلۡمَحِیضِ مِن نِّسَاۤىِٕكُمۡ إِنِ ٱرۡتَبۡتُمۡ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَـٰثَةُ أَشۡهُرࣲ وَٱلَّـٰۤـِٔی لَمۡ یَحِضۡنَۚ وَأُو۟لَـٰتُ ٱلۡأَحۡمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن یَضَعۡنَ حَمۡلَهُنَّۚ وَمَن یَتَّقِ ٱللَّهَ یَجۡعَل لَّهُۥ مِنۡ أَمۡرِهِۦ یُسۡرࣰا }
[سُورَةُ الطَّلَاقِ: ٤]
فالآية صريحة في وجوب العدة على الدخول بها سواء كانت الصغيرة أو اليائس، لكن الشيعة قد خالفوا هذا النص الصريح وقالوا بعدم العدة تماما يقول السيستاني: “2 – الصغيرة التي لم تكمل تسع سنوات، فإنه لا عدة عليها أيضا وإن دخل بها زوجها اشتباها أو على وجه محرم.3 – اليائسة، فلا تجب عليها العدة وإن كانت مدخولا بها، ويتحقق اليأس – بعد انقطاع دم الحيض وعدم رجاء عوده لكبر سن المرأة”.
[منهاج الصالحين – السيد السيستاني – ج ٣ – الصفحة ١٦٦].
ولذلك فإن هذا الأمر آل بهم إلى القول بجواز أن تنكح المرأة ما تشاء من الرجال في يوم واحد يقول الطباطبائي اليزدي: “جواز نكاح جماعة في يوم واحد إمرأة واحده مع مقاربة كل منهم لها كما إذا تزوجها واحد بالعقد الانقطاعي ثم وهب مدتها ثم تزوجها وطلقها قبل الدخول بها وهكذا، فان مقتضى الجمود جواز ذلك لكنه مشكل ومقتضى الاحتياط عدمه.
[اسم الکتاب : تكملة العروة الوثقى المؤلف : محمد الطباطبائي اليزدي كاظم الجزء : 1 صفحة : 113].
ويقول مرجعهم الروحاني( جواز نكاح جماعه امراه واحده في يوم واحد ولو كانت ذات عده بان يتزوجها احدهم ويدخل بها ثم يطلقها ثم يتزوجها ثانيا ويطلقها من غير دخول فانه يجوز حينئذ للاخر ان يتزوجها لسقوط العده لانها غير مدخول بها وهكذا الثاني والثالث )
[كتاب فقه الصادق لمحمد صادق الروحاني ج 34 ص 363 النص].
ويقول الخنيزي: “وكما إن اليائس في الزواج الدائم لها أن تتزوج بمجرد كمال صيغة الطلاق حتى لو كان الحاضرون عشرة وكل منهم يعقد عليها ويطلقها ثم يعقد عليها الاخر ويطلقها وهكذا الى كمال العشرة لصح وجاز بلا اشكال ولا ريب فكذا اليائس في زواج المتعه”.
[( الدعوه الاسلامية إلى وحدة أهل السنة أبو الحسن الخنيزي 2/290 )].
فهذه نتيجة مخالفة الإمامية لكتاب الله تعالى في عدة المرأة اليائس والصغيرة!
مواضيع شبيهة